أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 399

جلسة 14 من مارس سنة 1985

المؤلفة برياسة المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو زيد ومصطفى طاهر وحسن عميرة ومحمد زايد.

(68)
الطعن رقم 2372 لسنة 54 القضائية

(1) أسباب الاباحة. "الدفاع الشرعى". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير قيام حالة الدفاع الشرعى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب.
تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى. موضوعى.
(2) دفاع. أسباب الاباحة "دفاع شرعى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
انطواء دفاع المتهم على قيام حالة الدفاع الشرعى عن النفس. أغفال الحكم مناقشة أسباب إصابة الطاعن وصلتها بالاعتداء الذى وقع منه على وجه يبين منه قيام حالة الدفاع الشرعى أو نفيها. قصور.
(3) أسباب الاباحة "دفاع شرعى". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير قيام حالة الدفاع الشرعى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
صدور فعل يخشى منه المتهم حسب تصوره وأعتقاده وقوع جريمة مما يجوز فيها الدفاع الشرعى. كفايته لقيام هذا الحق.
رد تقدير ظروف الدفاع الشرعى ومقتضياته للحالة النفسية التى تخالط التمسك به.
1 - لما كان الاصل ان تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى او انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع فيه بلا معقب. الا ان ذلك مشروط بان يكون استدلال الحكم سليما لا عيب فيه ويؤدى منطقياً الى ما انتهى اليه.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه وان نفى حالة الدفاع الشرعى عن نفس الطاعن الا انه لم يناقش اصابة الطاعن الثابته فى الاوراق ولم يشر الى سبب هذه الاصابة وصلتها بالاعتداء الذى ثبت وقوعه منه وكان ما ورد به من تاكيد وقوع اعتداء من الطاعن غير كاف بذاته لنفى نشوء حق الدفاع الشرعى عن النفس فانه يكون مشوبا بالقصور.
3 - لما كان لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعى ان يكون قد حصل بالفعل اعتداء على النفس او المال بل يكفى ان يكون قد صدر من المجنى عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التى يجوز فيها الدفاع الشرعى ولا يلزم فى الفعل المتخوف منه ان يكون خطرا حقيقيا فى ذاته بل يكفى ان يبدو كذلك فى اعتقاد المتهم وتصوره، بشرط ان يكون لهذا التخوف اسباب معقولة، وتقدير ظروف الدفاع ومقتضياته امر اعتبارى المناط فيه الحال النفسية التى تخالط ذات الشخص الذى يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله فى ظروف حرجة دقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقة مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن المطمئن الذى كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه الظروف والملابسات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه..... شرع فى قتل.... عمدا بأن طعنه بألة حادة مطواه قرن غزال بمقدمة جدار البطن لاسفل مستوى السرة وبيسار مقدمة جدار البطن واسفل يسار الظهر واسفل الجانب الايسر من الصدر قاصدا من ذلك قتله فاحدث به الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى المرفق وقد خاب اثر الجريمة لسبب لا دخل لارادته فيه هو اسعاف المجنى عليه بالعلاج. واحالته الى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما هو منسوب اليه باعتبار انه احدث عمداً اصابة تخلف من جرائها عاهة مستديمه.