أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 2 - صـ 1260

جلسة 25 من ديسمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ ريمون فهيم اسكندر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ السيد خلف محمد، سيد قايد، عبد الله فهيم، عبد الغفار المنوفى وعبد الله عصر نواب رئيس المحكمة.

(243)
الطعنان رقما 545، 730 لسنة 66 القضائية

(1) حكم "الطعن فيه". نقض "الخصوم فى الطعن".
الاختصام فى الطعن بالنقض. شرطه. اختصام من لم توجه إليه طلبات ووقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يقض له أو عليه بشىء. أثره. عدم قبول اختصامه فى الطعن.
(2 - 5) إيجار "إيجار الأماكن" "ما يخرج عن نطاق سريانها". عقد "عقد الإيجار" "تكييف العقد". قانون "القانون الواجب التطبيق". محكمة الموضوع "سلطتها فى تكييف العقود والتعرف على قصد العاقدين". نقض "أسباب الطعن: الأسباب غير المقبولة: الأسباب الموضوعية".
(2) تضمين العقد قيوداً على حق المنتفع ينافى طبيعة الإيجار ويخرج التعاقد عن نطاقه. أثره. عدم اعتباره عقد إيجار يخضع لأحكام التشريعات الاستثنائية، خضوعه للقواعد العامة حسب طبيعة التعاقد حسبما اتجهت إليه إرادة طرفيه.
(3) تكييف العقد. العبرة بعباراته وحقيقة الواقع والنية المشتركة للمتعاقدين.
(4) التعرف على قصد العاقدين. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه.
(5) انتهاء الحكم المطعون فيه بأسباب سائغة إلى أن التعاقد على كازينو النزاع وملحقاته غير خاضع لقوانين إيجار الأماكن الاستثنائية لتضمن بنوده اعتبارات تفوق اعتبار المكان مثل تحصيل رسوم من رواه وأيلولتها للشركة المطعون ضدها وتعيين الحراسة عليه ومنع الطاعن من إقامة إعلانات أو وضع أثاثات إلا وفقاً للرسم المقرر من الشركة المنازعة فى ذلك، جدل موضوعى. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(6) حكم "عيوب التدليل: التناقض فى الأسباب".
التناقض الذى يعيب الحكم ويفسده. ماهيته.
(7، 8) استئناف "تسبيب الحكم الاستئنافى". حكم "تسبيبه".
(7) قضاء المحكمة الاستثنائية بتأييد الحكم الإبتدائى للأسباب الواردة به ولأسباب أخرى كافية لحمل قضائها. وجود تناقض بين أسابها وبعض أسباب الحكم الابتدائى لا عيب. علة ذلك.
(8) أخذ المحكمة الاستئنافية بأسباب الحكم الإبتدائى دون إضافة. شرطه. أن ترى فى هذه الأسباب ما يغنى عن إيراد جديد.
(9) عقد "أثر العقد". وكالة "الوكالة الظاهرة".
الوضع الظاهر. نفاذ التصرف المبرم بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية فى مواجهة صاحب الحق. شرطه. أن يكون صاحب الحق قد أسهم بخطئه سلباً أو إيجاباً فى ظهور المتصرف بمظهر صاحب الحق.
(10، 11) حكم "عيوب التدليل: ما لا يقد قصوراً". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الأدلة والمستندات" "مسائل الواقع".
(10) فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة والموازنة بينها. من سلطة محكمة الموضوع. عدم التزامها بتتبع الخصوم فى مختلف أقوالهم وحججهم والرد عليه استقلالاً.
(11) التفات محكمة الموضوع عن دفاع لا يستند إلى أساس صحيح أو لم يقترن به دليل يثبته. لا عيب.
(12) نقض "أسباب الطعن: السبب المجهل".
أسباب الطعن. وجوب تحديدها للعين الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره فى قضائه وإلا كان النعى غير مقبول. م 253 مرافعات.
