أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 460

جلسة 28 من مارس سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ الدكتور ابراهيم على صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة ومحمد نجيب صالح وعوض جادو ومحمد نبيل رياض.

(78)
الطعن رقم 7588 لسنة 53 القضائية

(1) دعوى جنائية "القيود التى ترد على تحريكها". نيابة عامة. نقد. استيراد. تهريب جمركى. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قانون "تفسيره".
الأصل أن حق النيابة العامة فى رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها. مطلق. حالات الطلب المنصوص عليها فى قوانين النقد والجمارك والاستيراد. من القيود التى ترد على حقها إستثناء.
صدور طلب بإقامة الدعوى الجنائية فى جريمة نقد او تهريب أو إستيراد. أثره ومداه؟
(2) جمارك. دعوى جنائية "انقضاؤها بالتصالح". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير التصالح مع مصلحة الجمارك. من المسائل الواقعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع.
(3) نيابة عامة. إختصاص "إختصاص النائب العام". اختصاص مكانى. إختصاص نوعى. مواد مخدرة.
للنائب العام الحق فى ندب أحد أعضاء النيابة العامة ممن يعملون فى أى نيابة. سواء كانت متخصصة فى نوع معين من الجرائم أم جزئية أو كلية أو بإحدى نيابات الاستئناف. لتحقيق أية قضية أو إجراء أى عمل قضائى مما يدخل فى ولايته ولو لم يكن داخلا بحسب التحديد النوعى أو الجغرافى فى إختصاص ذلك العضو.
(4) إختصاص "الاختصاص النوعى". نيابة عامة. بطلان. إجراءات "إجراءات التحقيق". نقد. إستيراد. تهريب جمركى. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأعمال الاجرائية تجرى فى حكم الظاهر. عدم بطلانها من بعد. نزولا على ما ينكشف من أمر واقع.
(5) رقابة إدارية "إختصاصها". إستيراد.
اختصاص الرقابة الادارية. الكشف عن المخالفات الادارية والمالية والجرائم الجنائية التى تقع من العاملين أثناء وبسبب مباشرتهم واجبات وظائفهم. وضبط الجرائم التى تقع من غير العاملين مما تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة أو الخدمات العامة. أساس ذلك وشرطه؟
(6) إجراءات "إجراءات الاستدلال. إستيراد. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إجراءات الاستدلال. أيا كان من يباشرها. لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية بل هى من الاجراءات الأولية التى تسلس لها سابقة على تحريكها.
(7) قرار إدارى "تفسيره". إستيراد.
الشروط والأحكام المقررة للسماح للمواطنين باستيراد السلع. دون ترخيص. عند عودتهم نهائيا من الخارج؟. الفقرة الثالثة من المادة الثانية من قرار نائب رئيس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 478 لسنة 1973.
(8) إستيراد. حكم "حجيته". إثبات "قوة الأمر المقضى فيه" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأحكام الصادرة فى منازعات التنفيذ الوقتية. لها حجية مؤقتة على أطرافها فحسب. ليس لها قوة الشىء المحكوم به أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها الى فاعلها. أثر ذلك؟.
(9) قانون "العلم بالقانون". دفوع "الدفع بالجهل بالقانون أو الغلط فيه".
العلم بالقانون الجنائى. والقوانين العقابية المكملة له. مفترض فى حق الكافة. اثر ذلك. عدم قبول الدفع بالجهل والغلط فيه.
(10) إستيراد. دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا على المحكمة إغفالها الرد على دفاع قانونى ظاهر البطلان. مثال فى جريمة إستيراد سيارات.
(11) إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات "خبرة". إستيراد. دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعى على المحكمة عدم ندبها خبيرا لتقدير عمر السيارات. موضوع الاتهام. عدم قبوله. ما دام لم يطلب منها ذلك.
الدفاع الموضوعى. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(12) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
العبرة فى الاثبات فى المواد الجنائية. هى بإقتناع القاضى. عدم جواز مطالبته بالاخذ بدليل معين. الا فى الاحوال التى نص عليها القانون.
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم فى دفاعه الموضوعى.
(13) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب تحقيق أبدى بعد إقفال باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم. أو الرد عليه.
(14) قانون "قانون أصلح". إستيراد. عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القانون 118 لسنة 1975. بما تضمنه من عقوبات. يعتبر أصلح للمتهم من القانون 9 لسنة 1959. تطبيق الحكم المطعون فيه للقانون الأول صحيح.
(15) محكمة إستئنافية "نظرها الدعوى والحكم فيها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحالة المحكمة الاستئنافية على أسباب الحكم المستأنف الذى انتهت الى تأييده لأسبابه كفايتها. عدم التزامها بإعادة إيراد تلك الأسباب.
