أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 1122

جلسة 27 من يناير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ابراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة، محمد ممدوح سالم نائب رئيس المحكمة، محمد رفيق البسطويسى نائب رئيس المحكمة، محمود بهى الدين عبد الله.

(208)
الطعن رقم 2464 لسنة 55 القضائية

(1) تزوير "تزوير المحررات الرسمية". جريمة "اركانها". قانون "تفسيرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط العقاب على تغيير الحقيقة. ان يقع فى محرر. وأن يكون فى بيان ما أعد المحرر لاثباته.
ماهية المحرر؟
ما لا يعد محرراً بحسب طبيعته. بقاؤه كذلك ولو تضمنت بعض أجزائه كتابات او علامات او ارقاماً".
مثال لتسبيب سائغ للقضاء بالبراءة من تهمة تزوير فى محرر استناداً الى ان قاعدة السيارة وفارغة محركها ليستا محررين.
(2) اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اتلاف. قصد جنائى. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
تقدير الادلة فى الدعوى الجنائية. موضوعى.
كفاية الشك فى توافر ركن من أركان الجريمة أو فى صحة اسناده الى المتهم سنداً للبراءة. متى أحاطت المحكمة بالدعوى عن بصر وبصيرة.
مثال لتسبيب سائغ للقضاء بالبراءة من جريمة اتلاف.
1 - لما كان البين من استقراء نصوص الباب السادس عشر من الكتاب الثانى من قانون العقوبات فى شأن التزوير، ان الشارع، وان لم يورد تعريفا محددا للمحرر - رسميا كان ام عرفيا - الا انه اشترط صراحة للعقاب على تغيير الحقيقة، ان يقع فى محرر، وان يكون تغيير الحقيقة فى بيان مما اعد المحرر لاثباته، فالمحرر محل جريمة التزوير، هو المحرر الذى يتمتع بقوة الاثبات ويرتب عليه القانون أثرا، فان لم يكن التغيير قد جرى فى محرر، فان جريمة التزوير تكون منتفية لانعدام المحل، واذ كانت قواعد التفسير لنصوص القانون فى هذا النطاق، يتأدى منها ان المحرر هو كل مسطور ينتقل به فكر او معنى معين او محدد، من شخص الى آخر، عند مطالعته او النظر اليه، أيا كانت مادته او نوعه او اللغة او العلامات التى كتب بها، فانه يخرج عن معنى المحرر فى صحيح القانون، كل ما لا يعد بحسب طبيعته محررا، كالعدادات والالات واللوحات والصور، اذ هى بحسب طبيعتها الغالبة تبقى كذلك، فلا يخرجها عن طبيعتها تلك ان تتضمن بعض اجزائها كتابات او علامات او ارقاما أيا كان نوعها، ولما كان مفاد ما انتهى اليه الحكم المطعون فيه انه لم يعتبر قاعدتى السيارتين سالفتى الذكر وفارغتى محركيهما من المحررات، وخلص من ثم الى ان التغيير فى ارقامها لا يعد تزويرا، فانه يكون قد اقترن بالصواب، وبرئ من ثم من عيب الخطأ فى تأويل القانون.
