أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 558

جلسة 11 من ابريل سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ احمد ابو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مصطفى طاهر وحسن عميرة ومحمد زايد وصلاح البرجى.

(96)
الطعن رقم 658 لسنة 55 القضائية

(1) قتل خطأ. إصابة خطأ. خطأ. جريمة "اركانها". مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب"
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه. موضوعى.
تعدد المشاركين بأخطائهم فى وقوع النتيجة الضارة لا يرتب إعفاء أيهم من المسئولية عنها.
(2) إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم من إطلاقات محكمة الموضوع. وهى غير ملزمة بالرد على تقرير الخبير الاستشارى الذى لم تاخذ به.
(3) استئناف. محكمة استئنافية "تسبيب أحكامها". اثبات "خبرة". حكم "بياناته" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ايراد الحكم الاستئنافى أسبابا مكملة لأسباب حكم محكمة أول درجة الذى اعتنقه مفاده. اخذه بتلك الأسباب فيما لا يتعارض مع الاسباب التى اضافها.
استناد الحكم فى اثبات خطأ الطاعن الى تقرير لجنة فنية. مفاده. عدم أخذه بما جاء بأسباب الحكم الابتدائى فى تسانده الى تقرير آخر.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "خبرة". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بإجابة الدفاع الى طلب ندب خبير آخر فى الدعوى. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هى من جانبها اتخاذ هذا الاجراء.
مثال لتسبيب سائغ للرد على دفاع الطاعن بأن انهيار البناء نتج عن هبوط التربة نتيجة انفجار ماسورة مجارى.
1 - ان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا مما يتعلق بموضوع الدعوى وهو ما استظهره الحكم ودلل على ثبوته فى حق الطاعن بما ينتجه من وجوه الأدلة السائغة التى أوردها من اقامته البناء المكون من ستة ادوار بنفسه بغير ترخيص ودون اشراف فنى وعدم مطابقته للمواصفات الفنية لبنائه بدون هيكل خرسانى واقامة حوائطه الحاملة بسمك ضعيف نصف طوبة فلم تتحمل ثقل البناء لضعفها مما ادى الى انهياره ووفاة اثنين وخمسين من سكانه واصابة اربعة عشر آخرين، ولا يؤثر فى ذلك دفاع الطاعن بان انهيار المبنى يرجع الى هبوط التربة نتيجة انفجار مواسير المجارى فضلا عن ان الحكم قد اطرح هذا الدفاع بما يسوغه اطمئنانا منه الى شهادة رئيس اللجنة الفنية بالجلسة بان هبوط التربة فى ذاته لا يؤدى الى تصدع البناء وانهياره اذا كان مشيدا طبقا للأصول الفنية وانه لم يلاحظ وجود اثار لمياه المجارى، فان تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث توجب مساءلة من أسهم فيها ايا كان قدر الخطأ المنسوب اليه.
2 - لما كانت المحكمة قد استندت الى تقرير اللجنة الفنية المنتدبة واطرحت فى حدود سلطتها التقديرية تقرير الخبير الاستشارى فانه لا يجوز مجادلتها فى ذلك أمام محكمة النقض وهى غير ملزمة بأن ترد استقلالا على هذا التقرير الذى لم تأخذ به.
3 - لما كان ايراد الحكم الاستئنافى اسبابا مكملة لأسباب حكم محكمة أول درجة الذى اعتنقه مفاده انه يأخذ بهذه الأسباب فيما لا يتعارض مع الاسباب التى اضافها كما هو الحال فى الدعوى الماثلة، وكان استناد الحكم المطعون فيه فى اثبات خطأ الطاعن الى تقرير اللجنة الفنية المنتدبة مفاده عدم اخذه بما جاء بأسباب الحكم الابتدائى فى تسانده الى تقرير منطقة اسكان المعادى فان ما يعيبه الطاعن على أسباب الحكم الابتدائى فى هذا الخصوص لا يصادف محلا فى الحكم المطعون فيه.
4 - لما كانت المحكمة غير ملزمة باجابة الدفاع الى ما طلبه من ندب خبير آخر فى الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هى من جانبها اتخاذ هذا الاجراء. وكان الحكم قد اورد - بناء على التقارير الطبية - اصابات المجنى عليهم فى جريمة القتل الخطأ وانها ادت الى وفاتهم باسفكسيا الردم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين (حكم ببراءتهما): أولا: تسببوا خطأ فى قتل المجنى عليهم المبينة اسماؤهم بالكشف رقم 1 المرفق وكان ذلك ناشئا عن اهمالهم وعدم احترازهم وعدم مراعاتهم للقوانين واللوائح بأن قاموا بالبناء دون الحصول على ترخيص بناء ودون مراعاة للشروط والمواصفات الهندسية ودون اشراف مهندس نقابى معتمد مما أدى الى انهيار العقار ووفاة المجنى عليهم سالفى الذكر على النحو المبين بالأوراق. ثانيا: تسببوا خطأ فى اصابة المجنى عليهم المبينة اسماؤهم بالكشف رقم 2 المرفق وكان ذلك ناشئا عن اهمالهم وعدم احترازهم من عدم مراعاتهم للقوانين واللوائح بأن قاموا بالبناء دون ترخيص ودون مراعاة الشروط والمواصفات الهندسية ودون اشراف مهندس نقابى معتمد مما أدى الى انهيار العقار سالف الذكر واصابة الاشخاص المبينة بالأوراق. وطلبت عقابهم بالمادتين 238/ 1 - 3، 244/ 1 - 3 من قانون العقوبات وادعى... عن نفسه وبصفته وصى على.... و.... مدنيا قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة.... الجزئية قضت حضوريا عملا بمادتى الاتهام بحبس المتهم الأول (الطاعن) سبع سنوات مع الشغل والنفاذ لما هو منسوب اليه والزامه بأن يؤدى للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت.
فاستأنف المحكوم عليه واثناء نظر الاستئناف تنازل المدعى بالحقوق المدنيه عن نفسه وبصفته عن دعواه المدنية. ومحكمة جنوب.... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف واثبات ترك المدعى بالحقوق المدنية عن نفسه وبصفته لدعواه المدنية، فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

