أحكام النقض - المكتب الفنى - مدني
السنة 53 - الجزء 2 - صـ 636

جلسة 13 من مايو سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ أحمد الحديدى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ منير الصاوى، عبد المنعم عُلما، ضياء أبو الحسن نواب رئيس المحكمة، والدكتور/ حسن البدراوى.

(123)
الطعن رقم 5111 لسنة 65 القضائية

(1، 2) ضرائب "الضريبة على المرتبات: إجراءات ربط الضريبة".
(1) الضريبة على المرتبات لمن تسرى عليهم أحكام الخصم من المنبع. انطباق م 72 ق 157 لسنة 1981 المبينة لسبيل الاعتراض على ربط الضريبة. من لا تسرى عليهم أحكام الخصم من المنبع. لم يرسم المشرع طريقاً معيناً للإخطار بربط الضريبة أو الطعن فى الربط.
(2) إجراءات ربط ضريبة الأرباح التجارية والصناعية. لا تسرى فى شأن ممولى ضريبة المرتبات. أساسا ذلك. مؤداه. عدم تحديد المشرع شكلاً خاصماً للإخطار بضريبة المرتبات. أثره. إخطار المأمورية للطاعن بربط الضريبة بمقتضى الإخطار المعد لذلك باعتباره من طائفة ممولى المرتبات ممن لا تسرى عليهم أحكام الخصم من المنبع. صحيح.
(3) ضرائب" الضريبة على المرتبات" "كسب العمل".
الضريبة على المرتبات. هى ضريبة على كسب العمل. ليس هناك مغايرة بينهما علة ذلك.
(4) ضرائب "الضريبة على المرتبات".
المأذون الشرعى. موظف عام. ما يحصل عليه من ذوى الشأن نقداً أو عيناً مقابل توثيقه العقود والاشهادات خضوعه للضريبة على المرتبات.
(5) ضرائب "الضريبة على المرتبات: ما يتقاضاه موثق عقود الزواج لغير المسلمين".
موثق عقود الزواج لغير المسلمين. موظف عام. أساس ذلك. ما يتقاضاه من أجر مقابل توثيق عقود الزواج لغير المسلمين خضوعه للضريبة على المرتبات.
(6) ضرائب "قرارات لجنة الطعن". قوة الأمر المقضى.
لجنة الطعن الضريبى. هيئة إدارية لها ولاية القضاء للفصل فى خصومة. صيرورة القرار الصادر منها نهائياً. أثره. اكتسابه قوة الأمر المقضى بين الخصوم أنفسهم. أثر ذلك.
(7) حكم "حجية الحكم"
المنع من إعادة النزاع فى المسألة المقضى فيها شرطه. وحدة المسألة فى الدعويين.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها فى فهم الواقع وتقدير الأدلة".
محكمة الموضوع. لها السلطة التامة فى فهم الواقع وتقدير الأدلة. حسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله.
1 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن البين من استقراء نصوص المواد من 55 وحتى 72 والواردة بالباب الثالث من الكتاب الأول من القانون رقم 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل تحت عنوان الضريبة على المرتبات أن المشرع وإن كان قد بين بالمادة 72 من القانون المشار إليه لممول ضريبة المرتبات الذى تسرى عليه أحكام الخصم من المنبع سبيل الاعتراض على ربط الضريبة إلا أنه لم يرسم طريقًا معينًا تلتزم به مصلحة الضرائب للإخطار بربط الضريبة أو سبيلاً محددًا للطعن فى هذا الربط بالنسبة لممول هذه الضريبة الذى لا تسرى عليه أحكام الخصم من المنبع.
2 - إذ كان الثابت أن مأمورية الضرائب قد أخطرت الطاعن بربط الضريبة عن سنوات النزاع بمقتضى الإخطار المعد لذلك باعتباره من طائفة مولى ضريبة المرتبات الذين لا تسرى عليهم أحكام الخصم من المنبع. وكانت إجراءات ربط الضريبة المنصوص عليها بالمادة 41 من القانون رقم 157 لسنة 1981 والمندرجة ضمن مواد الفصل الخامس من الباب الثانى والمنظمة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، لا تسرى فى شأن الممولين الخاضعين لأحكام الضريبة على المرتبات باعتبار أن نصوص هذه الضريبة الأخيرة لم يرد بها أى إحالة إلى أحكام الفصل الخامس من الباب الثانى بما مؤداه أن المشرع لم يحدد شكلاً خاصاً للإخطار بربط الضريبة يتعين الالتزام به.
