أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 688

جلسة 16 من مايو سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ حسن جمعه، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو زيد، مصطفى طاهر، حسن عميرة، وصلاح البرجى.

(122)
الطعن رقم 613 لسنة 55 القضائية

(1) محضر الجلسة. تزوير "الطعن بالتزوير" إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل فى الإجراءات أنها روعيت. المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
(2) محكمة الموضوع "الإجراءات أمامها". قضاة "رد القضاة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قيام سبب من أسباب الرد عليه أسباب عدم الصلاحية. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز.
(3) إثبات "بوجه عام" "شهادة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشاهد أو التعويل عليها. مرجعه إلى محكمة الموضوع.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة شاهد؟
إيراد الحكم أدلة الثبوت. كفايته رداً على إثارة الشك فى أقوال الشهود.
(4) حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل" "بياناته. بيانات التسبيب". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم فى بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
إختلاف الشهود فى بعض التفصيلات التى لم يوردها الحكم. لا يؤثر فى سلامته. أساس ذلك؟
(5) مواد مخدرة. مسئولية. قصد جنائى. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
مناط المسئولية فى جريمة إحراز وحيازة الجواهر المخدرة. ثبوت إتصال الجانى بالمخدر بالذات أو الواسطة بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية. تحدث الحكم عنه استقلالاً. غير لازم. متى كان ما أورده كافياً فى الدلالة عليه.
(6) إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصلح سبباً للنعى على الحكم.
النعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
مواد مخدرة. قصد جنائى. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير توافر القصد الجنائى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير علم المتهم بأن ما يحرزه مخدراً. موضوعى. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بإنتفاء علم الطاعن أن ما يحمله مخدراً.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا تثريب على المحكمة فى قضائها متى كانت قد اطمأنت إلى أن العينة التى أرسلت التحليل هى التى صار تحليلها وكذلك إلى النتيجة التى انتهى إليها التحليل.
(9) مواد مخدرة. إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
طلب إعادة تحليل المادة المضبوطة. عدم إلتزام المحكمة بإجابته. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
مجادلة محكمة الموضوع فى تقدير الدليل. غير جائز.
1 - لما كان الاصل طبقا للمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات واجراءات الطعن امام محكمة النقض أن الاجراءات قد روعيت فلا يجوز للطاعن أن يدحض ما ثبت بمحضر الجلسة وما أثبته الحكم أيضا لا بالطعن بالتزوير وهو لم يفعله فانه لا يقبل منه ما يثيره فى هذا الخصوص.
2 - من المقرر انه اذا قام بالمحكمة سبب من أسباب الرد غير اسباب عدم الصلاحية وهو ما يلوح به الطاعن فى طعنه - فان القانون رسم للمتهم طريقا معينا لكى يسلكه فى مثل هذه الحالة أثناء نظر الدعوى امام محكمة الموضوع فان لم يفعل كما هو الحال فى الدعوى فليس له أن يثير ذلك لاول مرة أمام محكمة النقض.
3 - لما كان من المقرر ان وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها مهما وجه اليها من مطاعن مرجعه الى محكمة الموضوع دون معقب وأن أخذها بشهادة شاهد يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الاخذ بها، واذ كان ما أثاره الطاعن من تشكيك فى أقوال وكيل النيابة المحقق وخبيرة المعمل الكيماوى اللذين سمعتهما المحكمة شاهدين فى الدعوى لا يعدو ان يكون أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب ردا صريحا من المحكمة لان الرد يستفاد من ادلة الثبوت التى أوردتها فان ما ينعاه الطاعن بهذا الوجه يكون غير سديد.
4 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان شهادة الشهود الى ما أورده من أقوال شاهد اخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند اليه الحكم منها ولا يؤثر فى هذا النظر اختلاف الشهود فى بعض التفصيلات التى لم يوردها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن اليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفى عدم ايراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها لها.
5 - إن مناط المسئولية فى حالتى احراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجانى بالمخدر اتصالا مباشرا أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وارادة اما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن هذا الركن بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفى للدلالة على قيامه.
6 - لما كان ما يثيره الطاعن فى خصوص قعود النيابة عن سؤال الشهود عن مصير محتويات الحقيبة من أمتعة واجراء تجربه للتحقق من امكان استيعاب الحقيبة للامتعة والمخدر لا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق الذى جرى فى المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب الى المحكمة تدارك هذا النقص فليس له من بعد ان ينعى عليها قعودها عن اجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هى حاجة الى اجرائه بعد ان اطمأنت الى صحة الواقعة كما رواها الشهود.
