أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 2 - صـ 1106

جلسة 27 من نوفمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ شكرى العميرى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الصمد عبد العزيز، محسن فضلى، عبد العزيز فرحات نواب رئيس المحكمة وزكريا إسماعيل.

(213)
الطعنان رقما 5314، 5527 لسنة 70 القضائية

(1، 2) حكم "حجية الحكم". دعوى "الدفاع فيها". قوة الأمر المقضى. محكمة الموضوع.
(1) الدفاع الذى تلتزم محكمة الموضوع النظر فيه وتحقيقه. شرطه. الدفاع الذى يستند إلى أساس قانونى صحيح.
(2) حيازة الحكم السابق قوة الأمر المقضى بالنسبة لدعوى لاحقة. شرطه. اتحاد الخصوم والموضوع والسبب فيهما.
(3 - 7) بيع. تسجيل "المفاضلة عند تزاحم المشترين". شهر عقارى. عقد. قانون "سريان القانون من حيث الزمان".
(3) القانون الجديد. الأصل أن له أثراً مباشراً على ما ينشأ فى ظله من أوضاع ومراكز قانونية.
(4) العقود. خضوعها كأصل للقانون الذى أبرمت فى ظله.
(5) رفع حكم القواعد الاستثنائية بشأن بيع الأماكن المبينة فى المادة الأولى من القانون 4 لسنة 1996 من تاريخ العمل به. مؤداه. خضوعها من هذا التاريخ للأحكام العامة لعقد البيع الواردة بالقانونى المدنى متى أبرمت فى ظله.
(6) الملكية. لا تنتقل سواء فيما بين المتعاقدين أو فى حق الغير إلا بمراعاة أحكام قانون تنظيم الشهر العقارى. م 934 مدنى.
(7) إجراء المفاضلة عند تزاحم المشترين فى شأن عقار واحد على أساس الأسبقية فى الشهر ولو نسب إلى المشترى الذى بادر بالشهر التدليس أو التواطؤ مع البائع طالما أنه تعاقد مع مالك حقيقى لا يشوب سند ملكيته عيب يبطله. أسبقية تقديم الطلب لجهة الشهر لا أثر لها. علة ذلك.
(8، 9) التزام "تنفيذ الالتزام: استحالة التنفيذ". بيع "التزامات البائع: الالتزام بالتسليم". تسجيل. حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه: ما يعد كذلك".
(8) استحالة تنفيذ التزام البائع لخروج المبيع من ملكه للمشترى بعقد غير مسجل الرجوع عليه بالرد والتعويض وفقاً للقواعد العامة.
(9) شراء الطاعنة شقة النزاع بالعقار المرخص بإنشائه فى سنة 1997 ومبادرتها بتسجيل عقدها. استحالة تنفيذ التزام البائعين بتسليم العين إلى المطعون ضده الأول الذى لم يسجل عقده عملاً بأحكام القانون المدنى بشأن المفاضلة بين المشترين. قضاء الحكم المطعون فيه للمطعون ضده الأول باستلام المبيع على سند من بطلان العقد المسجل لكونه لاحقا وفق م 23 من القانون 136 لسنة 1981، مخالفة للقانون وخطأ.
1 - إذ كان الدفاع ا لذى يتعين على محكمة الموضوع النظر فيه وتحقيقه هو الدفاع الذى يستند إلى أساس قانونى صحيح.
2 - إذ كان الحكم السابق لا يحوز قوة الأمر المقضى بالنسبة لدعوى لاحقة إلا إذا اتحد الخصوم والموضوع والسبب فيهما.
3 - إذ كان الأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشراً على ما ينشأ فى ظله من أوضاع ومراكز قانونية.
4 - إذ كان الأصل فى العقود - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - خضوعهما للقانون الذى أبرمت فى ظله.
5 - مفاد النص فى المادتين الأولى والثانية من القانون 4 لسنة 1996 يدل على أنه "اعتباراً من 31 من يناير سنة 1996 - تاريخ العمل بهذا القانون - فقد رفع المشرع حكم القواعد الاستثنائية بشأن بيع الأماكن المشار إليها فى المادة الأولى منه، وأخضعها للأحكام العامة لعقد البيع الواردة بالقانون المدنى، متى أبرمت فى ظله".
