أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 2 - صـ 882

جلسة 26 يونيه سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ حماد الشافعى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكرى العميرى، عبد الصمد عبد العزيز، محسن فضلى نواب رئيس المحكمة وعبد العزيز فرحات.

(171)
الطعن رقم 2402 لسنة 71 القضائية

(1 - 3) دعوى "شروط قبولها: المصلحة". التزام. حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه: ما يعد كذلك".
(1) المصلحة المباشرة مناط الدعوى. تخلف هذه المصلحة. أثره. صيرورة الدعوى غير مقبولة.
(2) الدعوى المرفوعة ببراءة الذمة من دين لم يكن محل منازعة من الدائن ولم يطالب به أو يدعى انشغال ذمة رافعها به. غير مقبولة. علة ذلك. عدم تحقق المصلحة للأخير. الأصل. براءة الذمة.
(3) تحديد الطاعنين فى دعواهم مبلغ الأتعاب المستحقة لمورثهم فى ذمة المطعون ضدهم. مؤداه. اقتصار مصلحة الأخيرين فى القضاء لهم ببراءة ذمتهم من هذا الدين على هذا المبلغ دون ما يتعداه من مبالغ أخرى لم يدع الطاعنون انشغال ذمتهم بها. عدم تقديم المطعون ضدهم ما يقيد مطالبتهم بأتعاب أكثر من ذلك المبلغ. أثره. صيرورة دعواهم ببراءة ذمتهم غير مقبولة فى حدود القدر الزائد عنه. علة ذلك. افتقادها لشرط المصلحة فى هذا القدر وانتفاء توافر المصلحة المحتملة فى الأوراق. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه ببراءة ذمتهم من المبلغ جميعه محل دعواهم. مخالفة للقانون وخطأ.
(5، 6) إثبات. التزام. محاماة. وكالة. نيابة "نيابة اتفاقية". حكم "عيوب التدليل: الخطأ فى تطبيق القانون، الفساد فى الاستدلال: ما يعد كذلك".
(4) إثبات نشأة الالتزام. كفايته لثبوت انشغال ذمة المدين به. التزامه بإثبات براءة ذمته منه. م 1 إثبات.
(5) اعتبار أسباب الحكم مشوبة بالفساد فى الاستدلال. مناطه. انطواؤها على عيب يمس سلامة الاستنباط. تحققه باستناد المحكمة إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للإقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى ثبتت لديها أو وقوع تناقض بينها. من حالاته. عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها المحكمة فى حكمها بناء على تلك العناصر.
(6) إقامة الطاعنين دعوى بطلب إلزام المطعون ضدهم بالأتعاب المستحقة لمورثهم عن القضايا التى باشرها لصالح الأخيرين - قضاء الحكم المطعون فيه برفضها وببراءة ذمة المطعون ضدهم استناداً إلى عدم تقديم الطاعنين الدليل عن أن مورثهم لم يتقاض هذه الأتعاب وإلى استمراره فى مباشرة القضايا نيابة عن المذكورين لسنوات طويلة حتى وفاته حين أن هذا الاستمرار لا يدل بذاته على تقاضيه أتعاباً عنها وأن المطعون ضدهم وهم المكلفون كمدينين ببراءة ذمتهم من ذلك الدين لم يقدموا دليلاً على الوفاء به. خطأ فى تطبيق قواعد الإثبات وفساد فى الاستدلال.
1 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن المصلحة المباشرة هى مناط الدعوى بحيث لو تخلفت كانت الدعوى غير مقبولة.
2 - إن الدعوى المرفوعة ببراءة الذمة من دين لم يكن محل منازعة من الدائن ولم يطالب به تكون غير مقبولة، وإذ المصلحة لا تتحقق لرافعها ما دام أن الدائن لم يدع انشغال ذمته به خلافاً للأصل المقرر وهو براءة الذمة.