7 - لما كان تقصى العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وكان قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء هذا العلم لديه وبدس المخدر عليه ورد عليه بقوله "وحيث انه بخصوص الدفع بعدم علم المتهم بأن حقيبته المضبوطة تحوى المخدر المضبوط لاحتمال أن تكون قد دست عليه فمردود عليه بأن المحكمة تطمئن عن عقيدة واقتناع الى أنه على علم كامل وتام بما يحمله فى حقيبته الامر المستفاد من أقواله امام شهود الاثبات لدى ضبطه ومواجهته بالمخدر المضبوط اذ ذكر لهم أن المخدر المضبوط يخص صديقا له سودانى الجنسية سماه بالتحقيقات سلمه اياه فى السودان لتوصيله الى القاهرة ولم يكن يعلم ما بداخل اللفافة ومن ثم فان واقعة الدس تكون على اساس فاذا أضيف الى ذلك ما قرره شاهد الاثبات الاول من أنه اشتبه فى المتهم اثناء انهاء الاجراءات الجمركية لما لاحظه عليه من ارتباك شديد ومحاولته الخروج من صالة المطار بسرعة وما قرره نفس الشاهد وباقى شهود الاثبات الاخرين من أن لفافة المخدر المضبوطة عثر عليها فى الحقيبة الهاندباج مخبأة أسفل امتعة المتهم وأن بطاقة العفش الملصقة على الحقيبه (الليبل) تحمل نفس الرقم الملصق على تذكرة المتهم الامر الذى ترى معه المحكمة أن شبهة الدس غير قائمة وأن المتهم كان على علم تام بما يحمله فى حقيبته ومن ثم يكون الدفع على غير اساس خليق بالرفض" واذ كان هذا الذى ساقته محكمة الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعن بحقيقة الجوهر المضبوط فى حقيبته كافيا فى الرد على دفاعه فى هذا الخصوص وسائغا فى الدلالة على توافر ذلك العلم فى حقه توافرا فعليا، وكانت المحكمة لم تعتد بدفاع الطاعن حول احتمال دس المخدر عليه للاسباب السائغة التى أوردتها فلا يجوز مصادرتها فى عقيدتها ولا المجادلة فى تقديرها امام محكمة النقض.
8 - من المقرر ان المحكمة متى كانت قد اطمأنت الى ان العينة التى أرسلت للتحليل هى التى صار تحليلها واطمأنت كذلك الى النتيجة التى انتهى اليها التحليل - كما هو واقع الحال فى الدعوى - فلا تثريب عليها ان هى قضت فى الدعوى بناء على ذلك.
9 - إن المحكمة لا تلتزم باجابة طلب اعادة تحليل المادة المضبوطه ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ويكون جدل الطاعن والتشكيك فى انقطاع الصلة بين المادة المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتى أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من وزن العينة عند التحريز مع ما ثبت فى تقرير التحليل من وزن ان هو الا جدل فى تقدير الدليل المستمد من عملية الضبط والتحريز وفى عملية التحليل التى اطمأنت اليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها فى عقيدتها فى تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطعن فى قضية الجناية بأنه: 1 - جلب الى داخل جمهورية مصر العربية جوهرا مخدرا "أفيونا" وذلك دون الحصول على ترخيص كتابى من الجهة الادارية المختصة. 2 - شرع فى تهريب البضائع موضوع التهمة الاولى بادخالها الى البلاد خفية عن أعين السلطات الجمركية المختصة بقصد التهرب من سداد ما استحق عليها من ضرائب ورسوم جمركية وخاب اثر الجريمة لسبب لا دخل لارادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبسا بها، وأحالته الى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. وأودعت مصلحة الجمارك مدنيا قبل المتهم بمبلغ أربعمائة جنيه كتعويض ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمواد 1/ أ، 2، 3، 33/ أ من القانون رقم 182 لسنة 1960 - المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 9 من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الاول والمواد 1، 2، 4، 5، 13، 15، 28، 30، 121، 122/ 1، 124، 124 مكررا من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 - والمادتين 1، 15 من القانون رقم 118 لسنة 1975 مع اعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالاشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه عشرة آلاف جنيه وبمصادرة الجوهر المخدر المضبوط مع الزامه بأن يدفع مبلغ أربعمائة جنيه كتعويض لمصلحة الجمارك.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

