أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 2 - صـ 907

جلسة 30 من يونيه سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ عبد العال السمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. سعيد فهيم، محمد جمال الدين سليمان، السيد عبد الحكيم ومصطفى مرزوق نواب رئيس المحكمة.

(177)
الطعن رقم 3660 لسنة 70 القضائية

(1) عقد "الوضع الظاهر".
الأصل. عدم نفاذ العقود إلا فى حق عاقديها وألا يلزم صاحب الحق بما يصدر عن غيره من تصرفات بشأنها. الاستثناء. الوضع الظاهر قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت موجباتها. مؤداها. أن يسهم صاحب الحق بخطئه سلباً أو إيجاباً فى ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه. مقتضاها. نفاذ التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية فى مواجهة صاحب الحق.
(2، 3) دعوى. محكمة الموضوع. حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً".
(2) الطلب أو وجه الدفاع الجازم الذى قد يتغير به وجه الرأى فى الحكم. التزام محكمة الموضوع بالإجابة عليه بأسباب خاصة. قعودها عن ذلك. قصور.
(3) تقديم الخصم مستندات وتمسكه بدلالتها. التفات الحكم عنها أو اطراحه دلالتها المؤثرة فى حقوق الخصوم دون بيان ما يبرر الاطراح. قصور.
1 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان الأصل أن العقود لا تنفذ إلا فى حق عاقديها، وأن صاحب الحق لا يلزم بما يصدر عن غيره من تصرفات بشأنها، إلا أنه باستقراء نصوص القانون المدنى، يبين أن المشرع قد اعتد فى عدة تطبيقات هامة بالوضع الظاهر لاعتبارات توجبها العدالة، وحماية حركة التعامل فى المجتمع وتنضبط جميعاً مع وحدة علتها واتساق الحكم المشترك فيها، بما يحول ووصفها بالاستثناء، وتصبح قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت موجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها، ومؤداها أنه إذا كان صاحب الحق قد سهم بخطئه - سلباً أو إيجاباً - فى ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتى من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر للحقيقة، مقتضاه نفاذ التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية فى مواجهة صاحب الحق.
2 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأى فى الحكم يجب على محكمة الموضوع أن تجيب ليه بأسباب خاصة، فإن هى أغفلت مواجهته والرد عليه كان حكمها قاصر التسبيب.
3 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عنها أو اطرح دلالتها المؤثرة فى حقوق الخصوم دون أن يبين بمدوناته ما يبرر هذا الاطراح فإنه يكون قاصراً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - أبان عنها الحكم الصادر من هذه المحكمة بتاريخ 26/ 6/ 2001 بما يغنى عن تكرار سردها، ومن ثم تحيل إليه فى بيانها، وتوجز فى أن المطعون ضده - عن نفسه وبصفته - أقام الدعوى 3448 لسنة 1994 مدنى شمال القاهرة على الطاعنين - وحسبما استقرت عليه طلباته الختامية - بطلب الحكم بإخلائهم من المحلات المبينة بصدر الصحيفة وألزم الطاعن الأول بإزالتها وفى حالة امتناعه التصريح له بإزالتها على نفقته مع إلزامه بتعويض مقداره خمسين ألف جنيه، استناداً إلى أن الطاعن الأول يضع يده على أحدها ويستغله كمصنع للبلاط دون سند، وقام ببناء خمسة محلات على واجهة ذلك المصنع واستغل أثنين منها لنشاطه فى بيع الأسمنت والبلاط وقام بتأجير المحلات الثلاثة الأخرى لباقى الطاعنين بدون تصريح وبتاريخ 29/ 5/ 1995 قضت محكمة أول درجة للمطعون ضده بطلباته وبالتعويض الذى قدرته بحكم استأنفه الطاعنون والمطعون ضده بالاستئنافين رقمى 14501، 14405 سنة 112 ق القاهرة، وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً فى الدعوى وقدم تقريره حكمت بتاريخ 24/ 5/ 2000 بالتأييد. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 26/ 6/ 2001 أصدرت هذه المحكمة حكمها المحال إليه بإثبات ترك الطاعن الأول للخصومة فى الطعن، وبإعادة الطعن للمرافعة لجلسة 11/ 12/ 2001 وأمرت باقى الطاعنين باختصامه.