2 - إن تقدير الدليل فى الدعوى الجنائية من شأن محكمة الموضوع، فما اطمأنت اليه اخذت به، وما لم تطمئن اليه اعرضت عنه، دون ان تسأل حسابا عن ذلك، وما دامت قد تشككت فى توافر ركن من اركان الجريمة او فى صحة اسناده الى المتهم، اذ ملاك الامر يرجع الى وجدان قاضيها، ما دام الظاهر انه احاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأقام قضاءه على اسباب تكفى لحمله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم الاول: أ - وهو ليس من ارباب الوظائف العموميين ارتكب تزويرا فى مسطورين رسميين هما الشاسهين الخاصين بالسيارتين المقول بأنهما يحملان ارقام..... اجرة دقهلية و.... ملاكى القاهرة بطريق تغيير ارقام الشاسهين بأن انتزع ارقامهما الاصليين ووضع بدلا منهما ارقاما من السيارات التى تحمل ارقاما لها وهى.....، ...... (ب) اتلف عمدا شاسيهات السيارتين المبينتين وصفا بالمحضر والمقول بانهما تحملان رقمى.... أجرة دقهلية،..... ملاكى القاهرة على النحو المبين تفصيلا بالتحقيقات.... الثانى: ( أ ) وهو من ارباب الوظائف العموميين ارتكب تزويرا فى مسطورين رسميين هما فارغى الموتورين الخاصين بالسيارتين المقول بانهما تحملان ارقام..... اجرة دقهلية،..... ملاكى القاهرة بطريق تغيير ارقام الموتورات بأن نزع ارقامها الاصلية ووضع بدلا منها ارقاما انتزعها من السيارات التى تحمل ارقاما لها هى.....، ...... (ب) اتلف عمدا موتورات السيارات المبينة وصفا بالمحضر والمقول بانهما تحملان ارقام..... أجرة دقهلية و...... ملاكى القاهرة على النحو المبين تفصيلا بالتحقيقات.... الثالث: ( أ ) اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهمين الاول والثانى فى ارتكاب الجرائم سالفة الذكر بان حرضهما واتفق معهما على نزع واستبدال ارقام موتورات وشاسيهات السيارتين المقول بانهما تحملان رقمى.... اجرة دقهلية و.... ملاكى القاهرة وساعدهما بان قدم لهما السيارتين سالفتى الذكر فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض. واحالتهم الى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. والمحكمة المذكورة قضت غيابيا للأول وحضوريا للثانى والثالث فى: أولا: ببرءة كل من.... و... و.... مما اسند اليهم.. ثانيا: بفصل جنحة السرقة المسندة الى المتهم الثالث وباحالتها الى المحكمة الجزئية المختصة.
فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

من حيث ان النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه، أنه اذ قضى بتبرئة المطعون ضدهم من تهم التزوير فى الاوراق الرسمية والاشتراك فيها والاتلاف العمد، قد شابه الخطأ فى القانون والفساد فى الاستدلال، ذلك بانه اعتبر قاعدة السيارة (الشاسيه) ومحركها، ليسا من المحررات وبالتالى فان التغيير فى رقميهما لا يعد تزويرا، كما أنه انتهى فى مدوناته الى عدم تحقق القصد الجنائى لدى المطعون ضدهم فى جريمة الاتلاف العمد، رغم ان التحقيقات تكشف عن توافره، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه بعد ان بين وقائع الدعوى، بما مفاده ان النيابة العامة اتهمت المطعون ضده الاول بارتكاب تزوير فى محررين رسميين هما قاعدتا السيارتين رقم.... اجرة دقهلية و.... ملاكى القاهرة بان انتزع رقميهما الاصليين ووضع بدلا منهما رقمين آخرين، واتلاف قاعدتيهما بهذا الانتزاع، واتهمت المطعون ضده الثانى بارتكاب تزوير فى محررين رسمين هما فارغتا محركى السيارتين آنفتى الذكر، بان انتزع رقميهما الاصليين ووضع بدلا منما رقمين آخرين، واتلاف الفارغتين بهذا الانتزاع، واتهمت المطعون ضده الثالث بالاشتراك مع المطعون ضدهما السابقين فى الجريمتين المسندتين