أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 590

جلسة 30 من ابريل سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الرحيم نافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن غلاب ومحمد احمد حسن والسيد عبد المجيد العشرى والصاوى يوسف.

(104)
الطعن رقم 1098 لسنة 55 القضائية

(1) وصف التهمة. اجراءات المحاكمة "بطلان اجراءات المحاكمة". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". فاعل أصلى. اشتراك. نقض "حالات الطعن. بطلان الاجراءات".
نطاق حق المحكمة فى تعديل وصف التهمة؟
تعديل وصف التهمة من فاعل اصلى فى تزوير الى شريك فيه. وجوب تنبيه المتهم الى هذا التعديل.
(2) اختلاس. تزوير فى أوراق رسمية. جريمة "اركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "أثر الطعن".
عدم تبيان الحكم للأعمال المادية التى اتاها المتهم بصفته فاعلا أصليا فى جناية الاختلاس وكذا دوره فى جرائم التزوير المرتبطة بها والتى آخذت عنها الطاعن الأول. وعدم استظهار طرق اشتراكه فى الجرائم الأخيرة والقصد الجنائى فى الجريمة الأولى قصور. يوجب النقض لكلا الطاعنين لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
1 - لما كان الأصل ان المحكمة غير مقيدة بالوصف الذى تسبغه النيابة العامة على الواقعة كما وردت بأمر الاحالة أو التكليف بالحضور وان من واجبها ان تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقا للقانون، لأن وصف النيابة ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه ان يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها الى الوصف الذى ترى هى انه الوصف القانونى السليم - الا انه اذا تعدى الامر مجرد تعديل الوصف الى تغيير التهمة ذاتها بتحوير كيان الواقعة المادية التى اقيمت بها الدعوى وتبيانها القانونى نتيجة ادخال عناصر جديدة تضاف الى تلك التى اقيمت بها الدعوى - وتكون قد شملتها التحقيقات كتعديل التهمة من شريك فى جريمة اختلاس الى فاعل اصلى لها - فان هذا التغيير يقتضى من المحكمة تنبيه المتهم اليه ومنحه اجلا لتحضير دفاعه.
2 - لما كانت المحكمة اذ دانت الطاعن الثانى بصفته فاعلا اصليا فى جريمة الاختلاس لم تبين الأعمال المادية التى اتاها وحملتها على اخذه بهذه الصفة، كما لم تبين دوره فى الجرائم التى اخذت عنها الطاعن الأول والتى اعتبرتها مرتبطة بجريمة الاختلاس ارتباطا لا يقبل التجزئة، ولم تستظهر طرق اشتراكه فى هذه الجرائم، كما لم تستظهر القصد الجنائى فى جريمة الاختلاس مما يجعل حكمها من هذه الناحية مشوبا بالقصور، لما كان ذلك، فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لكلا الطاعنين، وذلك لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كل من: 1 - .....، 2 - ..... (قضى ببراءتهما)، 3 - .....، 4 - ..... (طاعنان) فى قضية الجناية رقم.... بانهم: المتهم الأول: بصفته موظفا عاما أمين مخزن بشركة مصر للبترول اختلس حمولة السيارة رقم 24319 نقل القاهرة من فوارغ الزيت المبينة وصفا بالأوراق والبالغ قيمتها 945 جنيه و145 مليم "تسعمائة وخمسة واربعين جنيها ومائة واربعون مليما" والمسلمة اليه بسبب وظيفته حال كونه من الامناء على الودائع. 2 - بصفته سالفة الذكر ارتكب تزويرا فى محرر لاحدى الشركات المملوكة للدولة هو أمر التشغيل الخاص بالسيارة آنفة البيان المملوكة لشركة مصر للبترول وهو المختص بتحريره وذلك بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن اثبت به ما يفيد دخول حمولة السيارة من الفوارغ الى مخزنه على خلاف الحقيقة وذيله ببصمة خاتم الشركة.