(1) لما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الاجراءات المنصوص عليها فى قوانين النقد والجمارك الاستيراد والتى يشترط تقديم طلب من جهة معينة لامكان رفع الدعوى الجنائية على مرتكبى الجرائم المنصوص عليها فيها هى من القيود التى ترد على حق النيابة العامة التى تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقا للقانون - مما يتعين الأخذ فى تفسيرها بالتنسيق، والقول بأن الطلب متى صدر رفع القيد عن النيابة العامة رجوعا الى حكم الأصل، وإذن فمتى صدر الطلب ممن يملكه قانونا فى جريمة من جرائم النقد أو التهريب أو الاستيراد حق النيابة العامة إتخاذ الاجراءات فى شأن الواقعة أو الوقائع التى صدر عنها، وصحة الاجراءات بالنسبة الى كافة ما قد تتصف به من أوصاف قانونية مما يتوقف رفع الدعوى الجنائية على طلب بشأنه من أية جهة كانت إذ الطلب فى هذا المقام يتعلق بجرائم من صعيد واحد يصدق عليها جميعها انها جرائم مالية تمس ائتمان الدولة ولا تعلق له بأشخاص مرتكبيها، وبالتالى فإن الطلب عن أية جريمة منها يشتمل الواقعة بجميع أوصافها وكيوفها القانونية الممكنة، كما ينبسط على ما يرتبط بها إجرائيا من وقائع لم تكن معلومة وقت صدوره متى تكشفت عرضا اثناء التحقيق وذلك بقوة الأثر العينى للطلب وقوة الأثر القانونى للارتباط ما دام ما جرى تحقيقه من الوقائع داخلا فى مضمون ذلك الطلب الذى يملك صاحبه قصره أو تقييده. وإذ كانت الجريمة التى أثبتها الحكم فى حق الطاعنين هى جريمة إستيرادية لا يمارى أيهم فى صدور طلب كتابى ممن يملكه قانونا،، فان القول بعدم صدور طلب عن جريمة التهريب الجمركى لا يكون له محل.
2 - لما كان تقدير التصالح من المسائل الواقعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب متى كانت المقومات التى أسست عليها قولها فيه تؤدى الى النتيجة التى خلصت اليها، واذ كان الحكم المطعون فيه نفى فى تدليل سائغ - له سنده من الأوراق - ابرام صلح بين الطاعنين وبين وزارة التجارة فى شأن جريمتى الاستيراد التى دانهم بهما، فإن منعى الطاعنين فى هذا الصدد يكون غير سديد.
3 - ان المستفاد من المنصوص الخاصة بتعيين أعضاء النيابة العامة - فيما عدا النائب العام. وتحديد محال اقامتهم وندبهم للقيام بعمل خارج نطاق دائرة إختصاصهم والواردة فى الفصل الاول من الباب الثالث من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية والذى تم قرار الندب للتحقيق فى ظله - أن القانون قد منح النائب العام فى المادة 121 منه كامل الحق فى ندب أحد أعضاء النيابة العامة ممن يعملون فى أية نيابة سواء كانت متخصصة فى نوع معين من الجرائم أم جزئية أو كلية أو بإحدى نيابات الاستئناف لتحقيق أية قضية أو إجراء أى عمل قضائى مما يدخل فى ولايته - ولو لم يكن داخلا بحسب التحديد النوعى أو الجغرافى فى إختصاص ذلك العضو.
4 - من المقرر أن الأصل فى الأعمال الاجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر وهى لا تبطل من بعد نزولا على ما ينكشف من أمر واقع وإذ كان عدم اختصاص نيابة الشئون المالية. لم يتضح الا بعد أن صدر حكم محكمة الشئون المالية بعدم إختصاصها - فإن الاجراءات التى أتخذتها هذه النيابة تكون قد بنيت على إختصاص انعقدت له بحسب الظاهر - حال اتخاذها - مقومات صحتها فلا يدركها البطلان من بعد إذا ما استبان انتفاء هذا الاختصاص وان تراخى كشفه.
5 - إن الفقرة (ج) من المادة الثانية من القانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الادارية بعد تعديلها بالقانون رقم 71 لسنة 1969 تنص على أنه "مع عدم الاخلال بحق الجهة الادارية فى الرقابة وفحص الشكوى والتحقيق تختص الرقابة الادارية بالاتى.... (ج) الكشف عن المخالفات الادارية والمالية والجرائم الجنائية التى تقع من العاملين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها وكما تختص بكشف وضبط الجرائم التى تقع من غير العاملين، والتى تستهدف المساس بسلامة أداء واجبات الوظيفة او الخدمات العامة. وذلك بشرط الحصول على إذن كتابى من النيابة العامة قبل إتخاذ الاجراء. وللرقابة الادارية فى سبيل ممارسة الاختصاصات سالفة الذكر الاستعانة برجال الشرطة وغيرهم من رجال الضبطية القضائية وذوى الخبرة مع تحرير محضر او مذكرة حسب الأحوال.
6 - لما كان من المقرر فى صحيح القانون أن إجراءات الاستدلال أيا كان من يباشرها لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية بل هى من الاجراءات الاولية التى تسلس لها سابقة على تحريكها - وكانت مذكرة الرقابة الادارية كما سطرها الحكم المطعون فيه مما تثير شبهة اختصاصها لتعلق الأمر بموافقات صدرت من موظفين عموميين على خلاف القانون، فإن الاجراءات التى أتخذت من بعد ذلك لا تبطل نزولا على ما ينكشف من أمر الواقع - وينحل الجدل فى هذا الخصوص الى جدل موضوعى فى تقدير الادلة التى أستخلصت منها المحكمة سلامة الاجراءات فى الدعوى وهو ما لا يجوز مصادرتها فيه أو إثارته أمام محكمة النقض.
