أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 682

جلسة 16 من مايو سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ الدكتور ابراهيم على صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور كمال انور نائب رئيس المحكمة، محمد نجيب صالح، عوض جادو ومحمد نبيل رياض.

(121)
الطعن رقم 7594 لسنة 54 القضائية

(1) تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة التزوير فى الأوراق الرسمية. صدورها فعلا من الموظف المختص بتحريرها. غير لازم لتحققها. إعطاء الورقة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها. كاف لتحقق الجريمة ولو نسب صدورها كذبا إلى موظف عام للايهام برسميتها.
جواز أن يكون المحرر عرفيا أول الأمر. ثم تحول إلى محرر رسمى بتداخل موظف مختص فيه.
العبرة بما يؤول اليه المحرر. لا بما كان عليه أول الأمر.
(2) تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مجرد تغيير الحقيقة فى المحرر الرسمى. بطريق الغش. بوسيلة مما نص عليه القانون. تتحقق به جريمة التزوير فى المحررات الرسمية.
(3) تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". اشتراك. اثبات "بوجه عام".
الاشتراك فى التزوير. لا يلزم التدليل عليه بأدلة مادية محسوسة. كفاية استخلاصه من ظروف الدعوى وملابساتها.
(4) تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائى.
أثبات الحكم المطعون فيه. استعمال الطاعن المحرر المزور. مع علمه بتزويره. اثارته انتفاء القصد الجنائى لديه. غير مقبول. مثال.
(5) دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". اثبات "اعتراف". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم دفع الطاعن ببطلان اعتراف متهم آخر عليه. أمام محكمة النقض. اثارة ذلك أمام النقض. غير مقبولة.
1 - من المقرر انه ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعا فى محرر رسمى ان يكون هذا المحرر قد صدر من موظف عمومى مختص بتحريرها، بل يكفى لتحقق الجريمة وهو الشأن فى حالة الاصطناع - ان تعطى الورقة المصطنعة شكل الاوراق الرسمية ومظهرها، ولو نسب صدورها كذبا الى موظف عام للايهام برسميتها ويكفى فى هذا المقام ان تحتوى الورقة على ما يفيد تدخل الموظف فى تحريرها بما يوهم انه هو الذى باشر اجراءاته فى حدود اختصاصاته فقد يكون المحرر عرفيا فى اول الامر ثم ينقلب الى محرر رسمى بعد ذلك اذا ما تداخل فيه موظف عمومى فى حدود وظيفته اذ فى هذه الحالة يعتبر التزوير واقعا فى محرر رسمى بمجرد ان يكتسب المحرر الصفة الرسمية بتدخل الموظف وتنسحب رسميته على ما سبق من الاجراءات، لان العبرة بما يؤول اليه المحرر لا بما كان عليه.
2 - إن مجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التى نص عليها القانون فى الاوراق الرسمية تتحقق معه جريمة التزوير بصرف النظر عن الباعث على ارتكابها متى كان المقصود به تغيير مضمون المحرر بحيث يخالف حقيقته النسبية كما صدرت من الموظف الرسمى المختص باصداره وبدون ان يتحقق ضرر خاص يلحق شخصا بعينه من وقوعها لان هذا التغيير نتج عنه حتما احتمال حصول ضرر بالمصلحة العامة اذ يترتب على العبث بالورقة الرسمية الغض مما لها من القيمة فى نظر الجمهور باعتبارها مما يجب بمقتضى القانون تصديقه والاخذ بما فيه.
3 - لما كان الاشتراك فى التزوير قد يتم دون مظاهر خارجية أو اعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم فانه يكفى ان تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وان يكون اعتقادها هذا سائغا تبرره الوقائع التى اثبتها الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - ومن ثم فان ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد اثبت فى حق الطاعن والمحكوم عليه الآخر استعمالهما المحرر المزور موضوع التهمة الاولى وهو الصورة التنفيذية لامر الاداء رقم 56 لسنة 1981 بان قدماه الى قلم محضرى محكمة شبين الكوم الكلية لاعلانه الى.... - مع علمهما بتزويره فان ما يثيره الطاعن فى شأن انتفاء القصد الجنائى الخاص لديه وهو نية استعمال المحرر المزور يكون فى غير محله.
