أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 729

جلسة 30 من مايو سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ احمد ابو زيد، مصطفى طاهر، حسن عميره وصلاح البرجى.

(128)
الطعن رقم 273 لسنة 55 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاكم عادية. محاكم أمن دولة. إحالة. خلو رجل.
الأصل أن كل إجراء تم صحيحاً فى ظل قانون يظل صحيحاً وخاضعاً لأحكام هذا القانون. مثال.
(2) قانون "سريانه" "تفسيره". محاكم أمن الدولة. دعوى مدنية "الاختصاص بنظرها". خلو رجل. إحالة.
إحالة الدعوى إلى محكمة أمن الدولة الجزئية المختصة وفقا للقانون 105 لسنة 1980. إختصاصها بنظر الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعيه للدعوى الجنائية قبل سريان القانون المذكور. أساس ذلك؟ لا يصح تخصيص عموم النص بغير مخصص.
(3) دعوى مدنية. دعوى جنائية. اختصاص. قوة الأمر المقضى. إحالة.
صدور حكم بالبراءة يمس أسس الدعوى المدنية بما يقيد حرية القاضى المدنى. عدم جواز إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة. أساس ذلك؟
قوة الأمر المقضى للحكم الجنائى الصادر فى موضوع الدعوى الجنائية. المحاجة به تكون أمام المحاكم المدنية وليس أمام المحاكم الجنائية نفسها عند نظر الدعوى المدنية التابعة. المادة 456 إجراءات.
(4) محكمة أول درجة. محكمة استئنافية. استئناف "نظره والحكم فيه". دعوى مدنية. نقض "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون".
قضاء محكمة أول درجة فى الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المدنية. خطأ فى تطبيق القانون. وجوب الحكم فى الاستئناف بإلغائه وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فيها. مخالفة ذلك. خطأ فى القانون. أساس ذلك؟
1 - لما كانت الدعوى المطروحة قد سعت الى محكمة الجنح المستعجلة باجراءات صحيحة فى ظل قانون الاجراءات الجنائية فليس من شأن سلب اختصاصها بنظرها فى تاريخ العمل بالقانون رقم 105 لسنة 1980 نقض هذه الاجراءات أو اهدار ما تم منها ذلك أن كل إجراء تم صحيحا فى ظل قانون يظل صحيحا وخاضعا لاحكام هذا القانون وليس فى قانون الاجراءات الجنائية ما يوجب ابطال اجراء تم وانتهى صحيحا وفقا للتشريع الذى حصل الاجراء فى ظله.
2 - لما كان الاصل أن قوانين الاجراءات تسرى من يوم نفاذها على الاجراءات التى لم تكن قد تمت ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن القوانين المعدلة للاختصاص تطبق بأثر فورى شأنها فى ذلك شأن قوانين الاجراءات. ولما كانت الدعوى الراهنة قد أضحت بين يدى القضاء وغدت منظورة أمام محكمة أمن الدولة الجزئية المختصة بنظرها وفقا للقانون المعمول به فانها تظل مختصة بنظر الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية ولا يحول بينها وبين بقاء هذا الاختصاص لها ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 105 لسنة 1980 سالف الذكر من عدم قبول الادعاء بالحقوق المدنية أمامها اذ أن هذا الحكم لا يسرى الا على الدعوى المدنية التى ترفع أمامها وقت العمل بهذا القانون دون الدعاوى التى رفعت باجراءات صحيحة قبل سريانه وسعت اليها بعد ذلك طبقا لاحكامه - كما هو الحال فى الدعوى المدنية المطروحة - ذلك بأن الاحالة فى مفهوم حكم المادة التاسعة لها القانون سالف الذكر تشمل الدعوى الجنائية والدعوى المدنية التابعة لها ومبناها دلالة صريحة من الشارع عبر عنها فى تلك المادة بعبارة "بالحالة التى تكون عليها" فلا مجال معها للاحتجاج بأن الاحالة تكون قاصرة على الدعوى الجنائية وحدها دون الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية لها على اعتبار أنها أصبحت غير مقبولة أمام محاكم أمن الدولة، اذ أنه لو كان ذلك هو مراد الشارع لكان قد نص عليه صراحة ومن المقرر أنه لا يصح تخصيص عموم النص بغير مخصص.
3 - لما كان حق المحكمة الجنائية فى الاحالة إلى المحكمة المدنية يجب أن يساير حجية الأحكام الجنائية أمام المحاكم المدنية بمعنى أنه لا تجوز احالة الدعوى المدنية الى المحكمة المختصة اذا كان حكم البراءة يمس أسس الدعوى المدنية مساسا يقيد حرية القاضى المدنى - كما هو الشأن فى الدعوى المطروحة - ذلك بأن قضاء الحكم الابتدائى والحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده من التهمتين المسندتين اليه لعدم ثبوتهما فى حقه مؤثر حتما فى رأى المحكمة المدنية التى أحيلت اليها الدعوى المدنية مما يتعين عليها أن تقضى برفضها اعمالا لنصوص القانون وقواعد قوة الشيء المقضى به جنائيا أمام المحاكم المدنية وفق حكم المادة 456 من قانون الاجراءات الجنائية والامر يختلف بالنسبة للمحاكم الجنائية ذلك بأن المحاجة بقوة الامر المقضى للحكم الجنائى الصادر من المحكمة الجنائية لا تكون لدى المحاكم الجنائية نفسها وهى تنظر الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجنائية.