7 - لما كانت المادة الثانية من قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 478 لسنة 1973 التى يستند اليها الطاعنون فى إستيراد سياراتهم من الخارج قد جرى نصها على أنه: "يسمح وبدون ترخيص باستيراد السلع المبينة بالفقرات التالية وفقا للشروط والأحكام الواردة بكل منها.... (3) السلع التى يستوردها المواطنون عند عودتهم النهائية من الخارج وفقا للشروط الآتية ( أ ) ان تكون هذه السلع آلات أو أجهزة أو معدات أو قطع الغيار الخاصة بها. (ب) ان تكون هذه السلع واردة برسم المشروعات الاقتصادية القائمة أو المعتمدة بالجمهورية (ج) أن يكون العائد قد أمضى فى الخارج سنة على الأقل (د) أن يوافق القطاع المختص على استيرادها (هـ) ويجوز أن تكون السلع مستعملة إذا تضمنت موافقة القطاع المختص ذلك وكان المستفاد من صريح النص أنه خاص بالآلات أو الاجهزة أو المعدات أو قطع الغيار الخاصة بها دون سيارات النقل والتى تخضع فى استيرادها الى قرار وزير النقل رقم 348 لسنة 1971 والذى اشترط أن تكون السيارات من ماركات معينة إذا كانت للافراد أو القطاع الخاص، فضلا عن مواصفات أخرى خاصة بالحمولة والمحرك وأن يكون استيرادها بغرض الانتفاع بها أو للاستغلال فى النقل للغير بأجر وليس بغرض الاتجار، وكذلك الى قرار وزير التجارة رقم 158 لسنة 1975 الذى أشترط فوق ذلك الا تزيد مدة إستخدام السيارة النقل عن خمس سنوات بما فى ذلك سنة الانتاج وأن يستورد مع السيارة موتور جديد أو مجدد الى جانب قطع غيار جديدة لاستخدامها للسيارة بما لا يقل قيمته عن خمسمائة جنيه مصرى بالأسعار الرسمية - ومن ثم فإن إستناد الطاعنين الى القرار رقم 478/ 1973 فى شأن إدخالهم سيارات النقل لا أساس له من القانون لما كان ذلك، وكانت موافقة القطاع المختص على إستيراد السلع المبينة فى الفقرة الثالثة من المادة الثانية من القرار سالف الذكر لا يعدو أن يكون شرطا يجب توافره مع باقى الشروط التى تطلبتها الفقرة المذكورة والتى اناط القرار فى المادة الرابعة منه بوكيل وزارة المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية لشئون الجمارك مراقبتها ثم حل محله وزير التجارة الخارجية بموجب القرار الصادر منه برقم 254 لسنة 1974 بعد أن نظمت وزارة التجارة الخارجية بالقرار الجمهورى رقم 1104 لسنة 1974 الصادر فى 7/ 7/ 1974 وكان من أهم ما اشترطته هذه الفقرة أن تكون هذه السلع واردة برسم المشروعات الاقتصادية القائمة أو المعتمدة بالجمهورية بما مقتضاه أن ترد هذه السلع برسم مشروع معين قائم أو آخر معين معتمد داخل الجمهورية مزمع تنفيذه وهو ما لا يمارى الطاعنون فى عدم إستيفائه ومن ثم فإن القول بحصولهم على موافقة وزارة الاسكان لا يكفى بذاته لادخال باقى السلع بما فيها السيارات القلاب.
8 - ان الاحكام الصادرة فى منازعات التنفيذ الوقتية ليست لها الا حجية مؤقتة على أطرافها فحسب ولا تؤثر فى محكمة الموضوع عند نظر الدعوى أو أصل الحق، وبالتالى ليست لها قوة الشىء المحكوم به أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها الى فاعلها وهو ما نصت عليه المادة 457 من قانون الاجراءات الجنائية. فتستطيع المحكمة الجنائية أن تنظر فى الواقعة المعروضة عليها بحرية كاملة، وتفصل فيها على ضوء ما تستظهره من توافر أركان الجريمة أو عدم توافرها على هدى ما تستلزمه فى تكوين عقيدتها من شتى الادلة والعناصر دون أن تقيد بالأحكام المبينة التى صدرت أو تعلق قضاءها على ما سوف يصدر من أحكام - هذا فضلا عن ان تلك الأحكام ليست حجة على وزير التجارة الخارجية المنوط به مراقبة توافر شروط القرار 478/ 1973 سالف الذكر إذ لم يكن طرفا فى أى منها.
9 - من المقرر أن الجهل بالقانون أو الغلط فى فهم نصوصه لا يعدم القصد الجنائى باعتبار ان العلم بالقانون وفهمه على وجهه الصحيح أمر مفترض فى الناس كافة، وإن كان هذا الافتراض يخالف الواقع فى بعض الاحيان - بيد أنه افتراض تمليه الدواعى العملية لحماية مصلحة المجموع، ولذا قد جرى قضاء هذه المحكمة على ان العلم بالقانون الجنائى والقوانين العقابية المكملة له مفترض فى حق الكافة، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كذريعة لنفى القصد الجنائى.
10 - لما كان الزعم بوجود فراغ تشريعى فيما بين 25/ 10/ 1975 تاريخ صدور القانون رقم 118 لسنة 1975 والنص فيه على الغاء القانون رقم 9 لسنة 1959 و14/ 1/ 1976 تاريخ صدور اللائحة التنفيذية للقانون الجديد - وهى الفترة التى صدرت فيها الموافقة الى الطاعنين الأول والثانى - قولا غير مجد ما دام أن الأشياء المستوردة لم تدخل فعلا داخل البلاد وانتهت إجراءتها فى أثناء تلك الفترة - وهو ما يصدق ردا على قول الطاعن السابع أنه حصل على الموافقة قبل صدور قرار وزير التجارة رقم 158 لسنة 1975 - متى كانت السيارات التى أحضرها لم تدخل فعلا قبل صدوره - بما يجعل دفعه فى هذا الصدد دفعا قانونيا ظاهر البطلان لا تلتزم المحكمة بالرد عليه.
