مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الثاني (من فبراير سنة 1958 إلى آخر مايو سنة 1958) - صـ 707

(80)
جلسة 15 من فبراير سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 1766 لسنة 2 القضائية

( أ ) إنصاف - قرار مجلس الوزراء في 8/ 7/ 1943 بشأن إنصاف الموظفين المنسيين - محل إعماله أن تكون الترقية في السلك ذاته لا إلى درجة أعلى في سلك آخر.
(ب) إنصاف - قرار مجلس الوزراء الصادر في 30/ 1/ 1944 في خصوص المنسيين - شروط إعماله.
1 - إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 بشأن إنصاف الموظفين المنسيين، وإن كان مفاده أن من قضى فعلاً في درجته الحالية أي الفعلية خمس عشرة سنة لغاية 30 من يونيه سنة 1943 يرقى إلى الدرجة التالية - فإن محل ذلك أن تكون الترقية في السلك ذاته، فإن كان الموظف قد بلغ نهاية هذا السلك منح علاوة من علاوات هذه الدرجة، ولو جاوزت ماهيته بها أو بدونها نهاية درجته، ولم تسمح قواعد ذلك القرار أن يرقى بالفعل إلى درجة أعلى في غير السلك الذي كان ينتظمه وقتذاك.
2 - إن قواعد قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 في خصوص المنسيين لا تسمح بالإفادة من الترقية إلا لمن توافرت فيه الشروط القانونية، وهي أن تبلغ خدمته خمساً وثلاثين سنة، وأن تكون قد مضت على آخر ترقية مدة لا تقل عن أربع سنوات، ولا تسمح بذلك إلا بالأسبقية في حدود ما يخلو من درجات مستقبلاً في النسبة المعينة لذلك، فليست مثل هذه الترقية إذا حتمية تقع بقوة القانون.