وحيث ان مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجريمة جلب جوهر مخدر والتهريب الجمركى قد اعتراه البطلان فى الاجراءات والفساد فى الاستدلال وشابه القصور فى التسبيب والخطأ فى الاسناد وانطوى على الاخلال بحق الدفاع ذلك أنه صدر من ثلاثة مستشارين من أربعة هم الذين سمعوا المرافعة فى الدعوى وحضروا اجراءات المحاكمة واعتمد فى قضائه على شهادة وكيل النيابة المحقق والخبيرة الكيمائية رغم التقائهما معا ومقابلتهما رئيس الدائرة بغرفة المداولة قبل نظر الدعوى على خلاف مقتضى القانون الذى يوجب على اتصال المحكمة بالشهود فى غيبة المتهم قبل محاكمته حتى تكفل لها الحيدة وقد سجل الدفاع هذه المخالفة بمحضر الجلسة ونعى على أقوال الشاهدين المذكورين للشك فى صحتها مما كان يقتضى عدم الاخذ بها غير ان الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع، وعول - فيما عول عليه - على أقوال شهود الاثبات بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة مع تناقضها وأحال فى بيان أقوال الشاهدين الثانى والثالث الى مضمون ما شهد به الشاهد الاول رغم اختلافها فى بيان نوع الامتعة التى وجدت مع المخدر فى الحقيبة وتباين شهادتهم فيما قرره الطاعن لهم عمن جلب المخدر لحسابه، كما استند الحكم الى أقوال الشاهد.... رغم أنه لم ير الواقعة، وأسند للطاعن حيازة المخدر المضبوط بغير دليل اذ ان الحقيبة التى قيل بضبط المخدر فيها تغلق بسوسته وقد أرسلت فارغة الى النيابة التى فاتها سؤال الشهود عن مصير محتوياتها واجراء تجربه لبيان ما اذا كانت تتسع لوضع الامتعة والمخدر المضبوط من عدمه وهو ما غاب على المحكمة تقصيه، كما جاء الحكم قاصرا فى التدليل على علم الطاعن بوجود المخدر فى الحقيبة رغم تمسكه بانتفاء هذا العلم لديه وبدس المخدر عليه من أحد رجال الجمارك يضاف الى ذلك أن الطاعن أثار فى دفاعه وجود فرق ملحوظ فى وزن عينة المخدر عند التحليل عنه لدى التحريز وطلب اعادة تحليل كمية المخدر المضبوط الا ان الحكم طرح هذا الدفاع بما لا يسوغه وكل ذلك مما يعيب الحكم يستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الاثبات ومن تقرير التحليل وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة والحكم المطعون فيه أن هيئة المحكمة التى سمعت المرافعة وأصدرت الحكم مؤلفة من ثلاثة من مستشارى محكمة الاستئناف على ما توجبه المادة 366 من قانون الاجراءات الجنائية فان الحكم المطعون فيه يكون قد صدر من هيئة مشكلة وفق القانون، وكان الاصل طبقا للمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات واجراءات الطعن امام محكمة النقض أن الاجراءات قد روعيت فلا يجوز للطاعن أن يدحض ما ثبت بمحضر الجلسة وما أثبته الحكم أيضا لا بالطعن بالتزوير وهو لم يفعله فانه لا يقبل منه ما يثيره فى هذا الخصوص. لما كان ذلك، وان كان ليس من المقبول أن تدعوا المحكمة فى خلوتها شهودا فى غيبة المتهم قبل نظر الدعوى الا أن ذلك لا ينم بذاته على أمر معين يؤثر فى سلامة اجراءات المحاكمة ولا ينهض سببا للطعن على حكمها اذ من المخاطرة القول بأن هذا التصرف يفيد قيام رأى ثابت مستقر فى نفس المحكمة ليس عنه محيص، واذ كان الطاعن لا يدعى فى طعنه أن المحكمة سمعت شهودا فى غيبته قبل انعقاد الجلسة أو كونت فى الدعوى رأيا نهائيا قبل سماع الشهود ودفاع الطاعن بجلسة المحاكمة فان هذا النعى يكون فى غير محله، هذا الى أنه من المقرر انه اذا قام بالمحكمة سبب من أسباب الرد غير اسباب عدم الصلاحية وهو ما يلوح به الطاعن فى طعنه - فان القانون رسم للمتهم طريقا معينا لكى يسلكه فى مثل هذه الحالة أثناء نظر الدعوى امام محكمة الموضوع فإن لم يفعل كما هو الحال فى الدعوى فليس له أن يثيره ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه الى محكمة الموضوع دون معقب وأن