1 - المقرر أن الخصومة فى الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوما حقيقيين فى النزاع الذى فصل فيه الحكم المطعون فيه، وإذ كان البين أن المطعون ضدهم الثانى والثالث والرابع بصفاتهم لم يحكم لهم أو عليهم بشىء وأن موقفهم من الخصومة كان سلبيا فلم تصدر منهم منازعة أو يثبت لهم دفاع، فإن اختصامهم فى الطعنين بالنقض يكون غير مقبول.
2 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه إذا تضمن العقد قيودا على حق المنتفع بالعين مخلة بما ينافى طبيعة الإيجار تخرج التعاقد من نطاقه فإنه لا يصح اعتباره عقد إيجار، ومن ثم فإنه لا يخضع فى هذه الحالة لأحكام التشريعات الاستثنائية لإيجار الأماكن، وإنما تحكمه القواعد العامة بحسب طبيعة العقد الذى اتجهت إليه إرادة المتعاقدين.
3 - المقرر أن العبرة فى تكييف العقد والتعرف على حقيقة مرماه هى بحقيقة الواقع والنية المشتركة التى اتجهت إليها إرادة المتعاقدين.
4 - المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التقديرية فى التعرف على تلك الحقيقة والتحرى عن مقصود العاقدين ولها فى سبيل ذلك تقدير الأدلة والقرائن المقدمة فى الدعوى واستخلاص ما تقتنع به منها متى كان استخلاصها سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التى انتهت إليها.
5 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما أورده بمدوناته من "أن عقد النزاع قد تضمن بنوداً كثيرة لا تتفق مع شرائط عقد الإيجار وجعل موضع الاعتبار فى إبرامه لا يقتصر على المكان إنما اعتبارات أخرى وذلك واضح من النص فى البند الثامن من أن الشركة لها الحق فى تحصيل رسوم على دخول الحديقة وتتولى هى تحديد الرسم دون تدخل من المستأنف (الطاعن) وتؤول حصيلة الرسوم إلى الشركة وأن يتم التحصيل فى مواعيد محددة يكون الدخول قبلها أو بعدها مجانا، وتعيين حراس على أبواب الكازينو والأسوار المحيطة بالحديقة وملعب الباتيناج ولا يقل عدد الحراس عن خمسة، ولما نص فى البند التاسع من منع المرخص له إقامة أى إعلانات على الأسوار والمنشآت أو المظلات إلا بواسطة الشركة وكما نص فى البند العاشر إلزام المستأنف (الطاعن) بوضع الموائد والكراسى والشماسى التى تقرها الشركة حسب الرسم الكروكى.. من كل هذه الشوط والبنود يتكشف للمحكمة أن العقد موضوع الدعوى ليس عقد إيجار وإنما عقد غير مسمى روعى إبرامه لاعتبارات كثيرة تفوق إعتبار المكان... ولا يخضع لقوانين الإيجارات الاستثنائية". وإذ كان هذا الذى خلص إليه الحكم سائغا له أصل ثابت بالأوراق ومؤديا إلى النتيجة التى انتهى إليها، فإن النعى عليه بهذه الأوجه لا يعدو أن يكون فى حقيقته جدلا موضوعيا فى تقدير الأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى خلاف تلك التى خلص إليها الحكم المطعون فيه مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم يكون غير مقبول.
6 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن التناقض الذى يعيب الحكم ويفسده هو الذى تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، وليس من التناقض أن يكون فى عبارات الحكم ما يوهم بوقوع مخالفة بين الأسباب بعضها ما دام قصد المحكمة ظاهرا ورأيها واضحاً.
7 - المقرر أنه إذا قضت محكمة الاستئناف بتأييد الابتدائى للأسباب الواردة به ولأسباب أخرى استندت إليها وكانت هذه الأسباب كافية لإقامة الحكم عليها فإنه لا يؤثر فى سلامة حكمها أن يكون هناك تناقض بين أسباب الحكم الابتدائى إذ أن أخذ الحكم الاستئنافى بأسباب حكم محكمة الدرجة الأولى معناه أخذها بالأسباب التى لا تتناقض مع حكمها فتعبر أسباب الحكم الابتدائية فى هذه الحالة مكملة لأسباب هذا الحكم فيما لا تعارض فيه.