3 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 قد أفرد الباب الثالث من الكتاب الأول للضريبة على المرتبات والباب الرابع من ذات الكتاب للضريبة على أرباح المهن غير التجارية، وكان القانون رقم 14 لسنة 1939 قد اتخذ عنواناً للكتاب الثالث "الضريبة على كسب العمل" وقسمه إلى بابين خص الأول منهما بالضريبة على المرتبات وما فى حكمها والأجور والمكافآت والمعاشات، وخص الثانى بالضريبة على أرباح المهن غير التجارية مما يدل على أن الضريبة على المرتبات هى ضريبة على كسب العمل وليس هناك مغايرة بينهما لأن المرتبات ناتجة من العمل لدى الغير.
4 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن البين من استقراء نصوص لائحة المأذونين الصادر بها قرار وزير العدل فى 10/ 1/ 1955 أن المأذون هو موظف عمومى يختص دون غيره بتوثيق عقود الزواج وإشهادات الطلاق والرجعة والتصادق على ذلك بالنسبة للمسلمين من المصريين، ومن ثم فإن ما يحصل عليه من ذوى الشأن نقداً أو عيناً بمناسبة ما يوثقه من هذه العقود والإشهادات يخضع للضريبة على المرتبات - وهى ضريبة على كسب العمل - ولا يخضع لضريبة المهن غير التجارية.
5 - إن موثق عقود الزواج لغير المسلمين موظفاً عمومياً هو الآخر باعتبار أن العمل الذى يؤديه يتماثل مع العمل الذى يؤديه المأذون الشرعى ويكون ما يتقاضاه من أجر مقابل توثيق عقود الزواج لغير المسلمين يخضع أيضاً للضريبة على المرتبات وهى ضريبة على كسب العمل ولا يخضع لضريبة المهن غير التجارية.
6 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن لجان الطعن المنصوص عليها فى المادة 158 من القانون رقم 157 لسنة 1981 - المقابلة للمادة 50 من القانون 14 لسنة 1939 المعدلة بالقانون رقم 253 لسنة 1953 - وإن كانت هيئات إدارية إلا أن القانون أعطاها ولاية القضاء للفصل فى خصومة بين مصلحة الضرائب والممول فتحوز القرارات التى تصدرها فى هذا الشأن قوة الأمر المقضى متى أصبحت غير قابلة للطعن، وتصبح حجة بما فصلت فيه من الحقوق فلا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة فى نزاع قام بين الخصوم أنفسهم وتعلق بذات الحق محلاً وسبباً.
7 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن المنع من إعادة طرح النزاع فى المسألة المقضى فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة فى الدعويين وهى تكون كذلك إذا كانت أساسية لا تتغير، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها فى الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراًً جامعاً مانعاً وأن تكون هى بذاتها الأساس فيما يدعى به فى الدعوى الثانية بين نفس الخصوم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند إلى قرارى اللجنة السابقين فى شأن إخضاع نشاط الطاعن "توثيق عقود الزواج لغير المسلمين" لضريبة كسب العمل، وكانت المسألة التى ثار النزاع بشأنها بمقتضى القرارين السابقين هى بذاتها التى ثار بشأنها النزاع بين طرفى الخصومة فى الدعوى الراهنة، إذ أخضعت المصلحة المطعون ضدها الطاعن لضريبة كسب العمل عن نشاطه كموثق عقود زواج لغير المسلمين عن السنوات 86، 87، 88 وكان قرارى اللجنة السابقين قد حازا حجية الأمر المقضى فى هذا الشأن لصيرورتهما نهائيين بعدم الطعن عليهما ومن ثم فقد حسما النزاع فى الدعوى الراهنة وقطعا بخضوع ما يتقاضاه الطاعن من مبالغ نظير القيام بهذا العمل للضريبة على كسب العمل ويمتنع بالتالى إثارة هذه المسألة أو مناقشتها فى أية دعوى تالية تقوم بين ذات الخصوم طالما لم تتغير الظروف، ولا يغير من ذلك ما آثاره الطاعن من أنه لم يطعن على القرارين السابقين لضآلة القيمة إذ أن عدم الطعن يؤدى إلى تحصين القرار وحيازته للحجية بالنسبة لقدر الضريبة وأساس فرضها ولا عبرة باختلاف السنوات المطالب بالضريبة عنها فى كل من القرارين السابقين وفى الدعوى الراهنة إذ أن مبدأ استقلال السنوات الضريبة لا يتعدى نطاقه جانب الأرباح التى تتحقق على مدار السنة ولا يتعداه إلى الأساس المشترك وهو مدى خضوع نشاط الطاعن - توثيق عقود الزواج لغير المسلمين - لضريبة كسب العمل.