حيث ان مبنى الطعن هو ان الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجريمتى القتل والاصابة الخطأ قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وانطوى على الاخلال بحق الدفاع والخطأ فى تطبيق القانون ذلك بانه لم يستظهر عناصر الخطأ الذى نسبه الى الطاعن بأسباب سائغة وتساند فى قضائه الى تقرير اللجنة الفنية المقدم فى الدعوى ورغم انه لا يؤدى الى ما رتب عليه اذ اورد التقرير ان هبوط التربة تحت الأساسات من الأسباب التى ساهمت فى انهيار البناء مما لا دخل لارادة الطاعن فيه ولم يعرض الحكم للتقرير الاستشارى المقدم من الطاعن الذى ارجع انهيار البناء الى هذا السبب. وحده كما عول على تقرير منطقة اسكان المعادى رغم تناقضه مع تقرير اللجنة الفنية اذ ارجع سقوط البناء الى ضعف الأساسات وعدم تحملها طوابق المبنى دون ان يستند فى ذلك الى أسس فنية بل كان مبناه التحريات وأقوال الشهود، وقد طلب الطاعن فى مذكرته المقدمة لمحكمة ثانى درجة ندب خبير آخر فى الدعوى غير ان المحكمة التفتت عن هذا الطلب ولم ترد عليه، هذا الى ان الحكم قد اغفل بيان اصابات المجنى عليهم وكيف انها ادت الى وفاة بعضهم من واقع دليل فنى وقضى بالتعويض رغم انتفاء الخطأ وانقطاع رابطة السببية بينه وبين الضرر مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا او مدنيا مما يتعلق بموضوع الدعوى وهو ما استظهره الحكم ودلل على ثبوته فى حق الطاعن بما ينتجه من وجوه الادلة السائغة التى اوردها من اقامته البناء المكون من ستة ادوار بنفسه بغير ترخيص ودون اشراف فنى وعدم مطابقته للمواصفات الفنية لبنائه بدون هيكل خرسانى واقامة حوائطه الحاملة بسمك ضعيف نصف طوبة فلم تتحمل ثقل البناء لضعفها مما ادى الى انهياره ووفاة اثنين وخمسين من سكانه واصابة اربعة عشر آخرين، ولا يؤثر فى ذلك دفاع الطاعن بان انهيار المبنى يرجع الى هبوط التربة نتيجة انفجار مواسير المجارى فضلا عن ان الحكم قد اطرح هذا الدفاع بما يسوغه اطمئنانا منه الى شهادة رئيس اللجنة الفنية بالجلسة بان هبوط التربة فى ذاته لا يؤدى الى تصدع البناء وانهياره اذا كان مشيدا طبقا للأصول الفنية وانه لم يلاحظ وجود اثار لمياه المجارى، فان تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث توجب مساءلة من اسهم فيها ايا كان قدر الخطأ المنسوب اليه، واذا كانت المحكمة قد استندت الى تقرير اللجنة الفنية المنتدبة واطرحت فى حدود سلطتها التقديرية تقرير الخبير الاستشارى فانه لا يجوز مجادلتها فى ذلك امام محكمة النقض وهى غير ملزمة بأن ترد استقلالا على هذا التقرير الذى لم تأخذ به. واذ كان ايراد الحكم الاستئنافى اسبابا مكملة لأسباب حكم محكمة أول درجة الذى اعتنقه مفاده انه يأخذ بهذه الأسباب فيما لا يتعارض مع الاسباب التى اضافها كما هو الحال فى الدعوى الماثلة، وكان استناد الحكم المطعون فيه فى اثبات خطأ الطاعن الى تقرير اللجنة الفنية المنتدبة مفاده عدم اخذه بما جاء بأسباب الحكم الابتدائى فى تسانده الى تقرير منطقة اسكان المعادى فان ما يعيبه الطاعن على اسباب الحكم الابتدائى فى هذا الخصوص لا يصادف محلا فى الحكم المطعون فيه. وكانت المحكمة غير ملزمة باجابة الدفاع الى ما طلبه من ندب خبير اخر فى الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هى من جانبها اتخاذ هذا الاجراء. وكان الحكم قد اورد - بناء على التقارير الطبية - اصابات المجنى عليهم فى جريمة القتل الخطأ وانها ادت الى وفاتهم باسفكسيا الردم ولكن كان قد اغفل بيان اصابات المجنى عليهم فى جريمة الاصابة الخطأ بما يؤذن بتعييه بالقصور فى هذا الصدد الا ان ما يرد هذا العيب عن الحكم انه طبق على الطاعن حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضى بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهى المقررة لجريمة التسبب خطأ فى وفاة اكثر من ثلاثة اشخاص المنصوص عليها بالفقرة الثالثة من المادة 238 من قانون العقوبات التى اثبتها الحكم فى حقه ولم يتضمن قضاؤه تعويض احد عن المجنى عليهم فى جريمة الاصابة الخطأ. ولما كان الثابت من الحكم انه قضى باثبات ترك المدعى بالحقوق المدنية عن نفسه وبصفته لدعواه المدنية فان النعى عليه بانه قضى فى الدعوى المدنية بالتعويض لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا عدم قبوله موضوعا.