أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 508

جلسة 31 من مارس سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ امين امين عليوه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جمال الدين منصور وصلاح الدين خاطر ومحمد عباس مهران وطلعت الاكيانى.

(85)
الطعن رقم 7255 لسنة 54 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص الولائى". قانون "تفسيره". قضاء عسكرى. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اختصاص المحاكم العادية بكافة المنازعات والجرائم، إلا ما نص على انفراد غيرها به المحاكم العسكرية. محاكم خاصة ذات اختصاص استثنائى. مناط اختصاصها؟
اختصاص المحاكم العادية مع المحاكم العسكرية بمحاكمة الخاضعين لقانون هيئة الشرطة.
(2) اجراءات "اجراءات المحاكمة". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الاجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سببا للطعن.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
مثال لتسبيب سائغ للرد على تمسك الطاعن بانتفاء مسئوليته عملا بالمادة 63 عقوبات.
(4) اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى مرده الى محكمة الموضوع. متى استندت الى أدلة سائغة.
(5) حكم "بطلان الحكم" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الأخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة.
(6) مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. خطأ. رابطه السببيه. اثبات "بوجه عام". قتل خطأ. اصابه خطأ. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
تقدير الخطا المستوجب مسئولية مرتكبه جنائيا او مدنيا فى جريمة القتل والاصابة الخطأ وتوافر السببيه. موضوعى.
تقدير توافر السببيه بين الخطأ والضرر موضوعى.
(7) رابطة السببيه. اثبات "بوجه عام". حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". خطأ. ضرر.
استخلاص الحكم انه لولا خطأ المتهم لما وقع الضرر. تتوافر به رابطة السببيه.
مثال لتسبيب سائغ لتوافر الخطأ فى حق المتهم فى جريمة القتل والاصابة الخطأ.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم فى شتى مناحى دفاعه الموضوعى.
1 - من المقرر ان القضاء العادى هو الاصل وان المحاكم العادية هى المختصة بالنظر فى جميع الدعاوى الناشئة عن افعال مكونة لجريمة وفقا لقانون العقوبات العام ايا كان شخص مرتكبها حين ان المحاكم العسكرية ليست الا محاكم خاصة ذات اختصاص استثنائى مناطه اما خصوصية الجرائم التى تنظرها واما شخص مرتكبها على اساس صفة معينة توافرت فيه وأنه وإن أجاز قانون الاحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 وقانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 اختصاص القضاء العسكرى بنظر جرائم من نوع معين ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين الا انه ليس فى هذين القانونين ولا فى اى تشريع آخر نصا على انفراد ذلك القضاء بالاختصاص على مستوى كافة مراحل الدعوى ابتداء من تحقيقها حتى الفصل فيها، ولما كانت الجريمة المسندة الى الطاعن معاقبا عليها بالمادة 238 من قانون العقوبات، وكانت النيابة العامة قد قدمته الى المحاكمة العادية ولم يقرر القضاء العسكرى اختصاصه بمحاكمته، فان الاختصاص بذلك ينعقد للقضاء الجنائى العادى، وما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون فى غير محله؟
2 - ان تعييب الطاعن لامر احالته الى القضاء الجنائى العادى بدعوى البطلان انما ينصب على الاجراءات السابقة على المحاكمة، ولم يثر هو او المدافع عنه شيئا فى هذا الصدد امام محكمة الموضوع، ومن ثم فانه لا يقبل من الطاعن اثارته لاول مرة امام محكمة النقض.
