أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 782

جلسة 13 من يونيه سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ الدكتور ابراهيم على صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح، عوض جادو، محمد نبيل رياض وعبد الوهاب الخياط.

(138)
الطعن رقم 6335 لسنة 55 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". غش.
حق محكمة الموضوع فى استخلاص الواقعة من أدلتها وعناصرها. شرطه ان يكون استخلاصها سائغا وان يكون دليلها قائما فى الأوراق.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "اسباب الطعن. ما يقبل منها". غش.
الدليل الذى يعول عليه الحكم. يجب ان يكون مؤديا على ما رتبه عليه من نتائج. دون عسف فى الاستنتاج ولا تنافر فى حكم العقل.
وجوب بناء الأحكام الجنائية على الجزم واليقين على الواقع الذى يثبت بالدليل المعتبر. لا على الظن والاحتمال والفروض والاعتبارات المجردة.
مثال لاستلال غير سائغ لادانة الطاعن عن تهمة عرضه للبيع لبنا غير طازج.
(3) بيانات تجارية. جريمة "اركانها". غش. قصد جنائى. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
وضع بيان غير حقيقى على السلعة. مع العلم بذلك. تتوافر به جريمة وضع بيانات غير مطابقة للحقيقة ولو كانت السلعة غير مغشوشة.
تحقق جريمة الغش بخلط الشئ أو إضافة مادة غريبة اليه أو من نفس طبيعته إذا كانت أقل جودة.
(4) قانون "سريانه من حيث الزمان". نقض "حالات الطعن. الخطأ فى القانون". دستور. غش.
لا عقاب الا على الأفعال اللاحقة لنفاذ القانون.
عدم نفاذ القانون. قبل نشره.
(5) نقض "أوجه الطعن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الاحالة "سلطتها عند نظر الدعوى". غش. عقوبة.
تصدر القصور فى التسبيب على أوجه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون، مما يمتنع معه على محكمة النقض التعرض لما انساق اليه الحكم المطعون فيه من تقريرات قانونية.
1 - من المقرر انه ولئن كان من حق محكمة الموضوع ان تستخلص الواقعة من ادلتها وعناصرها المختلفة الا ان شرط ذلك ان يكون استخلاصها سائغا وان يكون دليلها فيما انتهت اليه قائما فى أوراق الدعوى، لأن الأصل ان نبنى المحكمة حكمها على الوقائع الثابتة فى الدعوى وليس لها ان تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات.
2 - من المقرر ايضا انه من اللازم فى اصول الاستدلال ان يكون الدليل الذى يعول عليه الحكم مؤديا على ما رتبه عله من نتائج من غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر فى حكم العقل والمنطق وان الاحكام الجنائية يجب ان تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذى يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال والاعتبارات المجردة.
3 - ان جريمة وضع بيانات غير مطابقة للحقيقة تقع وتتوافر اركانها ولو كانت السلعة التى يوضع البيان عليها غير مغشوشة ويتوافر القصد الجنائى فيها بمجرد وضع البيان غير الحقيقى مع العلم بعدم مطابقته للحقيقة، وهى تختلف عن جريمة الغش التى تتحقق بخلط الشئ أو اضافة مادة مغايرة لطبيعته أو من نفس طبيعته ولكن من صنف أقل جودة.
