أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 444

جلسة 21 من مارس سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو زيد ومصطفى طاهر وحسن عميره ومحمد زايد.

(75)
الطعن رقم 81 لسنة 55 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
بيانات حكم الادانة؟
صياغة الأحكام. لم يرسم لها القانون شكلا خاصا.
(2) إثبات "بوجه عام" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقدير الخبير المقدم لها.
(3) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة أن تأخذ من تطمئن اليه من أقوال الشهود المختلفة وإطراح ما لا تثق فيه دون أن تكون ملزمة ببيان العلة.
(4) إستئناف "نظره والحكم فيه" "إجراءات نظر الدعوى" "تقديم القضية للمحكمة".
وجوب جود تقرير الاستئناف بملف القضية عند الفصل فيها. لا يغنى عن ذلك وجود تأشيرة للنيابة على ملف القضية بالرغبة فى إستئنافها.
(5) عقوبة "تطبيقها". إستئناف "نظره والحكم فيه". نقض "حالات الطعن بالنقض. الخطأ فى تطبيق القانون". طعن.
المتهم لا يضار بناء على الاستئناف المرفوع منه وحده.
1 - من المقرر أن القانون قد أوجب فى كل حكم بالادانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها وأن يورد مؤدى الادلة التى استخلص منها الادانة حتى يتضح وجه استدلالها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصرا كما أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التى وقعت فيها.
2 - لما كان لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المنتدب فيها ما دامت قد أطمأنت الى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها فى ذلك فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون له محل.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة فى تقدير الدليل فلها أن تأخذ بما تطمئن اليه من أقوال الشهود المختلفة وتطرح اقوال من لا تثق به ولا تطمئن الى صحة روايته وهى إذ تفعل ذلك لا تكون ملزمة ببيان العلة لأن الأمر مرجعه الى اقتناعها وحدها.
4 - لما كان الثابت من الاطلاع على المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن أنها خلت من تقارير إستئناف للنيابة ومن ثم يكون إستئنافها غير قائم، ولا يغنى منذ ذلك وجود تأشيرة للنيابة على ملف كل قضية بالرغبة فى إستئنافها لأن ذلك غير كاف لاعتبار هذه الاستئنافات قائمة.
5 - لا يصح فى القانون تشديد العقوبة المقضى بها من محكمة أول درجة إذا كان الاستئناف مرفوعا من المتهم وحده دون النيابة حتى لا يضار باستئنافه وذلك وفقا لحكم الفقرة الثالثة من المادة 417 من قانون الاجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن.... بأنه قام بتجريف الأرض الزراعية المبينة بالمحاضر بنقل اتربة منها مع علمه بذلك بغير ترخيص من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالمادتين 71 مكررا، 106 مكررا من القانون 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون 59 لسنة 1978. ومحكمة فارسكور الجزئية - قضت حضوريا اعتباريا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم شهرا مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وتغريمه مائتى جنيه عن كل فدان أو كسوره ورد الشىء لأصله على نفقة المخالف. فأستأنف المحكوم عليه الحكم. ومحكمة دمياط الابتدائية - بهيئة إستئنافية وأثناء نظر الاستئناف قررت بجلسة 5 من يناير سنة 1982 بضم الاستنئافات أرقام 2485، 2486، 2487، 2488 لسنة 1981 للاستئناف رقم 2484 لسنة 1981 وقضت حضوريا بتاريخ 27 من فبراير سنة 1984 فى الموضوع بالنسبة لجميع الاستئنافات وبإجماع الآراء بالغاء الأحكام المستأنفة وبحبس والمتهم ستة أشهر والايقاف وتغريمه عشرة آلاف جنيه عن الاتهامات المنسوبة اليه للارتباط.
فطعن الاستاذ.... المحامى عن الاستاذ..... المحامى نيابة عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

وحيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تجريف أرض زراعية بدون ترخيص قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وانطوى على الخطأ فى تطبيق القانون ذلك أنه استند فى الادانة الى اقوال المشرف الزراعى ومحضر الضبط دون ان يورد مؤداها، كما أنه عول على ما أثبته تقرير الخبير المنتدب من انخفاض مستوى الأرض مع ان ذلك لا يصلح دليلا على ثبوت الجريمة خاصة وقد شهد شيخ البلده بأن التجريف كان لتسوية الارض، هذا فضلا عن أن الحكم أساء لمركزه - وهو المستأنف وحده - لخلو الأوراق من تقرير إستئناف النيابة للحكم - عندما عدل العقوبة المقضى بها من محكمة أول درجة وزاد مبلغ الغرامة المحكوم بها من مائى جنيه الى عشرة آلاف جنيه تطبيقا للمادة 152 من القانون 116 لسنة 1983 على سند من انه أصلح للطاعن لأنه نزل بالحد الأدنى لعقوبة الحبس الى ستة أشهر بدلا من سنه وأجاز للمحكمة وقف تنفيذ عقوبة الحبس فى حين أن القانون الجديد لا يعتبر أصلح له بالنسبة لعقوبة الغرامة كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله أنها توجز فيما ابلغ واثبته المشرف الزراعى بناحية ميت الخولى عبد الله بمحاضر الضبط من ان المتهم قام بتجريف مساحات من الأرض الزراعية بعمق يتراوح ما بين متر ومتر ونصف من الأرض التى يمتلكها ويحوزها بحوض الساحل والجزيزة بناحية ميت الخولى عبد الله ومساحتها الاجمالية ستة عشر قيراطا وذلك بدون ترخيص من مديرية الزراعة ولغرض صناعة الطوب وقد تضمنت اوراق الدعوى عدة مكاتبات من مديرية الزراعة بدمياط الى مديرية الأمن وقسم شرطة فارسكوا تفيد استمرار المتهم فى عملية التجريف مع طلب إيقافه بالطريق الادارى. لما كان ذلك وكان من المقرر أن القانون قد أوجب فى كل حكم بالادانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها وأن يورد مؤدى الادلة التى استخلص منها الادانة حتى يتضح وجه استدلالها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصرا كما أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التى وقعت فيها وكان الحكم المطعون فيه فيما أورده قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة المسنده الى الطاعن واورد مؤدى ما شهد به المشرف الزراعى وما جاء فى محضر الضبط على الوجه السابق إيضاحه وهما من بين الادلة التى استند اليها فى الادانة فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور فى التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أخذ بما جاء فى تقرير الخبير المنتدب الذى انتهى فيه الى أن الأرض المبينة ينخفض منسوبها عن الأرض المجاورة لها من الناحية الشرقية بعمق مائة سنتيمتر وأنه قد ثبتت بالمعاينة أن المتهم قام بتجريفها بهذا العمق، والذى اطمأن اليه فى حدود سلطته التقديرية، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المنتدب فيها ما دامت قد اطمأنت الى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها فى ذلك فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون له محل، أما ما يثيره بشأن شهادة شيخ البلد، فمردود بأنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة فى تقدير الدليل فلها أن تأخذ بما تطمئن اليه من أقوال الشهود المختلفة وتطرح اقوال من لا تثق به ولا تطمئن الى صحة روايته وهى إذ تفعل ذلك لا تكون ملزمة ببيان العلة لأن الأمر مرجعه الى اقتناعها وحدها، لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من خطأ فى تطبيق القانون لتشديده العقوبة المحكوم بها عليه من محكمة أول درجة صحيح، إذ الثابت من الاطلاع على المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن أنها خلت من تقارير استئناف للنيابة ومن ثم يكون استئنافها غير قائم، ولا يغنى منذ ذلك وجود تأشيرة للنيابة على ملف كل قضية بالرغبة فى إستئنافها لأن ذلك غير كاف لاعتبار هذه الاستئنافات قائمة ولما كان لا يصح فى القانون تشديد العقوبة المقضى بها من محكمة أول درجة إذا كان الاستئناف مرفوعا من المتهم وحده دون النيابة حتى لا يضار باستئنافه وذلك وفقا لحكم الفقرة الثالثة من المادة 417 من قانون الاجراءات الجنائية التى جرى نصها على أنه إذا كان الاستئناف مرفوعا من غير النيابة العامة فليس للمحكمة إلا أن تؤيد الحكم أو تعدله لمصلحة رافع الاستئناف لما كان ذلك وكان البين من حكم محكمة أول درجة أنه قضى فى كل دعوى - قبل ضمها من محكمة ثانى درجة والقضاء فيها بعقوبة واحده للارتباط - بحبس الطاعن شهرا واحدا وتغريمه مائتى جنيه، ومن ثم فما كان يسوغ للحكم المطعون فيه أن يغلظ العقاب على الطاعن ويقضى عليه بالحبس ستة أشهر والايقاف وتغريمه عشرة آلاف جنيه فى حين أن الاستئناف لم يرفع الا منه وحده بالاضافة الى أنه ما كان يجوز تشديد عقوبة الغرامة على مقتضى القانون الجديد رقم 116 لسنة 1983 إذ لا يعد أصلح للمتهم فى هذه الخصوصية، ومن ثم تظل عقوبة الغرامة محكومة بالحدود المقررة لها فى القانون القائم فى تاريخ ارتكاب الواقعة ومن ثم تكون المحكمة قد خالفت القانون مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه بمعاقبة الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة شهر مع إيقاف تنفيذ العقوبة - حتى لا يضار الطاعن بطعنه - وتغريمه مائتى جنيه.