3 - إذ كان الطاعنون قد حددوا فى دعواهم الأتعاب المستحقة لمورثهم فى ذمته المطعون ضدهم بمبلغ 120 ألف جنيه فإن مصلحة الأخيرين فى القضاء لهم ببراءة ذمتهم من هذا الدين تكون قاصرة على هذا المبلغ ولا تتعداه إلى مبالغ أخرى من هذه الأتعاب لم يدع الطاعنون انشغال ذمتهم بها، وإذ لم يثبت أن المطعون ضدهم قد قدموا أمام محكمة الموضوع ما يفيد مطالبتهم بأتعاب أكثر من هذا المبلغ فإن دعواهم ببراءة ذمتهم من مبلغ 5481000 جنيه تكون مفتقدة لشرط المصلحة فى القدر الزائد عن المبلغ المطالب به من الطاعنين وبالتالى عدم قبولها فى حدود هذا القدر سيما وأن المصلحة المحتملة وهى الاحتياط لدفع ضرر محدق غير متوافرة فى الأوراق، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببراءة ذمة المطعون ضدهم من المبلغ جميعه رغم انتفاء مصلحتهم فى ذلك فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيق القانون.
4 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة الأولى من قانون الإثبات أنه يكفى إثبات نشأة الالتزام فيثبت بذلك انشغال ذمة المدين به ويكون عليه بعد ذلك إثبات براءة ذمته منه.
5 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما فى حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها فى حكمها بناء على تلك العناصر التى ثبت لديها.
6 - إذ كان الطاعنون قد أقاموا الدعوى بطلب إلزام المطعون ضدهم بالأتعاب المستحقة لمورثهم عن القضايا التى باشرها لصالحهم وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى وبراءة ذمة المطعون ضدهم من هذا الدين استناداً إلى أن الطاعنين لم يقدموا الدليل على أن مورثهم لم يتقاض هذه الأتعاب واستدل على وفاء المطعون ضدهم له بها من مجرد استمراره فى مباشرة القضايا نيابة عنهم طيلة الفترة من عام 1989 حتى وفاته فى 10/ 5/ 1998 فإنه يكون بذلك قد افترض وفاء المطعون ضدهم بالأتعاب المطالب بها من مجرد عجز الطاعنين عن إثبات عدم تقاضى مورثهم لها حال أن المطعون ضدهم - وهم المكلفون كمدينين ببراءة ذمتهم من هذا الدين - لم يقدموا دليلاً على الوفاء بها كما أن استمرار مورث الطاعنين فى مباشرة القضايا طيلة الفترة التى أشار إليها الحكم لا يدل بذاته على تقاضيه أتعاباً عنها فإن الحكم يكون فضلا عن خطئه فى تطبيق قواعد الإثبات قد شابه الفساد فى الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير التى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 5966 لسنة 1999 مدنى محكمة شمال القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهم كل بقدر نصيبه الشرعى مبلغ 120 ألف جنيه والفوائد القانونية، وقالوا بياناً لها إن مورثهم المرحوم الأستاذ/ المحامى باشر لصالح المطعون ضدهم القضايا المشار إليها فى الصحيفة دون أن يتقاضى أتعاباً عن الجهد الذى بذله فيها وإذ يقدرونها بالمبلغ المطالب به فقد أقاموا الدعوى. أقام المطعون ضدهم على الطاعنين أمام ذات المحكمة الدعوى رقم 8616 لسنة 1999 بطلب الحكم ببراءة ذمتهم من مبلغ 5481000 جنيه تأسيساً على أن الطاعنين تقدموا لنقابة المحامين بالقاهرة بالطلب رقم 65 لسنة 1999 لتقدير هذا المبلغ أتعاباً لمورثهم المذكور رغم أن ذمتهم قد برئت منها بالوفاء له بها. وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين للارتباط حكمت فى 27/ 1/ 2000 برفض الدعوى الأولى وفى الدعوى الثانية ببراءة ذمة المطعون ضدهم من المبالغ المطالب بها والمبينة بالصحيفة. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1404 لسنة 4 ق وبتاريخ 28/ 3/ 2001 قضت المحكمة بالتأييد طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب ينعى الطاعنون بالثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى فهم الواقع والقانون، وفى بيان ذلك يقولون إن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى 8616 لسنة 1999 مدنى شمال القاهرة الابتدائية بطلب براءة ذمتهم من مبلغ 5481000 جنيه مستندين فى ذلك إلى أن هذا المبلغ كان محلاً للمطالبة من الطاعنين فى الطلب المقدم منهم لنقابة المحامين لتقدير أتعاب مورثهم وإذ خلت أوراق الدعوى من هذا الطلب وكانت دعواهم قبل المطعون ضدهم قد اقتصروا فيها على