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث ان مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجريمة احداث عاهة مستديمة قد شابه القصور فى التسبيب والخطأ فى الاسناد ذلك بأنه دفع التهمة بأنه كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه وعن غيره الا ان الحكم رد على هذا الدفع بأن احدا من الشهود لم يقل بان احدا من الشهود لم يقل بان المجنى عليه بدا منه ثمة اعتداء على الطاعن او غيره، دون ان يفطن لاقوال الطاعن من ان المجنى عليه هو الذى بدأ بالاعتداء عليه وعلى الشاهد.... ولو تفطنت المحكمة الى اسس دفاعه وما ثبت فى التحقيق مصداقا له لتغير وجه رايها فى الرد عليه، ومن ثم فانها تكون قد اخطأت خطأ يعيب حكمها بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه عرض الى الدفع الذى ابداه الطاعن بأنه كان فى حالة دفاع شرعى عن النفس ورد عليه بما نصه: "فلما كان الثابت ان الدفاع الشرعى قرره القانون لمن ارتكب جريمة ألجأته الى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به او بغيره ولم تكن لارادته دخل فى حصوله ولا فى منعه بطريقة اخرى، ولما كان ذلك ولم يقل احد من الشهود ان المجنى عليه قد بدأ بالاعتداء على المتهم او على غيره حتى يدفع الاخير الاعتداء بمثل تلك الافعال التى كونت فى حد ذاتها - دون الالتفات الى قاله الدفاع من ان المتهم كان يدفع عن نفسه خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع - الجريمة المسنده الى المتهم، ومن ثم فان ما قال به الدفاع بهذا الخصوص لا تسانده الوقائع ولا يؤيده القانون ظاهر الفساد متعين الالتفات عنه: ولما كان الاصل ان تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى او انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع فيه بلا معقب، الا ان ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم سليما لا عيب فيه ويؤدى منطقيا الى ما انتهى اليه، كما انه وان كان من حق محكمة الموضوع تجزئة اقوال الشاهد الا ان ذلك حدة الا تمسخ تلك الاقوال بما يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها. لما كان ذلك وكان الحكم قد اعتمد فى نفى حالة الدفاع الشرعى عن النفس على ان الشهود اجمعوا على ان المجنى عليه لم يبد منه ثمة اعتداء على الطاعن او غيره، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التى امرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن ان المتهم - الطاعن - مصاب بجرح قطعى بظهر اليد اليسرى وقد نسب احداث تلك الاصابة الى المجنى عليه، كما تبين ان الشاهد..... قرر بالتحقيقات انه اثناء وجوده فى حفل عرس امسك به المجنى عليه وجذبه بعيدا عن الحفل واراد ضربه بمطواه الا ان المتهم - الطاعن - امسك به وحاول انتزاع المطواه منه بأن قام بثنى ذراعه الا ان المجنى عليه اصيب فى جانبه وعندئذ لاذ بالفرار ولم يشاهد ما حدث بعد ذلك لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وان نفى حالة الدفاع الشرعى عن نفس الطاعن الا انه لم يناقش اصابة الطاعن الثابته فى الاوراق ولم يشر الى سبب هذا الاصابة وصلتها بالاعتداء الذى ثبت وقوعه منه وكان ما ورد به من تأكيد وقوع اعتداء من الطاعن غير كاف بذاته لنفى نشوء حق الدفاع الشرعى عن النفس فانه يكون مشوبا بالقصور هذا فضلا من ان الحكم المطعون فيه قد اقتطع جزءا من شهادة...... على النحو المتقدم، ولما كان لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعى ان يكون قد حصل بالفعل اعتداء على النفس او المال بل يكفى ان يكون قد صدر من المجنى عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التى يجوز فيها الدفاع الشرعى ولا يلزم فى الفعل المتخوف منه ان يكون خطرا حقيقيا فى ذاته بل يكفى ان يبدو كذلك فى اعتقاد المتهم وتصوره، بشرط ان يكون لهذا التخوف اسباب معقوله، وتقدير ظروف الدفاع ومقتضياته امر اعتبارى المناط فيه الحاله النفسية التى تخالط ذات الشخص الذى يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله فى ظروف حرجة دقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن المطمئن الذى كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه الظروف والملابسات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اسقط من الوقائع الثابته فى التحقيق حسبما تقدم البيان ما يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعى عن نفس الغير دون ان يعرض لدلالة هذه الوقائع بغير مسخ او تحريف ويقسطها حقها ايرادا وردا عليها فانه يكون قاصر البيان واجبا نقضه والاحالة وذلك دون حاجة الى بحث باقى اوجه الطعن.