4 - لما كان لزاما على محكمة أول درجة ان تفصل فى الدعوى المدنية أما وهى لم تفعل وقضت بعدم اختصاصها بنظرها وباحالتها إلى المحكمة المدنية فإن حكمها يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما كان يتعين معه على المحكمة الاستئنافية أن تقضى فى الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم بالغائه وباعادة القضية الى محكمة أول درجة للفصل فى الدعوى المدنية لانها لم تستنفد ولايتها بالفصل فيها وحتى لا تفوت احدى درجتى التقاضى على الطاعن أما وقد قضت بتأييد الحكم المستأنف فأنها تكون بدورها قد أخطأت فى تطبيق القانون مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه.


الوقائع

اتهمت النيابة العام المطعون ضده وأخرى بأنهما تقاضيا مبلغ ستة آلاف جنيه خارج نطاق عقد الايجار على سبيل خلو الرجل وامتنعا عن تحرير عقد ايجار للمحل موضوع الايجار على النحو المبين بالاوراق. وطلبت عقابهما بالمواد 24، 26، 76، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977. وادعى المجنى عليه (المدعى بالحق المدنى) مدنيا قبل المتهم الاول (الطاعن) بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت حضوريا للأول (الطاعن) وغيابيا للأخرى ببراءة المتهمين من تهمة تقاضى خلو الرجل وبحبسهما شهرين مع الشغل لامتناعهما عن تحرير عقد ايجار للمدعى بالحق المدنى والزامهما بتحريره وكفالة خمسين جنيها لوقف تنفيذ عقوبة الحبس وفى الدعوى المدنية بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظرها واحالتها بحالتها الى محكمة مصر الجديدة للاختصاص بنظرها. فاستأنف المحكوم عليه (الطاعن) كما استأنف المدعى بالحق المدنى. ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم من تهمة عدم تحرير عقد ايجار وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن الاستاذ/ ..... المحامى نيابة عن المدعى بالحق المدنى فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث ان مما ينعاه الطاعن - المدعى بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأنه قضى بتأييد الحكم المستأنف الصادر بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية واحالتها الى المحكمة المدنية رغم أنه كان يتعين على محكمة أول درجة أن تفصل فى موضوعها ما دام أن الادعاء بالحقوق المدنية قد تم وفق اجراءات صحيحة قبل احالة الدعوى الى محكمة أمن الدولة الجزئية تطبيقا لاحكام القانون رقم 105 لسنة 1980 مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان البين من الاطلاع على الاوراق والمفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية قبل المطعون ضده وأخرى أمام محكمة الجنح المستعجلة بوصف أنهما فى غضون شهر اكتوبر سنة 1978 بدائرة مصر الجديدة. أولا. تقاضيا مبلغ سته آلاف جنيه خارج نطاق عقد الايجار على سبيل خلو الرجل. ثانيا: امتنعا عن تحرير عقد ايجار المحل موضوع الايجار وطلبت معاقبتهما بمواد القانون رقم 49 لسنة 1977، وبجلسة 5/ 1/ 1980 ادعى الطاعن مدنيا قبل المطعون ضده بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت كما أعلن المتهمة الثانى بدعواه المدنية بتاريخ 1/ 4/1980، وبجلسة 3/ 1/ 1981 قررت المحكمة احالة الدعوى الى محكمة أمن الدولة الجزئية بعد العمل بالقانون رقم 105 لسنة 1980، وبجلسة 9/ 5/ 1981 قضت تلك المحكمة حضوريا بالنسبة للمتهم الاول - المطعون ضده - وغيابيا بالنسبة للمتهمة الثانية ببراءتهما من التهمة الاولى وبمعاقبتهما بالحبس شهرا مع الشغل والزامهما بتحرير عقد ايجار للمدعى بالحقوق المدنية عن التهمة الثانية وبعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى المدنية واحالتها الى المحكمة المختصة (محكمة مصر الجديدة الجزئية) وأسست قضاءها فى الدعوى المدنية على أنها غدت غير مقبولة أمامها فلا تختص بنظرها اعمالا لحكم المادة الخامسة من القانون رقم 105 لسنة 1980. فأستأنف المطعون ضده هذا الحكم كما استأنفه المدعى بالحقوق المدنية، وقضت محكمة ثانى درجة حضوريا بتاريخ 30/ 6/ 1982 بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة المتهم المطعون ضده - وبراءته من التهمة الثانية وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 105 لسنة 1980 بانشاء محاكم أمن الدولة السارى المفعول اعتبارا من 1/6/1980 اذ الغى اختصاص المحاكم العادية بنظر الجرائم المنصوص عليها فى المادة الثالثة منه على سبيل الحصر ومنها الجريمتين موضوع الدعوى الماثلة وناط ذلك الاختصاص بمحاكم أمن