11 - لما كان الثابت ان الطاعنين - حسبما يبين من محاضر جلسات المرافعة أمام درجتى التقاضى - لم يطلبوا من محكمة الموضوع ندب خبير لتقدير عمر السيارات موضوع الاتهام فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودها عن قيام بإجراء لم يطلب منها، ولا يحل لهم من بعد - وقد قعدوا عن المنازعة فى مدى خضوعها للقواعد الخاصة بذلك أن يثيروا هذا الجدل لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه لا يعدو أن يكون دفاعا موضوعيا كان يجب التمسك به امام محكمة الموضوع.
12 - لما كانت العبرة فى الاثبات فى المواد الجنائية هى باقتناع القاضى واطمئنانه الى الأدلة المطروحة عليه فقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ بأى دليل يرتاح اليه من أى مصدر شاء سواء فى التحقيقات الأولى أو فى جلسة المحاكمة ولا يصح مصادرته فى شىء من ذلك الا اذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ولما كان الخطاب الذى اعتمد عليه الحكم - فضلا عن ذلك هو صورة من خطاب صادر من وزير التجارة الى وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء والرقابة وليس منه وخاص بتفسير بعض القرارات الوزارية فى شأن السلع والسيارات موضوع الدعوى - ومن ثم فلا على المحكمة إن هى أخذت بالتفسير الوارد به متى ارتاحت اليه ولا عليها كذلك إن هى لم ترد على دفاع فى شأنه لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بأن تتعقب المتهم فى كل جزئية من مناحى دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها هو إطمئنانها الى الادلة التى عولت عليها وإطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها.
13 - لما كان ما زعمه الطاعن الخامس من انه تمسك بدفاع حاصله ان ينفرد بموقف خاص فى الاتهام دون غيره من المتهمين فإنه مردود بأنه - وعلى ما يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية - وعلى فرض أنه ابدى هذا الطلب بعد اقفال باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم - فلا تثريب على المحكمة إذا هى لم تستجب لهذا الطلب أو ترد عليه.
14 - لما كانت العقوبة المقررة فى القانون رقم 118 لسنة 1975 فى شأن الاستيراد والتصدير للجريمتين اللتين دين بهما الطاعنون أخف من تلك الوارده بالقانون المطبق رقم 9 لسنة 1959 ذلك بأنها فى المادة السابعة من القانون المطبق - انما هى الحبس والغرامة التى لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز الف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين علاوة على تعويض يعادل مثلى رسم الاستيراد المقررة يحكم به بطريق التضامن على الفاعلين الاصليين وعلى الشركاء، وعلى الحكم بمصادرة السلع موضوع الجريمة أو بتعويض يعادل ثمنها إذا لم يتيسر مصادرتها بينما هى فى المادة 15 من القانون الجديد غرامه - فحسب - لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على الف جنيه علاوة على الحكم بمصادرة السلع موضوع الجريمة، ومن ثم فإن القانون الجديد يعد من هذه الوجهة قانونا أصلح للطاعنين وإذ كان الحكم المطعون فيه قد طبق هذا القانون فى هذا الخصوص عملا بنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات حتى بالنسبة للوقائع التى وقعت قبله - فانه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا.
15 - من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التى بنى عليها فليس فى القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب فى حكمها بل يكفى ان تحيل عليها اذ الاحالة على الاسباب تقوم مقام ايرادها وتدل على ان المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون فى هذا الشأن يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم فى الفترة من عام 1975 حتى شهر يولية سنة 1978: أولا: استوردوا السيارات والمعدات والالات الموضحة بالأوراق وصفا وقيمة دون أن تكون ناتجة عن تصفية اعمالهم بالخارج، وبغير أن تكون وارده برسم أحد المشروعات الاقتصادية القائمة أو المعتمدة بالجمهورية وذلك بالمخالفة للقواعد والنظم المقررة. ثانيا: استوردوا سلعة محظور استيرادها هى سيارات النقل الموضحة الوصف والقيمة بالأوراق والتى يزيد مدة إستخدامها عن خمس سنوات وذلك بالمخالفة للشروط المقررة قانونا. وطلبت عقابهم بالمواد 1، 3، 7، 10 من القانون رقم 9 لسنة 1959 فى شأن الاستيراد والمادتين 2/ 3، 3 من قرار نائب رئيس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد والتجارة والخارجية رقم 478 لسنة 1973 وقرار وزير التجارة رقم 348 لسنة 1971 والقرارات المعدلة بها. ومحكمة جنح المينا بالاسكندرية قضت حضوريا اعتباريا عملا بمواد الاتهام أولا: برفض جميع الدفوع المبداه. ثانيا: بتغريم كل من المتهمين 1000 جنيه (الف جنيه) ومصادرة السلع موضوع الجريمة أستأنف المحكوم عليهم. ومحكمة غرب الاسكندرية الابتدائية - بهيئة إستئنافية - قضت حضوريا للطاعنين وغيابيا للسابع بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستانف. فعارض الطاعن السابع وقضى فى معارضته بقبولها شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن كل من الاستاذ...... المحامى عن الدكتور...... المحامى نيابة عن الطاعنين الأول والثانى فى هذا الحكم بطريق النقض والاستاذ.... المحامى نيابة عن الطاعنين الثالث والرابع والاستاذة..... المحامية نيابة عن الطاعن الخامس والاستاذ.... المحامى عن الاستاذ.... المحامى نيابة عن الطاعن السادس كما طعن السابع... الخ.