أخذها بشهادة شاهد يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الاخذ بها، واذ كان ما أثاره الطاعن من تشكيك فى أقوال وكيل النيابة المحقق وخبيرة المعمل الكيماوى اللذين سمعتهما المحكمة شاهدين فى الدعوى لا يعدو ان يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب ردا صريحا من المحكمة لان الرد يستفاد من ادلة الثبوت التى أوردتها فان ما ينعاه الطاعن بهذا الوجه يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان شهادة الشهود الى ما أورده من أقوال شاهد اخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند اليه الحكم منها ولا يؤثر فى هذا النظر اختلاف الشهود فى بعض التفصيلات التى لم يوردها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن اليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفى عدم ايراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها لها، وكان البين من أقوال شهود الاثبات بمحضر جلسة المحاكمة أنها تتفق فى جملتها مع ما استند اليه الحكم منها، وكان الاصل ان ما يشوب أقوال الشهود من تناقض - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الادانة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه، وكان الحكم قد أورد ما تساند اليه من أقوال شهود الاثبات بما لا شبهة فيه لاى تناقض فان منعى الطاعن فى هذا الصدد لا يكون مقبولا - لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم أنه لم يستند فى قضائه الى أقوال الشاهد..... فان ما يعيبه الطاعن على الحكم من تعويله على أقواله رغم أنه لم يكن موجودا وقت الضبط ولم ير الواقعة يكون غير صحيح - لما كان ذلك، وكان مناط المسئولية فى حالتى احراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجانى بالمخدر اتصالا مباشرا أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وارادة اما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن هذا الركن بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفى للدلالة على قيامه، وكان البين مما استخلصه الحكم لصورة الواقعة أن الطاعن قدم الى ميناء القاهرة الجوى على متن طائرة شركة مصر للطيران القادمة من الخرطوم وأثناء اتمام الاجراءات الجمركية على أمتعة ركاب الطائرة بالصالة الخضراء اشتبه الشاهد الاول المساعد الادارى المعين بالصالة فى الطاعن الذى كان يدفع أمامه عربة عليها حقيبتين وتبدو عليه علامات الارتباك وبتفتيش حقيبته فى حضور الشاهدين الثانى - رئيس القسم والثالث - المأمور الاول - عثر بالحقيبة الصغرى (هاندباج) على ملابس للطاعن أسفلها لفافة من البلاستيك الشفاف مغطاه بطبقة رقيقة من الاسفنج الصناعى وكيس من البلاستيك بداخله مادة الافيون التى بلغ وزنها 450ر3 كيلو جرام وتبين أن رقم البطاقة الملصق على الحقيبة يطابق رقم البطاقة الملصق على تذكرة سفر الطاعن وأقر للضابطين بأن صديقا له سماه سلمه المخدر المضبوط دون أن يعلم كنهه وطلب منه توصيله الى القاهرة على ان يلحق به بعد اسبوع لاستلامه منه، وكان ما أورده الحكم فى مدوناته على المساق المتقدم كافيا فى الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر المضبوط وبسط سلطانه عليه فان ما يعيبه الطاعن على الحكم فى هذا الصدد لا يكون له محل - لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن فى خصوص قعود النيابة عن سؤال الشهود عن مصير محتويات الحقيبة من أمتعة واجراء تجربه للتحقق من امكان استيعاب الحقيبة للامتعة والمخدر لا يعدو أن يكون تعييبا للتحقيق الذى جرى فى المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب الى المحكمة تدارك هذا النقص فليس له من بعد ان ينعى عليها قعودها عن اجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هى حاجة الى اجرائه بعد ان اطمأنت الى صحة الواقعة كما رواها الشهود. لما كان ذلك، وكان تقصى العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وكان قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء هذا العلم لديه وبدس المخدر عليه ورد عليه بقوله "وحيث انه بخصوص الدفع بعدم علم المتهم بأن حقيبته المضبوطة تحوى المخدر المضبوط لاحتمال أن تكون قد دست عليه فمردود عليه بأن المحكمة تطمئن عن عقيدة واقتناع الى أنه على علم كامل وتام بما يحمله فى حقيبته الامر المستفاد من أقواله أمام شهود الاثبات لدى ضبطه ومواجهته بالمخدر المضبوط اذ ذكر لهم أن المخدر المضبوط يخص صديقا له سودانى الجنسية سماه بالتحقيقات سلمه اياه فى السودان لتوصيله الى القاهرة ولم يكن يعلم ما بداخل اللفافة ومن ثم فان واقعة الدس تكون على غير اساس فاذا أضيف الى ذلك ما قرره شاهد الاثبات الاول من أنه اشتبه فى المتهم اثناء انهاء الاجراءات الجمركية لما لاحظه عليه من ارتباك شديد ومحاولته الخروج من صالة المطار بسرعة وما قرره نفس الشاهد وباقى شهود الاثبات الاخرين من أن لفافة المخدر المضبوطة عثر عليها فى الحقيبة الهاندباج مخبأة أسفل امتعة المتهم وأن بطاقة العفش الملصقة على الحقيبة (الليبل) تحمل نفس الرقم الملصق على تذكرة المتهم الامر الذى ترى معه المحكمة أن شبهة الدس غير قائمة وأن المتهم كان على علم تام بما يحمله فى حقيبته ومن ثم يكون الدفع على غير اساس خليق بالرفض" واذ كان هذا الذى ساقته محكمة الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعن بحقيقة الجوهر المضبوط فى حقيبته كافيا فى الرد على دفاعه فى هذا الخصوص وسائغا فى الدلالة على توافر ذلك العلم فى حقه توافرا فعليا، وكانت المحكمة لم تعتد بدفاع الطاعن حول احتمال دس المخدر عليه للاسباب السائغة التى أوردتها فلا يجوز مصادرتها فى عقيدتها ولا المجادلة فى تقديرها امام محكمة النقض - لما كان ذلك وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة ان المحكمة استجلت الخلاف بين وزن الحرز فى تحقيق النيابة عنه فيما اثبته تقرير التحليل بمناقشة وكيل النيابة المحقق وخبيرة المعمل الكيماوى بمصلحة الطب الشرعى فقرر وكيل النيابة أنه أخذ عينه من المخدر المضبوط فى حضور الطاعن وقام بوزنها على ميزان غير حساس بسراى النيابة فبلغت عشر جرامات ثم قام بتحريز العينة بخاتمه وأرسلت الى معمل التحليل غير ان تقرير المعمل أثبت أنه بفض الحرز تبين أن العينة تزن 4ر19 جرام وبرر هذا الفرق الى احتمال الخطأ فى قراءته أرقام الصنج التى استعملها فى الوزن لعدم وضح أرقامها أو لانه استعمل فى الوزن ميزانا غير حساس، كما قررت الخبير أن اختام الحرز كانت سليمة وعللت الفرق فى الوزن بين ما أثبته وكيل النيابة على حرز العينة وبين ما أثبته تقرير التحليل بخبرة خبراء المعمل الكيماوى فى عملية الوزن الدقيق وقراءة صنج الموازين بالاضافة الى استخدام الخبير ميزانا حساسا فى عملية الوزن، وانتهى الحكم من ذلك الى اطمئنانه الى أقوال الشاهدين من أن العينة المأخوذة من المخدر المضبوط التى تم تحريزها هى التى أرسلت الى المعمل الكيماوى وصار تحليلها، وكان هذا الذى ساقه الحكم كافيا ويسوغ اطراح دفاع الطاعن وطلب التحقيق المتعلق به الخاص باعادة التحليل، اذ انه من المقرر ان المحكمة متى كانت قد اطمأنت الى ان العينة التى أرسلت للتحليل هى التى صار تحليلها واطمأنت كذلك الى النتيجة التى انتهى اليها التحليل - كما هو واقع الحال فى الدعوى - فلا تثريب عليها ان هى قضت فى الدعوى بناء على ذلك، وهى - من بعد لا تلتزم باجابة طلب اعادة تحليل المادة المضبوطة ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ويكون جدل الطاعن والتشكيك فى انقطاع الصلة بين المادة المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتى أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من وزير العينة عن التحريز مع ما ثبت فى تقرير التحليل من وزن ان هو الا جدل فى تقدير الدليل المستمد من عملية الضبط والتحرز وفى عملية التحليل التى اطمأنت اليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرته فى عقيدتها فى تقدير الدليل وهو من اطلاقاتها - لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.