4 - لما كان القانون رقم 106 لسنة 1980 بتعديل بعض احكام القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش - الذى ادانت المحكمة الطاعن بمقتضاه بمعاقبته بنشر الحكم فى جريدتين يوميتين على نفقته - قد صدر فى 20 من مايو سنة 1980 ونشر فى الجريدة الرسمية فى 31 من مايو سنة 1980، وعمل به بعد شهر من تاريخ نشره أى بعد الواقعة المنسوبة الى الطاعن فى 24 من يناير سنة 1980، ولما كانت المادة 66 من الدستور والمادة الخامسة من قانون العقوبات انه لا عقاب الا على الافعال اللاحقة لنفاذ القانون الذى ينص عليها فضلا عما أوجبته المادة 188 من الدستور بنشر القوانين فى الجريدة الرسمية خلال اسبوعين من يوم اصدارها، وان يعمل بها بعد شهر من اليوم التالى لتاريخ نشرها حتى يتحقق علم الكافة بخطابه، وكذلك فانه من المقرر أنه ليس للقانون الجنائى اثر رجعى ينسحب على الوقائع السابقة على نفاذه وهى قاعدة أساسية اقتضتها شرعية الجريمة والعقاب. وكانت التهمة المسندة الى الطاعن قد وقعت قبل التاريخ المحدد لنفاذ القانون الذى يوجب نشر الحكم فى جريدتين يوميتين على نفقة الطاعن، فان الحكم المطعون فيه اذ قضى بتلك العقوبة يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
5 - لما كان ما شاب الحكم من قصور فى التسبيب له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون الموجبة للتصحيح، فان محكمة النقض لا تملك التعرض لما انزله من عقوبة النشر فى جريدتين يوميتين على نفقة الطاعن، اذ ليس بوسعها ان تصحح منطوق حكم قضت بنقضه، بل على محكمة الموضوع عند اعادة الدعوى لها الا تقضى بتلك العقوبة اذا رأت ان تدين الطاعن. لما كان ما تقدم، فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والاعادة دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من.... و..... (الطاعن)،...... بأنهم الأول والثانى: عرضا للبيع لبنا غير طازج مع علمهما بذلك. الثالث: انتج وباع للأول والثانى لبنا غير طازج مع علمه بذلك. وطلبت عقابهم بالمواد 1، 2، 11، 12/1، 13 من القانون 132 لسنة 1950. ومحكمة جنح باب شرق قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بتغريم كل متهم مائة جنيه والمصادرة. عارض المحكوم عليهم وقضى فى معارضتهم بقبولها شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بتغريم كل منهم 20 جنيها والمصادرة. استأنفوا ومحكمة اسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا للأول والثالث وحضوريا للثانى (الطاعن) بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف واضافة النشر فى جريدتين يوميتين واسعتى الانتشار على نفقتهم.
فطعن الاستاذ..... المحامى نيابة عن المحكوم عليه الثانى فى الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث ان مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه انه اذ دانه بجريمة عرض لبن غير طازج للبيع مع علمه بذلك قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال كما انطوى على خطأ فى الاسناد وفى تطبيق القانون، ذلك بأن التهمة المسندة الى الطاعن لا سند لها فى الأوراق، وان ما استنتجه الحكم من تقرير التحليل من ان عبوة اللبن لا تحمل تاريخ اليوم عليها من ثبوت ان اللبن غير طازج، رغم ان هذا الافتراض مبنى على الظن والاحتمال لا الجزم واليقين ورغم ان ما اسفر عنه تقرير التحليل لا يؤدى عقلا ومنطقا الى ان اللبن غير طازج، رغم ان هذا الافتراض مبنى على الظن والاحتمال لا الجزم واليقين ورغم ما اسفر عنه تقرير التحليل لا يؤدى عقلا ومنطقا على ان اللبن غير طازج، هذا فضلا عن ان الحكم أعمل احكام القانون 106 لسنة 1980 بأن عاقب الطاعن بعقوبة نشر الحكم فى جريدتين يوميتين على نفقته مع ان هذا القانون لم ينشر فى الجريدة الرسمية ولم يعمل به الا بعد تاريخ الواقعة المسندة اليه، والقاعدة الدستورية انه ليس للقوانين الجنائية اثر رجعى - كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث ان البين من مطالعة الأوراق ان النيابة العامة اسندت الى الطاعن ومتهم آخر انهما فى يوم 24 من يناير سنة 1980 عرضا للبيع لبنا غير طازج مع علمهما بذلك، وبعد ان بين الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه واقعة الدعوى استند فى ادانة الطاعن بتلك الجريمة الى القول: "وحيث انه ثبت من تحليل العينة المرفقة ان العبوة غير مطابقة لقرار نقل وتداول وتمييز عبوات اللبن لعدم بيان تاريخ اليوم على العبوة وان التهمة ثابتة فى حق المتهمين ثبوتا كافيا اخذاً بما ورد بمحضر الضبط وما اسفر عنه تقرير المعامل المرفق. ومن