اليهما بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة، عرض لما ساقته النيابة العامة عن ادلة الاثبات قبلهم وخلص الى تبرئة المطعون ضدهم بقوله "ان المحكمة ترى أن ما ساقته النيابة تدليلا على ثبوت الاتهام وصحته ابتغاء ادانة المتهمين عنه قاصر عن حد الكفاية لبلوغ هذه الغاية، لاسباب عديدة، هى أن مناط جريمة التزوير فى محرر رسمى، كما عرفها القانون هو أن يقع التزوير فى محرر رسمى، والمحرر الرسمى كما اوردت المادة 211 من قانون العقوبات امثلة له، هو الاحكام والتقارير والمحاضر أو الوثائق او السجلات او الدفاتر او غيرها من المسندات او الاوراق الاميرية، وعلى ذلك، فانه يلزم للعقاب على جريمة التزوير ان يكون هذا التزوير قد وقع فى محرر رسمى وانه لما كان مناط الرسمية للمحرر هو ان يكون محرره موظفا عموميا مختصا بمقتضى وظيفته بتحريره واعطائه الصفة الرسمية، او يتدخل فى تحريرها او التأشير عليها وفقا لما تقضى به القوانين واللوائح والتعليمات التى تصدر اليه من جهته الرسمية.... وانه طبقا لما تقدم فان اى تغيير فى شاسيهات او فوارغ موتور السيارة لا يعد انه قد وضع فى محرر رسمى كما حدده القانون، اذ ان شاسيه السيارة والموتور لا يعد محررا رسميا فى نطاق جريمة تزوير المحررات الرسمية "وهو من الحكم كاف لحمل قضائة، ذلك أن البين من استقراء نصوص الباب السادس عشر من الكتاب الثانى من قانون العقوبات فى شأن التزوير، ان الشارع، وان لم يورد تعريقا محددا للمحرر - رسميا كان ام عرفيا - الا انه اشترط صراحة للعقاب على تغيير الحقيقة، ان يقع فى محرر، وان يكون تغيير الحقيقة فى بيان مما اعد المحرر لاثباته، فالمحرر محل جريمة التزوير، هو المحرر الذى يتمتع بقوة الاثبات ويرتب عليه القانون اثرا، فان لم يكن التغيير قد جرى فى محرر، فان جريمة التزوير تكون منتفية لانعدام المحل، واذ كانت قواعد التفسير لنصوص القانون فى هذا النطاق، يتأدى منها ان المحرر هو كل مسطور ينتقل به فكر او معنى معين او محدد، من شخص الى آخر، عند مطالعته او النظر اليه، أيا كانت مادته او نوعه او اللغة او العلامات التى كتب بها، فانه يخرج عن معنى المحرر فى صحيح القانون، كل ما لا يعد بحسب طبيعته محررا، كالعدادت والآلات واللوحات والصور، اذ هى بحسب طبيعتها الغالبة تبقى كذلك، فلا يخرجها عن طبيعتها تلك ان تتضمن بعض اجزائها كتابات او علامات او أرقاما أيا كان نوعها، ولما كان مفاد ما انتهى اليه الحكم المطعون فيه انه لم يعتبر قاعدتى السيارتين سالفتى الذكر وفارغتى محركيهما من المحررات، وخلص من ثم الى ان التغيير فى ارقامها لا يعد تزويرا، فانه يكون قد اقترن بالصواب، وبرئ من ثم من عيب الخطأ فى تأويل القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، بعد ان عرض لتهمة الاتلاف المسندة الى المطعون ضدهما الاول والثانى خلص فى منطق سائغ وتدليل مقبول الى انتفاء قصد الاتلاف فى حقهما، كما عرض لتهمة الاشتراك فى الاتلاف المسندة الى المطعون ضده الثالث وانتهى الى خلو الاوراق من دليل مقنع على توافر القصد الجنائى، فى حقه فهذا حسبه، ما دام ان تقدير الدليل فى الدعوى الجنائية من شأن محكمة الموضوع، فما اطمأنت اليه اخذت به، وما لم تطمئن اليه اعرضت عنه، دون أن تسأل حسابا عن ذلك، وما دامت قد تشككت فى توافر ركن من اركان الجريمة او فى صحة اسناده الى المتهم، اذ ملاك الامر يرجع الى وجدان قاضيها، ما دام الظاهر انه احاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأقام قضاءه على اسباب تكفى لحمله كالحال فى الدعوى. لما كان ما تقدم، وكانت واقعة الدعوى حسبما جاءت بمدونات الحكم، لا تقع تحت نص عقابى، فانه يتعين رفضه موضوعا.