3 - ولما كان الثابت من استقراء اوراق الدعوى وتحقيقاتها ان المتهم بوصفه شرطيا سريا فى دائرة ميناء الاسكندرية شاهد المجنى عليه وهو من اللصوص المعروفين له ومطلوب ضبطه، وكان يحمل صندوقين متجها بهما الى باب الخروج من الدائرة الجمركية وبادر الى القائهما والتخلص منهما فى محاولة للفرار والهرب من وجه المتهم وزميله، مما دفعهما الى تعقبه للقبض عليه، الامر الذى ترى معه المحكمة انه وان توافر لدى المتهم وقام الاعتقاد بمشروعية وضرورة هذا الفعل الا انه - فى ذات الوقت - تجاوز الاجراء المعقول فى هذه الظروف فى ضوء ما تقضى به النظم وتعليمات الشرطة من حظر وعدم اللجوء الى استخدام السلاح النارى الا اذا استحال عليه انذار الهارب وبعد استنفاد وسائل التهديد والارهاب وان يكون اطلاق النار فى الهواء ثم فى الاجزاء السفلية من جسمه فحسب وفى اتجاه رجليه فيكون اقدام المتهم على اطلاق النار من مسدسه وهو يجرى خلف المجنى عليه الذى لم يستجب الى انذاره بالتوقف عن الهرب، ودون ان يتحرى عدم اصابته او يتثبت من احكام التصويب سواء فى الهواء او فى غير مقتل منه، اذ كان فى وسعه ان يصوب سلاحه الى رجلى المجنى عليه ليعوقه عن الحركة، اما وانه اطلق النار دون هذا التحرى وذاك التثبت، مما تنحسر معه قالة مشروعية ما ارتكب من جرائم، ويستحيل عليه التمسك باحكام المادة 63 من قانون العقوبات، ويضحى ما لاذ به من دفاع فى غير محله مفتقرا الى سنده من القانون، ولما كان هذا الذى اورده الحكم سائغا فى الرد على دفاع الطاعن الخاص بانتفاء مسئوليته ويتفق مع صحيح القانون وما تقتضى به تعليمات الشرطة فى شان تنظيم استعمال الاسلحة النارية الصادر بها قرار وزير الداخلية رقم 156 لسنة 1964، فان تعييب الطاعن للحكم فى هذا الصدد يكون على غير اساس.
4 - الاصل ان لمحكمة الموضوع ان تستخلص من جماع الادلة والعناصر المطروحة امامها على بساط البحث، الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها وان تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغا مستندا الى ادلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها اصلها فى الاوراق،
5 - من المقرر ان التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين اسبابه بحيث ينفى بعضها ما اثبته البعض الآخر ولا يعرف اى الامرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لكيفية وقوع الحادث - على ما سلف بيانه - وساق على ثبوتها فى حق الطاعن ادلة من شأنها ان تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها، فان فى ذلك ما يكفى لحمل قضائه بالادانة على الوجه الذى انتهى اليه، مما تنتفى معه قالة التناقض ولا يعدو ما يثيره الطاعن فى هذا الشان ان يكون منازعة فى الصورة التى اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلا موضوعيا فى سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت فى وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب وطالما انها تناولت دفاعه وردت عليه ردا سليما يسوغ به اطراحه كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - ومن ثم فان ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد.
6 - من المقرر ان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا او مدنيا فى جريمتى القتل والاصابة الخطأ وكذا تقدير توافر رابطة السبيبة بين الخطأ والضرر او عدم توافرها من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا مستندا الى ادلة مقبوله ولها اصلها فى الاوراق.
7 - يكفى لتوافر رابطة السبيبه بين خطأ المتهم والضرر الواقع ان تستخلص المحكمة من واقع الدعوى انه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ فى قوله "ان المتهم اطلق النار من مسدسه الاميرى على المجنى عليه دون تحرز او تحوط، وشاب قوله تقصير فى اتباع ومراعاة ما تقضى به التعليمات الخاصة بشأن احتياطات الأمن الواجب اتخاذها فى مثل هذه الحالة، فأصاب المجنى عليه فى مقتل وتسبب فى وفاته...." وكان من غير المتصور وقوع الحادث بغير وجود هذا الخطأ، فان ما اورده الحكم - على نحو ما تقدم - يتوافر به الخطأ فى حق الطاعن تتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة وهى وفاة المجنى عليه، ومن ثم يكون منعى الطاعن فى هذا الشان فى غير محله.
