أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 371

جلسة 13 من مارس سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد. نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ ابراهيم حسين رضوان. نائب رئيس المحكمة، ومحمد رفيق البسطويسى. نائب رئيس المحكمة، ومحمد بهى الدين عبد الله. وسرى صيام.

(64)
الطعن رقم 4788 لسنة 54 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وايداع الاسباب". ميعاده.
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلا.
(2) مواد مخدره. اسباب الاعفاء وموانع العقاب "موانع العقاب".
مناط الاعفاء المنصوص عليه فى المادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات.
(3) مواد مخدرة. جلب. تعدد "تعدد الجرائم". عقوبة "عقوبة أشد". موانع العقاب.
حكم تعدد الجرائم الناتجة عن فعل واحد فى حكم الفقرة الاولى من المادة 32 عقوبات هو اعتبار المتهم انما قصد ارتكاب الجريمة الاشد عقوبة فقط دون الجريمة او الجرائم الاخف.
اعفاء المطعون ضده من العقاب عن الجريمة الاشد اعمالا لنص المادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 يترتب عليه عدم توقيع عقوبة عن الجريمة ذات العقوبة الاخف. مثال.
(4) مواد مخدرة. اسباب الاباحة وموانع العقاب "الاعفاء من العقاب".
الاعفاء من العقوبة. معناه. أثره؟
(5) مواد مخدرة. جلب. تهريب جمركى. ارتباط. موانع العقاب. نقض "حالات الطعن. الخطأ فى القانون".
مناط الارتباط فى حكم الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات هو كون الجرائم المرتبطة قائمة لم يقض فى إحداها بالبراءة.
امتناع العقاب عن جريمة جلب المخدر لقيام موجب الاعفاء منها. اقتضائه عدم توقيع العقوبة عن جريمة التهريب الجمركى الأخف المرتبطة بالجريمة الأولى. مخالفة ذلك. خطأ فى القانون.
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها للخطأ فى تطبيق القانون. أساس ذلك؟
(6) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية ايراد الحكم من مؤدى الادلة ما يكفى لتبرير إقتناع المحكمة بما قضت به.
مجادلة محكمة الموضوع فى سلطتها فى وزن عناصر الدعوى لا تقبل امام محكمة النقض.
(7) نيابة عامة. نقض "المصلحة فى الطعن والصفة فيه" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". طعن "الصفه فى الطعن".
للنيابة العامة الطعن فى الحكم ولو كانت المصلحة للمحكوم عليه. اساس ذلك؟
(8) مواد مخدره. وصف التهمة. بطلان. محكمة الموضوع "سلطتها فى تعديل وصف التهمه". اجراءات المحاكمة. نقض "حالات الطعن. بطلان الاجراءات".
المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة على الفعل. لها ان ترد الواقعة الى الصف القانونى السليم.
تعديل التهمه ذاتها ومساءلة المتهم عن واقعة لم ترفع بها الدعوى. لا تملكه الا اثناء المحاكمة وقبل الحكم فى الدعوى. ويقتضى لفت نظر الدفاع عملا بنص المادة 308 أجراءات. قعودها عن ذلك بطلان فى الاجراءات يعيب الحكم.
1 - ان تقديم الاسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله.
2 - مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 48 من قانون مكافحة المخدرات الرقيم 182 لسنة 1960، أنه فى حالة ابلاغ السلطات العامة عن الجريمة بعد علمها بها فان موجب الاعفاء المنصوص عليه فى هذه المادة يتوافر متى كان الابلاغ صادقا متسما بالجدية والكفالة ومن شأنه معاونة السلطات للتوصل الى مهربى المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها فى المواد 33 و34 و35 من ذلك القانون باعتبار أن هذا الاعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة.