5 - لما كان الطاعن لم يدفع ببطلان اعتراف المتهم الآخر عليه أمام محكمة الموضوع فان ما يثيره فى شأنه من اوجه الطعن وكذلك فى شأن باقى الادلة التى عولت عليها المحكمة فى قضائها ينحل الى جدل موضوعى فى تقدير المحكمة لادلة الدعوى ومصادرة لها فى عقيدتها مما لا تقبل اثارته لدى محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بانه وآخر اولا: وهما ليسا من ارباب الوظائف العمومية اشتركا وثالث مجهول بطريقى الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب تزوير فى محرر رسمى هو الصورة التنفيذية لامر الاداء رقم... لسنة بان اتفقا معه على اصطناعه وساعداه على ذلك بان امليا عليه بياناته فقام ذلك المجهول بتحرير هذه الصورة وذلك بتوقيعات نسبها زورا الى المختصين بقلم الصور بمحكمة شبين الكوم الكلية فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانيا: وهما ليسا من ارباب الوظائف العمومية اشتركا وثالث مجهول بطريقى الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب تزوير فى محرر رسمى هو طلب تقصير جلسة باسم المتظلم من التظلم رقم... لسنة.... مدنى كلى شبين الكوم بان اتفقا على اصطناعه وساعداه على ذلك بان قدما له بيانات طلب التقصير فقام ذلك المجهول بتحريره وكشط بيان الارفاق المزيلة بتوقيع السيد الاستاذ... رئيس المحكمة الذى عرض على سيادته هذا الطلب واضاف عبارة تقصر لجلسة.... ونسب صدورها زورا الى السيد رئيس المحكمة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثالثا: استعملا المحرر المزور موضوع التهمة الاولى بان قدماه الى قلم محضرى شبين الكوم لاعلانه لـ.... مع علمهما بتزويره. واحالتهما الى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بامر الاحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 40/ 2، 3، 41، 211، 212، 214 من قانون العقوبات مع اعمال المواد 32/ 2، 17، 55/ 1، 56/ 1 من القانون بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما اسند اليه وأمرت بايقاف تنفيذ العقوبة.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث ان مبنى الطعن هو ان الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجريمتى الاشتراك فى تزوير محررات رسمية واستعمالها قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال ذلك بانه اعتبر التزوير فى عريضة أمر الاداء تزويرا فى ورقة رسمية رغم انها لم تكن قد اعلنت فى الميعاد القانونى ولا كذلك الامر الصادر عليها ورغم انتفاء القصد الجنائى الخاص وهو نية استعمال المحرر فيما زور من اجله بدليل ان الصورة التنفيذية لامر الاداء لم تقدم الى قلم المحضرين للتنفيذ هذا الى ان الحكم دان الطاعن بالاشتراك فى التزوير رغم عدم وجود دليل ولم يشهد أحد بذلك، بل ان السند موضوع امر الاداء كان طرف محامى المتهم الاول وهو الموكل فى استصدار الامر ولا شأن الطاعن به، وعول الحكم فى ادانة الطاعن على اعتراف المتهم الآخر عليه والذى لم يتأيد باى دليلا فضلا عن ان هذا الاعتراف املى عليه وقد جاء تقرير قسم ابحاث التزييف والتزوير مؤكدا ان الطاعن لم يكتب اى من عبارات المستندات المزورة - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه انه اثبت فى حق الطاعن اشتراكه والمتهم الاخر مع مجهول فى تزوير محررين رسميين هما الصورة التنفيذية لامر الاداء رقم 56 لسنة 1981 وذلك بطريق الاصطناع، وطلب تقصير جلسة باسم المتظلم الصادر ضده هذا الامر وذلك فى التظلم رقم 560 لسنة 1982 