أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 1016

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ابراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسى نواب رئيس المحكمة وسرى صيام.

(186)
الطعن 1767 لسنة 55 القضائية

(1) حكم "بياناته" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها.
(2) جريمة "اركانها". قتل عمد. قصد جنائى. سبق الاصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
قصد القتل امر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وانما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل.
(3) اثبات "بوجه عام". "شهود". قتل عمد.
وزن اقوال الشهود موضوعى. مفاد اخذ المحكمة بالشهادة؟
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بان تورد فى حكمها من اقوال الشهود الا ما تقيم عليه قضاءها.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى. كفاية ان يكون الرد مستفادا من القضاء بالادانة استنادا الى ادلة الثبوت السائغة التى اوردها الحكم.
(5) اثبات "اعتراف". حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
حق المحكمة فى الاخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه وعلى غيره من المتهمين فى اى دور من ادوار التحقيق ولو عدل عنه. علة ذلك؟
(6) قتل عمد. رابطة السببية. مسئولية. جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
رابطة السببية فى المواد الجنائية وجودها وتقدير توافرها موضوعى.
الاهمال فى علاج المجنى عليها او التراخى فيه. بفرض صحته لا يقطع رابطة السببية ما لم يثبت انه كان متعمدا لتجسيم المسئولية.
(7) قتل عمد. دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". اثبات "خبره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا على المحكمة ان هى التفتت عن دعوى كبير الاطباء الشرعيين لتحقيق دفاع المتهم ما دام انه غير منتج فى نفى التهمة.
(8) اثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يعيب الحكم ان يحيل فى ايراد اقوال شاهد الى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند اليه الحكم منها.
1 - من المقرر ان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها.
2 - ان قصد القتل امرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وانما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول الى قاضى الموضوع وفى حدود سلطته التقديرية.
3 - ان وزن اقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم، وتعويل القضاء على اقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن اليه وهى متى اخذت بشهادتهم فان ذلك يفيد انها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الاخذ بها.
4 - من المقرر ان المحكمة لا تلتزم بأن تورد فى حكمها من اقوال الشهود الا ما تقيم عليه قضاءها، كما لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى وفى كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمنا من القضاء بالادانة استنادا الى ادلة الثبوت السائغة التى اوردها الحكم.
5 - من المقرر ان لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الاخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه وعلى غيره من المتهمين فى أى دور من ادوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت الى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وكان الحكم قد استند الى اعتراف الطاعن بالتحقيقات والتفت عن انكاره بالجلسة، فان ما يدعيه الطاعن من تناقض بين التعويل على اعترافه وبين الالتفات عن انكاره لا يكون له محل.
6 - من المقرر ان علاقة السببية مسالة موضوعية ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها اثباتا او نفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد اقام قضاءه فى ذلك على اسباب تؤدى اليه، وان محكمة الموضوع غير ملزمة باجابة الدفاع الى ما طلبه من مناقشة الطبيب الشرعى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هى من جانبها حاجة الى اتخاذ هذا الاجراء وكان الاهمال فى علاج المجنى عليها أو التراخى فيه - بفرض صحته - لا يقطع رابطة السببية ما لم يثبت انه كان متعمدا لتجسيم المسئولية.
7 - لا تثريب على المحكمة ان هى التفتت عن دعوى كبير الاطباء الشرعيين لتحقيق دفاع الطاعن المبنى على انقطاع رابطة السببية للاهمال فى علاج المجنى عليها ما دام انه غير منتج فى نفى التهمة عنه على ما سلف بيانه، ويكون النعى على الحكم بقاله الاخلال بحق الدفاع لهذا السبب فى غير محله.