3 - جريمتا جلب مخدر الافيون، وجلب جواهر فوسفات الكودايين والفانودورم والدكستروبروكستين، قد كونهما فعل واحد، وكان النص فى الفقرة الاولى من المادة 32 من قانون العقوبات على أنه "اذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التى عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها" مفاده ان حكم تعدد الجرائم الناتجة عن فعل واحد، هو اعتبار المتهم انما قصد ارتكاب الجريمة الاشد عقوبة فقط دون الجريمة او الجرائم الاخف، فلا تصح مؤاخذة المتهم الا عن جريمة واحدة هى الاشد عقوبة، وبصدور الحكم فى هذه الجريمة تنتهى المسئولية الجنائية عن ذلك الفعل هو وجميع نتائجه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة بعد أن خلصت الى ادانة المطعون ضده الاول بجريمة جلب مخدر الافيون ذات العقوبة الاشد، أعفته من العقاب اعمال لنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960، ولم توقع عليه عقوبة عن الجريمة الاخرى ذات العقوبة الاخف، فانها تكون قد طبقت القانون تطبيقا صحيحا، اذ مقتضى التعدد المعنوى هو عدم قيام الجرائم التى تتمخض عنها الاوصاف الاخف مع قيام الجريمة الاشد، بما يترتب على محاكمة الجانى عن هذه الجريمة الاخيرة من انقضاء مسئوليته الجنائية عن الفعل بأوصافه كافة ونتائجه جميعها.
4 - ان الاعفاء من العقاب ليس اباحة للفعل او محوا للمسئولية الجنائية، بل هو مقرر لمصلحة الجانى الذى تحققت فى فعله وفى شخصه عناصر المسئولية الجنائية واستحقاق العقاب، وكل ما للعذر المعفى من العقاب من أثر هو حطُّ العقوبة عن الجانى بعد استقرار ادانته دون ان يمس ذلك قيام الجريمة فى ذاتها أو اعتبار المجرم المعفى من العقاب مسئولا عنها ومستحقا للعقاب اصلا.
5 - أن مناط الارتباط فى حكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات هو كون الجرائم المرتبطة قائمة لم يقض فى احداها بالبراءة، وكانت جريمة تهريب مخدر الافيون المسندة للمطعون ضده الاول، مرتبطة بجريمة جلبه ذلك المخدر ارتباطا لا يقبل التجزئة وقد وقعت التجزئة وقد وقعت الجريمتان لغرض واحد، فقد وجب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لاشدهما وهى عقوبة الجلب، واذ امتنع على المحكمة توقيع هذه العقوبة - بعد أن اطمأنت الى ادانته - لما ارتأته من قيام موجب الاعفاء منها، فقد كان لزاما عليها ألا تحكم عليه بعقوبة الجريمة الأخف (التهريب الجمركى) المرتبطة بالجريمة الاولى، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وعاقب المطعون ضده الاول بعقوبة جريمة التهريب الجمركى بعد أن دانه بجريمة الجلب ذات العقوبة الاشد وان أعفاه من العقاب عنها، فانه يكون قد اخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله بما يؤذن لهذه المحكمة طبقا للفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات واجراءات الطعن امام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تنقض الحكم المطعون فيه لمصلحة المتهم (المطعون ضده الاول) من تلقاء نفسها فى خصوص ما قضى به عليه من عقوبة الحبس فى جريمة التهريب الجمركى.)
6 - تقدير الادلة بالنسبة الى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهى حرة فى تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها اليها بالنسبة الى متهم وعدم اطمئنانها الى ذات الادلة بالنسبة لمتهم آخر، واذ كانت المحكمة قد اطمأنت الى أقوال المطعون ضده الاول - التى تأيدت بضبط المطعون ضده الثانى خارج ميناء السويس فى المكان الذى عينه المطعون ضده الاول - وأخذت بتصويره للواقعة بالنسبة له وحده دون المطعون ضده الرابع الذى قضت ببراءته، فان ذلك من اطلاقاتها لما لها من حق تجزئة اقوال المتهم فتأخذ منها بما تطمئن اليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها فى تقدير أدلة الدعوى، فضلا عما أوردته - بما لا تمارى فيه النيابة الطاعنة - من عدم وجود المطعون ضده الرابع خارج ميناء السويس، وهو ما يتمحض معه ما تثيره النيابة العامة فى هذا الصدد جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل، وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز اثارته أو الخوض فيه امام محكمة النقض.
7 - لما كانت النيابة العامة فى مجال المصلحة أو الصفة فى الطعن هى خصم عادل تختص بمركز قانونى خاص اعتبارا بأنها تمثل الصالح العام وتسعى الى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية، فلها بهذه المثابة ان تطعن فى الاحكام وان لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة فى الطعن بل كانت المصلحة هى للمحكوم عليه.