الدولة المشكلة طبقا لاحكامه دون غيرها قد تصدى لبيان الاجراءات التى تتبع بالنسبة الى تلك الدعاوى القائمة أمام المحاكم فنص فى المادة التاسعة منه على أنه: "على المحاكم أن تحيل من تلقاء نفسها ما يعرض لديها من دعاوى أصبحت من اختصاص محاكم أمن الدولة بمقتضى هذا القانون وذلك بالحالة التى تكون عليها وبدون رسوم". وقد آثر الشارع بمقتضى هذا النص أن تحال القضايا القائمة أمام المحاكم بحالتها التى بلغتها بعد دخولها فى حوزتها الى نظيرتها فى النظام القضائى المنصوص عليه فى هذا القانون، واذ كانت الدعوى المطروحة قد سعت الى محكمة الجنح المستعجلة باجراءات صحيحة فى ظل قانون الاجراءات الجنائية فليس من شأن سلب اختصاصها بنظرها فى تاريخ العمل بالقانون رقم 105 لسنة 1980 نقض هذه الاجراءات أو اهدار ما تم منها ذلك أن كل اجراء تم صحيحا فى ظل قانون يظل صحيحا وخاضعا لاحكام هذا القانون وليس فى قانون الاجراءات الجنائية ما يوجب ابطال اجراء تم وانتهى صحيحا وفقا للتشريع الذى حصل الاجراء فى ظله، وكان الاصل أن قوانين الاجراءات تسرى من يوم نفاذها على الاجراءات التى لم تكن قد تمت ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن القوانين المعدلة للاختصاص تطبق بأثر فورى شأنها فى ذلك شأن قوانين الاجراءات. ولما كانت الدعوى الراهنة قد أضحت بين يدى القضاء وغدت منظورة أمام محكمة أمن الدولة الجزئية المختصة بنظرها وفقا للقانون المعمول به فأنها تظل مختصة بنظر الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية ولا يحول بينها وبين بقاء هذا الاختصاص لها ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 105 لسنة 1980 سالف الذكر من عدم قبول الادعاء بالحقوق المدنية أمامها اذ أن هذا الحكم لا يسرى الا على الدعوى المدنية التى ترفع أمامها وقت العمل بهذا القانون دون الدعاوى التى رفعت باجراءات صحيحة قبل سريانه وسعت اليها بعد ذلك طبقا لاحكامه - كما هو الحال فى الدعوى المدنية المطروحة - ذلك بان الاحالة فى مفهوم حكم المادة التاسعة لها القانون سالف الذكر تشمل الدعوى الجنائية والدعوى المدنية بعبارة "بالحالة التى تكون عليها" فلا مجال معها للاحتجاج بأن الاحالة تكون قاصرة على الدعوى الجنائية وحدها دون الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية لها على اعتبار أنها أصبحت غير مقبولة أمام محاكم أمن الدولة، اذ أنه لو كان ذلك هو مراد الشارع لكان قد نص عليه صراحة ومن المقرر أنه لا يصح تخصيص عموم النص بغير مخصص. لما كان ذلك، وكان حق المحكمة الجنائية فى الاحالة الى المحكمة المدنية يجب أن يساير حجية الأحكام الجنائية أمام المحاكم المدنية بمعنى أنه لا تجوز إحالة الدعوى المدنية الى المحكمة المختصة اذا كان حكم البراءة يمس أسس الدعوى المدنية مساسا يقيد حرية القاضى المدنى - كما هو الشأن فى الدعوى المطروحة - ذلك بأن قضاء الحكم الابتدائى والحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده من التهمتين المسندتين اليه لعدم ثبوتهما فى حقه مؤثر حتما فى رأى المحكمة المدنية التى أحيلت اليها الدعوى المدنية مما يتعين عليها أن تقضى برفضها اعمالا لنصوص القانون وقواعد قوة الشىء المقضى به جنائيا امام المحاكم المدنية وفق حكم المادة 456 من قانون الاجراءات الجنائية والامر يختلف بالنسبة للمحاكم الجنائية ذلك بأن المحاجة بقوة الامر المقضى للحكم الجنائى الصادر من المحكمة الجنائية لا تكون لدى المحاكم الجنائية نفسها وهى تنظر الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجنائية فكان لزاما على محكمة أول درجة أن تفصل فى الدعوى المدنية أما وهى لم تفعل وقضت بعدم اختصاصها بنظرها وباحالتها الى المحكمة المدنية فان حكمها يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما كان يتعين معه على المحكمة الاستئنافية أن تقضى فى الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم بالغائه وباعادة القضية الى محكمة أول درجة للفصل فى الدعوى المدنية لانها لم تستنفد ولايتها بالفصل فيها وحتى لا تفوت احدى درجتى التقاضى على الطاعن أما وقد قضت بتأييد الحكم المستأنف فانها تكون بدورها قد أخطأت فى تطبيق القانون مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه والقضاء فى موضوع الاستئناف بالغاء الحكم المستأنف فيما قضى به فى الدعوى المدنية واعادة القضية على محكمة أول درجة للفصل فى موضوعها وذلك دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن والزام المطعون ضده المصاريف المدنية.