8 - المقرر أنه لا يعيب الحكم الاستئنافى أن يعتنق أسباب الحكم الابتدائى ويحيل عليها دون إضافة متى كان فيها ما يغنى عن إيراد أسباب جديدة.
9 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط لنفاذ التصرف المبرم بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية فى مواجهة صاحب الحق أن يكون صاحب الحق قد أسهم بخطئه سلبا أو إيجابا فى ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتى من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر للحقيقة.
10 - المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى استخلاص وفهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها والأخذ بما تظمئن إليه منها واطراح ما عداه، وهى غير ملزمة بأن تتبع الخصوم فى كل قول أو طلب أو حجة أثاروه ما دام فى قيام الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمنى المسقط لكل ما عداها.
11 - المقرر أن محكمة الموضوع لا عليها إن هى التفتت عن دفاع لا يستند إلى أساس صحيح أو لم يقترن به دليل يثبته.
12 - إذ أوجبت المادة 253 من قانون المرافعات أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاً، إنما قصدت بهذا البيان وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً عنها الغموض والجهالة وبحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه ومن ثم فإنه كل سبب يراد التحدى به أمام محكمة النقض يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً وإلا كان النعى به غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم....... لسنة...... إيجارات شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم أولاً: وقبل الفصل فى الموضوع بندب أحد خبراء وزارة العدل للانتقال إلى العين محل النزاع لبيان ما قام به من مبان وإنشاءات وتجهيزات وتكاليفها وتحدد المدة اللازمة
لإسترداده القيمة الرأسمالية لهذه الاستثمارات وقيمة الأضرار التى تحيق به فى حال إخلائه اعتباراً من 31/ 1/ 1986 وقيمة هذه الأضرار فى حالة مد أجل الاستغلال لمدة خمس سنوات فقد ثانياً: وفى الموضوع بصفة أصلية الحكم بمد أمد استغلال وإجارة الطاعن العين محل النزاع لثلاث فترات متتالية، وكل فترة منها خمس سنوات بدءً من 1/ 2/ 1986 مع زيادة القيمة الإيجارية المحددة فى العقد المؤرخ 1/ 2/ 1976 بنسبة 20% وبصفة احتياطية بمد أمد استغلال وإجارة الطاعن للعين محل النزاع لمدة خمس سنوات تبدأ من 1/ 2/ 1986 وتنتهى فى 31/ 1/ 1991 مع زيادة القيمة الإيجارية المحددة فى العقد سالف البيان بنسبة 25% مع إلزام المطعون ضدهم بالتضامن بمبلغ خمسمائة ألف جنيه على سبيل التعويض، ومن باب الاحتياط الكلى بإلزام المطعون ضدهم وبالتضامن فيما بينهم بمبلغ مليون وستمائة ألف جنيه على سبيل التعويض. وقال بيانا لذلك إنه يستغل الكازينو وقطعة الأرض محل النزاع منذ أكثر من عشرين عاما وإنه قام بإنشاءات لتهيئة المكان لأداء نشاطه على أكمل وجه وإن المطعون ضدها الأولى طلبت منه إنهاء عقدى الاستغلال إلا أنه أجاب عليهم برغبته فى تجديد العقدين لورودهما على مكان خال كما وافق وزيرى الإسكان والسياحة على تجديد العقدين - اللذين يخضعان للامتداد القانونى - ومن ثم فقد أقام الدعوى. كما أقامت الشركة المطعون ضدها الأولى على الطاعن الدعوى رقم...... لسنة..... إيجارات شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء "الكازينو" وملحقاته وكذا قطعة الأرض محلى عقدى الاستغلال المنتهيين فى 31/ 1/ 1986 والمبينة بالصحيفة وتسليمها لها. وقالت بيانا لذلك إنه بموجب عقد استغلال مؤرخ 1/ 2/ 1976 رخصت للطاعن باستغلال كازينو منتزه الميريلاند السياحى الذى تملكه وذلك لمدة خمس سنوات - انتهت فى 31/ 1/ 1981 - فى مقابل 512000 ج مضافا إليها العوائد والرسوم المستحقة قانونا بكافة أنواعها، وبموجب