8 - لما كانت الدعوى الجنائية - بالنسبة لتهمة جلب المواد المخدرة - قد رفعت على المطعون ضده الثالث بوصف انه جلب مواد فوسفات الكودايين والدكستروبروكستين والفانودروم المخدرة وأن النيابة العامة طلبت عقابه عنها بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 44 من قانون مكافحة المخدرات رقم 182 لسنة 1960 والجدول رقم 3 الملحق، الا ان المحكمة دانته بجريمة جلب مخدر الافيون وعاقبته عنها بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 33/ 1 من ذات القانون والجدول رقم (1) الملحق به، فانها تكون قد عدلت التهمة ذاتها وساءلته عن واقعة لم ترفع بها الدعوى، وهو ما لا تملكه الا أثناء المحاكمة وقبل الحكم فى الدعوى ويقتضى لفت نظر الدفاع عملا بنص المادة 308 من قانون الاجراءات الجنائية، أما وهى لم تفعل فان حكمها يكون قد بنى على اجراء باطل يعيبه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة: (أولا) المتهمون الاول والثانى والرابع بانهم: جلبوا جوهرا (افيونا) الى اراضى جمهورية مصر العربية وذلك دون الحصول على ترخيص كتابى من الجهة المختصة. (ثانيا): المتهمان الاول والثالث: جلبا جواهر مخدرة (فوسفات الكودايين - مادة الدكستروبروكستين - مادة الفانودروم) الى اراضى جمهورية مصر العربية وذلك دون الحصول على ترخيص كتابى من الجهة الادارية المختصة (ثالثا): المتهمون جميعا: هربوا البضائع المبينة بالاوراق موضوع التهمتين الاولى والثانية وذلك بان ادخلوها للبلاد بالمخالفة للنظم المعمول بها فى شأن البضائع الممنوعة. وطلبت احالتهم الى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. ومحكمة جنايات السويس قضت حضوريا فى 20 من مارس سنة 1984 بالنسبة للطاعنين عملا بالمواد 1/ 1 و2 و3 و33/ أ و36 و42/ 1 و48/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والمعدل بالقانونين 40 لسنة 1966 و61 لسنة 1977 والبندين 5 و8 من الجدول رقم 3 والملحق بذات القانون وتعديلاته والمادتين 17 و32/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و3 و4 و5 و13 و15 و121/ و122 و124/ 1 من القانون 66 لسنة 1963 والمعدل بالقانونين 88 لسنة 1976 و75 لسنة 1980 (أولا)...... باعفاء من العقوبة بالنسبة للتهمة الاولى المسندة اليه وبمعاقبته عن التهمة الثانية بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات. (ثانيا) بمعاقبة كل من.... بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمة مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة عن التهمتين المسندتين لكل منهما (ثالثا) بالزام المتهمين الثلاثة سالفى الذكر بان يؤدوا لمصلحة الجمارك مبلغ 31696 جنيه. (رابعا) ببراءة.... وشهرته (....) مما اسند اليه بلا مصاريف جنائية. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض...... الخ. كما طعن المحكوم عليهم (الطاعنون) فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث ان المحكوم عليه الاول.... وان قرر بالطعن فى الميعاد الا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الاسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الاسباب يكونان معا وحدة اجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
ومن حيث ان الطعون المقدمة من النيابة العامة والطاعنين الثانى.... والثالث.... قد استوفت الشكل المقرر فى القانون.
