أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 601

جلسة 2 من مايو سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: احمد ابو زيد ومصطفى طاهر وحسن عميره وصلاح البرجى.

(106)
الطعن رقم 5925 لسنة 54 القضائية

(1) إثبات "إعتراف". بطلان. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الاعتراف الذى يعول عليه يجب ان يكون اختيارياً. لا يعتبر كذلك ولو كان صادقا إذا صدر أثر ضغط أو أكراه كائنا ما كان قدره.
الدفع ببطلان اعتراف لصدوره تحت تأثير الاكراه. دفع جوهرى. على المحكمة مناقشته والرد عليه ما دامت قد عولت عليه فى قضائها بالادانة.
(2) اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
تساند الأدلة فى المواد الجنائية. تكوين عقيدة القاضى منها مجتمعه. سقوط أحدها أو استبعاده تعذر التعرف على مبلغ أثر الدليل الباطل فى الرأى الذى أنتهت إليه المحكمة.
(3) موانع العقاب. مسئولية جنائية. قصد جنائى "القصد العام". قتل عمد. قانون "تفسيره".
الغيبوبه المانعة من المسئولية. ماهيتها؟
تناول المواد المخدرة أو المسكرة اختيارياً أو عن علم بحقيقه أمرها. لا يؤثر فى توافر القصد الجنائى العام.
(4) قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الحكم بالإدانه فى جريمة قتل عمد. أغفال التدليل على نية القتل واخذ المسكر مشجعاً على تنفيذ نيته قصور بعيب الحكم. ولو كانت العقوبة المقضى بها تدخل فى نطاق عقوبة الضرب المفضى إلى الموت مع سبق الاصرار. ما دام توقيع العقوبة أساسه ثبوت جريمة القتل العمد.
1 - الاصل فى الاعتراف الذى يعول عليه أن يكون اختياريا وهو لا يعتبر كذلك ولو كان صادقا اذا صدر اثر ضغط او اكراه كائنا ما كان قدره، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الاكراه هو دفع جوهرى يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه ما دام الحكم قد عول فى قضائه بالادانه على هذا الاعتراف.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عول فى ادانه الطاعنين على اعتراف الطاعن الاول بغير أن يرد على هذا الدفاع الجوهرى ويقول كلمته فيه فأنه يكون معيبا بالقصور فى التسبيب، ولا يغنى عن ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى ذلك بأن الادلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى بحيث اذا سقط احدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الاثر الذى كان للدليل الباطل فى الرأى الذى انتهت اليه المحكمة.
3 - الاصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 63 من قانون العقوبات هى التى تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجانى قهرا عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها وأن مفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التى تقع منه وهو تحت تأثيرها، فالقانون فى هذه الحالة يجرى عليه حكم المدرك التام الادراك مما ينبنى عليه توافر القصد الجنائى لديه فى الجرائم ذات القصد العام.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد اثبت على لسان الطاعنين واحد الشهود أن الطاعنين والمجنى عليه احتسوا بعض المشروبات الروحية "بيرة وكينا" وقت ارتكاب الجريمة دون ان يبين ماهية حالة السكر التى أثارها الطاعنان ودرجة السكر - ان كان - ومبلغ تاثيره فى ادراك الطاعنين وشعورهما مع أنه غير قائم - سواء فى بيانه لواقعة الدعوى او فى حديثه عن نية القتل وظرف سبق الاصرار الذى جمع بينهما فى بيان واحد - على أن الطاعنين ارتكبا القتل ثم تناولا المسكر للعمل على فقدان الشعور وقت القتل فأنه يكون قاصر البيان، ولا يقدح فى هذا ان تكون العقوبة المقضى بها على الطاعنين وهى الاشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة تدخل فى نطاق عقابه الضرب المفضى الى الموت مع سبق الاصرار ذلك بأن الواضح من مدونات الحكم أنه أوقع تلك العقوبة على أساس ثبوت مقارفه الطاعنين جريمة القتل العمد مع سبق الاصرار ونزل بالعقوبة الى هذا القدر لاعتبارات الرأفة التى ارتأها فوصل بذلك الى الحد الاقصى لعقوبة الضرب المفضى الى الموت مع سبق الاصرار المبينة بالمادة 236 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بانهما: قتلا..... عمدا مع سبق الاصرار بأن بيتا النية على قتله وأعدا لذلك آداة شاكوشا واصطحباه الى مكان مظلم وخال من المارة وانهالا عليه ضربا بتلك الاداة قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت - بحياته، واحالتهما الى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. ومحكمة جنايات.... قضت حضوريا عملا بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات مع اعمال المادة 17 من هذا القانون بمعاقبتهما بالاشغال الشاقة لمدة خمس عشر سنة. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض...... الخ.


