أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 662

جلسة 15 من مايو سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ابراهيم حسن رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسى نواب رئيس المحكمة وسرى صيام.

(118)
الطعن رقم 893 لسنة 55 القضائية

(1) ضرب "ضرب احدث عاهة". محاماه. وكالة. دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". اجراءات "اجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الجنايات "الاجراءات امامها". نقض "اسباب الطعن. ما يقبل منها".
ما يقرره الوكيل بحضور موكله. بمثابة ما يقرره الموكل. ما لم ينفه بنفسه بالجلسة. أساس ذلك؟.
الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
الدفاع وان تعدد المدافعون وحدة لا تتجزأ. ما لم يكن الدفاع مقسما بينهم.
عدم تمسك الطاعن بأن الدفاع انقسم على وكيليه. اعراض المحكمة عن طلب تمسك به أحد المدافعين عنه ونزل عنه المدافع الآخر. لا اخلال بحق الدفاع. مثال:
(2) اثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام محكمة الموضوع بطلب استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته. ما دام ان الواقعة قد وضحت لديها أو ان المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى.
(3) اثبات "بوجه عام". رابطة السببية. نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب "احدث عاهة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
رابطة السببية. استقلال قاضى الموضوع بتقدير توافرها. مثال لتسبيب سائغ لتوافر رابطة السببية فى جريمة ضرب أحدث عاهة.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "خبرة". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع ان تجزم بما لا يجزم به الخبير. حد ذلك؟
(5) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بارتكاب آخر الجريمة. موضوعى. عدم التزام المحكمة بالرد عليه استقلالا. اكتفاء بأدلة الاثبات القائمة بالدعوى.
1 - من المقرر ان كل ما يقرره الوكيل بحضور موكله - وعلى ما يقضى به نص المادة 79 من قانون المرافعات - يكون بمثابة ما يقرره الموكل نفسه، الا إذا نفاه أثناء نظر القضية فى الجلسة، وكان الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع باجابته أو الرد عليه، هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والاصرار عليه فى طلباته الختامية، وكان الدفاع - وان تعدد المدافعون - وحدة لا تتجزأ، لأن كل مدافع انما ينطق بلسان موكله، ما لم يكن الدفاع مقسما بينهم. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يشر فى أسباب طعنه الى ان الدفاع انقسم على وكيليه اللذين لم يشيرا بدورهما الى شىء من ذلك فى مرافعتهما، فان ما يثيره الطاعن من قالة اخلال المحكمة بحقه فى الدفاع لاعراضها عن طلب تمسك به أحد المدافعين عنه ثم نزل عنه - من بعد - المدافع الآخر يكون غير سديد.
2 - ان محكمة الموضوع لا تلتزم باستدعاء الطبيب الذى وضع التقرير أو كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته، ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هى من جانبها حاجة الى اتخاذ هذا الاجراء، أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى، وما دام ان استنادها الى الرأى الذى انتهى اليه الخبير، هو استناد سليم لا يجافى المنطق والقانون.
3 - من المقرر ان اثبات علاقة السببية فى المواد الجنائية، مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضى الموضوع، فلا تجوز المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض، ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدى الى ما انتهى اليه، وكان ما اثبته الحكم - على ما سلف بيانه - من ان الطاعن ضرب المجنى عليها بيده فأحدث بها الاصابة الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف عنها فقد العين اليسرى ابصارها، يوفر فى حق الطاعن ارتكابه فعلا عمديا ارتبط بتخلف العاهة تلك، ارتباط السبب بالمسبب لأنه لولا الضرب باليد لما حدثت تلك الاصابة فان ما يثيره الطاعن فى هذا المنحى يكون غير سديد.
4 - الأصل ان لمحكمة الموضوع ان تجزم بما لم يجزم به الخبير فى تقريره، متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
5 - لما كان ما يثيره الطاعن من احتمال ان تكون العاهة المستديمة من فعل شخص غيره - وبغرض أنه اثار ذلك أمام محكمة الموضوع - مردودا بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى وتقدير الادلة فيها، مما تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه استقلالا، اكتفاء بأخذها بأدلة الاثبات القائمة فى الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بانه ضرب عمدا.... بيده على عينها فأحدث بها الاصابة الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف لديها من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد ابصارها العين اليسرى بما يقدر بنحو 35% وطلبت احالته الى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة والزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدنى مبلغ 251 جنيها على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، انه اذ دانه