ملحق لعقد الاستغلال سالف البيان، مؤرخ بذات تاريخه، وافقت الشركة على حق الطاعن فى طلب تجديد العقد لفترة تالية واحة تنتهى فى 31/ 1/ 1986 إذا عبر عن رغبته فى ذلك قبل نهاية المدة الأولى بعام كامل طبقا لشروط التعاقد، وكان قد سبق لها الموافقة للطاعن بتاريخ 23/ 10/ 1976 على الطلب المقدم منه بطلب استغلال قطعة الأرض البالغ مساحتها 1470.50 مترا فى إقامة مدينة ملاهٍ على أن تسرى عليه كافة بنود عقد الاستغلال الخاص بالكازينو المؤرخ 2/ 1/ 1979 وأنه إذ انتهت مدة العقدين قامت بإنذار الطاعن بعدم رغبتها فى تجديد عقد الاستغلال إنه رفض تسليمها الكازينو وقطعة الأرض وأصبحت يده عليهما يده عليهما يد غاصب فأقامت الدعوى. وبعد أن ضمت محكمة أول درجة الدعوى الثانية للدعوى الأولى للارتباط حكمت بتاريخ 12/ 6/ 1990 برفض الدعوى الأولى، وفى الدعوى الثانية بإجابة الشركة المطعون ضدها الأولى إلى طلبيها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئنافين رقمى......، ...... لسنة..... ق القاهرة، وبتاريخ 19/ 12/ 1995 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئنافين وبتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمى 545، 730 لسنة 66 ق، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى أولاً: بعدم قبول الطعنين لرفعهما على غير ذى صفة بالنسبة للمطعون ضدهم الثانى والثالث والرابع. ثانياً - فيما عدا ما تقدم - بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعا. وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعنين بالنسبة للثانى والثالث والرابع بصفاتهم لرفعهما من غير ذى صفة أنه لم يقض لهم أو عليهم بشىء وأنهم لم ينازعوا الطاعن فى طلباته مما لا يجوز معه اختصامهم أمام محكمة النقض فى الطعنين الماثلين.
وحيث إن هذا الدفع فى محله، ذلك أن الخصومة فى الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوما حقيقيين فى النزاع الذى فصل فيه الحكم المطعون فيه، وإذ كان البين أن المطعون ضدهم الثانى والثالث والرابع بصفاتهم لم يحكم لهم أو عليهم بشىء وأن موقفهم من الخصومة كان سلبيا فلم تصدر منهم منازعة أو يثبت لهم دفاع، فإن اختصامهم فى الطعنين بالنقض يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعنين - فيما عدا ما تقدم - استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الطعن الأول أقيم على سبعة أسباب واقيم الطعن الثانى على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأسباب الأول والثانى والرابع من الطعن الأول والسبب الثانى والوجه الأول من السبب الرابع من الطعن الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك يقول أنه لما كان تكييف العقود مسألة قانونية يخضع فيها قاضى الموضوع لرقابة محكمة النقض، وكانت العقود سند الدعوى المؤرخة 1/ 2/ 1976، 16/ 2/ 1977 هى عقود إيجار ترد على مكان ومنشآت خالية ولم تتضمن الانتفاع بمجموع خدمات سيما وأن الاسم والسمعة التجاريين والاتصال بالعملاء مملوك جميعها له ولا يغير من ذلك أن تلك العقود قد اشتملت على شروط لا تغير من طبيعة الإيجار، لا يخضع فيها المستأجر لرقابة المؤجر وتبعيته وإشرافه ولا يشارك فيها الثانى الأول الاستغلال فى الانتفاع بالعين المؤجرة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأسس قضاءه على أن تكييف طبيعة العقد يخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وأن العقود الثانية بين الطاعن والشركة المطعون ضدها الأولى هى عقود غير مسماة دون أن يبين مصدره فى هذا الاستخلاص مرتباً على ذلك خضوعها للقواعد العامة فى القانون المدنى دون تشريعات إيجار الأماكن على سند من أن المكان لم يكن وحده محل الاعتبار فى التعاقد وأن هناك اعتبارات أخرى هى المرعية فى إبرامه منها الاستفادة من الموقع