أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 654

جلسة 14 من مايو سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ فوزى احمد المملوك نائب رئيس المحكمة وعضوية السيد المستشار/ عبد الرحيم نافع نائب رئيس المحكمة والسادة المستشارين: حسن غلاب ومحمد احمد حسن والصاوى يوسف.

(116)
الطعن رقم 623 لسنة 55 القضائية

(1) دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". حجية الاحكام.
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. شرط اثارته لأول مرة أمام محكمة النقض؟
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من اثبات دفاع الخصم كاملا. اساس ذلك؟
(3) دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع الذى تلتزم المحكمة بمواجهته والرد عليه فى حكمها؟
طلب التأجيل عبارة مرسلة مجهلة لا تفيد الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها. مثال.
(4) دعوى جنائية "انقضاؤها". اثبات "قرائن". قوة الشىء المحكوم فيه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مناط حجية الأحكام؟
(5) جريمة "اركانها". علاقة السببية. محكمة الموضوع "سلطتها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
علاقة السببية فى المواد الجنائية؟ الفصل فيها موضوعى.
(6) وصف التهمة. ضرب "افضى الى موت. نيابة عامة. محكمة الموضوع "سلطتها فى تغيير وصف التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الأصل ان المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة.
تعديل المحكمة وصف التهمة باستبعاد نية القتل دون اسناد وقائع مادية أو عناصر جديدة لا يستلزم تنبيه الدفاع. مفاد ذلك.
1 - الدفاع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وان كان متعلقا بالنظام العام إلا ان إثارته لأول مرة امام محكمة النقض مشروطة بأن تحمل مدونات الحكم مقومات صحته.
2 - من المقرر انه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من اثبات دفاع الخصم كاملا، اذ عليه إن كان يهمه تدوينه ان يطلب صراحة اثباته بالمحضر.
3 - ان الدفع الذى تلتزم المحكمة بمواجهته والرد عليه فى حكمها هو الذى يبدى فى عبارة صريحة تشتمل على المراد منه. لما كان المدافع عن الطاعن اقتصر على القول بان "الواقعة بها اثنين متهمين وان شقيق المتهم اخذ براءة ولم يطعن عليه من النيابة وينعكس الحكم. على شقيقه (الطاعن) وطلب التأجيل" وهى عبارة مرسلة مجهلة لا تفيد الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها.
4 - من المقرر ان مناط حجية الاحكام هو وحدة الخصوم والموضوع والسبب، فلا يكفى سبق صدور حكم جنائى نهائى فى محاكمة معينة، بل يتعين ان يكون بين هذه المحكمة والمحاكمة التالية اتحاد فى الموضوع وفى السبب وفى اشخاص المتهمين، وكان الطاعن يذهب فى أسباب طعنه الى ان الحكم السابق صدوره لم يتناول الطاعن وانما صدر ببراءة شقيقه، فان كان ما يثيره فى شأن خطأ الحكم فى تطبيق القانون بعدم إعماله مقتضى المادتين 454 و455 من قانون الاجراءات الجنائية وقصوره فى التسبيب والفساد فى هذا الخصوص يكون غير سديد.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد اثبت فى حق الطاعن انه اعتدى على المجنى عليه بمطواة فأحدث به الاصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية الذى أورد مضمونه، والتى أودت بحياته، وكانت علاقة السببية فى المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذى اقترفه الجانى وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه ان يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله اذا ما أتاه عمدا، وإذ كان قيام رابطة السببية بين الاصابات والوفاة فى جريمة الضرب المفضى الى الموت من الامور الموضوعية التى تخضع لتقدير محكمة الموضوع، ومتى فصلت فى شأنها - اثباتا أو نفيا - فلا رقابة لمحكمة النقض عليها، ما دامت قد اقامت قضاءها فى ذلك على أسباب تؤدى الى ما انتهت اليه - كما هى الحال فى الطعن الماثل - فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير قويم، ولا يقدح فى ذلك ما يثيره من تعدد الأدوات المستخدمة فى إحدى إصابات المجنى عليه وذلك لما هو مقرر من انه يكفى لمساءلة الطاعن كفاعل أصلى ان يثبت الحكم ان الاعتداء الذى وقع منه على المجنى عليه قد ساهم فى إحداث الوفاة.