3 - بصفته آنفة البيان اختلس ايضا فوارغ الزيت المبينة وصفا بالتحقيقات والبالغ قيمتها 1871.832 (الف وثمانمائة وواحد وسبعين جنيها وثمانمائة واثنين وثلاثين مليما) والمملوكة لشركة مصر للبترول والمسلمة اليه بسبب وظيفته حالة كونه من الامناء على الودائع. المتهم الثانى: بصفته موظفا عاما "مراقب بوابة بشركة مصر للبترول ارتكب تزويرا فى محرر لاحدى الشركات المملوكة للدولة حال تحريره المختص بوظيفته هو سجل دخول وخروج السيارات الى مخازن شركة مصر للبترول وذلك بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بان اثبت زورا بالسجل المتقدم ذكره دخول السيارة رقم 24319 نقل القاهرة محملة بفوارغ الزيت الى مخازن الشركة. المتهم الثالث: (الطاعن الأول) 1 - اشترك بطريقى الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثانى على ارتكاب تزوير فى محرر لاحدى الشركات المملوكة للدولة "سجل حركة وخروج السيارات الخاص بشركة مصر للبترول" بأن اتفق معه على اثبات دخول السيارة رقم 24319 نقل القاهرة المحملة بالفوارغ من الزيت من بوابة الشركة على خلاف الحقيقة وساعده بأن امده بأمر تشغيل السيارة سالفة الذكر لاثباتها بالسجل المذكور فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. 2 - اشترك بطريقى الاتفاق والمساعدة مع المتهم الاول فى ارتكاب تزوير فى محرر لاحدى الشركات المملوكة للدولة وهو امر تشغيل السيارة رقم 24319 نقل القاهرة الخاصة بشركة مصر للبترول بأن اتفق معه على التوقيع عليه بما يفيد استلامه لحمولة السيارة من فوارغ الزيت على خلاف الحقيقة وساعده بأن امده بأمر التشغيل فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. والمتهمون الثانى (المقضى ببراءته) والثالث والرابع (الطاعنان) اشتركوا بطريقى الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول على اختلاس حمولة السيارة رقم 24319 نقل القاهرة المبينة وصفا بالأوراق والبالغ قيمتها 945.145 (تسعمائة وخمسة واربعين جنيها ومائة وخمسة واربعين مليما) بأن اتفقوا معه على ذلك وساعده على النحو المبين بوصف المتهم ثانيا وبالنسبة له والمتهمين الثانى والثالث فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. واحالتهم لمحكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. ومحكمة جنايات..... قضت حضوريا فى.... عملا بالمواد 40/ 2 - 3، 112/ أ، ب، 118، 118 مكررا، 119/ ب، 119/ هـ مكررا، 213، 214 من قانون العقوبات. أولا: ببراءة كل من..... و..... مما اسند اليهما: بمعاقبة كل من.... و...... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبالزامهما متضامنين بأن يردا الى شركة مصر للبترول مبلغ 945.145 (تسعمائة وخمسة واربعين جنيها ومائة وخمسة واربعين مليما) وبتغريمهما متضامنين مثل هذا المبلغ ويعزل كل منهما من وظيفته وذلك عما اسند الى كل منهما.
فطعن المحكوم عليهما الثالث والرابع.... و.... فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث ان مما ينعاه الطاعن الثانى على الحكم المطعون فيه انه اذ دانه بجريمة الاختلاس التى ارتبطت بجريمتى تزوير فى محررين لاحدى الشركات المملوكة للدولة قد انطوى على اخلال بحق الدفاع وشابه القصور فى التسبيب، ذلك بأن قدم الى المحاكمة بوصف انه اشترك مع آخر - قضى ببراءته - فى جريمة الاختلاس، الا ان المحكمة انتهت فى حكمها الى انه فاعل أصلى لهذه الجريمة التى ارتبطت بجريمتى تزوير فى محررين لاحدى الشركات المملوكة للدولة، دون ان تلتفت نظر الدفاع الى هذا التعديل، كما لم يستظهر الحكم الركنين المادى والمعنوى للجريمة التى دان الطاعن بها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث ان الدعوى الجنائية اقيمت على الطاعن الثانى بوصفه انه: "اشترك وآخران بطريقى الاتفاق والمساعدة مع متهم آخر - قضى ببراءته - فى اختلاس حمولة السيارة رقم 24319 نقل القاهرة المبينة وصفا بالأوراق والبالغة قيمتها 945.145 جنيها بأن اتفقوا معه على ذلك وساعدوه على النحو المبين بوصف التهم ثانيا وبالنسبة له والمتهمين الثانى والثالث فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة" وطلبت النيابة العامة عقابه بالمواد 40/ 2، 3، 112/ أ، ب، 118 مكرر، 115/ ب، 119/ هـ مكرر، 213، 214 من قانون العقوبات، ومحكمة أمن الدولة العليا... بعد ان سمعت الدعوى انتهت بحكمها المطعون فيه الى ادانة الطاعن بوصف انه "بصفته موظفا عاما - سائق بشركة مصر للبترول، احدى وحدات القطاع العام - اختلس حمولة السيارة