التجارى والسمعة التجارية والرواج التجارى ومن تضمن العقد الأول لبعض الشروط فى البند الثامن وهى أن الشركة لها الحق فى تحصيل رسوم على دخول الحديقة وتتولى هى تحديد الرسم دون تدخل منه وتؤول حصيلة الرسوم إليها وأن يتم التحصيل فى مواعيد محددة يكون الدخول قبلها أو بعدها مجاناً، وفى تعيين حراس على أبواب الكازينو والأسوار المحيطة بالحديقة وملعب الباتيناج وأن لا يقل عدد الحراس عن همسة والنص فى البند السابع على منعه من إقامة أى إعلانات على الأسوار والمنشأت أو المظلات إلا بواسطة الشركة، والنص فى البند العاشر على إلزامه بوضع الموائد والمقاعد والمظلات التى تقرها الشركة حسب الرسم التخطيطى... فى حين أن الشروط الواردة فى العقد محل التكييف سواء ما أورده الحكم منها أو لم يورده هى شروط لم تغير من الوصف الصحيح والتكييف القانونى السليم للعقد - بإعتباره عقد إيجار - أعطى للمالك مقابل تملكه لحق الاستغلال أجرة من الطاعن مقابل تمتعه بحق الانتفاع - وهى شروط طبيعية تستهدف حماية العين المؤجرة وتوفير الحد المعقول من الأمن لرواد الكازينو، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن من المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه إذا تضمن العقد قيوداً على حق المنتفع بالعين محله بما ينافى طبيعة الإيجار تخرج التعاقد من نطاقه فإنه لا يصح اعتباره عقد إيجار، ومن ثم فإنه لا يخضع فى هذه الحالة لأحكام التشريعات الاستثنائية لإيجار الأماكن، وإنما تحكمه القواعد العامة بحسب طبيعة العقد الذى اتجهت إليه إرادة المتعاقدين، كما أن من المقرر أن العبرة فى تكييف العقد والتعرف على حقيقة مرماه هى بحقيقة الواقع والنية المشتركة التى اتجهت إليها إرادة المتعاقدين، وأن لمحكمة الموضوع السلطة التقديرية فى التعرف على تلك الحقيقة والتحرى عن مقصود العاقدين ولها فى سبيل ذلك تقدير الأدلة والقرائن المقدمة فى الدعوى واستخلاص ما تقتنع به منها متى كان استخلاصها سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التى انتهت إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما أورده بمدوناته من "أن عقد النزاع قد تضمن بنوداً كثيرة لا تتفق مع شرائط عقد الإيجار وجعل موضع الاعتبار فى إبرامه لا يقتصر على المكان إنما اعتبارات أخرى وذلك واضح من النص فى البند الثامن من أن الشركة لها الحق فى تحصيل رسوم على دخول الحديقة وتتولى هى تحديد الرسم دون تدخل من المستأنف (الطاعن) وتؤول حصيلة الرسوم إلى الشركة وأن يتم التحصيل فى مواعيد محددة يكون الدخول قبلها أو بعدها مجاناً، وتعيين حراس على أبواب الكازينو والأسوار المحيطة بالحديقة وملعب الباتيناج ولا يقل عدد الحراس عن خمسة، ولما نص فى البند التاسع من منع المرخص له إقامة أى إعلانات على الأسوار والمنشآت أو المظلات إلا بواسطة الشركة وكما نص فى البند العاشر إلزام المستأنف (الطاعن) بوضع الموائد والكراسى والشماسى التى تقرها الشركة حسب الرسم الكروكى.. من كل هذه الشوط والبنود يتكشف للمحكمة أن العقد موضوع الدعوى ليس عقد إيجار وإنما عقد غير مسمى روعى إبرامه لاعتبارات كثيرة تفوق إعتبار المكان... ولا يخضع لقوانين الإيجارات الاستثنائية". وإذ كان هذا الذى خلص إليه الحكم سائغاً له أصل ثابت بالأوراق ومؤدياً إلى النتيجة التى انتهى إليها، فإن النعى عليه بهذه الأوجه لا يعدو أن يكون فى حقيقته جدلاً موضوعياً فى تقدير الأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى خلاف تلك التى خلص إليها الحكم المطعون فيه مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الثالث والخامس والسادس من الطعن الأول والثالث من الطعن الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه إستناداً إلى قناعته بأن بنود العقد سند الدعوى تكشف عن أن المكان لم يكن وحده محل إعتبار فى إبرام