أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 2 – صـ625

جلسة 12 من مايو سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فؤاد شلبى، حامد مكى، فتحى حنضل وجرجس عدلى نواب رئيس المحكمة.

(121)
الطعن رقم 1095 لسنة 61 القضائية

(1-5) نقض" جواز الطعن بالنقض: الأحكام الجائز الطعن فيها، الأحكام غير الجائز الطعن فيها" حكم. دستور. نظام عام. محكمة الموضوع.
(1) الطعن بالنقض. نطاقه. اقتصاره أصلاً على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف فى الحالتين المنصوص عليهما بالمادة 248 مرافعات. الاستثناء. جواز الطعن بالنقض فى أى حكم انتهائى صدر على خلاف قضاء سابق بين الخصوص أنفسهم حاز قوة الأمر المقضى فى مسألة ثار حولها النزاع واستقرت الحقيقية بشأنها بالفصل فيها فى منطوق الحكم أو فى أسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق. م 249 مرافعات.
(2) الدفع بعدم دستورية القوانين. عدم تعلقه بالنظام العام. مؤداه. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. شرطه. عدم وقوعه على الإجراءات والقواعد التى تحكم نظر الطعن فى الأحكام أمام محكمة النقض. علة ذلك.
(3) محكمة الموضوع. سلطتها فى تقدير مدى جدية الدفع بعد دستورية نص معين يحكم واقعة النزاع. مؤداه. إنتهاؤها إلى عدم جدية أسباب الدفع. أثره. استمرارها فى نظر الدعوى. م 29 ق 48 لسنة 1979. علة ذلك.
(4) قصر المشرع نظر النزاع على درجتى التقاضى العادية وغلق باب الطعن فى الحكم بإلتماس إعادة النظر أو النقض إلا فى حالات محددة حصراً. علة ذلك. مراعاة الآثار المترتبة على إطالة أمد النزاع وعدم تناسبها ومصلحة المتقاضين أو اتفاقها ومقتضيات الصالح العام. تطبيقاً لذلك. رهن المشرع جواز الطعن بالنقض فى الأحكام الابتدائية بهيئة استئنافية بمناقضة الحكم المطعون فيه قضاءً سابقاً حاز قوة الأمر المقضى. مؤداه. عدم جدية الدفع بعدم دستورية م 248 مرافعات.
(5) النعى ببطلان الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى فهم الواقع والاخلال بحق الدفاع وخروجه عن الحالات الجائز الطعن فيها بالنقض. أثره. عدم جواز الطعن.
1 - إن المقرر أصلاً بنص المادة 248/ 1 من قانون المرافعات أن الطعن أمام محكمة النقض إنما يكون فى الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف فى الحالتين المنصوص عليهما فيها وأنه استثناء من هذا الأصل نصت المادة 249 من قانون المرافعات على أن للخصوم ان يطعنوا أمام محكمة النقض فى أى حكم انتهائى - أياً كانت المحكمة التى أصدرته - فصل فى نزاع خلافًا لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضى، ومؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يكون الحكم المطعون فيه قد خالف قضاءً سابقا حاز قوة الأمر المقضى صادراً بين نفس الخصوم فى مسألة ثار حولها النزاع واستقرت الحقيقة بشأنها بالفصل فيها فى منطوق الحكم السابق أو فى أسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقًا بالمنطوق.
2 - إن الأصل أن الدفع بعدم دستورية القوانين - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - غير متعلق بالنظام العام ومن ثم لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أن ذلك مشروط بألا يكون هذا الدفع قد إنصب على الإجراءات والقواعد التى تحكم نظر الطعن فى الأحكام أمام محكمة النقض إذ لا يتصور أن يكون الدفع من أحد خصوم الطعن على أى من هذه النصوص إلا أمام محكمة النقض.
3 - إذ كان المشرع بمقتضى نص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون 48 لسنة 1979 قد خول المحكمة التى يدفع أمامها بعد دستورية نص معين سلطة تقدير مدى جدية الدفع بعدم دستورية هذا النص الذى يحكم واقعة النزاع فإذا رأت أن أسباب الدفع بعدم الدستورية غير جدية استمرت فى نظر الدعوى وذلك تقديراً منه بضرورة توافر المقتضى الذى يبرر وقف الدعوى لحين فصل المحكمة الدستورية العليا فى الدفع المشار إليه حتى لا يتخذه الخصوم وسيلة لإطالة أمد التقاضى بغير مبرر.
4 - إذ كان للمشروع فى إطار سلطته فى مجال تنظيم الحقوق ومراعاة ما يقتضيه الصالح العام أن يقصر نظر النزاع على درجتى التقاضى العادية وأن يغلق على الخصوم باب الطعن فى الحكم بالتماس إعادة النظر أو النقض إلا فى حالات حددها على سبيل الحصر مراعاة منه لنوع الخصومة وقيمتها وما قد يترتب على إطالة أمد النزاع من آثار لا تتناسب ومصلحة المتقاضين ولا تتفق ومقتضيات الصالح العام، وعلى ذلك كان مناط جواز الطعن بالنقض فى أحكام المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية وفقاً لنص المادة 249 من قانون المرافعات مرهون بأن يكون الحكم المطعون فيه قد ناقض قضاءً سابقاً حاز قوة الأمر المقضى فى مسألة ثار النزاع حولها بين الخصوم أنفسهم واستقرت الحقيقة بينهم بشأنها وهو ما ينبئ عن عدم جدية الدفع بعد دستورية نص المادة 248 من قانون المرافعات.
5 - إذ كان ما تنعاه الطاعنة بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه البطلان والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى فهم الواقع والإخلال بحق الدافع، وهو مما يخرج عن الحالة التى يجوز فيها الطعن فى الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية فإن الطعن بالنقض يكون غير جائز.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل - وبالقدر الذ يتطلبه الفصل فى الطعن - فى أن الطاعنة وأخرتين أقمن على المطعون ضدهم الدعوى 88 لسنة 1987 أمام محكمة باب الشعرية الجزئية بطلب الحكم برد وبطلان توقيعات مورثهن على عقود الإيجار المبينة بالصحيفة وحوالتها، ندبت المحكمة خبيراً فى الدعوى وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدعوى، استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بالاستئناف 75 لسنة 1990 وفيه حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف " طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم جواز الطعن، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة - فى غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم جواز الطعن أن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية لم يناقض حكماً آخر سبق صدوره فى النزاع ذاته بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضى.
وحيث إن هذا الدفع فى محله، ذلك إن المقرر أصلاً بنص المادة 248/ 1 من قانون المرافعات - أن الطعن أمام محكمة النقض إنما يكون فى الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف فى الحالتين المنصوص عليهما فيها وأنه استثناء من هذا الأصل نصت المادة 249 من قانون المرافعات على أن للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض فى أى حكم انتهائى - أياً كانت المحكمة التى أصدرته - فصل فى نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضى، ومؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يكون الحكم المطعون فيه قد خالف قضاءً سابقاً حاز قوة الأمر المقضى صادراً بين نفس الخصوم فى مسألة ثار حولها النزاع واستقرت الحقيقة بشأنها بالفصل فيها فى منطوق الحكم السابق أو فى أسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد دفعت بعدم دستورية المادة 248 من قانون المرافعات - سالفة الذكر - على قاله أنها قصرت الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة من المحاكم الاستئنافية دون الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائة بهيئة استئنافية ولو كان الحكم فيها مبنياً على مخالفة القانون أو لبطلان فى إجراءاته، مما يخل بحكم المادة 68 من الدستور التى نصت على أن التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة. وكان الأصل أن الدفع بعدم دستورية القوانين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير متعلق بالنظام العام ومن ثم لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أن ذلك مشروط بألا يكون هذا الدفع قد إنصب على الإجراءات والقواعد التى تحكم نظر الطعن فى الأحكام أمام محكمة النقض إذ لا يتصور أن يكون الدفع من أحد خصوم الطعن على أى من هذه النصوص إلا أمام محكمة النقض وكان المشرع بمقتضى نص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون 48 لسنة 1979 قد خول المحكمة التى يدفع أمامها بعدم دستورية نص معين سلطة تقدير مدى جدية الدفع بعدم دستورية هذا النص الذى يحكم واقعة النزاع فإذا رأت أن أسبات الدفع بعدم الدستورية غير جدية استمرت فى نظر الدعوى وذلك تقديراً منه بضرورة توافر المقتضى الذى يبرر وقف الدعوى لحين فصل المحكمة الدستورية العليا فى الدفع المشار إليه حتى لا يتخذه الخصوم وسيلة لإطالة أم التقاضى بغير مبرر.
ولما كان للمشروع فى إطار سلطته فى مجال تنظيم الحقوق ومراعاة ما يقتضيه الصالح العام أن يقصر نظر النزاع على درجتى التقاضى العادية وأن يغلق على الخصوم باب الطعن فى الحكم بالتماس إعادة النظر أو النقض إلا فى حالات حددها على سبيل الحصر مراعاة منه لنوع الخصومة وقيمتها وما قد يترتب على إطالة أمد النزاع من آثار لا تتناسب ومصلحة المتقاضين ولا تتفق ومقتضيات الصالح العام، وعلى ذلك كان مناط جواز الطعن بالنقض فى أحكام المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية وفقاً لنص المادة 249 من قانون المرافعات مرهون بأن يكون الحكم المطعون فيه قد ناقض قضاءً سابقاً حاز قوة الأمر المقضى فى مسألة ثار النزاع حولها بين الخصوم أنفسهم واستقرت الحقيقة بينهم بشأنها وهو ما ينبئ عن عدم جدية الدفع بعد دستورية نص المادة 248 من قانون المرافعات. لما كان ذلك، وكان ما تنعاه الطاعنة بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه البطلان والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى فهم الواقع والإخلال بحق الدافع، وهو مما يخرج عن الحالة التى يجوز فيها الطعن فى الأحكام الصادرة من الحاكم الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية فإن الطعن بالنقض يكون غير جائز.