6 - إذ كانت الملكية - وعلى ما تقضى به المادة 934 من القانون المدنى - لا تنتقل سواء أكان ذلك بين المتعاقدين أم كان فى حق الغير، إلا إذا روعيت الأحكام المبينة فى قانون تنظيم الشهر العقارى.
7 - إذ كانت المادة التاسعة من هذا القانون رقم 114 لسنة 1946 قد نصت على وجوب شهر جميع التصرفات المنشئة للحقوق العينية العقارية الأصلية، ورتب على عدم الشهر، ألا تنشأ هذه الحقوق ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول، لا بين ذوى الشأن ولا بالنسبة للغير، وإذ جاء هذا النص خلواً مما يجيز إبطال الشهر إذا شابه تدليس أو تواطؤ، فإن مفاد ذلك - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو إجراء المفاضلة - عند تزاحم المشترين فى شأن عقار واحد - على أساس الأسبقية فى الشهر، ولو نسب إلى المشترى الذى بادر بالشهر التدليس أو التواطؤ مع البائع، طالما أنه تعاقد مع مالك حقيقى، ولا يشوب سند ملكيته عيب يبطله، ولا يغير من ذلك أن يكون صاحب التسجيل اللاحق قد حصل على أسبقية فى تقديم طلبه لجهة الشهر، إذ أن مجرد الأسبقية فى تقديم الطلب، لا تنال من الآثار القانونية المترتبة لصاحب التسجيل السابق.
8 - إذ لا يكون للمشترى الذى لم يسجل عقده - وقد استحال تنفيذ التزام البائع بخروج المبيع من ملكه - إلا الرجوع عليه بالرد والتعويض وفقاً للقواعد العامة.
9 - إذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق أن الطاعنة (الأولى فى الطعن المنضم) قد اشترت شقة النزاع الكائنة بالعقار المرخص بإنشائه فى سنة 1977 من باقى الطاعنين وبادرت إلى تسجيل عقدها الذى أبرم فى 12/ 9/ 1997، فاستحال تنفيذ التزام البائعين بتسليم العين إلى المطعون ضده الأول الذى لم يسجل عقده، وذلك عملاً بأحكام القانون المدنى فى شأن المفاضلة بين المشترين الواجبة التطبيق على واقعة النزاع وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى للمطعون ضده باستلام المبيع على سند من بطلان العقد المسجل لكونه لاحقا وفق ما تقضى به المادة 23 من القانون 136 لسنة 1981، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه، نقضاً جزئياً فيما قضى به من التسليم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع فى كلا الطعنين - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدهما أقاما على الطاعنين - عدا الطاعنة الأولى فى الطعن الثانى المنضم - الدعوى رقم..... لسنة.... مدنى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، بطلب الحكم بإلزامهم بتسليمهما الشقة الموضحة بالصحيفة وعقد البيع المؤرخ 12/ 9/ 1997، مع إلزامهم بدفع التعويض الاتفاقى وقدره عشرة آلاف جنيه، وقالا بيانا لذلك، إنه بموجب العقد المشار إليه اشتريا من الطاعنين المذكورين الشقة مثار النزاع بثمن مقداره مائة ألف جنيه، عجل نصفه وأجل النصف الآخر لحين التسليم فى 30/ 12/ 1997، وعند حلول هذا الميعاد امتنع البائعون عن استلامه أو تسليم المبيع، مخلين بذلك بالتزامهم العقدى مما يخلوهما طلب تنفيذه عينا مع التعويض, ومن ثم أقاموا الدعوى. أبدى البائعون طلبا عارضا بفسخ العقد وإلزام المطعون ضده الأول بسداد مبلغ 6850 جنيهاً، فضلاً عن التعويض الاتفاقى، تأسيساً على أن المطعون ضده الأول أحدث إتلافات شديدة بالعين، كلفتهم نفقات باهظة لإعادتها إلى أصلها، مما استحال معه عليهم تنفيذ التزامهم بالتسليم، ويكون لهم طلب الفسخ وإلزام المطعون ضده المذكور بنفقات الترميم فضلا عن التعويض الاتفاقى.
