أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
السنة 53 - الجزء 2 - صـ 1299

جلسة 26 من ديسمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد طيطة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين حسنى دياب، محمد عبد المنعم عبد الغفار، شريف حشمت جادو ونبيل أحمد صادق نواب رئيس المحكمة.

(249)
الطعن رقم 163 لسنة 72 القضائية

(1، 2) عقد "عقد الكفالة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تكييف العقد".
(1) الكفالة. ماهيتها. عقد بين الكفيل والدائن يلتزم فيه الأول شخصياً بوفاء الدين عند حلول أجله إذا لم يوفه المدين. لازم ذلك. التزام الكفيل ليس التزاماً أصلياً إنما تابعاً للإلتزام المكفول. المادة 772 مدنى.
(2) استخلاص ما إذا كان الالتزام أصلياً أم تابعاً. من سلطة محكمة الموضوع. لا سلطان عليها فيه لمحكمة النقض. شرطه.
(3) عقد "تكييف العقد". نقض. "رقابة محكمة النقض".
تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
(4) عقد "تفسير العقد". محكمة الموضوع "سلطتها فى تفسير العقد".
تفسير العقد لا يجيز للقاضى الإنحراف عن عبارات العقد الواضحة. المادة 150/ 1 مدنى. المقصود بالوضوح. حمل عبارات العقد على معنى يخالف ظاهر دون تبرير. خطأ.
(5) عقد "عقد الكفالة" " تفسير العقد". حكم "عيوب التدليل: مخالفة الثابت بالأوراق" التزام.
تعهد الطاعنة الثانية للبنك المطعون ضده بخصم قيمة الأقساط الشهرية المستحقة للأخير من مرتبات العاملين لديها المستفيدين وكفلاتهم وتوريدها للبنك فى المواعيد. حقيقته. إلتزام أصلى قائم بذاته قصد به البنك ضمان تحصيل الأقساط من المستفيدين. قضاء الحكم المطعون فيه باعتبار ذلك التعهد كفالة فى سداد المديونية للبنك خلافاً للمعنى الظاهر للعبارات التعهد. خطأ.
1- مفاد نص المادة 772 من القانون المدنى يدل على أن الكفالة عقد بين الكفيل والدائن يلتزم فيه الكفيل شخصياً بوفاء الدين عند حلول أجله إذا لم يوفه المدين، ولازم ذلك أن التزام الكفيل متضامناً أو غير متضامن ليس التزاماً أصلياً وإنما التزامُ تابع للإلتزام المكفول بحيث إذا التزم المسئول عن دين الغير إلتزاماً أصلياً فإنه لا يكون كفيلاً بل مديناً أصلياً التزامه مستقل عن التزام المدين.
2 - استخلاص ما إذا كان الالتزام أصلياً فلا يعتبر الملتزم كفيلاً أو التزاماً تابعاً فيعتبر كفيلاً من سلطة محكمة الموضوع ولا سلطان عليها فى ذلك من محكمة النقض ما دام استخلاصها سائغاً ولا يخالف الثابت بالأوراق ولا خروج فيه على المعنى الظاهر لعبارات العقد.
3 - المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها يخضع لرقابة محكمة النقض.
4 - مفاد النص فى المادة 150/ 1 من القانون المدنى يدل على أن القاضى ملزم أن يأخذ عبارة المتعاقدين الواضحة كما هى فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤداها الواضح إلى معنى آخر، وأنه وإن كان المقصود بالوضوح هو وضوح الإرادة لا اللفظ إلا أن المفروض فى الأصل أن اللفظ يعبر بصدق عما تقصده الإرادة، وعلى القاضى إذا ما أراد حمل العبارة على معنى مغاير لظاهرها أن يبين فى حكمه الأسباب المقبولة التى تبرر هذا المسلك، ولما كان ما تقضى به المادة المشار إليها يعد من القواعد التى وضعها المشرع على سبيل الإلزام وينطوى الخروج عنها على مخالفة القانون لما فيه من تحريف ومسخ وتشويه لعبارة العقد الواضحة وتخضع بهذه المثابة لرقابة محكمة النقض.
5 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنين على ما أثبته بمدوناته من أن الثانية تعهدت فى كتابها إلى البنك المطعون ضده الأول بخصم قيمة الأقساط الشهرية من مرتبات العاملين لدهيا المستفيدين وكفلاتهم وتوريدها عن طريق المطعون ضدها الثانية دفعة واحدة إلى البنك فى المواعيد المتفق عليها، وخلص من ذلك إلى إعتبارها كفيلة للمطعون ضدها الثانية فى سداد مديونيتها للبنك وإذ كان المعنى الظاهر لعبارات التعهد لا يؤدى إلى المستفيدين من المشروع وتوريدها للمطعون ضدها الثانية لتقوم بتوريدها بدوره للمطعون ضدها الأولى وكان التعهد هو فى حقيقته التزام أصلى قائم بذاته مستقبلاً عن التزام المطعون ضدها الثانية قصد به البنك ضمان تحصيل الأقساط من المستفيدين فإن الحكم المطعون فى إذ خلط بين الكفالة والتزام الطاعنة الثانية يكون قد خالف القانون وحجبه ذلك عن بحث مدى تنفيذ الطاعنة الثانية كتابعة للطاعن الأول لالتزامها الذى تعهدت به بما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده الأول - بنك فيصل الإسلامى - أقام الدعوى رقم 1335 لسنة 1999 شمال القاهرة