6 - الأصل ان المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند الى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه ان يمنع المحكمة من تعديله متى رأت ان ترد الواقعة بعد تمحيصها الى الوصف القانونى السليم الذى ترى انطباقه على الواقعة، واذ كانت الواقعة المبينة بأمر الاحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة هى بذاتها تلك التى اتخذها الحكم اساسا للوصف الجديد الذى دان الطاعن به، وكان مرد التعديل - على ما افصح عنه الحكم - هو استبعاد نية القتل، دون أن يتضمن اسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة، فان الوصف المعدل الذى نزلت اليه المحكمة حين اعتبرت الطاعن مرتكبا جريمة الضرب المفضى الى الموت، لم يكن يقتضى من المحكمة تنبيه الطاعن أو المدافع عنه ما دام قد اقتصر على استبعاد احد عناصر الجريمة التى رفعت بها الدعوى، ومن ثم فان دعوى البطلان فى الاجراءات والاخلال بحق الدفاع لا يكون لها محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر سبق محاكمته بأنهما قتلا.... عمدا بأن قام الآخر بشل حركته والاعتداء عليه ضربا بعصا بينما انهال عليه الطاعن طعنا بآلة حادة (مطوه قرن غزال) قاصدين قتله فأحدثا به الاصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعى والتى أودت بحياته. وطلبت معاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. وادعى.... و..... و.... شقيقى المجنى عليه.... ووالدته بصفتهم مدعين بالحق المدنى قبل المتهمين بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمادة 136/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن أولا: بالسجن لمدة خمس سنوات والزمته المصروفات الجنائية باعتبار أن الواقعة ضرب افضى الى الموت. ثانيا: فى الدعوى المدنية بالزامه بأن يدفع للمدعين بالحق المدنى مبلغ مائة وواحد جنيها على سبيل التعويض المؤقت والزمته مصروفات الدعوى المدنية ومبلغ عشرين جنيها مقابل اتعاب المحاماه.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه انه اذ دانه بجريمة الضرب الذى افضى الى الموت فقد اخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور فى التسبيب والبطلان فى الاجراءات والاخلال بحق الدفاع، ذلك بأن النيابة العامة كانت قد وصفت الواقعة بأنها قتل عمد وقدمت الطاعن وشقيقه للمحاكمة وقضى ببراءة الأخير بما يترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية وعدم جواز العودة اليها عملا بالمادتين 454 و455 من قانون الاجراءات الجنائية، وقد تمسك المدافع عن الطاعن بذلك بجلسة 17/ 9/ 1984 وعاود التمسك به بجلسة المحاكمة الأخيرة غير ان دفعه لم يثبت بمحضرها، ودانه الحكم دون إعمال مقتضى المادتين سالفتى الذكر أو التعرض لهذا الأمر المتعلق بالنظام العام أو الرد على دفاعه فى شأنه. كما ان الحكم لم يبين رابطة السببية بين فعل الطاعن ووفاة المجنى عليه خاصة مع ما ورد بالتقرير الطبى من تعدد الأدوات المستخدمة فى الجريمة. وقد غيرت المحاكمة وصف التهمة من القتل العمد الى الضرب المفضى الى الموت دون تنبيه الطاعن لهذا التعديل. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها ان تؤدى الى ما رتبه عليها ولم يجادل الطاعن فى أن لها معينها الصحيح فى الأوراق. لما كان ذلك، وكان الدفاع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وان كان متعلقا بالنظام العام إلا ان اثارته لأول مرة أمام محكمة النقض مشروطة بأن تحمل مدونات الحكم مقومات صحته، وكان من المقرر انه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملا، اذ عليه ان كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة اثباته بالمحضر، وان الدفع