أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 36 - صـ 1175

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ الدكتور كمال انور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح عوض جادو محمد نبيل رياض وصلاح عطية.

(218)
الطعن رقم 2263 لسنة 55 القضائية

(1) اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". سرقه.
كفاية أن يتشكك القاضى فى صحة اسناد التهمة. كى يقضى بالبراءة. متى أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة.
(2) اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". سرقة.
لا يقدح فى سلامة الحكم القاضى بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة. ما دام قد أقيم على دعامات أخرى تكفى - وحدها - لحمله.
(3) قانون "تفسيره". دعوى مدنية. مسئولية مدنية. نقض "حالات الطعن. الخطأ فى القانون".
المساءلة عند استعمال حق التقاضى أو الدفاع. مناطه؟
1 - من المقرر انه يكفى فى المحاكمات الجنائية ان يتشكك القاضى فى صحة اسناد التهمة لكى يقضى له بالبراءة اذ مرجع الامر فى ذلك الى ما يطمئن اليه فى تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم انه احاط بالدعوى عن بصر وبصيره ولا يصح مطالبته بالاخذ بدليل دون آخر.
2 - من المقرر انه لا يقدح فى سلامه الحكم القاضى بالبراءة ان تكون احدى دعاماته معيبة ما دام الثابت ان الحكم قد اقيم على دعامات اخرى متعددة تكفى لحمله وكان الحكم المطعون فيه بالاضافة الى اخذه بقرينة وجود المطعون ضدها بقسم الشرطة يوم الحادث - على خلاف الواقع - قد اقام قضاءه بالبراءة على دعامات اخرى متعددة وتكفى وحدها لحمله فان تعييب الحكم فى احدى دعاماته بفرض صحته - يكون غير منتج ويكون النعى فى هذا الشأن غير سديد.
3 - لما كانت المادتان الرابعة والخامسة من التقنين المدنى قد نصتا على ان من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير وان استعمال الحق لا يكون غير مشروع الا اذا لم يقصد به سوى الاضرار بالغير وهو ما لا يتحقق الا بانتفاء كل مصلحه من استعمال الحق، وكان حقا التقاضى والدفاع من الحقوق المباحة ولا يسأل من يلج ابواب القضاء تمسكا او زودا عن حق يدعيه لنفسه الا اذا ثبت انحرافه عن الحق المباح الى اللدد فى الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الاضرار بالخصم وكان وصف الافعال بانها خاطئة هو من مسائل القانون التى تخضع لرقابة محكمة النقض فان الحكم المطعون فيه اذ اقتصر فى نسبه الخطأ الى الطاعن على مجرد القضاء ببراءة المطعون ضدها وكان ذلك وحده لا يكفى لاثبات انحراف الطاعن عن حقه المكفول فى التقاضى الى استعماله استعمالا كيديا ابتغاء مضارة المطعون ضدها فانه يكون فضلا عما شابه من قصور قد أخطأ فى تطبيق القانون فضلا عن الفساد فى الاستلال بما يوجب نقضه فيما قضى به فى الدعوى المدنية المقامه من المطعون ضدها قبل الطاعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدها بانها سرقت المنقولات المبينة وصفا وقيمة بالمحضر المملوكة لـ..... من مسكنه. وطلبت عقابها بالمادة 317/ 1 من قانون العقوبات. وادعى المجنى عليه مدنيا قبل المتهمة بمبلغ 101 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. كما ادعت الاخيرة قبل الاول مدنيا بمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مصر الجديدة قضت حضوريا ببراءة المتهمة مما اسند اليها وفى الدعوى المدنية المقامة من المدعى بالحقوق المدنية برفضها وفى الدعوى المدنية المقامة من المتهمه بالزام المدعى بالحقوق المدنية بأن يؤدى للمتهمة مبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المدعى بالحق المدنى ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الاستاذ...... المحامى نيابة عن المدعى بالحق المدنى فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

وحيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه انه اذ قضى ببراءة المطعون ضدها من جريمة السرقة وبرفض دعواه المدنية قبلها وبالزامه بان يؤدى لها التعويض المؤقت الذى ادعته قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال ومخالفة الثابت فى الاوراق وانطوى على خطأ فى تطبيق القانون ذلك بأنه اطرح بغير مسوغ المعاينة التى امرت النيابة باجرائها للمكان الذى نقلت اليه المسروقات واورد على خلاف الثابت فى الاوراق - تبريرا لقضائه ببراءة المطعون ضدها انها كانت بقسم الشرطة يوم ارتكاب الحادث لتنفيذ انذار الزوج لها بالطاعه - حال ان وجودها بالقسم لهذا السبب كان فى اليوم الاسبق ولم تمكث به سوى دقائق. هذا ولم يورد الحكم اسبابا لما قضى به من تعويض للمطعون ضدها ولم يفطن الى ان الطاعن قد استعمل حقا مقررا له فى القانون وان مجرد الفشل فى التقاضى لا يوجب التعويض. كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث ان الحكم الابتدائى المؤيد لاسبابه بالحكم المطعون فيه قد ابتنى قضاءه بالبراءة على اسباب مضمونها ان المحكمة لا تطمئن لاقوال المجنى عليه - الطاعن - وباقى ادلة الثبوت لتراخى المجنى عليه فى الابلاغ بالواقعة وانه لم يضمن بلاغه اتهامه لزوجته - المطعون ضدها - بالسرقة وانما طلب اثبات الحالة ورد المنقولات فضلا عن تناقضه فى اقواله مع شهود الاثبات الذين اختلفت اقوالهم وتعددت فى شأن رؤيتهم للحادث وعدد من قام بتحميل المنقولات وما حوته العلب المنقولة. بالاضافه الى عدم مطابقة ما قدمه الطاعن من فواتير للمنقولات المدعى بسرقتها. ولما كانت تلك الاسباب من شأنها ان تؤدى فى مجموعها الى ما رتبه الحكم عليها من براءة المطعون ضدها من تهمه السرقة المسندة اليها ومفادها ان المحكمة بعد ان محصت الدعوى واحاطت بظروفها لم يطمئن وجدانها الى أدله الثبوت ورأت انها غير صالحة للاستدلال بها على التهمة فان النعى على الحكم باطراحه الدليل المستمد من المعاينة لا يكون له محل لما هو من المقرر انه يكفى فى المحاكمات الجنائية ان يتشكك القاضى فى صحة اسناد التهمة الى المتهم لكى يقضى له بالبراءة اذ مرجع الامر فى ذلك الى ما يطمئن اليه فى تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم انه احاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ولا يصح مطالبته بالاخذ بدليل دون آخر. لما كان ذلك، وكان من المقرر انه لا يقدح فى سلامه الحكم القاضى بالبراءة ان تكون احدى دعاماته معيبة ما دام الثابت ان الحكم قد اقيم على دعامات اخرى متعددة تكفى لحمله وكان الحكم المطعون فيه بالاضافة الى اخذه بقرينه وجود المطعون ضدها بقسم الشرطة يوم الحادث - على خلاف الواقع - قد اقام قضاءة بالبراءة على دعامات اخرى متعددة وتكفى وحدها لحمله فان تعييب الحكم فى احدى دعاماته بفرض صحته - يكون غير منتج ويكون النعى فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة امام محكمة اول درجة ان المطعون ضدها ادعت بجلسة 25/ 4/ 1984 مدنيا قبل الطاعن بطلب الزامه بأن يدفع لها مبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت مؤسسة دعواها على كيديه الادعاء وكان الحكم قد تساند فى قضائه بالزام الطاعن بالتعويض المدنى الذى طلبته على قوله "وحيث عن الدعوى المدنية المقامة من المتهمة فانه وقد انتهت المحكمة الى تبرئتها مما اسند اليها فيكون بذلك قد اضر بها من جراء اتهامه لها الامر الذى يتعين معه على المحكمة ان تستجيب الى طلب التعويض". لما كان ذلك، وكانت المادتان الرابعة والخامسة من التقنين المدنى قد نصتا على ان من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير وان استعمال الحق لا يكون غير مشروع الا اذا لم يقصد به سوى الاضرار بالغير وهو ما لا يتحقق الا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق، وكان حقا التقاضى والدفاع من الحقوق المباحه ولا يسأل من يلج ابواب القضاء تمسكا او زودا عن حق يدعيه لنفسه الا اذا ثبت انحرافه عن الحق المباح الى اللدد فى الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الاضرار بالخصم وكان وصف الافعال بانها خاطئة هو من مسائل القانون التى تخضع لرقابة محكمة النقض فان الحكم المطعون فيه اذ اقتصر فيه نسبه الخطأ الى الطاعن على مجرد القضاء ببراءة المطعون ضدها وكان ذلك وحده لا يكفى لاثبات انحراف الطاعن عن حقه المكفول فى التقاضى الى استعماله استعمالا كيديا ابتغاء مضاره المطعون ضدها فانه يكون فضلا عما شابه من قصور قد اخطأ فى تطبيق القانون فضلا عن الفساد فى الاستلال بما يوجب نقضه فيما قضى به فى الدعوى المدنيه المقامه من المطعون ضدها قبل الطاعن والاحالة مع الزامها المصروفات.