ومن حيث ان النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه اذ دان المطعون ضدهما الاول والثالث (.....) بجرائم جلب مخدر الافيون وجلب مواد فوسفات الكودايين والدكستروبروكستين والفانودروم المخدرة وتهريب بضائع الى داخل البلاد وأعفى المطعون ضده الاول من العقوبة المقررة لجريمة جلب مخدر الافيون، كما قضى ببراءة المطعون ضده الرابع من تهمتى جلب مخدر الافيون وتهريب بضائع، قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه بطلان فى الاجراءات وفساد فى الاستدلال وتناقض فى التسبيب، ذلك بأن اعفاء المطعون ضده الاول من عقوبة جريمة جلب مخدر الافيون جاء على خلاف مقتضى المادة 48 من قانون مكافحة المخدرات رقم 182 لسنة 1960 اذ هو لم يبلغ السلطات العامة عن جريمة المطعون ضده الثانى الذى علم رجال مباحث المخدرات بارتكابه جريمة جلب مخدر الافيون وقاموا بضبطه وتفتيشه بعد استئذان مدير عام جمارك السويس فى ذلك، وأن جريمة المطعون ضده الثالث جلب المواد المخدرة الأخرى (فوسفات الكودايين والدكستروبروكستين والفانودروم) المؤثمة بنص المادة 44 من قانون مكافحة المخدرات سالف الذكر ينحسر عنها الاعفاء المنصوص عليه فى المادة 48 منه، كما أن ابلاغ المطعون ضده الاول عن المطعون ضده الرابع لم يوصل الى ضبطه وهو مناط الاعفاء طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 48 من قانون مكافحة المخدرات لان الابلاغ حصل بعد علم السلطات العامة بالجريمة. وقد تردى الحكم فى خطأ قانونى آخر حين قضى باعفاء المطعون ضده الاول من العقاب عن التهمة الثانية المسندة اليه وهى جلبه مخدر فوسفات الكودايين ومشتقاته، وفاته أن الاعفاء مقصور على العقوبات المقررة فى المواد 33 و34 و35 من قانون المخدرات دون المادة 44 منه المنطبقة على تلك التهمة. وبالنسبة للمحكوم عليه الثالث، فقد دانه الحكم بجريمة جلب مخدر الافيون وعاقبة عنها بالاشغال الشاقة المؤبدة وغرامة ثلاثة آلاف جنيه برغم أن الدعوى الجنائية لم ترفع عليه بتلك الواقعة وانما رفعت بوصف أنه جلب مواد فوسفات الكودايين والدكستروبروكستين والفانودروم المخدرة والعقوبة المقررة لهذه الجريمة هى الحبس مع الشغل مدة لا تزيد على ستة شهر وغرامة لا تجاوز مائة جنيه او احدى هاتين العقوبتين. هذا الى أن الحكم المطعون فيه، وبرغم وحدة الدليل قبل كل المتهمين، خلص الى براءة المطعون ضده الرابع - دون غيره - على سند من أنه لم يتم ضبطه، فى حين أن عدم ضبط المتهم لا يصلح فى حد ذاته مبررا مقبولا للنيل من أدلة الثبوت التى اقتنعت بها المحكمة ورتبت عليها قضاءها بادانة باقى المتهمين. وكان ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث ان مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 48 من قانون مكافحة المخدرات الرقيم 182 لسنة 1960، أنه فى حالة ابلاغ السلطات العامة عن الجريمة بعد علمها بها فان موجب الاعفاء المنصوص عليه فى هذه المادة يتوافر متى كان الابلاغ صادقا متسما بالجدية والكفاية ومن شأنه معاونة السلطات للتوصل الى مهربى المخدرات والكشف عن الجريمة الخطيرة المنصوص عليها فى المواد 33 و34 و35 من ذلك القانون باعتبار أن هذا الاعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة، لما كان ذلك الحكم المطعون فيه قد قضى باعفاء المطعون ضده فى قوله "والفقرة الاخيره (من المادة 48) تتناول حالة الابلاغ بعد علم السلطات بالجريمة وتتطلب تعدد الجناة المساهمين فى الجريمة وأن يكون الاخبار صادقا ويقوم الدليل عليه وأن يكون جديا منتجا وكافيا فى كشف باقى المساهمين فى الجريمة ذا أثر ايجابى فى تمكين السلطات من ضبط باقى المساهمين - من الناحية الواقعية والقانونية - فى الجريمة غير أن ذلك لا يقتضى أن يسفر ضبط هؤلاء الأشخاص عن احرازهم أو حيازتهم مخدرا ولا يشترط لانتاج الاخبار أثره بالاعفاء من العقاب أن يقضى بادانة المبلغ عنهم، اذ أن المبلغ غير مسئول عن هذا الامر. وكان الثابت من الاوراق أن المتهم الاول حين ضبطت المواد المخدرة معه سارع بالكشف عن باقى المتهمين المساهمين معه فى ذات الجريمة - وقد الدليل عن صحة هذا القول عن نحو ما ادى الى ادانة