المحكمة

حيث أن مبنى الطعن هو ان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمتى استيراد معدات وآلات دون ان تكون ناتجة عن تصفية أعمالهم بالخارج ووارده برسم أحد المشروعات الاقتصادية القائمة أو المعتمدة بالجمهورية، واستيراد سلعة محظور استيرادها هى سيارات نقل تزيد مدة إستخدامها عن خمس سنوات - فقد شابه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب وانبنى على فساد فى الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع - ذلك بأن الحكم أطرح دفوع الطاعنين بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير طلب كتابى من مدير عام الجمارك، وبإنقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح، وبطلان تحقيقات نيابة الشئون المالية لعدم إختصاصها وبالتالى بطلان قرار النائب العام بندب أحد أعضائها للتحقيق وبعدم إختصاص جهاز الرقابة الادارية بالواقعة - بما لا يصلح اطراحها قانونا، ولم تأخذ المحكمة بدفاع الطاعنين بخضوعهم للقرار قم 478 لسنة 1973 الصادر من نائب رئيس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية والذى لم يلغ حتى بعد صدور القانون رقم 118 لسنة 1975 فى شأن الاستيراد والتصدير والذى طبقه الحكم على الطاعنين بأثر رجعى رغم حصولهم على موافقة وزارة الاسكان بإدخال تلك السيارات للمساهمة فى مشروعات التعمير كما حصلوا على أحكام قضائية بإدخال تلك السيارات واستعملوا حقا مقررا بمقتضى القانون هو حق التنفيذ القضائى فضلا عن جهلهم بنظم الاستيراد مما ينفى عنهم القصد الجنائى، كما ان الاستيراد كان خارجا عن نطاق التجريم فى الفترة من 25/ 10/ 1975 تاريخ الغاء القانون رقم 5 لسنة 1959 بصدور القانون رقم 118 لسنة 1975 حتى 1/ 11/ 1976 تاريخ صدور اللائحة التنفيذية للقانون الأخير وهى الفترة التى صدرت فيها الموافقة للطاعنين الأول والثانى. هذا الى أن الحكم المطعون فيه قد فصل فى مسالة فنية هى عمر السيارات دون ان تندب المحكمة خبيرا فى الدعوى كما قضى بمصادرة تلك السيارات رغم أنها لم تضبط، ودان الطاعنين استنادا الى عدم تحديدهم أسم المشروع الاقتصادى والى أن وزارة التجارة هى المختصة بالموافقة وليست وزارة الاسكان رغم أن القرار رقم 478 لسنة 1973 لم يشترط تحديد أسم المشروع ولم يحدد القطاع المختص بالموافقة، واعتبر الحكم سيارات الطاعن السادس سيارات نقل رغم انها قلاب، كما ان الطاعن السابع حصل على الموافقة قبل صدور قرار وزير التجارة رقم 158 لسنة 1975 الذى أشترط مدة معينة بالنسبة لعمر السيارات - الا ان الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع كلية بما لا يسوغ اطراحه ولم يعرض الى مستندات الطاعنين للتدليل على حسن نيتهم، وعول فى إدانة الطاعنين على خطاب وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء والرقابة رغم انه غير موقع - واخيرا لم تستجب محكمة ثانى درجة الى طلب الطاعن الخاص اعادة الدعوى للمرافعة للفصل بينه وبين باقى المتهمين لعدم وجود صلة تربطه بهم واقتصرت على تأييد الحكم المستانف - كل هذا مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما واورد على ثبوتهما فى حقهم ادلة سائغة من شانها أن تؤدى الى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعنين أنهم ادخلوا معدات وآلات الى داخل البلاد دون ان تكون باسم أحد المشروعات القائمة أو المعتمدة بالجمهورية بالمخالفة لأحكام القرار الصادر من نائب رئيس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 478 لسنة 1973 ودون أن تكون ناتجة عن تصفية اعمالهم بالخارج كما يدعون ان ادخلوا سيارات يزيد عمرها عن العمر المسموح به. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على ان الاجراءات المنصوص عليها فى قوانين النقد والجمارك والاستيراد والتى يشترط تقديم طلب من جهة معينة لإمكان رفع الدعوى الجنائية على مرتكبى الجرائم المنصوص عليها فيها هى من القيود التى ترد على حق النيابة العامة التى تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقا للقانون - مما يتعين الأخذ فى تفسيرها بالتقنين، والقول بأن الطلب متى صدر رفع القيد عن النيابة العامة رجوعا الى حكم الاصل، وإذن فمتى صدر الطلب ممن يملكه قانونا فى جريمة من جرائم النقد أو التهريب او الاستيراد حق للنيابة العامة اتخاذ الاجراءات فى شأن الواقعة او الوقائع التى صدر عنها، وصحة الاجراءات بالنسبة الى كافة نما قد تتصف به من أوصاف قانونية مما يتوقف رفع الدعوى الجنائية على طلب بشانه من أية جهة كانت إذ الطلب فى هذا المقام يتعلق بجرائم من صعيد واحد يصدق عليها جميعها أنها جرائم مالية تمس ائتمان الدولة ولا تعلق له بأشخاص مرتكبيها، وبالتالى فإن الطلب عن أية جريمة منها يشتمل الواقعة بجميع أوصافها وكيوفها