بجريمة ضرب نشأت عنه عاهة مستديمة والزمه بالتعويض، قد شابه القصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة لم تستجب الى طلب الدفاع مناقشة الطبيب الشرعى أو كبير الأطباء الشرعيين فيما اذا كان من الممكن ان ينشأ عما أسند اليه من ضرب. احداث ثقب فى ما قولة العين، وأغفلت الرد على دفاعه بانعدام علاقة السببية بين الاصابة المنسوب اليه احداثها وفقد العين اليسرى للمجنى عليها ابصارها، وهو ما لم يقطع به التقرير الطبى الشرعى، واحتمال ان تكون العاهة من فعل آخر، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة احداث العاهة المستديمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة تؤدى الى ما رتبه عليها. مستمدة مما شهدت به المجنى عليها من ان الطاعن ضربها بيده ضربتين على عينها اليسرى فأحدث بها الاصابة التى نشأت عنها العاهة، وما ثبت من التقرير الطبى الشرعى من ان اصابة العين السيرى للمجنى عليها، تحدث من جسم صلب راض، وقد يكون كتصوير المجنى عليها للحادث، وفى تاريخ قد يتفق وتاريخ اصابتها، وقد حدث لها ثقب بالماقولة مع تحلل فى انسجتها، مما نسب عنه فقد ابصار هذه العين، ولا جدوى من علاجها، وقد تحدث الاصابة من مثل اللكم، وان فقد ابصار العين يعتبر عاهة مستديمة تقدر بحوالى خمسة وثلاثين فى المائة. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أول من ترافع عن الطاعن اختتم مرافعته طالبا أصليا البراءة واحتياطيا اعلان الطبيب محرر التقرير أو مناقشة كبير الأطباء الشرعيين فيما اذا كان من الممكن ان يحدث ثقب الماقولة من عدمه، ثم تلاه محام ثان ترافع فى الدعوى، وانتهى الى طلب البراءة ورفض الدعوى المدنية، دون اعتراض من الطاعن ولا تعقيب ممن طلب مناقشة الطبيب واضع التقرير الطبى أو كبير الأطباء الشرعيين، وكان كل ما يقرره الوكيل بحضور موكله - وعلى ما يقضى به نص المادة 79 من قانون المرافعات - يكون بمثابة ما يقرره الموكل نفسه، الا اذا نفاه اثناء نظر القضية فى الجلسة، وكان الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع باجابته أو الرد عليه، هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والاصرار عليه فى طلباته الختامية، وكان الدفاع - وان تعدد المدافعون - وحدة لا تتجزأ، لأن كل مدافع انما ينطق بلسان موكله، ما لم يكن الدفاع مقسما بينهم. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يشر فى اسباب طعنه الى ان الدفاع انقسم على وكيليه اللذين لم يشيرا بدورهما الى شىء من ذلك فى مرافعتهما، فان ما يثيره الطاعن من قالة اخلال المحكمة بحقه فى الدفاع لاعراضها عن طلب تمسك به أحد المدافعين عنه ثم نزل عنه - من بعد - المدافع الآخر يكون غير سديد هذا فضلا عن ان محكمة الموضوع لا تلتزم باستدعاء الطبيب الذى وضع التقرير أو كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته، ما دام ان الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هى من جانبها حاجة الى اتخاذ هذا الاجراء، أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى، وما دام ان استنادها الى الرأى الذى انتهى اليه الخبير، هو استناد سليم لا يجافى المنطق والقانون، واذ كان مفاد ما أورده الحكم ان الطاعن هو الذى احدث اصابة عين المجنى عليها دون ان يشترك أحد غيره فى ضربها، وان تلك الاصابة هى التى نشأت عنها العاهة المستديمة، فان ما أثبته الحكم من ذلك يكفى ويسوغ به ما انتهى اليه من مساءلة الطاعن عن جريمة احداث العاهة المستديمة واطراح دفاعه - على السياق المتقدم. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان اثبات علاقة السببية فى المواد الجنائية، مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضى الموضوع، فلا تجوز المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض، ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدى الى ما انتهى اليه، وكان ما أثبته الحكم - على ما سلف بيانه - من ان الطاعن ضرب المجنى عليها بيده فأحدث بها الاصابة الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف عنها فقد العين اليسرى ابصارها، يوفر فى حق الطاعن ارتكابه فعلا عمديا ارتبط بتخلف العاهة تلك، ارتباط السبب بالمسبب لأنه لولا الضرب باليد لما حدثت تلك الاصابة فان ما يثيره الطاعن فى هذا المنحى، يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من اعتماد الحكم على التقرير الطبى مع انه بنى على الترجيح لا القطع، مردودا بأن الأصل ان لمحكمة الموضوع ان تجزم بما لم يجزم به الخبير فى تقريره، متى كانت وقائع الدعوى قد ايدت ذلك عندها وأكدته لديها - كما هو واقع الحال فى الدعوى الماثلة - فان النعى على الحكم فى هذا الصدد يكون على غير سند لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من احتمال ان تكون العاهة المستديمة من فعل شخص غيره - وبفرض انه اثار ذلك أمام محكمة الموضوع - مردودا بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها، مما تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه استقلالا، اكتفاء بأخذها بأدلة الاثبات القائمة فى الدعوى، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا، مع الزام الطاعن المصاريف المدنية.