العقد وأن هناك اعتبارات أخرى هى المرعية فى إبرامه مثل الاستفادة من الموقع التجارى والسمعة التجارية والرواج التجارى منتهياً إلى تأييد حكم محكمة أول درجة محمولاً على أسبابه على الرغم من أن الحكم الابتدائى قد ضمن أسبابه أن عقد الاستغلال قد ورد على مكان خال هو مبنى "كازينو الميرلاند" ودون وصفه بأنه قعد إيجار يخضع لأحكام الامتداد القانونى وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالتناقض والتنافر بين أسبابه، هذا إلى أن الحكم الاستئنافى لم يبحث سوى تكييف العقد المؤرخ 1/ 2/ 1976 دون العقد الوارد على الأرض الفضاء، المؤرخ 16/ 1/ 1977 رغم أن هذا العقد مشار إليه فى صحيفة الدعوى المبتدأة وصحيفتى الاستئناف ولم يبين ما إذا كان يتفق مع الحكم الابتدائى أو يخالفه فى تكييف لهذا العقد الذى خلص إلى وروده على أرض فضاء لا تخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن حال أن هذه الأرض ملحقه بالمبانى والمنشأت المؤجرة بموجب العقد المؤرخ 1/ 2/ 1976، تخضع بدورها لأحكام الامتداد القانونى المقرر فى قانون إيجار الأماكن وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن - المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أن التناقض الذى يعيب الحكم ويفسده هو الذى تتماحى به الأسباب حيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، وليس من التناقض أن يكون فى عبارات الحكم ما يوهم بوقوع مخالفة بين الأسباب بعضها ما دام قصد المحكمة ظاهرا ورأيها واضحا، وأنه إذا قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الإبتدائى للأسباب الواردة به ولأسباب أخرى استندت إليها كانت هذه الأسباب كافية لإقامة الحكم عليها فإنه لا يؤثر فى سلامة حكمها أن يكون هناك تناقض بين أسباب الحكم الابتدائى إذ أن أخذ الحكم الاستئنافى بأسباب حكم محكمة الدرجة الأولى معناه أخذها بالأسباب التى لا تتناقض مع حكمها فتعتبر أسباب الحكم الابتدائى فى هذه الحالة مكملة لأسباب هذا الحكم فيما لا تعارض فيه. وأنه لا يعيب الحكم الاستئنافى أن يعتنق أسباب الحكم الابتدائى ويحيل عليها دون إضافة متى كان فيها ما يغنى عن إيراد أسباب جديدة. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضاءه فى شأن تكييف العقد المؤرخ 1/ 2/ 1976 بالتأسيس على أنه ليس عقد إيجار وإنما عقد غير مسمى وكانت دعامته فى ذلك - وعلى ما سلف بيانه فى الرد على الأسباب السابقة - تتفق وصحيح القانون وبما يكفى لحمل قضاء الحكم المطعون فيه الذى نحى بذلك منحى مغاير لما ذهب إليه حكم محكمة أول درجة دون أن يرد بأسباب هذا الحكم إلا فيما لا تعارض فيه مع أسبابه فإن الأسباب الواردة بالحكم بالابتدائى فى هذا الخصوص لا تعتبر من أسباب الحكم الاستئنافى ولا يصادف النعى عليها محلا فى قضاء الحكم المطعون فيه، هذا وإذ كان الحكم الابتدائى فى خلص غلى تكييف العقد المؤرخ 16/ 1/ 1977 بأنه ورد على أرض فضاء ولا يخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن وأيده الحكم المطعون فيه للأسباب التى أقيم عليها بعد أن صرح بالأخذ بها واعتبارها بمثابة أسباب لحكمه فإنه لا يكون مشوبا بالقصور ويضحى النعى برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السابع من الطعن الأول على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن التعاقد الذى كان بينه وبين وزيرى السياحة والاسكان بصفة كل منهما نائبا عن الشركة المطعون ضدها الأولى وأن هذا التعاقد مشروع إعمالا لنظرية النيابة القانونية والنيابة الظاهرة, وإذ كانت هناك مظاهر بررت الاعتقاد بوجود النيابة وحسن النية, وكان الحكم المطعون فيه قد واجه ذلك بأن العقدين سند الدعوى قد أبرما بين الطاعن والمطعون ضده الأول بصفته رئيس شركة مصر الجديدة للاسكان والتعمير وهى شركة قطاع عام لها شخصية إعتبارية مستقله وأن