القانونية الممكنة، كما ينبسط على ما يرتبط بها إجرائيا من وقائع لم تكن معلومة وقت صدوره متى تكشفت عرضا أثناء التحقيق وذلك بقوة الأثر العينى للطلب وقوة الأثر القانونى للارتباط ما دام ما جرى تحقيقه من الوقائع داخلا فى مضمون ذلك الطلب الذى يملك صاحبه قصره أو تقييده. وإذ كانت الجريمة التى أثبتها الحكم فى حق الطاعنين هى جريمة استيرادية لا يمارى ايهم فى صدور طلب كتابى ممن يملكه قانونا، فإن القول بعدم صدور طلب عن جريمة التهريب الجمركى لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان تقدير التصالح من المسائل الواقعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب متى كانت المقومات التى أسست عليها قولها فيه تؤدى إلى النتيجة التى خلصت اليها، وإذ كان الحكم المطعون فيه نفى فى تدليل سائغ - له سنده من الأوراق - ابرام صلح بين الطاعنين وبين وزارة التجارة فى شأن جريمتى الاستيراد التى دانهم بهما، فإن منعى الطاعنين فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان المستفاد من النصوص الخاصة بتعيين أعضاء النيابة العامة - فيما عدا النائب العام. وتحديد محال اقامتهم وندبهم للقيام بعمل خارج نطاق دائرة اختصاصهم والواردة فى الفصل الأول من الباب الثالث من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية والذى تم قرار الندب للتحقيق فى ظله - أن القانون قد منح النائب العام فى المادة 121 منه كامل الحق فى ندب أحد اعضاء النيابة العامة ممن يعملون فى أية نيابة سواء كانت متخصصة فى نوع معين من الجرائم أم جزئية أو كلية أو بإحدى نيابات الاستئناف لتحقيق أية قضية أو إجراء أى عمل قضائى مما يدخل فى ولايته - ولو لم يكن داخلا بحسب التحديد النوعى أو الجغرافى فى إختصاص ذلك العضو، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فى الرد على الدفع ببطلان قرار النائب العام الصادر بندب الاستاذ..... وكيل نيابة الشئون المالية لتحقيق الوقائع المسندة الى الطاعنين من بعد صدور حكم محكمة الشئون المالية بعدم إختصاصها - فإن ما ينعاه الطاعنون فى هذه الخصوص لا يكون له محل. هذا إلى أنه من المقرر أن الأصل فى الأعمال الاجرائية أنها تجرى على حكم الظاهر وهى لا تبطل من بعد نزولا على ما ينكشف من أمر واقع وإذ كان عدم إختصاص نيابة الشئون المالية. لم يتضح إلا بعد أن صدر حكم محكمة الشئون المالية بعدم إختصاصها - فإن الاجراءات التى أتخذتها هذه النيابة تكون قد بنيت على إختصاص انعقدت له بحسب الظاهر - حال اتخاذها - مقومات صحتها فلا يدركها البطلان من بعد إذا ما استبان انتفاء هذا الاختصاص وان تراخى كشفه. لما كان ذلك، وكانت الفقرة (ج) من المادة الثانية من القانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الادارية بعد تعديلها بالقانون رقم 71 لسنة 1969 تنص على أنه "مع عدم الاخلال بحق الجهة الادارية فى الرقابة وفحص الشكوى والحقيقة تختص الرقابة الادارية بالآتى....... (ج) الكشف عن المخالفات الادارية والمالية والجرائم الجنائية التى تقع من العاملين أثناء مباشرتهم لواجبات وظائفهم أو بسببها كما تختص بكشف وضبط الجرائم التى تقع من غير العاملين، والتى تستهدف المساس بسلامة اداء واجبات الوظيفة أو الخدمات العامة. وذلك بشرط الحصول على إذن كتابى من النيابة العامة قبل اتخاذ الاجراء. وللرقابة الادارية فى سبيل ممارسة الإختصاصات سالفة الذكر الاستعانة برجال الشرطه وغيرهم من رجال الضبطية القضائية وذوى الخبرة مع تحرير محضر أو مذكرة حسب الأحوال. وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى مدوناته أن الرقابة الادارية حررت محضرا مؤرخا 17/ 6/ 1978 مفاده أنها قدمت بتاريخ 10/ 10/ 1977 مذكرة تضمنت قيام بعض المتهمين فى الجناية رقم 66 لسنة 1976 ميناء بور سعيد الخاصة بالتلاعب فى استيراد السيارات النقل استصدروا أحكاما من القضاء المدنى المستعجل تقضى بالافراج عن سيارات نقل قديمة محتجزه ببورسعيد وذلك إستنادا الى موافقات حصلوا عليها من وزارة الاسكان بالمخالفة لقوانين وقرارات الاستيراد وان غيرهم من المستوردين نجحوا فى إدخال أعداد هائلة من السيارات النقل وغيرها وان هناك خلافا بين وزارتى الاسكان والتجارة فى شأن إصدار موافقة تصفية الاعمال، وكان من المقرر فى صحيح القانون إجراءات الاستدلال أيا كان من يباشرها لا تعتبر من إجراءات الخصومة الجنائية بل هى من الاجراءات الاولية التى تسلس لها سابقة على تحريكها - وكانت مذكرة الرقابة الادارية كما سطرها الحكم المطعون فيه مما تثير شبهة اختصاصها لتعلق الأمر بموافقات صدرت من موظفين عموميين على خلاف القانون، فإن الاجراءات التى اتخذت من بعد ذلك لا تبطل نزولا على ما ينكشف من أمر الواقع - وينحل الجدل فى هذا الخصوص الى جدل موضوعى فى