8 - من المقرر انه لا يعيب الحكم ان يحيل فى ايراد اقوال شاهد الى ما اورده من اقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند اليه الحكم منها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل...... عمدا مع سبق الاصرار وذلك بأن بيت النية على قتلها وأعد لذلك آلة حادة (مطواه) وما أن ظفر بها حتى انهال عليها طعنا بها فى اجزاء جسمها قاصدا من ذلك قتلها فأحدث الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى اودت بحياتها. واحالته الى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادة 234 من قانون العقوبات بمعاقبته بالاشغال خمسة عشر عاما.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

من حيث ان الطاعن ينعى الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجريمة القتل العمد قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والاخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه دلل على ثبوت نية القتل بما لا يوفرها، وأغفل الرد على دفاعه باستحالة تصوير الشهود للواقعة أنه كان يعدو ناحية المجنى عليها أو طلبا للفرار وذلك لبتر ساقه اليمنى وهو الدافع الذى لم تعن المحكمة بتحقيقه، وعول على ما أورده من اقرار للطاعن وأثبت فى موضع آخر انه يلتفت عن انكاره، ورفض بتبرير غير سائغ طلب ندب كبير الاطباء الشرعيين لمناقشته فى العلاقة بين ما وجد من صديد وبين الجرح الاستكشافى والتدخل الجراحى كما استند الى اقوال الشاهد....... دون أن يورد مؤداها اكتفاء بالاحالة فى شأنها الى اقوال شاهد آخر، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه ساق فى بيان واقعة الدعوى ان الطاعن امسك بالمجنى عليها وطرحها ارضا ثم طعنها بمطواة "قرن غزال" عدة طعنات فى ظهرها وجسدها قاصدا من ذلك قتلها لخلاف ساق بينه وبينها وزوجها ومحاولتها طرده من السكن الذى يشترك معهما فيه، وبعد أن اورد على ثبوتها فى حق الطاعن أدلة سائغة من شأنها ان تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها، استظهر نية القتل فى قوله "وحيث انه عن القصد الجنائى فى جريمة القتل العمد فانه يتميز عن القصد العام فى سائر جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو قصد القتل اى أن يقصد الجانى من ارتكاب الفعل ازهاق روح المجنى عليه وهو ثابت ومتوافر فى حق المتهم وذلك من استعمال آلة حادة قاتلة بطبيعتها مطواة قرن عزال انهال بها طعنا عدة مرات فى مواضع متعددة من جسد المجنى عليها خاصة فى الظهر ومؤجرة العنق وقد بلغت شدة الطعن حدا نفذ معه الطاعن الى التجويف البريتونى فمزقه مما اودى بحياة المجنى عليها الامر الذى يدل على ثبوت نية ازهاق لدى المتهم" لما كان ذلك، وكان من المقرر ان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، وكان قصد القتل امرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وانما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول الى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية وكان ما استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها فى مجموع ما اوردته على السياق المتقدم هو استخلاص سائغ وكاف فى التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن، فانه لا محل للنعى على الحكم فى هذا الصدد لما كان ذلك، وكان وزن اقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم، وتعويل القضاء على اقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن اليه وهى متى اخذت بشهادتهم فان ذلك يفيد انها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الاخذ بها، وكان من المقرر ان المحكمة لا تلتزم بأن تورد فى حكمها من اقوال الشهود الا ما تقيم عليه قضاءها، كما لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى وفى كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمنا من القضاء بالادانه استنادا الى ادلة الثبوت السائغة التى اوردها الحكم، وكان الحكم المطعون فيه لم يورد فى بيان واقعة الدعوى أو فى تحصيل اقوال