المتهمين الثانى والثالث - كما أن ما أبداه فى شأن المتهم الاخير قد تماثل مع ما حدده بالنسبة للمتهم الثالث والذى أقام قناعة المحكمة على نحو أدى الى معاقبته لمساهمته فى ذات جريمة المتهم الاول والاوراق تكشف عن ان عدم الوصول الى ذات النتيجة فى شأن المتهم الرابع لا يرجع للمبلغ"، وكانت محكمة الموضوع وفى حدود سلطتها التقديريه قد خلصت الى صدق وجدية ابلاغ المطعون ضده الاول عن المساهمين معه فى الجريمة ورتبت على ذلك اعفاءه من العقاب عن جريمة جلبه المواد المخدرة لعدم مسئوليته عن عدم ضبط المتهم الرابع أو القضاء ببراءته من تهمة جلب مخدر الافيون، وكان توافر موجبات الاعفاء لابلاغ المطعون ضده الاول عن جريمة المطعون ضدهما الثانى والرابع كاف لاعفائه من العقوبة بما يغنى عن بحث توافرها فى ابلاغه عن جريمة المطعون ضده الثالث (.....)، فان الطعن فى هذا الصدد يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكانت جريمتا المطعون ضده الاول، وهما جلب مخدر الافيون، وجلب جواهر فوسفات الكودايين والفانودروم والدكستروبروكستين، قد كونهما فعل واحد، وكان النص فى الفقرة الاولى من المادة 32 من قانون العقوبات على أنه. "اذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التى عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها" مفاده أن حكم تعدد الجرائم الناتجة عن فعل واحد، هو اعتبار المتهم انما قصد ارتكاب الجريمة الاشد عقوبة فقط دون الجريمة أو الجرائم الاخف، فلا تصح مؤاخدة المتهم الا عن جريمة واحدة هى الاشد عقوبة، وبصدور الحكم فى هذه الجريمة تنتهى المسئولية الجنائية عن ذلك الفعل هو وجميع نتائجه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة بعد أن خلصت الى ادانة المطعون ضده الأول بجريمة جلب مخدر الافيون ذات العقوبة الاشد، أعفته من العقاب اعمالا لنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960، ولم توقع عليه عقوبة عن الجريمة الاخرى ذات العقوبة الاخف، فانها تكون قد طبقت القانون تطبيقا صحيحا، اذ مقتضى التعدد المعنوى هو عدم قيام الجرائم التى تتمخض عنها الأوصاف الاخف مع قيام الجريمة الاشد، بما يترتب على محاكمة الجانى عن هذه الجريمه الاخيرة من انقضاء مسئوليته الجنائية فى الفعل بأوصافه كافة ونتائجه جميعها، ويكون منعى النيابة فى هذا الصدد، على غير سند، لما كان ذلك، وكان الاعفاء من العقاب ليس اباحة للفعل او محوا للمسئولية الجنائية، بل هو مقرر لمصلحة الجانى الذى تحققت فى فعله وفى شخصه عناصر المسئولية الجنائية واستحقاق العقاب، وكل ما للعذر المعفى من العقاب من اثر هو حطُّ العقوبة عن الجانى بعد استقرار ادانته دون ان يمس ذلك قيام الجريمة فى ذاتها او اعتبار المجرم المعفى من العقاب مسئولا عنها ومستحقا للعقاب اصلا، وكان مناط الارتباط فى حكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات هو كون الجرائم المرتبطة قائمة لم يقض فى احداها بالبراءة، وكانت جريمة تهريب مخدر الافيون المسندة للمطعون ضده الاول، مرتبطة بجريمة جلبه ذلك المخدر ارتباطا لا يقبل التجزئة وقد وقعت التجزئة وقد وقعت الجريمتان لغرض واحد، فقد وجب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لاشدهما وهى عقوبة الجلب، واذ امتنع على المحكمة توقيع هذه العقوبة - بعد أن اطمأنت الى ادانته - لما ارتأته من قيام موجب الاعفاء منها، فقد كان لزاما عليها ألا تحكم عليه بعقوبة الجريمة الأخف (التهريب الجمركى) المرتبطة بالجريمة الاولى، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وعاقب المطعون ضده الاول بعقوبة جريمة التهريب الجمركى بعد أن دانه بجريمة الجلب ذات العقوبة الاشد وأن أعفاه من العقاب عنها، فانه يكون قد اخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله بما يؤذن لهذه المحكمة طبقا للفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات واجراءات الطعن امام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تنقض الحكم المطعون فيه لمصلحة المتهم (المطعون ضده الاول) من تلقاء نفسها فى خصوص ما قضى به عليه من عقوبة الحبس فى جريمة التهريب الجمركى.