عدم دفع المتهم للاتهام بدفاع مقبول. ومن ثم حق عقابهم طبقا لمواد الاتهام وعملا بالمادة 304/ 2 أ. ج". لما كان ذلك، وكان من المقرر انه ولئن كان من حق محكمة الموضوع ان تستخلص الواقعة من ادلتها وعناصرها المختلفة الا ان شرط ذلك ان يكون استخلاصها سائغا وان يكون دليلها فيما انتهت اليه قائما فى أوراق الدعوى، لأن الأصل ان تبنى المحكمة حكمها على الوقائع الثابتة فى الدعوى وليس لها ان تقيم قضاءها على امور لا سند لها من التحقيقات، كما انه من المقرر ايضا انه من اللازم فى اصول الاستدلال ان يكون الدليل الذى يعول عليه الحكم مؤديا على ما رتبه عله من نتائج من غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر فى حكم العقل والمنطق وان الاحكام الجنائية يجب ان تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذى يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال والاعتبارات المجردة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على ادانة الطاعن والمتهم الآخر عن تهمة "عرضهما للبيع لبنا غير طازج مع علمهما بذلك" بما جاء بتقرير المعامل الكيماوية من ان العبوة غير مطابقة لقرار نقل وتداول وتمييز عبوات اللبن لعدم بيان تاريخ اليوم على العبوة". وهو ما لا يقطع بشئ فى خصوص عدم احتفاظ اللبن المضبوط لخواصه الطبيعية أو ان يكون غير ظازج ولا يؤدى بطريق اللزوم العقلى الى ثبوت ارتكاب المتهمين لهذه الجريمة وبذلك يكون الحكم قد حاد بالدليل الذى اورده على ثبوت الواقعة عن نص ما انبأ به وفحواه، كما ان الفعل الذى ناقشه - عدم بيان تاريخ اليوم على العبوة - يختلف عن الفعل المنسوب الى الطاعن والمتهم الآخر من عرض لبن غير طازج للبيع مع علمهما بذلك، الأمر الذى ينبئ عن ان المحكمة لم تمحص الدعوى ولم تحط بظروفها وقضت بما لا أصل له فى الأوراق مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه، خاصة وان جريمة وضع بيانات غير مطابقة للحقيقة تقع وتتوافر اركانها ولو كانت السلعة التى يوضع البيان عليها غير مغشوشة ويتوافر القصد الجنائى فيه بمجرد وضع البيان غير الحقيقى مع العلم بعدم مطابقته للحقيقة، وهى تختلف عن جريمة الغش التى تتحقق بخلط الشىء أو اضافة مادة مغايرة لطبيعته أو من نفس طبيعته ولكن من صنف اقل جودة. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 106 لسنة 1980 بتعديل بعض احكام القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش - الذى ادانت المحكمة الطاعن بمقتضاه بمعاقبته بنشر الحكم فى جريدتين يوميتين على نفقته - قد صدر فى 20 من مايو سنة 1980 ونشر فى الجريدة الرسمية فى 31 من مايو سنة 1980 وعمل به بعد شهر من تاريخ نشره أى بعد الواقعة المنسوبة الى الطاعن فى 24 من يناير سنة 1980، ولما كانت المادة 66 من الدستور والمادة الخامسة من قانون العقوبات انه لا عقاب الا على الأفعال اللاحقة لنفاذ القانون الذى ينص عليها فضلا عما أوجبته المادة 188 من الدستور بنشر القوانين فى الجريدة الرسمية خلال اسبوعين من يوم اصدارها، وان يعمل بها بعد شهر من اليوم التالى لتاريخ نشرها حتى يتحقق علم الكافة بخطابه، وكذلك فانه من المقرر انه ليس للقانون الجنائى اثر رجعى ينسحب على الوقائع السابقة على نفاذه وهى قاعدة أساسية اقتضتها شرعية الجريمة والعقاب. وكانت التهمة المسندة الى الطاعن قد وقعت قبل التاريخ المحدد لنفاذ القانون الذى يوجب نشر الحكم فى جريدتين يوميتين على نفقة الطاعن، فان الحكم المطعون فيه اذ قضى بتلك العقوبة يكون قد اخطأ فى تطبيق القانون مما كان يتعين معه نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه بالغائها، الا انه نظرا لما شاب الحكم من قصور فى التسبيب له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون الموجبة للتصحيح، فان محكمة النقض لا تملك التعرض لما انزله من عقوبة النشر فى جريدتين يوميتين على نفقة الطاعن، اذ ليس بوسعها ان تصحح منطوق حكم قضت بنقضه، بل على محكمة الموضوع عند اعادة الدعوى لها الا تقضى بتلك العقوبة اذا رأت ان تدين الطاعن. لما كان ما تقدم، فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والاعادة دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن، وذلك بالنسبة للطاعن فقط وان كان وجها الطعن سالفا الذكر يتصلان بباقى المتهمين وكان يتعين نقضه والاعادة بالنسبة لهما ايضا عملا بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض، الا انه لما كان الحكم المطعون فيه غيابيا بالنسبة لهما قابلا للطعن فيه بالمعارضة منهما، فان اثر الطعن لا يمتد اليهما.