مدنى كلى شبين الكوم بانه اتفقا مع مجهول على كشط عبارة "ارفاق" المنسوبة الى رئيس المحكمة الذى عرض عليه الطلب واضافة عبارة اخرى تفيد التقصير لجلسة 7/ 3/ 1982، واستعمال المحرر الأول بأن قدمه والمتهم الآخر الى قلم محضرى شبين الكوم لاعلانه الى الصادر ضده الامر مع علمه بتزويره، وخلص الحكم على اعتبار هذه الجرائم مرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة وانزل عليه عقوبة الجريمة الاشد - التزوير - اعمالا لحكم المادة 32 من قانون العقوبات. ولما كان من المقرر انه ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعا فى محرر رسمى ان يكون هذا المحرر قد صدر من موظف عمومى مختص بتحريرها، بل يكفى لتحقق الجريمة وهو الشأن فى حالة الاصطناع - ان تعطى الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها، ولو نسب صدورها كذبا الى موظف عام للايهام برسميتها ويكفى فى هذا المقام ان تحتوى الورقة على ما يفيد تدخل الموظف فى تحريرها بما يوهم انه هو الذى باشر اجراءاته فى حدود اختصاصاته فقد يكون المحرر عرفيا فى اول الامر ثم ينقلب الى محرر رسمى بعد ذلك اذا ما تداخل فيه موظف عمومى فى حدود وظيفته اذ فى هذا الحالة يعتبر التزوير واقعا فى محرر رسمى بمجرد ان يكتسب المحرر الصفة الرسمية بتدخل الموظف وتنسحب رسميته على ما سبق من الاجراءات، لان العبرة بما يؤول اليه المحرر لا بما كان عليه. ولا محل بعد ذلك للتحدى بعدم اعلان الصورة التنفيذية لامر الاداء المزورة الى الصادر ضد الامر لان صفة المحرر من حيث رسميته أو عرفيته امر يختلف عن صلاحيته واعتباره اداة تنفيذ جبرى، ولما كان مجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التى نص عليها القانون فى الاوراق الرسمية تتحقق معه جريمة التزوير بصرف النظر عن الباعث على ارتكابها متى كان المقصود به تغيير مضمون المحرر بحيث يخالف حقيقته النسبية كما صدرت من الموظف الرسمى المختص باصداره وبدون أن يتحقق ضرر خاص يلحق شخصا بعينه من وقوعها لان هذا التغيير نتج عنه حتما احتمال حصول ضرر بالمصلحة العامة اذ يترتب على العبث بالورقة الرسمية الغض مما لها من القيمة من نظر الجمهور باعتبارها مما يجب بمقتضى القانون تصديقه والاخذ بما فيه. لما كان ذلك، وكان الاشتراك فى التزوير قد يتم دون مظاهر خارجية أو اعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. ومن ثم فانه يكفى ان تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وان يكون اعتقادها هذا سائغا تبرره الوقائع التى اثبتها الحكم - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - ومن ثم فان ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اثبت فى حق الطاعن والمحكوم عليه الآخر استعمالهما المحرر المزور موضوع التهمة الاولى وهو الصورة التنفيذية لامر الاداء رقم 56 لسنة 1981 بان قدماه الى قلم محضرى محكمة شبين الكوم الكلية لاعلانه الى...... - مع علمهما بتزويره - فان ما يثيره الطاعن فى شأن انتفاء القصد الجنائى الخاص لديه وهو نية استعمال المحرر المزور يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدفع ببطلان اعتراف المتهم الآخر عليه أمام محكمة الموضوع فان ما يثيره فى شانه من اوجه الطعن وكذلك فى شأن باقى الادلة التى عولت عليها المحكمة فى قضائها ينحل الى جدل موضوعى فى تقدير المحكمة لادلة الدعوى ومصادرة لها فى عقيدتها مما لا تقبل اثارته لدى محكمة النقض. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.