قضت المحكمة فى الدعوى الأصلية - بإلزام الطاعنين "المدعى عليهم" بتسليم الشقة إلى المطعون ضدهما ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وفى الدعوى الفرعية برفضها. استأنف المحكوم عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة.... ق القاهرة، وتدخلت الطاعنة الأولى فى الطعن الثانى المذكور، منضمة إليهم فى طلباتهم، تأسيسا على استحالة تنفيذ التزامهم بالتسليم للمطعون ضدهما لانتقال ملكية المبيع إليها بعقد مسجل. وبتاريخ 16/ 8/ 2000 حكمت المحكمة بقبول تدخلها شكلاً وفى موضوع الاستئناف والتدخل برفضه، وتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين الماثلين، وقدمت النيابة مذكرة فى كل منهما أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة فى غرفة مشورة، قررت ضمهما للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد وأمرت باستبعاد الأسباب الثانى والثالث والرابع من الطعن رقم..... لسنة..... ق، والأسباب الأول فى وجهيه الثالث والرابع، والثانى والثالث والخامس عدا الوجه الأخير منه - المقدمة من الطاعنين - عدا الطاعنة الأولى - فى الطعن رقم.... لسنة.... ق، وذلك عملاً بحقها المخول لها بمقتضى المادة 263 من قانون المرافعات، وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين - عدا الطاعنة الأولى فى الطعن المنضم - ينعون بالسبب الخامس من الطعن الأول، والرابع من الطعن الثانى على الحكم المطعون فيه لمخالفته لحجية الحكم الصادر فى الاستئناف رقم.... لسنة..... ق القاهرة، عن ذات النزاع بشأن شقة بيعت لشقيق المطعون ضده الأول بذات العقار، وتأسس القضاء فيه على استحالة تنفيذ الطاعنين لالتزامهم بالتسليم للمشترى لانتقال ملكية العين لآخر سبق إلى تسجيل عقده، ورغم تمسك الطاعنين بحجية هذا الحكم، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عنه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه لما كان الدفاع الذى يتعين على محكمة الموضوع النظر فيه وتحقيقه هو الدفاع الذى يستند إلى أساس قانونى صحيح، وكان الحكم السابق لا يحوز قوة الأمر المقضى بالنسبة لدعوى لاحقة إلا إذا اتحد الخصوم والموضوع والسبب فيهما. وإذ كان البين من الأوراق أن الدعوى التى يتمسك الطاعنون بحجية الحكم الصادر فيها فى الدعوى المطروحة، تختلف فى موضوعها وسببها وأطرافها عن الدعوى الماثلة - لا يغير من ذلك تشابه ملابساتهما وأوجه للدفاع فيهما - فإن التمسك بحجية الحكم السابق يضحى بلا سند قانونى صحيح، ومن ثم فلا يعد دفاعاً يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عنه.
وحيث إن الطاعنين - فى كلا الطعنين - ينعون بباقى الأسباب على الحكم المطعون فيه، الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، والإخلال بحق الدفاع، والفساد فى الاستدلال، ذلك إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف باستحالة تنفيذ الالتزام بتسليم العين المبيعة للمطعون ضدهما لخروجها من ملكيتهم وانتقالها إلى الطاعنة الأولى فى الطعن المنضم...... التى بادرت إلى تسجيل عقد شرائها، عملاً بالقواعد العامة فى القانون المدنى الواجب التطبيق على واقعة التداعى - نزولاً على حكم القانون رقم 4 لسنة 1996، إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع على سند من بطلان عقد البيع اللاحق عملاً بالمادة 23 من القانون 136 لسنة 1981 واستدل على سوء نية الطاعنة المذكورة بما ورد بعقدها المسجل من سبق تقديم طلب للشهر لصالح المطعون ضده الأول، على الرغم من أن قواعد الأفضلية بين المشترين لا تعتد بسوء نية من سبق لتسجيل عقده، متى تعامل مع مالك حقيقى ولو علم بسبق بيعه لذات العين لمشتر لم يسجل عقده، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى صحيح، ذلك أن كان الأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشراً على ما ينشأ فى ظله من أوضاع ومراكز قانونية، وأن الأصل فى العقود - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - خضوعها للقانون الذى أبرمت فى ظله، وكان النص فى المادتين الأولى من القانون 4 لسنة 1996 على أنه "لا تسرى أحكام القانونين رقمى 49 لسنة 1977 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والقوانين الخاصة بإيجار الأماكن الصادرة قبلهما، على الأماكن التى لم يسبق تأجيرها، ولا على الأماكن التى انتهت عقود إيجارها قبل العمل بهذا القانون، أو تنتهى بعده لأى سبب من الأسباب، دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها طبقا للقانون" وفى مادته الثانية على أن "تطبق أحكام القانون المدنى فى شأن تأجير الأماكن المنصوص عليها فى المادة الأولى من هذا القانون، خالية أو مفروشة، أو فى شأن استغلالها والتصرف فيها" يدل على أنه اعتباراً من 31/ 1/ 1996 - تاريخ العمل بهذا القانون - فقد رفع المشرع حكم القواعد الاستثنائية بشأن بيع الأماكن المشار إليها فى المادة الأولى منه، وأخضعها للأحكام العامة لعقد البيع الواردة بالقانون المدنى، متى أبرمت فى ظله، وكانت الملكية - وعلى ما تقضى به المادة 934 من القانون المدنى - لا تنقل سواء أكان ذلك فيما بين المتعاقدين أم كان فى حق الغير، إلا إذا روعيت الأحكام المبينة فى قانون تنظيم الشهر العقارى، وكانت المادة التاسعة من هذا القانون رقم 114 لسنة 1946 قد نصت على وجوب شهر جميع التصرفات المنشئة للحقوق العينية العقارية الأصلية، ورتب على عدم الشهر، ألا تنشأ هذه الحقوق ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول، لا بين ذوى الشأن ولا بالنسبة للغير، وإذ جاء هذا النص خلواً مما يجيز إبطال الشهر إذا شابه تدليس أو تواطؤ، فإن مفاد ذلك - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو إجراء المفاضلة - عند تزاحم المشترين فى شأن عقار واحد - على أساس الأسبقية فى الشهر، ولو نسب إلى المشترى الذى بادر بالشهر التدليس أو التواطؤ مع البائع، طالما أنه تعاقد مع مالك حقيقى، ولا يشوب سند ملكيته عيب يبطله، ولا يغير من ذلك أن يكون صاحب التسجيل اللاحق قد حصل على أسبقية فى تقديم طلبه لجهة الشهر، إذ أن مجرد الأسبقية فى تقديم الطلب، لا تنال من الآثار القانونية المترتبة لصاحب التسجيل السابق، ولا يكون للمشترى الذى لم يسجل عقده - وقد استحال تنفيذ التزام البائع بخروج المبيع من ملكه - إلا الرجوع عليه بالرد والتعويض وفقاً للقواعد العامة، وإذ كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق، أن الطاعنة الأولى فى الطعن المنضم قد اشترت شقة النزاع الكائنة بالعقار المرخص بإنشائه فى سنة 1977 من باقى الطاعنين وبادرت إلى تسجيل عقدها الذى أبرم فى 12/ 9/ 1997، فاستحال تنفيذ التزام البائعين بتسليم العين إلى المطعون ضده الأول الذى لم يسجل عقده، وذلك عملاً بأحكام القانون المدنى فى شأن المفاضلة بين المشترين الواجبة التطبيق على واقعة النزاع - على ما سلف - وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى للمطعون ضده باستلام المبيع على سند من بطلان العقد المسجل لكونه لاحقاً وفق ما تقضى به المادة 23 من القانون 136 لسنة 1981، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه، نقضاً جزئياً فيما قضى به من التسليم.
وحيث إن الموضع صالح للفصل فيه - ولما تقدم - فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض طلب تسليم العين إلى المستأنف ضدهما.