وحيث إن الطاعنين من الثانى حتى الأخير قاموا باختصام الطاعن الأول الذى قضى بإثبات تركه للخصومة فى الطعن، فإن الطعن يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقولون أن الحكم أقام قضاءه بإخلائهم من المحلات موضوع النزاع وإزالتها على ما أورده فى مدوناته من أن الطاعن الأول قام ببناءها وتأجير بعضها لباقى الطاعنين دون سند وبغير رضاء أو موافقة أياً من مالكى العقار، فى حين أنهم تمسكوا فى دفاعهم أمام محكمة الموضوع بأن ما تم من ذلك كان بموجب إقرار كتابى صادر من الأستاذ فوزى حبشى المحامى بتاريخ 15/ 3/ 1971 للطاعن الأول بصفته خلفاً لوالده المستأجر الأصلى لمصنع البلاط بالتصريح له ببناء هذه المحلات على وجه المصنع واستغلالها لنفسه أو تأجيرها للغير مقابل زيادة 20% من قيمة الإيجار، واعتبر هذا الاتفاق جزءاً ملحقاً بعقد إيجار مصنع البلاط المؤرخ 1/ 2/ 1962، كما قدموا العديد من المستندات للتدليل على أن المحامى المذكور كان ذا صفة، إذ كان يحرر عقود الإيجار للمستأجرين باسمه ومنهم عقد إيجار والد الطاعن الأول لمصنع البلاط، ويقوم بتحصيل الأجرة بإيصالات صادرة منه، ويباشر دعاوى الطرد ضد المتخلفين عن سدادها من المستأجرين، مما يعد تمسكاً منهم بأنه كان فى تلك الفترة صاحب الصفة والمركز الظاهر وهو صاحب الحق فيما يصدر عنه من تصرفات، وإذ التفت الحكم عن تحقيق هذا الدفاع رغم جوهرتيه ورد عليه بما لا يواجه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان الأصل أن العقود لا تنفذ إلا فى حق عاقديها، وأن صاحب الحق لا يلزم بما يصدر عن غيره من تصرفات بشأنها، إلا أنه باستقراء نصوص القانون المدنى، يبين أن المشرع قد اعتد فى عدة تطبيقات هامة بالوضع الظاهر لاعتبارات توجبها العدالة، وحماية حركة التعامل فى المجتمع وتنضبط جميعاً مع وحدة علتها واتساق الحكم المشترك فيها، بما يحول ووصفها بالاستثناء، وتصبح قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت موجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها، ومؤداها أنه إذا كان صاحب الحق قد سهم بخطئه - سلباً أو إيجاباً - فى ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتى من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر للحقيقة، مقتضاه نفاذ التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية فى مواجهة صاحب الحق، كما أن من المقرر أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأى فى الحكم يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة، فإن هى أغفلت مواجهته والرد عليه كان حكمها قاصر التسبيب، وأنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عنها أو اطرح دلالتها المؤثرة فى حقوق الخصوم دون أن يبين بمدوناته ما يبرر هذا الاطراح فإنه يكون قاصراً، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنين قد تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن الأستاذ....... المحامى وأياً كان سنده فى إدارة شئون العقار الكائنة به المحلات موضوع النزاع قد ظهر عليه بمظهر المالك أو صاحب الحق نتيجة خطأ صاحب الحق لعدم اعتراضه عليه وأنه هو الذى قام بتأجير مصنع البلاط لوالد الطاعن الأول بعقد إيجار صادر منه بتاريخ 1/ 2/ 1962، وصرح له من بعد بموافقة مكتوبة ببناء تلك المحلات على نفقته وتأجيرها للغير مقابل زيادة الإيجار بنسبة 20% مع اعتبار هذه الموافقة المؤرخة 15/ 3/ 1971 جزءاً لا يتجزأ من عقد إيجار المصنع، كما أنه أبرم عقود إيجار أخرى لمستأجرين آخرين فى العقار باسمه وكان يقوم بتحصيل الأجرة بإيصالات صادرة عنه ويباشر دعاوى الطرد ضد من يتخلف عن سدادها من المستأجرين، كما قدم الطاعنون العديد من المستندات تأييداً لهذا الدفاع، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى القضاء بإخلاء الطاعنين من محلات النزاع وإزالتها على سند من أن الطاعن الأول قام ببناءها وتأجير بعضها لباقى الطاعنين دون موافقة أياً من مالكى العقار وأن الأستاذ...... لم يكن مالكاً ظاهراً له ولم يشتريه إنما كان وكيلاً عن البائعة دون أن يعنى ببحث مدى توافر شروط هذا الدفاع فى حق طرفى النزاع من خلال المستندات التى تمسك الطاعنون بدلالتها لتأييد دفاعهم بأن الأستاذ......... كان يظهر العقار بمظهر المالك وصاحب الحق وهو دفاع جوهرى يتغير به - إن صح - وجه الرأى فى الحكم ورد عليه بما لا يواجهه ولا يصلح رداً عليه فإنه يكون مشوباً بالقصور فى التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن، على أن يكون مع النقض الإحالة.