8 - ان المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم فى شتى مناحى دفاعه الموضوعى، وكان اطمئنانها الى الادلة التى عولت عليها دلالة على اطراح جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحمل المحكمة على عدم الاخذ بها، فان ما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب المجنى عليه... عمدا بطلق نارى فأحدث به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب افضى الى موته. وطلبت احالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. ومحكمة جنايات الاسكندرية قضت حضوريا بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وامرت بايقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث ان مبنى الطعن هو ان الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجريمة القتل الخطأ قد جاء باطلا وخالف القانون وشابه فساد فى الاستدلال وقصور فى التسبيب واخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه صدر من محكمة لا ولاية لها بنظر الدعوى بعد ان رفعت اليها على وجه غير صحيح، اذ الطاعن وهو من افراد هيئة الشرطة وقد وقعت منه الجريمة التى دين بها اثناء وبسبب تأديته لوظيفته مما يجعل الاختصاص بمحاكمته موكولا للقضاء العسكرى عن طريق المدعى العسكرى اعمالا لاحكام القانونين 25 لسنة 1966، 109 لسنة 1971، واطرح الحكم دفاع الطاعن القائم على انتفاء مسئوليته اعمالا للمادة 63 من قانون العقوبات رغم توافر شروطها فى حقه ورد عله ذلك بما لا يسوغه وبما يتعارض مع ما تقضى به تعليمات الشرطة رجالها فى شأن استعمال السلاح النارى، وتناقض فى الصورة التى ارتسمت فى وجدانه عن الواقعة مع ما انتهى اليه من قضاء، ولم يستظهر عنصرى الخطأ ورابطة السببيه بصورة يبين منها مدى تحققهما، فاغفل ما اثاره الطاعن فى دفاعه من ظروف واكبت الواقعة وهى الحالة التى كان عليها المجنى عليه اثناء عدوه باطلاق النار عليه، والعوامل التى اعتملت فى نفس الطاعن من احتمال وقوع اعتداء عليه من قبل المجنى عليه وضرورة القبض عليه وتعرضه للمحاكمة العسكرية اذا ما اخفق فى ذلك. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث ان المقرر ان القضاء العادى هو الاصل وان المحاكم العادية هى المختصة بالنظر فى جميع الدعاوى الناشئة عن افعال مكونة لجريمة وفقا لقانون العقوبات العام ايا كان شخص مرتكبها حين ان المحاكم العسكرية ليست الا محاكم خاصة ذات اختصاص استثنائى مناطه اما خصوصية الجرائم التى تنظرها واما شخص مرتكبها على اساس صفة معينة توافرت فيه وانه وان أجاز قانون الاحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 وقانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 اختصاص القضاء العسكرى بنظر جرائم من نوع معين ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين الا انه ليس فى هذين القانونين ولا فى أى تشريع آخر نصا على انفراد ذلك القضاء بالاختصاص على مستوى كافة مراحل الدعوى ابتداء من تحقيقها حتى الفصل فيها، ولما كانت الجريمة المسندة الى الطاعن معاقبا عليها بالمادة 238 من قانون العقوبات، وكانت النيابة العامة قد قدمته الى المحاكمة العادية ولم يقرر القضاء العسكرى اختصاصه بمحاكمته، فان الاختصاص بذلك بنعقد للقضاء الجنائى العادى، وما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون فى غير محله، هذا الى ان تعييب الطاعن لامر احالته الى القضاء الجنائى العادى، بدعوى البطلان انما ينصب على الاجراءات السابقة على المحاكمة، ولم يثر هو او المدافع عنه شيئا فى هذا الصدد امام محكمة الموضوع، ومن ثم فانه لا يقبل من الطاعن اثارته لاول مرة امام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد ان بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها واورد على ثبوتها فى حقه ادلة مستمدة من اقوال شهود الاثبات والمتهم وتقرير المباحث وتقرير الصفة التشريحية وهى ادلة من شأنها ان تؤدى الى ما رتب عليها ولم ينازع الطاعن فى ان لها اصلها الثابت بالاوراق، عرض لما تمسك به الطاعن من احكام المادة 63 من قانون العقوبات ورد عليه بقوله "وحيث انه من المقرر انه لا يقبل من الموظف العام الاحتماء بنص المادة 63 من تقنين العقوبات للقول بأنه لا جريمة فيما يرتكبه من افعال تنفيذا لما امرت به القوانين او ما اعتقد ان اجراءه من اختصاصه متى حسنت نيته الا ان يثبت - فوق ذلك - انه لم يرتكب الفعل الا بعد التثبت والتحرى، وانه كان يعتقد مشروعيته اعتقادا مبنيا على اسباب معقولة، فاذا تبين انه اقدم على ارتكاب الفعل وليس لديه الا اعتقاد مجرد بمشروعيته دون ان يبذل اى جهد للتيقن من سلامة اعتقاده، فان هذا الشرط يكون منتفيا، وبالتالى يكون الموظف مسئولا عن فعله، وكذلك الشأن لو بذل الموظف جهدا طفيفا وكان فى وسعه ان يبذل المزيد منه لان مسلكه فى