الذى تلتزم المحكمة بمواجهته والرد عليه فى حكمها هو الذى يبدى فى عبارة صريحة تشتمل على المراد منه. لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة 17 سبتمبر سنة 1984 ان المدافع عن الطاعن اقتصر على القول بان "الواقعة بها اثنين متهمين وان شقيق المتهم اخذ براءة ولم يطعن عليه من النيابة وينعكس الحكم. على شقيقه (الطاعن) وطلب التأجيل" وهى عبارة مرسلة مجهلة لا تفيد الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، وكانت باقى محاضر الجلسات قد خلت من تمسك الطاعن بهذا الدفع، كما ان مدونات الحكم لا ترشح لقيامه. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان مناط حجية الاحكام هو وحدة الخصوم والموضوع والسبب، فلا يكفى سبق صدور حكم جنائى نهائى فى محاكمة معينة، بل يتعين ان يكون بين هذه المحاكمة والمحاكمة التالية اتحاد فى الموضوع وفى السبب وفى اشخاص المتهمين، وكان الطاعن يذهب فى اسباب طعنه الى انه الحكم السابق صدوره لم يتناول الطاعن وانما صدر ببراءة شقيقه، فان كان ما يثيره فى شأن خطأ الحكم فى تطبيق القانون بعدم إعماله مقتضى المادتين 454 و455 من قانون الاجراءات الجنائية وقصوره فى التسبيب والفساد فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اثبت فى حق الطاعن انه اعتدى على المجنى عليه بمطواة فأحدث به الاصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية الذى أورد مضمونه، والتى أودت بحياته، وكانت علاقة السببية فى المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذى اقترفه الجانى وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه ان يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله اذا ما آتاه عمدا، واذ كان قيام رابطة السببية بين الاصابات والوفاة فى جريمة الضرب المفضى الى الموت من الامور الموضوعية التى تخضع لتقدير محكمة الموضوع، ومتى فصلت فى شأنها - اثباتا أو نفيا - فلا رقابة لمحكمة النقض عليها، ما دامت قد اقامت قضاءها فى ذلك على أسباب تؤدى الى ما انتهت اليه - كما هى الحال فى الطعن الماثل - فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير قويم، ولا يقدح فى ذلك ما يثيره من تعدد الأدوات المستخدمة فى إحدى إصابات المجنى عليه وذلك لما هو مقرر من انه يكفى لمساءلة الطاعن كفاعل اصلى ان يثبت الحكم ان الاعتداء الذى وقع منه على المجنى عليه قد ساهم فى إحداث الوفاة. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه ان الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن وآخر سبقت محاكمته بتهمة القتل العمد، فعدلت المحكمة وصف التهمة الى الضرب المفضى الى الموت، وكان الأصل ان المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند الى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه ان يمنع المحكمة من تعديله متى رأت ان ترد الواقعة بعد تمحيصها الى الوصف القانونى السليم الذى ترى انطباقه على الواقعة، واذا كانت الواقعة المبينة بأمر الاحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة هى بذاتها تلك التى اتخذها الحكم أساسا للوصف الجديد الذى دان الطاعن به، وكان مرد التعديل - على ما أفصح عنه الحكم - هو استبعاد نية القتل، دون أن يتضمن اسناد واقعة مادية أو عناصر جديدة، فإن الوصف المعدل الذى نزلت اليه المحكمة حين اعتبرت الطاعن مرتكبا جريمة الضرب المفضى الى الموت، لم يكن يقتضى من المحكمة تنبيه الطاعن أو المدافع عنه ما دام قد أقتصر على استبعاد أحد عناصر الجريمة التى رفعت بها الدعوى، ومن ثم فان دعوى البطلان فى الاجراءات والاخلال بحق الدفاع لا يكون لها محل. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه.