أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 2 - صـ 912

جلسة 1 من يوليه سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ أحمد الحديدى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ منير الصاوى، عبد المنعم علما، ضياء أبو الحسن نواب رئيس المحكمة والدكتور/ حسن البدراوى.

(178)
الطعن رقم 894 لسنة 59 القضائية

(1) عقد "فسخ العقد". التزام "استحالة التنفيذ". حكم "تسبيبه".
استحالة تنفيذ التزام أحد المتعاقدين لسبب أجنبى. أثره. انفساخ العقد من تلقاء نفسه. تحمل المدين بالالتزام تبعة الاستحالة. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى انفساخ عقد بيع الأسمنت لاستحالة تنفيذه لاستيلاء سلطات الجمارك وأمن الموانى عليه وإعدامه لعدم صلاحية استخدامه فى مصر واعتباره سبباً أجنبياً ينقضى معه التزام المشترى بسداد الثمن. لا خطأ.
(2) بيع "التزامات البائع: ضمان العيوب الخفية".
العيب الخفى. ماهيته.
(3) نقض " أسباب قانونية يخالطها واقع".
دفاع قانونى يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. مثال.
(4) حكم "تسبيبه" نقض. "أسباب الطعن: السبب غير منتج".
إقامة الحكم على دعامتين مستقلتين. كفاية إحداهما لحمل قضائه. تعييبه فى الأخرى لا يؤثر فيه.
(5) عقد "فسخ عقد البيع". بيع "فسخ البيع". التزام "استحالة التنفيذ".
استحالة تنفيذ العقد. أثره. انفساخ العقد بقوة القانون. مقتضاه. إعادة المتعاقدين إلى الحالة التى كان عليها قبل التعاقد. مؤداه. تحمل البائع تبعة هلاك المبيع وينقضى تبعاً لذلك التزام المشترى بسداد الثمن.
(6) نقض "أسباب الطعن: السبب الوارد على غير محل". حكم "أسباب الحكم".
النعى الوارد على غير محل. غير مقبول.
(7) نقض "أسباب الطعن: الأسباب الموضوعية".
الجدل الموضوعى فى سلطة محكمة الموضوع. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
1 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن فى العقود الملزمة للجانبين ينفسخ العقد حتماً ومن تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159 من القانون المدنى بسبب استحالة تنفيذ أحد المتعاقدين لسبب أجنبى، ويترتب على الانفساخ ما يترتب على الفسخ من عودة المتعاقدين إلى الحالة التى كانا عليها قبل العقد، ويتحمل تبعة الاستحالة فى هذه الحالة المدين بالالتزام الذى استحال تنفيذه عملاً بمبدأ تحمل التبعة فى العقد الملزم أصبح تنفيذه مستحيلاً لسبب أجنبى بسبب استيلاء سلطات الجمارك وأمن الموانى عليه وإعدامه لأنه غير صالح للاستخدام فى مصر فإنه يكون قد أثبت استحالة تنفيذ هذا الالتزام يرجع لسبب أجنبى وينقضى تبعاً لذلك التزام المشترى بسداد الثمن.
2 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه يعتبر العيب خفياً متى كان المشترى غير عالم به وغير مستطيع أن يعلمه أو إذا لم يكن من الممكن اكتشافه بالفحص المعتاد والذى تعارف الناس على القيام به بل كان يتطلب خبرة خاصة وفحصاً معيناً.
3 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن الدفاع القانونى الذى يخالطه واقع ولم يسبق طرحه أمام محكمة الموضوع لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم يسبق لها التمسك أمام محكمة الموضوع بتحمل تبعة هلاك المبيع المرتبطة بالتسليم وكان هذا الدفاع يخالطه واقع هو الوقوف على ميعاد تسليم المبيع للمطعون ضده بصفته على وجه التحديد لخلو عقد البيع المؤرخ فى 24/ 11/ 1981 من بند تسليم المبيع وبالتالى يكون النعى على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه غير مقبول.
4 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه إذا أقيم الحكم على دعامتين مستقلتين وكان يصح بناءه على إحداها فإن تعييبه فى الدعامة الأخرى لا يؤثر فى سلامته.
5 - إذ كان عقد البيع محل النزاع قد انفسخ بقوة القانون بسبب استحالة التنفيذ فإن مقتضى ذلك إعادة المتعاقدين (البائع والمشترى) إلى الحالة التى كانا عليها قبل التعاقد بتحميل البائع تبعة هلاك المبيع وينقضى تبعاً لذلك التزام المشترى بسداد الثمن.
6 - إنه لا على الحكم المطعون فيه إنه لم يتعرض لحكم أول درجة بأنه لم يحدد سعر صرف مبلغ 19000 دولار بالجنيه المصرى لاستحالة تنفيذ الحكم بقوة القانون ومن ثم فإن النعى عليه بهذا الوجه يكون غير مقبول لوروده على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه.
7 - إذ كان ما خلص إليه الحكم فى حدود سلطته الموضوعية سائغاً فإن النعى عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته لدى محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 32 لسنة 1985 تجارى بحرى السويس ضد المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 69000 ألف دولار أمريكى وقالت شرحاً لدعواها أنه بتاريخ 29/ 10/ 1981 تعاقدت الطاعنة مع المطعون ضده على أن تقوم الأخيرة بإجراء إصلاحات الباخرة "واليلى" المملوكة للطاعنة وذلك نظير مبلغ قدره 300710 ألف دولار أمريكى بموجب عقد مؤرخ 24/ 11/ 1981 وتم بيع 475 طن أسمنت كانت مستخدمة كثقل للباخرة إلى المطعون ضدها نظير ثمن قدره 20000 ألف دولار أمريكى على أن تخصم من قيمة إصلاح الباخرة وأن يخصم مبلغ ألف دولار أمريكى نظير قيام المطعون ضدها بتنظيف العنبر والأسطح بالباخرة، إلا أن الطاعنة فوجئت بإخطار من المطعون ضدها بإلغاء العقد سالف البيان من جانب واحد على سند من أن السلطات المصرية رفضت التصريح باستخدام الأسمنت موضوع العقد بجمهورية مصر العربية ورغم اعتراض الطاعنة إلا أنه قامت المطعون ضدها بتوقيع الحجز التحفظى على الباخرة "واليلي" بميناء الاسكندرية بتاريخ 16/ 12/ 1981 بموجب أمر صادر من محكمة السويس استيفاء لمبلغ قدره "25071 دولار أمريكى" قيمة مصاريف إصلاح الباخرة سالفة الذكر فى حين أن المطعون ضدها سبق أن تقاضت المبلغ سالف البيان، وإزاء هذا التصرف وحتى لا تتعطل الباخرة بميناء الاسكندرية اضطرت الطاعنة إلى إيداع مبلغ 20000 ألف دولار أمريكى بحساب المطعون ضدها ببنك قناة السويس، رغم أنه غير مستحق لها ومن ثم يحق لها استرداد مبلغ 19000 ألف دولار أمريكى كما أن توقيع الحجز على الباخرة كان إجراء تعسفياً ترتب عليه أن أصاب الطاعنة أضراراً مادية وأدبية بمبلغ يقدر 50000 ألف دولار أمريكى الأمر الذى حدا بها إلى إقامة دعواها. وبتاريخ 31/ 12/ 1986 حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضدها بأن ترد للطاعنة مبلغ 19000 ألف دولار أمريكى ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وقبل الفصل فى طلب التعويض بإحالة الدعوى للتحقيق ثم حكمت بتاريخ 17/ 2/ 1988 برفض طلب التعويض. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستنئاف رقم 7 لسنة 10 ق أمام محكمة استئناف الاسماعيلية "مأمورية السويس" كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 15 لسنة 11 ق أمام ذات المحكمة وأقامت الطاعنة استئنافاً فرعياً قيد برقم 307 لسنة 11 ق أمام ذات المحكمة عن الحكم الصادر من محكمة أول درجة برفض الفوائد المطالب بها، وبتاريخ 3/ 1/ 1989 قضت المحكمة فى الاستئناف رقم 7 لسنة 10 ق بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى وفى موضوع الاستئناف الفرعى برفضه وفى موضوع الاستئناف رقم 15 لسنة 11 ق برفضه وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - فى غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الشركة الطاعنة بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون إذ خلط بين إستحالة تنفيذ العقد وعدم إمكانية الشركة المطعون ضدها فى الانتفاع بالعين لسبب يرجع إليها وهو اتهامها فى قضية تهريب جمركى وصدور قرار من السلطات المختصة بمصادرة المبيع فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن فى العقود الملزمة للجانبين ينفسخ العقد حتماً ومن تلقاء نفسه طبقاً للمادة 159 من القانون المدنى بسبب استحالة تنفيذ أحد المتعاقدين لسبب أجنبى، ويترتب على الانفساخ ما يترتب على الفسخ من عودة المتعاقدين إلى الحالة التى كانا عليها قبل العقد، ويتحمل تبعة الاستحالة فى هذه الحالة المدين بالالتزام الذى استحال تنفيذه عملاً بمبدأ تحمل التبعة فى العقد الملزم أصبح تنفيذه مستحيلاً لسبب أجنبى بسبب استيلاء سلطات الجمارك وأمن الموانى عليه وإعدامه لأنه غير صالح للاستخدام فى مصر فإنه يكون قد أثبت استحالة تنفيذ هذا الالتزام يرجع لسبب أجنبى وينقضى تبعاً لذلك التزام المشترى بسداد الثمن، ومن ثم يكون النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه الفساد فى الاستدلال، ذلك أنه أورد بأسبابه أن الشركة المطعون ضدها لم تتسلم كمية الأسمنت محل البيع، وأن ربان السفينة أدخل عليها الغش والتدليس فى حين أنها تسلمتها وعاينتها، وأن الشركة الطاعنة لا تتحمل مسئولية تلف الأسمنت بعد تسليمه للشركة المطعون ضدها مما يعيب الحكم بالفساد فى الاستدلال ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه يعتبر العيب خفياً متى كان المشترى غير عالم به وغير مستطيع أن يعلمه أو إذا لم يكن من الممكن اكتشافه بالفحص المعتاد والذى تعارف الناس على القيام به بل كان يتطلب خبرة خاصة وفحصاً معيناً، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن تقرير الهيئة المصرية العامة للتوحيد القياسى وجودة الإنتاج قد انتهت إلى أن العينة المأخوذة من المبيع غير مطابقة للمواصفات القياسية بالإضافة إلى أن بها نسبة كبيرة متحجرة غير صالحة للاستخدام، ومن ثم فإن النعى على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثانى من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال، ذلك أنه أورد بأسبابه أن عدم صلاحية الأسمنت محل البيع يجعل العقد مفسوخاً بحكم القانون فى حين أن تحمل تبعة الهلاك مرتبطة بتسليم المبيع وكان الثابت من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها قد تسلمت الأسمنت المبيع بالفعل فإنها تتحمل تبعة هلاكه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول، ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن الدفاع القانونى الذى يخالطه واقع ولم يسبق طرحه أمام محكمة الموضوع لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض - لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم يسبق لها التمسك أمام محكمة الموضوع بتحمل تبعة هلاك المبيع المرتبطة بالتسليم وكان هذا الدفاع يخالطه واقع هو الوقوف على ميعاد تسليم المبيع للمطعون ضده بصفته على وجه التحديد لخلو عقد البيع المؤرخ فى 24/ 11/ 1981 من بند تسليم المبيع وبالتالى يكون النعى على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال إذ خلط بين استحالة تنفيذ العقد وعدم إمكانية الشركة المطعون ضدها من الانتفاع بالمبيع لسبب يرجع إلى الأخيرة مخالفاً بذلك نص المادة 34/ 2 من القرار الوزارى الصادر من وزير الاقتصاد رقم 1036 لسنة 1968 مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول - ذلك أن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه إذا أُقيم الحكم على دعامتين مستقلتين وكان يصح بناءه على إحداها فإن تعييبه فى الدعامة الأخرى لا يؤثر فى سلامته. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على دعامتين أولاها أن تنفيذ العقد أصبح مستحيلاً بسبب استيلاء السلطات المصرية المتمثلة فى الجمارك وأمن الموانى بميناء السويس على الأسمنت محل العقد لعدم صدور موافقة استيرادية مسبقة من السلطات المختصة وفقاً لأحكام قوانين النقد والاستيراد. وثانيهما أن التحليل المعملى انتهى إلى عدم مطابقة الأسمنت للمواصفات القياسية وعدم صلاحيته للاستخدام مما مفاده أن عقد البيع انفسخ بقوة القانون بسبب استحالة تنفيذه وكانت الدعامة الثانية كافية وحدها لحمل قضائه فى هذا الصدد فإن تعييبه فى الدعامة الأولى - وأياً كان وجه الرأى فيها - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الرابع من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون إذ قضى برد مبلغ 19000 ألف دولار أمريكى برغم أن العقد المبرم بين طرفى النزاع انطوت نصوصه على سداد ثمن إصلاح السفينة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول، ذلك أن عقد البيع محل النزاع قد انفسخ بقوة القانون بسبب استحالة التنفيذ فإن مقتضى ذلك إعادة المتعاقدين (البائع والمشترى) إلى الحالة التى كانا عليها قبل التعاقد بتحميل البائع تبعة هلاك المبيع وينقضى تبعاً لذلك التزام المشترى بسداد الثمن، ولا على الحكم المطعون فيه أنه لم يتعرض لحكم أول درجة بأنه لم يحدد سعر صرف مبلغ 19000 دولار بالجنيه المصرى لاستحالة تنفيذ الحكم بقوة القانون ومن ثم فإن النعى عليه بهذا الوجه يكون غير مقبول لوروده على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الخامس من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون إذ قضى برفض طلب تعويض الأضرار الناجمة عن احتجاز المطعون ضدها للسفينة بموجب أمر الحجز التحفظى لسداد مبلغ تم سداده من قبل مما يعد مخالفة صريحة للقانون توجب التعويض ومن ثم يكون الحكم معيباً ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه فى قضائه برفض طلب التعويض تأسيساً على أن المطعون ضدها أوقعت حجزاً قضائياً وفاء لدين السفينة أى أنها سلكت طريقاً رسمه القانون لاستئداد حقها دون ما خطأ أو تعسف فى استعمال حقها، وإذ كان ما خلص إليه الحكم فى حدود سلطته الموضوعية سائغاً فإن النعى عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته لدى محكمة النقض ويكون النعى عليه بما ورد بسببى الطعن فى غير محله.