8 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى، وتقدير ما يقدم إليها من أدلة، ولا تثريب عليها فى الأخذ بأى دليل تكون قد اقتنعت به وبحسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما انتهى إليه قرار اللجنة والذى خلص إلى "... أن اللجنة ترى أن عمل الطاعن له شقان شق دينى وشق مدنى - والشق الدينى يتمثل فى مراسم صلوات الإكليل المقدس وهو يؤدى مجاناً، أما الشق الثانى المدنى والذى يتمثل فى توثيق العقود لغير المسلمين فى سجلات محاكم الأحوال الشخصية وهذه وإن كانت متممة لعملية الإكليل إلا أنها منفصلة تماماً عن العملية الروحية حيث يقوم الطاعن بكتابة بيانات العقود فى دفاتر الزواج التى يحصل عليها من المحكمة بعد سداد قيمة الرسوم ثم يقوم بتسجيل هذه العقود فى سجلات المحكمة مقابل الأتعاب التى يحصل عليها...... كما سبق محاسبة الطاعن عن إيراده من توثيق العقود فى السنة السابقة وصار قرار اللجنة نهائياً بعدم الطعن عليه......" وكان ذلك من الحكم استخلاصاً سائغاً له أصله الثابت بالأوراق، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة فى الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن مأمورية الضرائب المختصة قدرت صافى إيراد الطاعن من نشاطه "موثق عقود الزواج بالكنيسة" عن السنوات من 1986 حتى 1988، فاعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التى قررت تأييد تقديرات المأمورية، أقام الطاعن الدعوى رقم 208 لسنة 1991 طنطا الابتدائية " مأمورية المحلة الكبرى" ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 22/ 2/ 1994 بإلغاء قرار اللجنة واعتباره كأن لم يكن" استأنفت المصلحة المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 254 لسنة 44 ق طنطا وبتاريخ 27/ 2/ 1995 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتأييد قرار اللجنة، طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، أودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. وإذ عُرض على هذه المحكمة - فى غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، ذلك أن الإخطارات والنماذج التى وجهتها المصلحة المطعون ضدها للطاعن لمطالبته بضريبة كسب العمل وقعت باطلة، إذ خلت من أسس وعناصر ربط الضريبة بالمخالفة لنص المادتين 41 من القانون 157 لسنة 1981 و 25 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أن البين من استقراء نصوص المواد من 55 وحتى 72 والواردة بالباب الثالث من الكتاب الأول من القانون رقم 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل تحت عنوان الضريبة على المرتبات أن المشرع وإن كان قد بين بالمادة 72 من القانون المشار إليه لممول ضريبة المرتبات الذى تسرى عليه أحكام الخصم من المنبع سبيل الاعتراض على ربط الضريبة إلا أنه لم يرسم طريقاً معيناً تلتزم به مصلحة الضرائب للإخطار بربط الضريبة أو سبيلاً محدداً للطعن فى هذا الربط بالنسبة لممول هذه الضريبة الذى لا تسرى عليه أحكام الخصم من المنبع، وكان الثابت أن مأمورية الضرائب قد أخطرت الطاعن بربط الضريبة عن سنوات النزاع بمقتضى الإخطار المعد لذلك - باعتباره من طائفة ممولى ضريبة المرتبات الذين لا تسرى عليهم أحكام الخصم من المنبع. وكانت إجراءات ربط الضريبة المنصوص عليها بالمادة 41 من القانون رقم 157 لسنة 1981 والمندرجة ضمن مواد الفصل الخامس من الباب الثانى والمنظمة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، لا تسرى فى شأن الممولين الخاضعين لأحكام