أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 814

جلسة 3 من اكتوبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ الدكتور كمال انور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح، عوض جادو، محمد نبيل رياض وعبد الوهاب الخياط.

(144)
الطعن رقم 3253 لسنة 55 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب أفضى إلى موت.
جواز استدعاء الضباط وقضاة التحقيق وأعضاء النيابة شهوداً فى القضايا التى لهم عمل فيها. شرط ذلك؟
(2) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب أفضى إلى موت.
كفاية ايراد مؤدى تقرير الخبير الذى إستند إليه الحكم فى قضائه. إيراد نص تقرير الخبير. ليس بلازم.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
كفاية أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى. تناقض يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
إثارة التعارض بين الدليلين القولى والفنى لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
(4) إثبات "خبرة". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
متى لا تلتزم المحكمة باجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته؟
مثال:
1 - لما كان من المقرر انه ليس فى القانون ما يمنع استدعاء الضابط وقضاة التحقيق واعضاء النيابة شهودا فى القضايا التى لهم عمل فيها، الا ان استدعاء اى منهم لا يكون الا متى رات المحكمة أو السلطة التى تؤدى الشهادة امامها محلا لذلك وكانت المحكمة لم تر مبررا لاجابة الطاعن باستدعاء الضابط محرر المحضر بعد أن اطمانت الى اقوال الشاهد الثانى بتحقيقات النيابة والمحكمة وكان المطلوب هو مناقشة الضابط محرر المحضر فيما جاء بها فان ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه يكون غير مقبول.
2 - من المقرر انه لا ينال من سلامة الحكم عدم ايراداه نص تقرير الخبير بكامل اجزائه.
3 - لما كان من المقرر انه ليس بلازم ان تطابق اقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى ان يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان الدليل المستمد من اقوال شهود الاثبات الذى أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت اليه غير متعارض والدليل المستند من التقريرين الطبيين الشرعيين فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص يكون على غير اساس، وفضلا عن ذلك فان البين من محضر جلسات المحاكمة ان الطاعن لم يثر شيئا بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولى والفنى ومن ثم لا يسوغ اثارته لاول مرة امام محكمة النقض ذلك لانه دفاع موضوعى ولا يقبل منه النعى على المحكمة باغفال الرد عليه ما دام انه لم يتمسك به امامها.
4 - لما كان الحكم قد رد على طلب مناقشة الطبيب الشرعى بقوله "وحيث انه عن طلب المدافع عن المتهم مناقشة الطبيب الشرعى بشأن الاصابتين اللتين وجدتا بالمجنى عليه ولعدم كفاية تقريريه فانه لما كان الثابت من الاوراق ان كلا من تقريرى الطب الشرعى قد جاء واضحا لا غموض فيه ولا إبهام بشأن الاصابتين اللتين وجدتا بالمجنى عليه هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فإن المدافع عن المتهم لم يبين اوجه النقض فى التقريرين او الاعتراض الموجه اليهما. ومن ثم فان طلبه على هذا النحو يكون مجهلا بحيث لا يبين منه ان للمناقشة اثر منتجا فى الدعوى" واذ كان هذا الذى رد به به الحكم كافيا ويسوغ به رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعى فإن منعى الطاعن فى هذا الصدد لا يكون سديدا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بانه احدث عمدا بـ..... اصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب افضى الى موته. وطلبت الى مستشار الاحالة احالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاحالة. وادعت ارملة المجنى عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ 251 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات اسيوط قضت حضوريا عملا بالمادة 236/1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات والزامه بان يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ 251 جنيها على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه انه اذ دانه بجريمة الضرب المفضى الى الموت قد انطوى على اخلال بحق الدفاع وشابه فساد فى الاستدلال وقصور فى التسبيب، ذلك انه لم يجب الطاعن الى طلبه سماع اقوال الضابط محرر المحضر لسؤاله فى فيما ذهب اليه الشاهد - ...... - باقواله من انه التقى به بالمستشفى عقب الحادث ببرهة يسيره وانه اخبره برؤيته الحادث ورد عليه ردا غير سائغ، كما ان الحكم المطعون فيه لم يورد مضمون التقريرين الطبيين الشرعيين واكتفى بايراد نتيجتهما وهو ما لا يسوغ التفاته عن الدفع بالتناقض بين الدليلين القولى والفنى وكذا عن دفاع الطاعن بطلب مناقشة الطبيب الشرعى فى ذلك التناقض مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث انه يبين من الحكم المطعون فيه انه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضى الى الموت التى دان الطاعن بها واورد على ثبوتها فى حقه ادلة مستندة من اقوال الشهود ومن تقرير الطبيب الشرعى وهى ادلة من شأنها ان تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما طلبه المدافع عن الطاعن من مناقشة الضابط محرر المحضر ورد عليه فى قوله "واما عن طلب المدافع عن المتهم مناقشة محرر محضر جمع الاستدلالات الرائد....... بشأن ما ذكره الشاهد الثانى من انه التقى به بالمستشفى وان المذكور رفض سماع اقواله فانه لما كان المقرر انه لا يعد جوهريا كل دفاع موضوعى يثيره احد الخصوم ويقوم على مناقشة ادلة الثبوت او النفى فلا ينطوى رفض تحقيقه بالتالى على اخلال بحق الدفاع، كما وان القاضى غير مطالب بتعقب الدفاع فى جزئياته وتفنيده فى كل ما يثيره من شبهات وكل ما قد يستنتجه من ظروف الواقعة بل يكفى ان يكون الرد على كل ذلك مستفادا من الحكم بالادانة استنادا الى ادلة الثبوت لما كان ذلك وكانت المحكمة قد اطمأنت الى صحة ما شهد به الشاهد الثانى بتحقيقات النيابة والمحكمة رغم ورود محضر جمع الاستدلالات خلو من ثمة اقوال له ومن ثم فان اجابة المدافع عن المتهم الى طلبة يضحى غير منتج فى الدعوى" لما كان ذلك وكان من المقرر انه ليس فى القانون ما يمنع استدعاء الضابط وقضاة التحقيق واعضاء النيابة شهودا فى القضايا التى لهم عمل فيها، الا ان استدعاء اى منهم لا يكون الا متى رأت المحكمة او السلطة التى تؤدى الشهادة امامها محلا لذلك وكانت المحكمة لم تر مبررا لاجابة الطاعن باستدعاء الضابط محرر المحضر بعد ان اطمأنت الى اقوال الشاهد الثانى بتحقيقات النيابة والمحكمة وكان المطلوب هو مناقشة الضابط محرر المحضر فيما جاء بها فان ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل من التقريرين الطبيين الشرعيين "وثبت من تقرير الطب الشرعى ان اصابة المجنى عليه بمقدم يسار الصدر طعنية حيوية حديثة نشأت من الطعن بآلة حادة مدببة الطرف كسكين او مطواه او ما فى حكمها وتلك الاصابة القطعية لا دخل لها فى سبب الوفاة وتعزى وفاة المجنى عليه المذكور الى اصابته الطعنية وما احدثته من كسر قطعى بالضلع الرابع وجرح طعنى حى فى الشكل بالبطين الايمن للقلب ونزيف دموى، وأورى التقرير الطبى الشرعى التكميلى انه حكما على ان الساعد الايسر عضوله مدى حركى واسع ويتخذ اوضاعا مختلفة وعلى ذلك فمن الممكن حدوث اصابتى المجنى عليه القطعية السطحية بظهر الساعد الايسر والطعنية الحيوية الحديثة بمقدم يسار الصدر من الضرب بمديه ضربة واحدة لو ان الساعد كان فى وضع بحيث سارت الاصابة القطعية السطحية فى مسار اصابته الطعنية بمقدم يسار الصدر" فان ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم ايراده مضمون التقريرين الطبيين الشرعيين لا يكون له محل لما هو مقرر من انه لا ينال من سلامة الحكم عدم ايراداه نص تقرير الخبير بكامل اجزائه. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه انه حصل مؤدى التقريرين الطبيين الشرعيين فيما سلف بيانه، وحصل اقوال الشاهد الاول فى قوله "اذ شهد.... بانه حال توجهه وشقيقه المجنى عليه الى حقليهما ابصرا على بعد المتهم وهو يقوم بقطع بعض عيدان الذره من حقل المجنى عليه وما ان اقتربا منه حتى عاتبه شقيقه المجنى عليه على فعلته هذه فما كان من المتهم الا ان اخرج من طيات ملابسه مدية طعن بها المجنى عليه فى صدره". كما حصل اقوال الشاهد الثانى بقوله "وشهد...... انه اثناء وجوده بحقله القريب لحقل المجنى عليه سمع صوتا عاليا فتوجه لمصدره فشاهد المتهم ممسكا مطواه تقطر دما وان المجنى عليه واقعا امامه مصابا فى صدره من الجهة اليسرى وكان الطاعن لا ينازع فى صحة ما نقله الحكم عن تلك الادلة وان لها معينها الصحيح من الاوراق لما كان ذلك، وكان من المقرر انه ليس بلازم ان تطابق اقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى ان يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان الدليل المستمد من اقوال شهود الاثبات الذى اخذت به محكمة الموضوع واطمأنت اليه غير متعارض والدليل المستند من التقريرين الطبيين الشرعيين فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص يكون على غير اساس، وفضلا عن ذلك فان البين من محضر جلسات المحاكمة ان الطاعن لم يثر شيئا بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولى والفنى ومن ثم لا يسوغ اثارته لاول مرة امام محكمة النقض ذلك لانه دفاع موضوعى ولا يقبل منه النعى على المحكمة باغفال الرد عليه ما دام انه لم يتمسك به امامها، لما كان ذلك وكان الحكم قد رد على طلب مناقشة الطبيب الشرعى بقوله "وحيث انه عن طلب المدافع عن المتهم مناقشة الطبيب الشرعى بشأن الاصابتين اللتين وجدتا بالمجنى عليه ولعدم كفاية تقريريه فانه لما كان الثابت من الأوراق ان كلا من تقريرى الطب الشرعى قد جاء واضحا لا غموض فيه ولا ابهام بشأن الاصابتين اللتين وجدتا بالمجنى عليه هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فان المدافع عن المتهم لم يبين اوجه النقص فى التقريرين او الاعتراض الموجه اليهما. ومن ثم فان طلبه على هذا النحو يكون مجهلا بحيث لا يبين منه ان للمناقشة اثر منتجا فى الدعوى" واذ كان هذا الذى رد به به الحكم كافيا ويسوغ به رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعى فإن منعى الطاعن فى هذا الصدد لا يكون سديدا، لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.