تقدير الادلة التى استخلصت منها المحكمة سلامة الاجراءات فى الدعوى وهو ما لا يجوز مصادرتها فيه أو إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المادة الثانية من قرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 478 لسنة 1973 التى يستند اليها الطاعنون فى استيراد سياراتهم من الخارج قد جرى نصها على أنه: "يسمح وبدون ترخيص باستيراد السلع المبينة بالفقرات التالية وفقا للشروط والأحكام الواردة بكل منها.... (3) السلع التى يستوردها المواطنون عند عودتهم النهائية من الخارج وفقا للشروط الآتية ( أ ) أن تكون هذه السلع آلات أو أجهزة أو معدات قطع الغيار الخاصة بها. (ب) أن تكون هذه السلع واردة برسم المشروعات الاقتصادية القائمة أو المعتمدة بالجمهورية (ج) أن يكون العائد قد أمضى فى الخارج مدة سنة على الأقل (د) ان يوافق القطاع المختص على استيرادها (هـ) ويجوز أن تكون السلع مستعملة إذا تضمنت موافقة القطاع المختص ذلك. وكان المستفاد من صريح النص أنه خاص بالالات أو الأجهزة أو المعدات أو قطع الغيار الخاصة بها دون سيارات النقل والتى تخضع فى إستيرادها الى قرار وزير النقل رقم 348 لسنة 1971 والذى أشترط أن تكون السيارات من ماركات معينة إذا كانت للافراد أو القطاع الخاص، فضلا عن مواصفات أخرى خاصة بالحمولة والمحرك وأن يكون استيرادها بغرض الانتفاع بها او للاستغلال فى النقل للغير بأجر وليس بغرض الاتجار وكذلك الى قرار وزير التجارة رقم 158 لسنة 1975 الذى أشترط فوق ذلك الا تزيد مدة إستخدام السيارة النقل عن خمس سنوات بما فى ذلك سنة الانتاج وأن يستورد مع السيارة موتور جديد أو مجدد الى جانب قطع غيار جديدة لاستخدامها للسيارة بما لا يقل قيمته عن خمسمائة جنيه مصرى بالأسعار الرسمية - ومن ثم فإن استناد الطاعنين الى القرار رقم 478/ 1973 فى شأن إدخالهم سيارات النقل لا أساس له من القانون لما كان ذلك، وكانت موافقة القطاع المختص على إستيراد السلع المبينة فى الفقرة الثالثة من المادة الثانية من القرار سالف الذكر لا يعدو أن يكون شرطا يجب توافره مع باقى الشروط التى تطلبتها الفقرة المذكورة والتى أناط القرار فى المادة الرابعة منه بوكيل وزارة المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية لشئون الجمارك مراقبتها ثم حل محله وزير التجارة الخارجية بموجب القرار الصادر منه برقم 254 لسنة 1974 بعد أن نظمت وزارة التجارة الخارجية بالقرار الجمهورى رقم 1104 لسنة 1974 الصادر فى 7/ 7/ 1974 وكان من أهم ما اشترطته هذه الفقرة أن تكون هذه السلع واردة برسم المشروعات الاقتصادية القائمة أو المعتمدة بالجمهورية بما مقتضاه أن ترد هذه السلع برسم مشروع معين قائم أو آخر معين معتمد داخل الجمهورية مزمع تنفيذه وهو ما لا يمارى الطاعنون فى عدم استيفائه ومن ثم فإن القول بحصولهم على موافقة وزارة الاسكان لا يكفى بذاته لادخال باقى السلع بما فيها السيارات القلاب - ولا يقدح فى هذا النظر حصولهم على أحكام من قاضى التنفيذ بإدخال السيارات إذ أن الأحكام الصادرة فى منازعات التنفيذ الوقتية ليست لها الا حجية مؤقتة على أطرافها فحسب ولا تؤثر فى محكمة الموضوع عند نظر الدعوى أو أصل الحق، وبالتالى ليست لها الا حجية الشىء المحكوم به أمام المحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها الى فاعلها وهو ما نصت عليه المادة 457 من قانون الاجراءات الجنائية. فتستطيع المحكمة الجنائية أن تنظر فى الواقعة المعروضة عليها بحرية كاملة، وتفصل فيها على ضوء ما تستظهره من توافر أركان الجريمة أو عدم توافرها على هدى ما تستلزمه فى تكوين عقيدتها من شتى الادلة والعناصر دون ان تتقيد بالأحكام المبينة التى صدرت أو تعلق قضاءها على ما سوف يصدر من أحكام - هذا فضلا عن أن تلك الأحكام ليست حجه على وزير التجارة الخارجية المنوط به مراقبة توافر شروط القرار 478/ 1973 سالف الذكر إذ لم يكن طرفا فى أى منها - وما كان عليهم - اتباعا لصحيح القانون - الا أن يحصلوا على موافقته أو أن يدخلوه فى الدعوى ليكون للحكم حجية عليه أما ما يثيره الطاعنون من جهلهم بنظم الاستيراد فإن هذا الدفاع على فرض صحته - غير منتج، لما هو مقرر أن الجهل بالقانون أو الغلط فى فهم نصوصه لا يعدم القصد الجنائى باعتبار أن العلم بالقانون وفهمه على وجهه الصحيح أمر مفترض فى الناس كافة، وأن كان هذا الافتراض يخالف الواقع فى بعض الاحيان - بيد أنه افتراض تمليه الدواعى العملية لحماية مصلحة المجموع، ولذا قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العلم بالقانون الجنائى والقوانين القضائية المكملة له مفترض فى حق الكافة، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كزريعة لنفى القصد الجنائى - لما كان ذلك، وكان الزعم بوجود فراغ تشريعى فيما