الابتدائية - التى قيدت فيما بعد برقم 94 لسنة 2000 بور سعيد الابتدائية - بطلب الحكم بإلزام الطاعنين والمطعون ضدها الثانية متضامين بأن يؤدوا له مبلغ 186460 جنيهاً وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد بيع بالمرابحة مؤرخ 11/ 12/ 1990 اتفق مع المطعون ضدها الثانية على بيع سلع معمرة وأجهزة منزلية للعاملين الأعضاء بها بالأجل وتعهدت الطاعنة الثانية بأن تقوم بخصم الأقساط الشهرية من رواتب العاملين المستفيدين من المشروع وكفلائهم وتوريدها له عن طريق المطعون ضدها الثانية إلا أن الأخيرة تقاعست عن سداد الأقساط المستحقة كما وقعدت الطاعنة الثانية عن تنفيذ التزامها وبلغت قيمة الأقساط المتأخرة مضافاً إليها القيمة التعويضية عن التأخير فى السداد المبلغ المطالب به فكانت الدعوى وندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره أجابت المطعون ضده الأول لطلبه. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 433 لسنة 41 ق الإسماعيلية "مأمورية بور سعيد" وبتاريخ 13 نوفمبر سنة 2001 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان بالوجه الثانى من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق وفى بيان ذلك يقولا إنهما تمسكا فى دفاعهما أمام محكمة الموضوع بأن الطاعنة الثانية لم تكفل المطعون ضدها الثانية فى مديونيتها للبنك وأن التزامها بموجب التعهد الصادر منها قاصر على خصم الأقساط من رواتب العاملين لديها المستفيدين من المشروع وتوريدها للمطعون ضدها الثانية التى تقوم بدورها بسدادها للبنك وإذ أقام الحكم الابتدائى المؤيد للحكم المطعون فيه قضاءه على أن عبارات التعهد تفيد تحقق الكفالة حال أنها لا تؤدى إلى ذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن مفاد نص المادة 772 من القانون المدنى يدل على أن الكفالة عقد بين الكفيل والدائن يلتزم فيه الكفيل شخصياً بوفاء الدين عند حلول أجله إذا لم يوفه المدين ولازم ذلك أن التزام الكفيل متضامناً أو غير متضامن ليس التزاماً أصلياً وإنما التزام تابع للإلتزام المكفول بحيث إذا التزم المسئول عن دين الغير التزاما أصليا فإنه لا يكون كفيلاً بل مديناً أصلياً التزامه مستقل عن التزام المدين. واستخلاص ما إذا كان الالتزام أصلياً فلا يعتر الملتزم كفيلاً أو التزاماً تابعاً فيعتبر كفيلاً من سلطة محكمة الموضوع ولا سلطان عليها فى ذلك من محكمة النقض ما دام استخلاصها سائغاً ولا يخالف الثابت بالأوراق ولا خروج فيه على المعنى الظاهر لعبارات العقد. وأن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها يخضع لرقابة محكمة النقض وأن النص فى المادة 150/ 1 من القانون المدنى أنه "إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الإنحراف عنها عن طريق تفسيرها والتعرف على إرادة المتعاقدين" يدل على أن القاضى ملزم أن يأخذ عبارة المتعاقدين الواضحة كما هى فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤداها الواضح إلى معنى آخر، وأنه وإن كان المقصود بالوضوح هو وضوح الإرادة لا اللفظ إلا أن المفروض فى الأصل أن اللفظ يعبر بصدق عما تقصده الإرادة، وعلى القاضى إذا ما أراد حمل العبارة على معنى مغاير لظاهرها أن يبين فى حكمه الأسباب المقبولة التى تبرر هذا المسلك، ولما كان ما تقضى به المادة المشار إليها يعد من القواعد التى وضعها المشرع على سبيل الإلزام وينطوى الخروج عنها على مخالفة القانون لما فيه من تحريف ومسخ وتشويه لعبارة العقد الواضحة وتخضع بهذه المثابة لرقابة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنين على ما أثبته بمدوناته من أن الثانية تعهدت فى كتابها إلى البنك المطعون ضده الأول بخصم قيمة الأقساط الشهرية من مرتبات العاملين لديها المستفيدين من المشروع وكفلائهم وتوريدها عن طريق المطعون ضدها الثانية دفعة واحدة إلى البنك فى المواعيد المتفق عليها، وخلص من ذلك إلى إعتبارها كفيلة للمطعون ضدها الثانية فى سداد مديونيتها للبنك وإذ كان المعنى الظاهر لعبارات التعهد لا يؤدى إلى المستفيدين من المشروع وتوريدها للمطعون ضدها الثانية لتقوم بتوريدها بدورها للمطعون ضده الأول وكان التعهد هو فى حقيقته التزام أصلى قائم بذاته مستقبلاً عن التزام المطعون ضدها الثانية قصد به البنك ضمان تحصيل الأقساط من المستفيدين فإن الحكم المطعون فى إذ خلط بين الكفالة والتزام الطاعنة الثانية يكون قد خالف القانون وحجبه ذلك عن بحث مدى تنفيذ الطاعنة الثانية كتابعة للطاعن الأول لالتزامها الذى تعهدت به بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.