رئيس مجلس إدارتها هو الذى يمثلها وأن الزعم بأن وزير الاسكان أو وزير السياحة أعطى خطاباً بإمتداد العقدين يكون صادرا من غير ذى صفة ولا حجية له على الشركة المطعون ضدها الأولى، وهو ما لا يواجه دفاعه فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك - أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط لنفاذ التصرف المبرم بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية فى مواجهة صاحب الحق أن يكون صاحب الحق قد أسهم بخطئه - سلبا أو إيجابا - فى ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتى من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر للحقيقة، وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى استخلاص وفهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها والأخذ بما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه، وهى غير ملزمة بأن تتبع الخصوم فى كل قول أو طلب أو حجة أثاروه ما دام فى قيام الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمنى المسقط لكل ما عداها، ولا عليها بعد ذلك إن هى التفتت عن دفاع لا يستند إلى أساس صحيح أو لم يقترن به دليل يثبته. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن العقدين المؤرخين 1/ 2/ 1976، 16/ 1/ 1977 قد أبرما بين الطاعن والمطعون ضده الأول بصفته رئيساً لمجلس إدارة شركة مصر الجديدة للاسكان والتعمير وأنه لم يصد من الأخير ثمة تصرف يفيد أنه تنازل عن اختصاصاته لآخر، كما أنه لم يأخذ بالتوصية الصادرة إليه من وزير الاسكان أو وزير السياحة بإمتداد العقدين، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما خلص إليه بمدوناته من أن "المطعون ضده الأول بصفته رئيساً لمجلس إدارة الشركة سالفة البيان أبرم العقدين محل النزاع مع الطاعن، وأن تلك الشركة لها شخصية اعتبارية مستقلة وأن رئيس مجلس إدارتها هو الذى يمثلها وأن أى زعم بأن وزير الاسكان أو وزير السياحة قد أعطى خطابا بإمتداد العقدين فإنه يكون صادرا من غير ذى صفة ولا حجية له على الشركة" وهو استخلاص سائغ له معينه من الأوراق ويكفى لحمل قضائه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بسبب النعى لا يعدو أن يكون جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم يكون النعى غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول والوجه الثانى من السبب الرابع من الطعن الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وفى بيان ذلك يقول أنه لما كان يجب على محكمة الاستئناف أن تننظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم منها أمام محكمة الدرجة الأولى، وكان الحكم المطعون فيه قد قصر مهمته على محاكمة الحكم المستأنف وعلى تناول أوجه النعى المثارة منه وأخذ بمدونات الحكم المستأنف حجة مسلمة وحجب نفسه عن بحث أوجه دفاع وأدلة ومستندات الخصوم من الناحيتين الواقعية والقانونية وعن ممارسة سلطته الأمر الذى يعد منه تفويتا لدرجة التقاضى وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول، ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاً، إنما قصدت بهذا البيان - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة وبحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه ومن ثم فإنه كل سبب يراد التحدى به أمام محكمة النقض يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً وإلا كان النعى به غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يبين بوجه النعى أوجه الدفاع والأدلة والمستندات التى حجب الحكم المطعون فيه نفسه عن بحثها والعيب الذى يعزوه إلى الحكم - فى هذا الصدد - وموضعه منه وأثره فى قضائه فإن النعى بهذا السبب يكون مجهلا غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعنين.