أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 2 - صـ 841

جلسة 23 من يونيه سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فؤاد شلبى، حامد مكى وفتحى حنضل "نواب رئيس المحكمة" ومجدى مصطفى.

(164)
الطعن رقم 1087 لسنة 71 القضائية

(1، 2) حكم "عيوب التدليل: الفساد فى الاستدلال: ما يعد كذلك". دعوى "دعوى استرداد ما دفع بغير حق".
(1) فساد الحكم فى الاستدلال. ماهيته. انطواء الحكم على عيب يمس سلامة الاستنباط تحققه فى حالة استناد المحكمة إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو عدم فهم العناصر الواقعية التى ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما فى حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى تنتهى إليها المحكمة بناء على العناصر التى ثبتت لديها.
(2) تطبيق المادة 181 مدنى. مناظه. قيام الموفى بالوفاء بما ليس مستحقًا من ماله. المدعى فى دعوى استرداد غير المستحق. هو الدائن الذى حصل الدفع من ماله. جواز استرداده ما دفع دون وجه حق من المدفوع له بلا سبب يخوله اقتضاء ما دفع له. (مثال لتسبيب معيب)
1 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تكون مشوبة بفساد الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما فى حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها فى حكمها بناء على تلك العناصر التى ثبتت لديها.
2 - إذ كان مناط تطبيق المادة 181 من القانون المدنى هو أن يكون الموفى قد قام بالوفاء بما ليس مستحقًا من ماله. وبالتالى فإن المدعى فى دعوى استرداد غير المستحق إنما هو الدائن الذى حصل الدفع من ماله، فيجوز له استرداد ما دفع دون حق من المدفوع له بلا سبب يخوله اقتضاء ما دفع له، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دفع الطاعنين بعدم قبول دعوى المطعون ضده لرفعها من غير ذى صفة عن الفترة السابقة على صدور تنازل المالك الأصلى للمخبز له عنه فى 1/ 9/ 1992 على ما أورده ".. أن صاحب المخبز الأصلى تنازل للمستأنف ضده - المطعون ضده - عن المخبز موضوع الدعوى بتاريخ 1/ 9/ 1992 وتم اعتماد هذا التنازل من محافظ سوهاج فى 5/ 12/ 1992 واستمر المخبز فى حوزة المستأنف ضده حتى 1/ 12/ 1996 إلى أن قام المذكور بتأجيره لآخر" ومفاد ذلك أن المستأنف ضده كان خلال هذه الفترة هو صاحب المخبز ومديره وأنه هو الذى سدد الرسوم المطالب بها عنها الأمر الذى يكون معه هذا الدفع فى غير محله"، ومؤدى هذا الذى أثبته الحكم وبنى عليه قضاءه أن المطعون ضده لم تكن له أى صلة بالمخبز المؤدى الرسم عن حصة الدقيق المنصرفة له قبل 1/ 9/ 1992 وبالتالى فلا يكون هو الدائن الذى قام بدفع رسوم حصة الدقيق عن المدة السابقة على 1/ 9/ 1992، غير أن الحكم رغم ذلك رفض دفع الطاعنين بانتفاء صفة المطعون ضده فى طلب استرداد ما تم تحصيله منها عن الفترة السابقة على التنازل، ورتب على ذلك قضاءه بإلزام الطاعنين بأداء المبلغ المقضى به مشتملاً على ما تم تحصيله قبل 1/ 9/ 1992 وهو ما يعيبه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 304 لسنة 1999 مدنى سوهاج الابتدائية "مأمورية أخميم" بطلب الحكم بإلزام الطاعنين برد مبلغ 17857 جنيه، وقال بياناً لذلك إنه صدر قرار الطاعن الأول بتاريخ 12/ 7/ 1990 بفرض رسم خدمة بواقع جنيه واحد ثم تعديله إلى مبلغ جنيهين وستين قرشًا عن كل جوال دقيق، وجرى تحصيل هذا الرسم عن حصة الدقيق المنصرفة له من وقت نفاذ القرار حتى قضى بإلغائه من محكمة القضاء الإدارى بترايخ 14/ 5/ 1996 وإذ كان تحصيل الطاعنين لهذه المبالغ قد تم دون وجه حق، فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 18/ 3/ 2000 بإلزام الطاعنين بأن يؤديا للمطعون ضده مبلغ 6518.80 جنيهاً، استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط "مأمورية سوهاج" برقم 862 سنة 75 ق فحكمت المحكمة بتاريخ 9/ 1/ 2001 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد ينعى فيه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الفساد فى الاستدلال وفى بيانه يقولان إنه رغم أن الثابت من واقع الدعوى أن المالك المرخص له بإدارة المخبز تنازل عنه للمطعون ضده بتاريخ 1/ 9/ 1992 وبالتالى فلم يتم تحصيل الرسم منه عن حصة الدقيق المنصرفة للمخبز إلا اعتباراً من ذلك الحين فلا يكون له حق المطالبة برد الرسم المحصل بدون وجه حق إلا اعتباراً من 1/ 9/ 1992 غير أن الحكم ألزمهما برد تلك الرسوم له بما يشتمل على رسوم محصلة قبل ذلك على قالة أن المطعون ضده كان مالكاً للمخبز ومديره خلال تلك الفترة وأنه هو الذى سدد الرسوم المطالب بردها وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تكون مشوبة بفساد الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما فى حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها فى حكمها بناء على تلك العناصر التى ثبتت لديها. وأن مناط تطبيق المادة 181 من القانون المدنى هو أن يكون الموفى قد قام بالوفاء بما ليس مستحقاً من ماله، وبالتالى فإن المدعى فى دعوى استرداد غير المستحق إنما هو الدائن الذى حصل الدفع من ماله، فيجوز له استرداد ما دفع دون وجه حق من المدفوع له بلا سبب يخوله اقتضاء ما دفع له، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دفع الطاعنين بعدم قبول دعوى المطعون ضده لرفعها من غير ذى صفة عن الفترة السابقة على صدور تنازل المالك الأصلى للمخبز له عنه فى 1/ 9/ 1992 على ما أورده ".. أن صاحب المخبز الأصلى تنازل للمستأنف ضده - المطعون ضده - عن المخبز موضوع الدعوى بتاريخ 1/ 9/ 1992 واستمر المخبز فى حوزة المستأنف ضده حتى 1/ 12/ 1996 إلى أن قام المذكور بتأجيره لآخر ومفاد ذلك أن المستأنف ضده كان خلال هذه الفترة هو صاحب المخبز ومديره وأنه هو الذى سدد الرسوم المطالب بها عنها الأمر الذى يكون معه هذا الدفع فى غير محله"، ومؤدى هذا الذى أثبته الحكم وبنى عليه قضاءه أن المطعون ضده لم تكن له أى صلة بالمخبز المؤدى الرسم عن حصة الدقيق المنصرفة له قبل 1/ 9/ 1992 وبالتالى فلا يكون هو الدائن الذى قام بدفع رسوم حصة الدقيق عن المدة السابقة على 1/ 9/ 1992، غير أن الحكم رغم ذلك رفض دفع الطاعنين بانتفاء صفة المطعون ضده فى طلب استرداد ما تم تحصيله منها عن الفترة السابقة عن التنازل، ورتب على ذلك قضاءه بإلزام الطاعنين بأداء المبلغ المقضى به مشتملاً على ما تم تحصيله قبل 1/ 9/ 1992 وهو ما يعيبه ويوجب نقضه فى هذا الخصوص.