أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 2 - صـ 1177

جلسة 17 من ديسمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ عبد العال السمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. سعيد فهيم، محمد جمال الدين سليمان، السيد عبد الكريم نواب رئيس المحكمة، وممدوح القزاز.

(227)
الطعن رقم 3586 لسنة 59 القضائية

(1، 2) نقض "نطاق الطعن: أسباب الطعن". نظام عام.
(1) ما يتعلق بالنظام العام. للمطعون عليه والنيابة ومحكمة النقض إثارته فى الطعن بالنقض. شرطه. وروده على ما رفع عنه الطعن فى الحكم المطعون فيه.
(2) قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلا وفى موضوعه. قصر النعى فى صحيفة الطعن على القضاء فى الموضوع. امتناع تمسك النيابة ببطلان الحكم لسبب فى شكل الاستئناف بناءً على تعلقه بالنظام العام.
(3 - 5) إثبات "الإثبات بالقرائن". وصية "طعن الوارث فى تصرفات مورثة". دعوى "الدفاع الجوهرى". حكم "عيوب التدليل: الخطأ فى تطبيق القانون" "بطلان الحكم". محكمة الموضوع. بطلان. "بطلان الأحكام".
(3) عدم انطباق شروط المدة 917 مدنى لكون المتصرف إليه غير وارث. مؤداه. عدم جواز إعمال القرينة المنصوص عليها فى تلك المادة. أثره. امتناع إعفاء الوارث الذى يطعن على التصرف بأنه يستر وصية من إثبات طعنه. له أن يتحمل هذا الإثبات. احتفاظ المورث بحيازة العين المتصرف فيها. خضوع هذه القرينة القضائية لمطلق تقدير القاضى. له الأخذ أو عدم الأخذ بها.
(4) الدفاع الجوهرى الذى يتغير به وجه الرأى فى الدعوى. التزام محكمة الموضوع بالرد عليه وإلا كان حكمها باطلاً.
(5) تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بأن تصرف المورث فى حقيقته وصية وأنه يجوز إثبات حقيقة العقد بكافة طرق الإثبات. إغفال الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع استناداً إلى أن التصرف صادر لغير وارث مما لا تنطبق عليه المادة 917 مدنى متحجباً عن تمحيص دليل الطاعن الجائز له الركون إليه فى إثبات دعواه. خطأ.
1 - يجوز للمطعون عليه كما يجوز للنيابة ولمحكمة النقض أن يثيروا فى الطعن ما يتعلق بالنظام العام إلا أن ذلك مشروط بأن يكون وارداً على ما رفع عنه الطعن فى الحكم المطعون فيه.
2 - إذ قضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً وهو قضاء قطعى ثم قضى فى الموضوع، وكانت صحيفة الطعن لم تحو إلا نعياً على ما قضى به الحكم فى موضوع الاستئناف فلا يجوز للنيابة أن تتمسك ببطلان الحكم المطعون فيه لسبب يتعلق بشكل الاستئناف بناء على تعلقه بالنظام العام.
3 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن عدم انطباق شروط المادة 917 من القانون المدنى لكون المتصرف إليه غير وارث وإن كان يؤدى إلى عدم جواز إعمال القرينة المنصوص عليها فى هذه المادة وبالتالى إلى عدم إغفال الوارث الذى يطعن على التصرف بأنه ستر وصية من إثبات هذا الطعن إلا أن ذلك لا يمنعه من أن يتحمل هو إثبات طعنه وله فى سبيل ذلك أن يثبت احتفاظ المورث بحيازة العين التى تصرف فيها كقرينة قضائية يتوصل بها إلى إثبات مدعاه والقاضى بعد ذلك حر، فى أن يأخذ بهذه القرينة أو لا يأخذ بها شأنها فى ذلك شأن سائر القرائن القضائية التى تخضع لمطلق تقديره.
4 - دفاع الخصم متى كان جوهرياً بأن يكون من شأن تحققه تغيير وجه الرأى فى الدعوى فإن على محكمة الموضوع أن تعرض له وترد عليه وإلا كان حكمها باطلا.