الحالتين يكون متسما بالرعونة والتقصير فلا يستفيد من حكم المادة 63 من تقنين العقوبات المشار اليها، لما كان ذلك، وكان الثابت من استقراء اوراق الدعوى وتحقيقاتها ان المتهم بوصفه شرطيا سريا فى دائرة ميناء الاسكندرية شاهد المجنى عليه وهو من اللصوص المعروفين له ومطلوب ضبطه، وكان يحمل صندوقين متجها بهما الى باب الخروج من الدائرة الجمركية وبادر الى القائهما والتخلص منها فى محاولة للفرار والهرب من وجه المتهم وزميله، مما دفعهما الى تعقبه للقبض عليه، الامر الذى ترى معه المحكمة انه وان توافر لدى المتهم وقام الاعتقاد بمشروعية وضرورة هذا الفعل الا انه - فى ذات الوقت - تجاوز المعقول فى هذه الظروف فى ضوء ما تقضى به النظم وتعليمات الشرطة من حظر وعدم اللجوء الى استخدام السلاح النارى الا اذ استحال عليه انذار الهارب وبعد استنفاد وسائل التهديد والارهاب وان يكون اطلاق النار فى الهواء ثم فى الاجزاء السفلية من جسمه فحسب وفى اتجاه رجليه، فيكون اقدام المتهم على اطلاق النار من مسدسه وهو يجرى خلف المجنى عليه الذى لم يستجب الى انذاره بالتوقف عن الهرب، ودون ان يتحرى عدم اصابته او يستثبت من احكام التصويب سواء فى الهواء او فى غير مقتل منه، اذ كان فى وسعه ان يصوب سلاحه الى رجلى المجنى عليه ليعوقه عن الحركة، اما وانه اطلق النار دون هذا التحرى وذاك التثبت، مما تنحسر معه قالة مشروعية ما ارتكب من جرائم، ويستحيل عليه التمسك باحكام المادة 63 من قانون العقوبات، ويضحى ما لاذ به من دفاع فى غير محله مفتقرا الى سنده من القانون" ولما كان هذا الذى اورده الحكم سائغا فى الرد على دفاع الطاعن الخاص بانتفاء مسئوليته ويتفق مع صحيح القانون وما تقتضى به تعليمات الشرطة فى شأن تنظيم استعمال الاسلحة النارية الصادر بها قرار وزير الداخلية رقم 156 لسنة 1964، فان تعييب الطاعن للحكم فى هذا الصدد يكون على غير اساس. لما كان ذلك، وكان الاصل ان لمحكمة الموضوع ان تستخلص من جماع الادلة والعناصر المطروحة امامها على بساط البحث، الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها وان تطرح ما يخالفها من صور اخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغا مستندا الى ادلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها اصلها فى الاوراق، وكان من المقرر ان التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين اسبابه بحيث ينفى بعضها ما اثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الامرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لكيفية وقوع الحادث - على ما سلف بيانه - وساق على ثبوتها فى حق الطاعن ادلة من شأنها ان تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها، فان فى ذلك ما يكفى لحمل قضائه بالادانة على الوجه الذى انتهى اليه، مما تنتفى معه مالة التناقض ولا يعدو ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن ان يكون منازعة فى الصورة التى اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلا موضوعيا فى سلطة محكمة الموضوع فى استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت فى وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب وطالما انها تناولت دفاعه وردت عليه ردا سليما يسوغ به اطراحه كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - ومن ثم فان ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا او مدنيا فى جريمتى القتل والاصابة الخطأ وكذا تقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر او عدم توافرها من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا مستندا الى ادلة مقبولة ولها اصلها فى الاوراق وانه يكفى لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع ان تستخلص المحكمة من واقع الدعوى انه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ فى قوله "ان المتهم اطلق النار من مسدسه الاميرى على المجنى عليه دون تحرز او تحوط، وشاب قوله تقصير فى اتباع ومراعاة ما تقضى به التعليمات الخاصة بشان احتياطات الامن الواجب اتخاذها فى مثل هذه الحالة، فأصاب المجنى عليه فى مقتل وتسبب فى وفاته...،" وكان من غير المتصور وقوع الحادث بغير وجود هذا الخطأ، فان ما اورده الحكم - على نحو ما تقدم - يتوافر به الخطأ فى حق الطاعن تتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة وهى وفاة المجنى عليه، ومن ثم يكون منعى الطاعن فى هذا الشأن فى غير محله. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم فى شتى مناحى دفاعه الموضوعى، وكان اطمئنانها الى الادلة التى عولت عليها دلالة على اطراح جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحمل المحكمة على عدم الاخذ بها فان ما ينعاه الطاعن على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.