رقم 24319 نقل من الفوارغ والبالغة قيمتها 945.145 والمسلمة اليه بسبب وظيفته حالة كونه من الامناء على الودائع، وقد ارتبطت هذه الجريمة بالجرائم الثلاث المسندة للمتهم الأول - الطاعن الأول - ارتباطا لا يقبل التجزئة على النحو المبين بالأوراق" وان عقابه والطاعن الأول ينطبق على نص المواد 40/ 3، 41، 112/ أ، ب، 118، 118/ ب، 119 مكرراً هـ، 213 من قانون العقوبات وقد بين الحكم المطعون فيه دفاع الطاعنين بقوله انهما "قد انكرا بتحقيقات النيابة ما أسند اليهما وبالجلسة اصرا على انكارهما وتناول الدفاع الحاضر معهما ظروف الدعوى وملابساتها على النحو الوارد بمحضر الجلسة وانتهى الى طلب القضاء ببراءتهما تأسيسا على عدم توافر الدليل قبل كل منهما على ارتكابه للجرم المؤثم قانونا" وخلص من مناقشة الدفاع والرد عليه الى "ان المتهم.... - الطاعن الأول - الذى لا صلة له ولا لعمله بالبوابة الخلفية قطعت الأدلة التى ساقتها النيابة العامة مستخلصة من اقوال الشهود بتقديمه الأوراق الخاصة بالسيارة رقم 24319 نقل الى كل من...... وطلبه منه اثبات دخول السيارة بحمولتها من الفوارغ الى داخل الشركة على خلاف الحقيقة بان أوهمه بأنها بالبوابة الرئيسية وفى طريقها الى البوابة الخلفية على غير الحقيقة وحمله تلك الأوراق وتقديمها الى.... أمين المخزن وطلب منه اثبات دخول السيارة المخازن والتوقيع على الأوراق بما يفيد ذلك بعد ان انهى اليه انه بأجازة وان.... غير موجود وهو فى عجلة من أمره للخروج لاسعاف والده المريض بما يقطع باشتراكه فى التزوير بطريق المساعدة مع موظفين حسنى النية هما.... و..... فى اوراق الشركة - احدى وحدات القطاع العام - مما يقطع بطريق اللزوم العقلى الى ارتكابه النتيجة المرتبة على ذلك وهى اشتراكه فى اختلاس حمولة السيارة مع السائق.... - الطاعن الثانى - ذلك الذى ارتبط بالتزوير ارتباطا لا يقبل التجزئة، ثم استطرد الى: ان المحكمة تطمئن باقتناع الى ان تلك الادلة التى اخذت بها المتهم هى ذات الادلة الموصلة بطريق اللزوم الحتمى الى ارتكاب المتهم.... سائق السيارة النقل رقم 24139 لجريمة الاختلاس علاوة على انه هو المعهود اليه بتلك الأوراق وبحمولة السيارة، واضاف الحكم ان ما ساقه مما سلف يقطع باختلاس السائق - الطاعن الثانى - للحمولة التى قدرت قيمتها بمبلغ 945.145 بمساعدة...... ذلك الاختلاس الذى ارتبط بالتزوير فى اوراق ومستندات الشركة ارتباطا لا يقبل التجزئة. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة ان مرافعة الدفاع عن الطاعن الثانى دارت حول الوصف الذى اقيمت به الدعوى الجنائية دون ان تعدل المحكمة وصف التهمة فى مواجهته أو تلفت نظر الدفاع كى يعد دفاعه على أساسه، مما يعيب اجراءات المحاكمة بما يبطلها - ذلك بانه اذا كان الأصل ان المحكمة غير مقيدة بالوصف الذى تسبغه النيابة العامة على الواقعة كما وردت بأمر الاحالة أو التكليف بالحضور وان من واجبها ان تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقا للقانون، لأن وصف النيابة ليس نهائيا بطبيعته ليس من شانه ان يمنع المحكمة من تعديله متى رأت ان ترد الواقعة بعد تمحيصها الى الوصف الذى ترى هى انه الوصف القانونى السليم - الا انه اذا تعدى الامر مجرد تعديل الوصف الى تغيير التهمة ذاتها بتحوير كيان الواقعة المادية التى اقيمت بها الدعوى وتبيانها القانونى نتيجة ادخال عناصر جديدة تضاف الى تلك التى اقيمت بها الدعوى - وتكون قد شملتها التحقيقات كتعديل التهمة من شريك فى جريمة اختلاس الى فاعل اصلى لها - فان هذا التغيير يقتضى من المحكمة تنبيه المتهم اليه ومنحه اجلا لتحضير دفاعه ان طلب ذلك عملا بالمادة 308 من قانون الاجراءات الجنائية، اما وهى لم تفعل فانها تكون قد اخلت بحق الدفاع ويكون حكمها معيبا ببطلان الاجراءات، هذا الى انه لما كانت المحكمة اذ دانت الطاعن الثانى بصفته فاعلا اصليا فى جريمة الاختلاس لم تبين الأعمال المادية التى اتاها وحملتها على اخذه بهذه الصفة، كما لم تبين دوره فى الجرائم التى آخذت عنها الطاعن الأول والتى اعتبرتها مرتبطة بجريمة الاختلاس ارتباطا لا يقبل التجزئة، ولم تستظهر طرق اشتراكه فى هذه الجرائم، كما لم تستظهر القصد الجنائى فى جريمة الاختلاس مما يجعل حكمها من هذه الناحية مشوبا بالقصور، لما كان ذلك، فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لكلا الطاعنين، وذلك لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وحسن سير العدالة وبغير حاجة لبحث باقى ما اثاره الطاعنان فى طعنهما.