الشهود ان الطاعن كان يعدو ناحية المجنى عليها أو طلبا للفرار، بل اثبت على لسان الشاهد...... ان الطاعن كان يحاول ان يفر من مكان الحادث مسرعا، فان دفاع الطاعن الموضوعى باستحالة حدوث واقعة عدو الطاعن تجاه المجنى عليها او الفرار - التى نسبها الى الشهود ولم يوردها الحكم - لا يستأهل من المحكمة تحقيقا، ولا يستوجب ردا، ويكون ما يثيره الطاعن فى خصوصه جدلا موضوعيا فى سلطة محكمة الموضوع فى تقدير الدليل ووزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز امام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر ان لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الاخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه وعلى غيره من المتهمين فى أى دور من ادوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى أطمأنت الى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وكان الحكم قد استند الى اعتراف الطاعن بالتحقيقات والتفت عن انكاره بالجلسة، فان ما يدعيه الطاعن من تناقض بين التعويل على اعترافه وبين الالتفات عن انكاره لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع بانتفاء علاقة السببية بين اعتداء الطاعن على المجنى عليها وبين وفاتها ولطلب استدعاء كبير الاطباء الشرعيين ورد عليهما فى قوله: ان المحكمة وثقت واطمأنت الى توافر علاقة السببية بين اعتداء المتهم المتمثل فى الطعنات المتعددة التى وجهها بالآلة الحادة الى جسد المجنى عليها بالظهر وأسفل مؤخرة العنق وبشدة بلعت حدا نفذت معه الطعنة الى التجويف البريتونى فمزقته وبين وفاة المجنى عليها وذلك مما جاء بتقرير الصفة التشريحية خاصا بوصف اصابات المجنى عليها وأن وفاة اصابية حدثت نتيجة تلك الاصابات الطعنية الموصوفة بالمنطقة القطنية لاسفل الظهر نظرا لنفاذها وما أحدثته من تمزق بالبرتون ونزيف داخلى وما تضاعف عنه من حدوث التهاب بريتونى وامتصاص توكسيمى وكان الثابت من تقرير الصفة التشريحية ان الوفاة نشأت عن تلك الاصابات ومن ثم فان اهمال العلاج أو التدخل الجراحى أو حدوث مضاعفات تؤدى الى الوفاة لا تقطع علاقة السببيه بين الاصابة والوفاة وهى النتيجة المباشرة التى قصد اليها المتهم حين طعن المجنى عليها عمدا بغية قتلها بما يضحى معه هذا الدفع ولا سند له ويصبح طلب مناقشة الطبيب الشرعى لا مبرر له لعدم جدواه وهو ما يؤدى الى ما خلص اليه الحكم من توافر علاقة السببية بين فعل الطاعن ووفاة المجنى عليها، ويسوغ رفض طلب مناقشة كبير الاطباء الشرعيين فى خصوص العلاقة بين وجود الصديد وبين الجرح الاستكشافى والتداخل الجراحى، وكان من المقرر ان علاقة السببية مسألة موضوعية ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها اثباتا أو نفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد اقام قضاءه فى ذلك على اسباب تؤدى اليه، وان محكمة الموضوع غير ملزمة باجابة الدفاع الى ما طلبه من مناقشة الطبيب الشرعى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هى من جانبها حاجة الى اتخاذ هذا الاجراء وكان الاهمال فى علاج المجنى عليها او التراخى فيه - بفرض صحته - لا يقطع رابطة السببية ما لم يثبت انه كان متعمدا لتجسيم المسئولية وهو ما لم يقل به الطاعن، فانه لا تثريب على المحكمة ان هى التفتت عن دعوة كبير الاطباء الشرعيين لتحقيق دفاع الطاعن المبنى على انقطاع رابطة السببية للاهمال فى علاج المجنى عليها ما دام انه غير منتج فى نفى التهمة عنه على ما سلف بيانه، ويكون النعى على الحكم قاله الاخلال بحق الدفاع لهذا السبب فى غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر انه لا يعيب الحكم ان يحيل فى ايراد اقوال شاهد الى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند اليه الحكم منها، فانه لا ضير على الحكم اذ احال فى بيان مؤدى شهادة....... الى ما اورده من اقوال الشاهد...... ما دام الطاعن لا يدعى اختلافا بين هاتين الشهادتين ويكون نعى الطاعن فى هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.