الضريبة على المرتبات باعتبار أن نصوص هذه الضريبة الأخيرة لم يرد بها أى إحالة إلى أحكام الفصل الخامس من الباب الثانى بما مؤداه أن المشرع لم يحدد شكلاً خاصاً للإخطار بربط الضريبة يتعين الالتزام به على نحو ما سلف ويضحى النعى بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، ذلك أن ما يتقاضاه الطاعن من أجر مقابل توثيق عقود الزواج فى حالة تحققه لا يدخل ضمن المرتبات أو الأجور وما فى حكمها ومن ثم لا يخضع لضريبة كسب العمل وإنما يخضع لضريبة المهن غير التجارية.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أن المقرر فى قضاء محكمة النقض - أن قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 قد أفرد الباب الثالث من الكتاب الأول للضريبة على المرتبات والباب الرابع من ذات الكتاب للضريبة على أرباح المهن غير التجارية، وكان القانون رقم 14 لسنة 1939 قد اتخذ عنواناً للكتاب الثالث" الضريبة على كسب العمل" وقسمه على بابين خص الأول منهما بالضريبة على المرتبات وما فى حكمها والأجور والمكافآت والمعاشات، وخص الثانى بالضريبة على أرباح المهن غير التجارية مما يدل على أن الضريبة على المرتبات هى ضريبة على كسب العمل وليس هناك مغايرة بينهما لأن المرتبات ناتجة من العمل لدى الغير. لما كان ذلك، وكان البين من استقراء نصوص لائحة المأذونين الصادر بها قرار وزير العدل فى 10/ 1/ 1955 أن المأذون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو موظف عمومى يختص دون غيره بتوثيق عقود الزواج وإشهادات الطلاق والرجعة والتصادق على ذلك بالنسبة للمسلمين من المصريين، ومن ثم فإن ما يحصل عليه من ذوى الشأن نقداً أو عيناً بمناسبة ما يوثقه من هذه العقود والإشهادات يخضع للضريبة على المرتبات - وهى ضريبة على كسب العمل - ولا يخضع لضريبة المهن غير التجارية، ومن ثم يكون موثق عقود الزواج لغير المسلمين موظفاً عمومياً هو الآخر باعتبار أن العمل الذى يؤديه يتماثل مع العمل الذى يؤديه المأذون الشرعى ويكون ما يتقاضاه من أجر مقابل توثيق عقود الزواج لغير المسلمين يخضع أيضاً للضريبة على المرتبات وهى ضريبة على كسب العمل ولا يخضع لضريبة المهن غير التجارية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعى عليه بهذا السبب يضحى على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه أنه استند فى قضائه بإخضاع نشاط الطاعن لضريبة كسب العمل على سبق محاسبته عن هذا النشاط فى سنة 1983 بموجب قرار لجنة الطعن رقم 52 لسنة 1985 وعن سنة 1984 بموجب قرار لجنة الطعن رقم 13 لسنة 1987 واللذين صارا نهائيين بعدم الطعن عليهما ومن ثم يمتنع إثارة هذه المسألة فى أية دعوى تالية، فى حين أن هذين القرارين لم يكن هناك جدوى من الطعن عليهما لضآلة قيمة الضريبة التى قررتها اللجنة فضلاً عن أنه لا يجوز التمسك بهما إعمالاً لمبدأ استقلال السنوات الضريبية.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن لجان الطعن المنصوص عليها فى المادة 158 من القانون رقم 157 لسنة 1981 - المقابلة للمادة 50 من القانون 14 لسنة 1939 المعدلة بالقانون رقم 253 لسنة 1953 - وإن كانت هيئات إدارية إلا أن القانون أعطاها ولاية القضاء للفصل فى خصومة بين مصلحة الضرائب والممول فتحوز القرارات التى تصدرها فى هذا الشأن قوة الأمر المقضى متى أصبحت غير قابلة للطعن، وتصبح حجة بما فصلت فيه من الحقوق فلا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة فى نزاع قام بين الخصوم أنفسهم وتعلق بذات الحق محلاً وسبباً، كما أن