بين 25/ 10/ 1975 تاريخ صدور القانون رقم 118 لسنة 1975 والنص فيه على الغاء القانون رقم 9 لسنة 1959 و14/ 1/ 1976 تاريخ صدور اللائحة التنفيذية للقانون الجديد - وهى الفترة التى صدرت فيها الموافقة الى الطاعنين الاول والثانى - قولا غير مجد ما دام أن الأشياء المستوردة لم تدخل فعلا داخل البلاد وانتهت إجراءتها فى أثناء تلك الفترة - وهو ما يصدق ردا على قول الطاعن السابع أنه حصل على الموافقة قبل صدور قرار وزير التجارة رقم 158 لسنة 1975 - متى كانت السيارات التى أحضرها لم تدخل فعلا قبل صدوره - بما يجعل دفعه فى هذا الصدد دفعا قانونيا ظاهر البطلان لا تلتزم المحكمة بالرد عليه - لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعنين - حسبما يبين من محاضر جلسات المرافعة أمام درجتى التقاضى - لم يطلبوا من محكمة الموضوع ندب خبير لتقدير عمر السيارات موضوع الاتهام فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودها عن قيام بإجراء لم يطلب منها، ولا يحل لهم من بعد - وقد قعدوا عن المنازعة فى مدى خضوعها للقواعد الخاصة بذلك أن يثيروا هذا الجدل الأول مرة أمام محكمة النقض لأنه لا يعدو أن يكون دفاعا موضوعيا كان يجب التمسك به امام محكمة الموضوع - لما كان ذلك، وكانت العبرة فى الاثبات فى المواد الجنائية هى باقتناع القاضى وإطمئنانه الى الادلة المطروحة عليه فقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ بأى دليل يرتاح اليه من أى مصدر شاء سواء فى التحقيقات الاولى أو فى جلسة المحاكمة ولا يصح مصادرته فى شىء من ذلك الا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ولما كان الخطاب الذى اعتمد عليه الحكم - فضلا عن ذلك هو صورة من خطاب صادر من وزير التجارة الى وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء والرقابة وليس منه وخاص بتفسير بعض القرارات الوزارية فى شأن السلع والسيارات موضوع الدعوى - ومن ثم فلا على المحكمة إن هى اخذت بالتفسير الوارد به متى ارتاحت اليه ولا عليها كذلك إن هى لم ترد على دفاع فى شأنه لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بأن تتعقب المتهم فى كل جزئية من مناحى دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها هو إطمئنانها الى الأدلة التى عولت عليها وإطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها. لما كان ذلك، وكان ما زعمه الطاعن الخامس من أنه تمسك بدفاع حاصله أن ينفرد بموقف خاص فى الاتهام دون غيره من المتهمين فإنه مردود بأنه - وعلى ما يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية - وعلى فرض أنه ابدى هذا الطلب بعد اقفال باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم - فلا تثريب على المحكمة إذ هى لم تستجب لهذا الطلب أو ترد عليه، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن فى هذا الشان. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة فى القانون رقم 118 لسنة 1975 فى شأن الاستيراد والتصدير للجريمتين اللتين دين بهما الطاعنون أخف من تلك الوارده بالقانون المطبق رقم 9 لسنة 1959 ذلك بأنها فى المادة السابعة من القانون المطبق - إنما هى الحبس والغرامة التى لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز الف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين علاوة على تعويض يعادل مثلى رسم الاستيراد المقررة يحكم به بطريق التضامن على الفاعلين الاصليين وعلى الشركاء، وعلى الحكم بمصادرة السلع موضوع الجريمة أو بتعويض يعادل ثمنها إذا لم ييسر مصادرتها بينما هى فى المادة 15 من القانون الجديد غرامه - فحسب - لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على الف جنيه علاوة على الحكم بمصادرة السلع موضوع الجريمة، ومن ثم فإن القانون الجديد يعد من هذه الوجهة قانونا أصلح للطاعنين وإذ كان الحكم المطعون فيه قد طبق هذا القانون فى هذا الخصوص عملا بنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات حتى بالنسبة للوقائع التى وقعت قبله - فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا ولما كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة اول درجة بتاريخ 24/ 6/ 1980 أنه قد تم ضبط السلع موضوع الدعوى والتحفظ عليها فإن منعى الطاعنين فى شأن قضاء الحكم بمصادرتها رغم عدم ضبطها لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للاسباب التى بنى عليها فليس فى القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الاسباب فى حكمها بل يكفى أن تحيل عليها إذ الاحالة على الأسباب تقوم مقام ايرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان ما تقدم، فإن النعى برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.