وحيث ان البين من الحكم المطعون فيه انه اقام قضاءه ببراءة المطعون ضده الرابع على عدم صحة قالة المطعون ضده الأول أن المطعون ضده الرابع كان - مع المطعون ضده الثانى - فى انتظاره خارج ميناء السويس وثبوت عدم تواجد المطعون ضده الرابع فى ذلك المكان بالاضافة الى عدم ضبطه. لما كان ذلك، وكان تقدير الادلة بالنسبة الى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهى حرة فى تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها اليها بالنسبة الى متهم وعدم اطمئنانها الى ذات الادلة بالنسبة لمتهم آخر، واذ كانت المحكمة قد اطمأنت الى أقوال المطعون ضده الاول - التى تأيدت بضبط المطعون ضده الثانى خارج ميناء السويس فى المكان الذى عينه المطعون ضده الاول - وأخذت بتصويره للواقعة بالنسبة له وحده دون المطعون ضده الرابع الذى قضت ببراءته، فان ذلك من اطلاقاتها لما لها من حق تجزئة أقوال المتهم فتأخذ منها بما تطمئن اليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها فى تقدير أدلة الدعوى، فضلا عما أوردته - بما لا تمارى فيه النيابة الطاعنة - من عدم وجود المطعون ضده الرابع خارج ميناء السويس، وهو ما يتمحضُّ معه ما تثيره النيابة العامة فى هذا الصدد جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل، وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز اثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، فان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الرابع يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم، فانه يتعين رفض طعن النيابة العامة قبل المطعون ضدهما الاول والرابع ونقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من حبس المطعون ضده الاول.
ومن حيث انه لما كانت النيابة العامة فى مجال المصلحة أو الصفة فى الطعن هى خصم عادل تختص بمركز قانونى خاص اعتبارا بأنها تمثل الصالح العام وتسعى الى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية، فلها بهذه المثابة ان تطعن فى الاحكام وان لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة فى الطعن بل كانت المصلحة هى للمحكوم عليه، ومن ثم فان مصلحتها فى الطعن الماثل قبل المطعون ضده الثالث تكون قائمة ولو ان الحكم قد قضى بادانته. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الاوراق أن الدعوى الجنائية - بالنسبة لتهمة جلب المواد المخدرة – قد رفعت على المطعون ضده الثالث بوصف أنه جلب مواد فوسفات الكودايين والدكستروبروكستين والفانودروم المخدرة وأن النيابة العامة طلبت عقابه عنها بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 44 من قانون مكافحة المخدرات رقم 182 لسنة 1960 والجدول رقم 3 الملحق، الا أن المحكمة دانته بجريمة جلب مخدر الافيون وعاقبته عنها بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 33/ 1 من ذت القانون والجدول رقم (1) الملحق به، فانها تكون قد عدلت التهمة ذاتها وساءلته عن واقعة لم ترفع بها الدعوى، وهو ما لا تملكه الا أثناء المحاكمة وقبل الحكم فى الدعوى ويقتضى لفت نظر الدفاع عملا بنص المادة 308 من قانون الاجراءات الجنائية، أما وهى لم تفعل فان حكمها يكون قد بنى على اجراء باطل يعيبه بما يوجب نقضه بالنسبة للمحكوم عليه الثالث (....) وكذلك نقضه بالنسبة للطاعن الثانى (.....) لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة، وذلك بغير حاجة الى بحث أوجه الطعن المقدمة منهما.