إجراءات الطعن

في يوم 19 من أغسطس سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 20 من يونيه سنة 1956 في القضية رقم 4315 لسنة 8 القضائية المرفوعة من وزارة المواصلات ضد السيد/ مرسي إبراهيم السيد، والقاضي "بتعديل قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، واستحقاق المطعون ضده للدرجة الثامنة الشخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943، وما يترتب على ذلك من آثار، مع عدم صرف الفروق المالية إلا عن مدة خمس السنوات السابقة على تقديم التظلم، وإلزام الحكومة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء قرار اللجنة القضائية، ورفض التظلم، وإلزام المتظلم بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 28 من أغسطس سنة 1956، وللمدعي في 20 من سبتمبر سنة 1956، وعين لنظره جلسة 14 من ديسمبر سنة 1957، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن المدعي قدم التظلم رقم 1446 لسنة 1 القضائية إلى اللجنة القضائية لمصالح الحكومة بالإسكندرية طالباً تقرير استحقاقه للدرجة الثامنة اعتباراً من أول يوليه سنة 1943. وقال شرحاً لذلك إنه حصل على شهادة الدراسة الابتدائية عام 1922، والتحق في عام 1927 بمصلحة البريد بوظيفة في الدرجة الممتازة خارج الهيئة، وفي عام 1944 طبقت عليه قواعد الإنصاف، فمنح الدرجة التاسعة، واعتبرت أقدميته فيها من بدء تعيينه في الحكومة، وكان يتعين منحه الدرجة الثامنة أيضاً من أول يوليه سنة 1943 باعتباره منسياً؛ وذلك لأنه لم يفد من قواعد الإنصاف برفع درجته؛ لأن الدرجة الممتازة التي كان بها أرقى من الدرجة التاسعة. وتنص هذه القواعد على أن من لم يفد من تطبيق قواعد الإنصاف برفع درجته تطبق عليه قواعد المنسيين. وفي 9 من سبتمبر سنة 1953 قررت اللجنة القضائية استحقاق المدعي لأن يرقى إلى الدرجة الثامنة الشخصية اعتباراً من أول يوليه ستة 1943 مع ما يترتب على ذلك من آثار. واستندت في ذلك إلى أنه لم يفد من قواعد الإنصاف برفع درجته؛ لأن ربط الدرجة الممتازة التي كان يشغلها أكثر من ربط الدرجة التاسعة، وتنص قواعد الإنصاف على أن الموظفين الذين لم يفيدوا من قواعد الإنصاف إلا بزيادة في مرتباتهم أو تعديل في أقدمياتهم دون رفع لدرجاتهم تطبق عليهم قواعد المنسيين، وهي تقضي بأن يرقى إلى الدرجة التالية من مضى عليه في درجته خمس عشرة سنة لغاية أول يوليه سنة 1943 اعتباراً من هذا التاريخ، وهو ما يتوفر في المدعي الذي أرجعت أقدميته في الدرجة التاسعة إلى 27 من مايو سنة 1927. وقد طعنت الوزارة في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري؛ مؤسسة طعنها غلي أن المدعي التحق بخدمة مصلحة البريد في 27 من مايو سنة 1927، ونقل إلى مصلحة التلغرافات في أول إبريل سنة 1948، وسويت حالته طبقاً لقواعد الإنصاف، فاعتبرت أقدميته من تاريخ دخوله الخدمة، ثم منح الدرجة الثامنة في أول يونيه سنة 1947، ورقي للسابعة الكتابية بصفة شخصية في 7 من مارس سنة 1953؛ ولذلك فإن المادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة لا تنطبق على حالته؛ إذ لم تمض عليه ثلاثون سنة في ثلاث درجات؛ ومن ثم فلا يمكن ترقيته أو تعديل أقدميته. وفي 20 من يونيه سنة 1956، قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بتعديل قرار اللجنة القضائية، وباستحقاق المدعي للدرجة الثامنة الشخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943، وما يترتب على ذلك من آثار، مع عدم صرف الفروق المالية إلا عن مدة خمس سنوات سابقة على تاريخ تقديم التظلم، وألزمت الحكومة بالمصروفات. واستندت أسباب الحكم إلى الأسباب التي بني عليها قرار اللجنة القضائية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه فضلاً عن أن المدعي قد أفاد من تطبيق قواعد الإنصاف برفع درجته من درجة خارج الهيئة إلى الدرجة التاسعة داخل الهيئة، فإنه لكي يفيد من قواعد إنصاف المنسيين الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 8 من يوليه سنة 1943 كان يجب أن يقضي قبل 30 من يونيه سنة 1943 خمس عشرة سنة في درجته الفعلية، ولا عبرة بالأقدميات الاعتبارية في حساب هذه المدة، ولما كان الثابت أنه لم يكن حاصلاً على الدرجة التاسعة في 30 من يونيه سنة 1943، فإنه لا يفيد من قواعد إنصاف المنسيين في خصوص استحقاقه للدرجة الثامنة الشخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943.
ومن حيث إن المدعي لا يفيد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 بشأن إنصاف الموظفين المنسيين، ولا من قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 في هذا الخصوص، بترقيته إلى الدرجة الثامنة الشخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943؛ ذلك أن القرار الأول، وإن كان مفاده أن من قضى فعلاً في درجته الحالية - أي الفعلية - خمس عشرة سنة لغاية 30 من يونيه سنة 1943 يرقى إلى الدرجة التالية، إلا أن المدعي قد كان في سلك المستخدمين خارج الهيئة (غير الصناع)، فما كان من الممكن طبقاً لأحكام القرار المذكورة، إلا أن يرقى إلى الدرجة التالية لدرجته الفعلية في السلك ذاته، إذا كان قد أمضى في درجته الفعلية لغاية 30 من يونيه سنة 1943 المدة القانونية، فإن كان وقتذاك قد بلغ نهاية هذا السلك منح علاوة من علاوات هذه الدرجة، ولو جاوزت ماهيته بها أو بدونها نهاية درجته، ولم تسمح قواعد ذلك القرار أن يرقى بالفعل إلى درجة أعلى في غير السلك الذي كان ينتظمه وقتذاك، كما أنه ولئن كان المدعي قد اعتبر بمقتضى قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 في الدرجة التاسعة بصفة شخصية منذ دخوله الخدمة باعتباره حاملاً للشهادة الابتدائية، إلا أنه لا يفيد من أحكام هذا القرار بالترقية إلى درجة أعلى بوصفه موظفاً منسياً، ذلك أن قواعد هذا القرار في خصوص المنسيين لا تسمح بالإفادة من الترقية إلا لمن توافرت فيه الشروط القانونية، وهي أن تبلغ خدمته خمساً وثلاثين سنة، وأن تكون قد مضت على آخر ترقيته مدة لا تقل عن أربع سنوات، ولا تسمح بذلك إلا بالأسبقية في حدود ما يخلو من درجات مستقبلاً في النسبة المعينة لذلك، فليست مثل هذه الترقية إذاً حتمية تقع بقوة القانون؛ ومن ثم تكون دعوى المدعي على غير أساس سليم من القانون حقيقة بالرفض، وإذا ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فيتعين إلغاؤه، والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.