مطالبتهم بمبلغ 120 ألف جنيه قيمة هذا الأتعاب فإن دعوى المطعون ضدهم سالفة الذكر تكون غير مقبولة لخلو الأوراق مما يفيد مطالبتهم بالمبالغ المطلوب براءة ذمتهم فيها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأجابهم إلى طلبهم فيها فإنه يكون قد خالف القانون بما يعيب ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن المصلحة المباشرة هى مناط الدعوى بحيث لو تخلفت كانت الدعوى غير مقبولة. فالدعوى المرفوعة ببراءة الذمة من دين لم يكن محل منازعة من الدائن ولم يطالب به تكون غير مقبولة، إذ المصلحة لا تتحقق لرافعها ما دام أن الدائن لم يدع انشغال ذمته به خلافاً للأصل المقرر وهو براءة الذمة. وإذ كان الطاعنون قد حددوا فى دعواهم الأتعاب المستحقة لمورثهم فى ذمته المطعون ضدهم بمبلغ 120 ألف جنيه فإن مصلحة الأخيرين فى القضاء لهم ببراءة ذمتهم من هذا الدين تكون قاصرة على هذا المبلغ ولا تتعداه إلى مبالغ أخرى من هذه الأتعاب لم يدع الطاعنون انشغال ذمتهم بها، وإذ لم يثبت أن المطعون ضدهم قد قدموا أمام محكمة الموضوع ما يفيد مطالبتهم بأتعاب أكثر من هذا المبلغ فإن دعواهم ببراءة ذمتهم من مبلغ 5481000 جنيه تكون مفتقدة لشرط المصلحة فى القدر الزائد عن المبلغ المطالب به من الطاعنين وبالتالى عدم قبولها فى حدود هذا القدر سيما وأن المصلحة المحتملة وهى الاحتياط لدفع ضرر محدق غير متوافرة فى الأوراق، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببراءة ذمة المطعون ضدهم من المبلغ جميعه رغم انتفاء مصلحتهم فى ذلك فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يعيب ويوجب نقضه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون بباقى أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب وبيانا لذلك يقولون أن الحكم قضى برفض دعواهم وبراءة ذمة المطعون ضدهم لعدم تقديمهم الدليل على عدم تقاضى مورثهم لأتعابه عن القضايا التى باشرها لصالح المطعون ضدهم رغم أنهم غير مكلفين إلا بإثبات قيامة بالأعمال المطالب بالأتعاب عنها وأن عبء إثبات الوفاء بهذه الأتعاب يقع على عاتق المطعون ضدهم، كما أن اتخاذ الحكم من مجرد استمرار مورثهم فى مباشرة تلك القضايا طوال المدة من عام 1989 حتى وفاته فى 10/ 5/ 1998 دليلاً على تقاضيه أتعاباً عنها يقوم على افتراض لا يسانده دليل فى الأوراق بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن النص فى المادة الأولى من قانون الإثبات على أنه "على الدائن إثبات الإلتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه" يدل على أنه يكفى إثبات نشأة الالتزام فيثبت بذلك انشغال ذمة المدين به ويكون عليه بعد ذلك إثبات براءة ذمته منه. وكان من المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط وبتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التى ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما فى حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها فى حكمها بناء على تلك العناصر التى ثبت لديها. وإذ كان الطاعنون قد أقاموا الدعوى بطلب إلزام المطعون ضدهم بالأتعاب المستحقة لمورثهم عن القضايا التى باشرها لصالحهم وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى وبراءة ذمة المطعون ضدهم من هذا الدين استناداً إلى أن الطاعنين لم يقدموا الدليل على أن مورثهم لم يتقاض هذه الأتعاب واستدل على وفاء المطعون ضدهم له بها من مجرد استمراره فى مباشرة القضايا نيابة عنهم طيلة الفترة من عام 1989 حتى وفاته فى 10/ 5/ 1998 فإنه يكون بذلك قد افترض وفاء المطعون ضدهم بالأتعاب المطالب بها من مجرد عجز الطاعنين عن إثبات عدم تقاضى مورثهم لها حال أن المطعون ضدهم - وهم المكلفون كمدينين ببراءة ذمتهم من هذا الدين - لم يقدموا دليلاً على الوفاء بها كما أن استمرار مورث الطاعنين فى مباشرة القضايا طيلة الفترة التى أشار إليها الحكم لا يدل بذاته على تقاضيه أتعاباً عنها فإن الحكم يكون فضلا عن خطئه فى تطبيق قواعد الإثبات قد شابه الفساد فى الاستدلال بما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب أيضا دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن أن يكون مع النقض الإحالة.