المحكمة

وحيث ان مما ينعاه الطاعن الاول على الحكم المطعون فيه انه اذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الاصرار قد شابه القصور فى التسبيب ذلك بأن الطاعن تمسك لدى محكمة الموضوع بأن الاعتراف المعزو اليه قد صدر وليد اكراه وقع عليه من ضابط الشرطة الا ان الحكم أخذ بهذا الاعتراف وعول عليه فى ادانته بغير أن يعنى بمناقشة هذا الدفاع الجوهرى او الرد عليه، كما دفع الطاعن بأنه كان فى حالة سكر أفقده الشعور والادراك ومع ان الحكم سلم بأنه احتسى الخمر الا أنه لم يبحث مدى أثر تناول المسكر على شعوره وادراكه لأنه ينبنى على فقدانه شعوره - حتى فى حالة السكر الاختيارى - انتفاء نية القتل لديه التى لا يفترض قيامها فى حقه تحت تأثير هذه الحالة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث انه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الاول أنكر التهمة وتمسك بأن الاعتراف المعزو اليه كان وليد ضغط وتهديد من الضابط الذى قام بضبط الواقعة، ويبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند فى ادانة الطاعنين - ضمن ما استند اليه - الى اعتراف الطاعن الاول على نفسه وعلى الطاعن الثانى ولم يعرض الحكم المطعون فيه الى ما أثير بشأن ما شاب الاعتراف المذكور أو يرد عليه. لما كان ذلك وكان الاصل فى الاعتراف الذى يعول عليه ان يكون اختياريا وهو لا يعتبر كذلك ولو كان صادقا اذا صدر اثر ضغط او اكراه كائنا ما كان قدره، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف لصدوره تحت تأثير الاكراه هو دفع جوهرى يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه ما دام الحكم قد عول فى قضائه بالادانة على هذا الاعتراف. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عول فى ادانة الطاعنين على اعتراف الطاعن الاول بغير أن يرد على هذا الدفاع الجوهرى ويقول كلمته فيه فأنه يكون معيبا بالقصور فى التسبيب، ولا يغنى عن ذلك ما أوردته المحكمة من أدلة أخرى ذلك بأن الادلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى بحيث اذا سقط احدها او استبعد تعذر التعرف على مبلغ الاثر الذى كان للدليل الباطل فى الراى الذى أنتهت اليه المحكمة. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع على الطاعن الاول أثار فى دفاعه أن الطاعنين كانا فى حالة سكر بين فلا يفترض فى حقهما توافر نية القتل، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين بجريمة القتل العمد مع سبق الاصرار دون أن يعرض الى هذا الدفاع أو يرد عليه. لما كان ذلك، وكان الاصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هى التى تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجانى قهرا عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها وأن مفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختارا وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولا عن الجرائم التى تقع منه وهو تحت تأثيرها، فالقانون فى هذه الحالة يجرى عليه حكم المدرك التام الادراك مما ينبنى عليه توافر القصد الجنائى لديه فى الجرائم ذات القصد العام ولا محل للتسوية بين هذه الجرائم وتلك التى يتطلب القانون فيها قصدا جنائيا خاصا ذلك لأن الشارع لا يكتفى فى ثبوت هذا القصد بالاخذ باعتبارات وافتراضات قانونية بل يجب التحقق من قيامه من الادلة المستمدة من حقيقة الواقع وهذا ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة فى تفسيرها للمادة 62 من قانون العقوبات وهو المعول عليه فى القانون الهندى الذى أخذت منه المادة المذكورة ومن ثم فأن نية القتل لا تتحقق عند من يكون فاقد الشعور ما دامت جريمة القتل العمد تتطلب لتوافر اركانها قصدا خاصا لا يصح افتراضه ولا أن يقال بتوافره الا عند من يثبت أنه قد انتوى القتل ثم أخذ المسكر مشجعا له على تنفيذ نيته. ولما كان الحكم المطعون فيه قد اثبت على لسان الطاعنين وأحد الشهود أن الطاعنين والمجنى عليه احتسوا بعض المشروبات الروحية "بيرة وكينا" وقت ارتكاب الجريمة دون أن يبين ماهية حالة السكر التى أثارها الطاعنان ودرجة السكر - ان كان - ومبلغ تأثيره فى ادراك الطاعنين وشعورهما مع أنه غير قائم - سواء فى بيانه لواقعة الدعوى أو فى حديثه عن نية القتل وظرف سبق الاصرار الذى جمع بينهما فى بيان واحد - على الطاعنين أنتوا القتل ثم تناولا المسكر للعمل على فقدان الشعور وقت القتل فأنه يكون قاصر البيان، ولا يقدح فى هذا أن تكون العقوبة المقضى بها على الطاعنين وهى الاشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة تدخل فى نطاق عقوبة الضرب المفضى الى الموت مع سبق الاصرار ذلك بأن الواضح من مدونات الحكم أنه أوقع تلك العقوبة على أساس ثبوت مقارفة الطاعنين جريمة القتل العمد مع سبق الاصرار ونزل بالعقوبة الى هذا القدر لاعتبارات الرأفة التى ارتأها فوصل بذلك إلى الحد الاقصى لعقوبة الضرب المفضى الى الموت مع سبق الاصرار المبينة بالمادة 236 من قانون العقوبات. لما كان ما تقدم، فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والاحالة بالنسبة على الطاعن الاول وكذلك بالنسبة على الطاعن الثانى لاتصال وجهى الطعن به وذلك بغير حاجة على بحث سائر ما يثيره الطاعن الاول فى أوجه طعنه أو بحث أوجه الطعن المقدم من الطاعن الثانى.