5 - إذ كان الثابت فى الدعوى أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن تصرف المورثة هو فى حقيقته وصية وأنه يجوز له إثبات حقيقة العقد بكافة طرق الإثبات، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أغفل الرد على هذا الدفاع استناداً إلى أن التصرف المطعون عليه صادر لغير وارث مما لا ينطبق عليه حكم المادة 917 من القانون المدنى حاجباً بذلك نفسه عن تمحيص الدليل الذى ساقه الطاعن ويجوز له الركون إليه فى إثبات دعواه فإنه يكون معيباً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم وآخرين الدعوى 7053 سنة 1984 مدنى الزقازيق الابتدائية بطلب الحكم ببطلان عقدى البيع المسجلين برقمى 5330 سنة 1977، 4018 سنة 1977 شرقية، على سند من أن مورثته "زوجته" تحايلاً على قواعد الإرث ويقصد حرمانه من نصيبه فى تركتها، باعت إلى أولاد شقيقيها - المطعون ضدهم الاثنين والعشرين الأوائل - وآخرين الأعيان المبينة بالصحيفة بموجب هذين العقدين، ولما كان العقدان صوريين يخفيان وصية فقد أقام الدعوى. حكمت المحكمة برفض الدعوى بحكم استأنفه الطاعن بالاستئناف 725 سنة 29 ق المنصورة - مأمورية الزقازيق - وفيه أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن استمعت إلى شاهد الطاعن، حكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها ببطلان الحكم المطعون فيه وأبدت الرأى فى الموضوع بنقضه، عرض الطعن على هذه المحكمة - فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة أن الطاعن استأنف الحكم الابتدائى الصادر فى موضوع غير قابل للتجزئة دون اختصام بعض المحكوم لهم وقضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً دون اختصام المذكورين مما يعيب الحكم المطعون فيه بالبطلان ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا الدفع فى غير محله ذلك أنه وإن كان يجوز للمطعون عليه كما يجوز للنيابة ولمحكمة النقض أن يثيروا فى الطعن ما يتعلق بالنظام العام إلا أن ذلك مشروط بأن يكون وارداً على ما رفع عنه الطعن فى الحكم المطعون فيه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً وهو قضاء قطعى ثم قضى فى الموضوع، وكانت صحيفة الطعن لم تحو إلا نعياً على ما قضى به الحكم فى موضوع الاستئناف فلا يجوز للنيابة أن تتمسك ببطلان الحكم المطعون فيه لسبب يتعلق بشكل الاستئناف بناء على تعلقه بالنظام العام. ومن ثم يتعين عدم قبول الدفع.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول إن العقدين صريحان فى احتفاظ المورثة البائعة فيهما بحق المنفعة لنفسها طيلة حياتها وهو ما يشكل قرينة قضائية - إن لم تكن قانونية - يمكن تعزيزها بالبينة لإثبات صورية العقدين وانطوائهما على وصية وسواء كان تصرف المورثة صادراً لوارث أو لغير وارث، وإذ خالف الحكم ذلك وأقام قضاءه على عدم انطباق حكم المادة 917 من القانون المدنى على الواقعة بقالة أن التصرف المطعون عليه صادر لغير وارث فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد ذلك أن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن عدم انطباق شروط المادة 917 من القانون المدنى لكون المتصرف إليه غير وارث وإن كان يؤدى إلى عدم جواز إعمال القرينة المنصوص عليها فى هذه المادة وبالتالى إلى عدم إعفاء الوارث الذى يطعن على التصرف بأنه ستر وصية من إثبات هذا الطعن إلا أن ذلك لا يمنعه من أن يتحمل هو إثبات طعنه وله فى سبيل ذلك أن يثبت احتفاظ المورث بحيازة العين التى تصرف فيها كقرينة قضائية يتوصل بها إلى إثبات مدعاه والقاضى بعد ذلك حر، فى أن يأخذ بهذه القرينة أو لا يأخذ بها شأنها فى ذلك شأن سائر القرائن القضائية التى تخضع لمطلق تقديره، وأن دفاع الخصم متى كان جوهرياً بأن يكون من شأن تحققه تغيير وجه الرأى فى الدعوى فإن على المحكمة الموضوع أن تعرض له وترد عليه وإلا كان حكمها باطلا، وكان الثابت فى الدعوى أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن تصرف المورثة هو فى حقيقته وصية وأنه يجوز له إثبات حقيقة العقد بكافة طرق الإثبات، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أغفل الرد على هذا الدفاع استناداً إلى أن التصرف المطعون عليه صادر لغير وارث مما لا ينطبق عليه حكم المادة 917 من القانون المدنى حاجباً بذلك نفسه عن تمحيص الدليل الذى ساقه الطاعن ويجوز له الركون إليه فى إثبات دعواه فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقى أسباب الطعن وعلى أن يكون مع النقض الإحالة.