المنع من إعادة طرح النزاع فى المسألة المقضى فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة فى الدعويين وهى تكون كذلك إذا كانت أساسية لا تتغير، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها فى الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراًُ جامعاً منعاً وأن تكون هى ب بذاتها الأساس فيما يدعى به فى الدعوى الثانية بين نفس الخصوم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فى قد استند إلى قرارى اللجنة السابقين فى شأن إخضاع نشاط الطاعن "توثيق عقود الزواج لغير المسلمين" لضريبة كسب العمل، وكانت المسألة التى ثار النزاع بشأنها بمقتضى القرارين السابقين هى بذاتها التى ثار بشأنها النزاع بين طرفى الخصومة فى الدعوى الراهنة، إذ أخضعت المصلحة المطعون ضدها الطاعن لضريبة كسب العمل عن نشاطه كموثق عقود زواج لغير المسلمين عن السنوات 86، 87، 88 وكان قرارى اللجنة السابقين قد حازا حجية الأمر المقضى فى هذا الشأن لصيرورتهما نهائيين بعدم الطعن عليهما ومن ثم فقد حسما النزاع فى الدعوى الراهنة وقطعا بخضوع ما يتقاضاه الطاعن من مبالغ نظير القيام بهذا العمل للضريبة على كسب العمل ويمتنع بالتالى إثارة هذه المسألة أو مناقشتها فى أية دعوى تالية تقوم بين ذات الخصوم طالما لم تتغير الظروف، ولا يغير من ذلك ما آثاره الطاعن من أنه لم يطعن على القرارين السابقين لضآلة القيمة إذ أن عدم الطعن يؤدى إلى تحصين القرار وحيازته للحجية بالنسبة لقدر الضريبة وأساس فرضها ولا عبرة باختلاف السنوات المطالب بالضريبة عنها فى كل من القرارين السابقين وفى الدعوى الراهنة إذ أن مبدأ استقلال السنوات الضريبة لا يتعدى نطاقه جانب الأرباح التى تتحقق على مدار السنة ولا يتعداه إلى الأساس المشترك وهو مدى خضوع نشاط الطاعن - توثيق عقود الزواج لغير المسلمين - لضريبة كسب العمل، ويضحى النعى بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعى بالسبب الرابع أن الطاعن تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه لم يتقاض أى مقابل عن قيامه بتوثيق عقود الزواج لغير المسلمين، لأن الزواج فى شريعة الأقباط الأرثوذكس عمل دينى بحت لا يتم إلا بإجراء الطقوس والمراسيم الدينية والصلوات إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن تحقيق هذا الدفاع.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى، وتقدير ما يقدم إليها من أدلة، ولا تثريب عليها فى الأخذ بأى دليل تكون قد اقتنعت به وبحسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما انتهى إليه قرار اللجنة والذى خلص إلى "... أن اللجنة ترى أن عمل الطاعن له شقان شق دينى وشق مدنى - والشق الدينى يتمثل فى مراسم صلوات الإكليل المقدس وهو يؤدى مجاناً، أما الشق الثانى المدنى والذى يتمثل فى توثيق العقود لغير المسلمين فى سجلات محاكم الأحوال الشخصية وهذه وإن كانت متممة لعملية الإكليل إلا أنها منفصلة تماماً عن العملية الروحية حيث يقوم الطاعن بكتابة بيانات العقود فى دفاتر الزواج التى يحصل عليها من المحكمة بعد سداد قيمة الرسوم ثم يقوم بتسجيل هذه العقود فى سجلات المحكمة مقابل الأتعاب التى يحصل عليها...... كما سبق محاسبة الطاعن عن إيراده من توثيق العقود فى السنة السابقة وصار قرار اللجنة نهائياً بعدم الطعن عليه......" وكان ذلك من الحكم استخلاصًا سائغاً له أصله الثابت بالأوراق، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة فى الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.