مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الثاني (من فبراير سنة 1958 إلى آخر مايو سنة 1958) - صـ 1046

(112)
جلسة 5 من إبريل سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 321 لسنة 3 القضائية

تثبيت - قرار مجلس الوزراء في 18/ 7/ 1944 - شروط تثبيت المولدات إعمالاً لهذا القرار منشوراً المالية رقما 2 و29 لسنة 1939.
يبين من قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1944 أنه وافق على اعتبار وظائف المولدات وظائف دائمة لتطبيق قواعد التثبيت التي نص عليها منشوراً المالية رقما 2 و29 لسنة 1939؛ بمعنى أن تثبت منهن من تستوفي شروط التثبيت من حيث قضاء مدد معينة على هذه الوظائف باعتبارها وظائف دائمة. وقد نص هذان المنشوران على وجوب قضاء الموظف ست سنوات في الخدمة في وظيفة دائمة قبل 29 من يناير 1935.


إجراءات الطعن

في يوم 23 من فبراير سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والشئون البلدية والقروية والأوقاف في القضية رقم 105 لسنة 3 القضائية المرفوعة من السيدة خديجة محمد رشدي سيف ضد وزارتي الصحة والشئون البلدية والقروية، والقاضي بأحقية المدعية في التثبيت طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1944 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام وزارتي الصحة والشئون البلدية والقروية بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وإلزام المدعية بالمصروفات، وقد أعلن الطعن للحكومة في 21 من مارس سنة 1957 وللمدعية في 24 منه. وعين لنظره جلسة 25 من يناير سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بالمحضر، وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم مع الترخيص في تقديم مذكرات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعية أقامت الدعوى رقم 105 لسنة 3 القضائية بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة الإدارية المختصة في 20 من ديسمبر سنة 1955، طلبت فيها الحكم باعتبارها على وظيفة دائمة من تاريخ تعيينها الأول بوزارة الصحة في 12 من يوليه سنة 1930 واستحقاقها للتثبيت وللمعاش وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام وزارتي الصحة والشئون البلدية والقروية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت شرحاً لدعواها إنها حصلت على دبلوم التمريض والتوليد - من كلية الطب - قسم الحكيمات - بجامعة القاهرة دور مايو سنة 1930، والتحقت بوزارة الصحة بوظيفة دائمة في قسم رعاية الطفل قيداً على الدرجة السابعة وذلك اعتباراً من 12 من يوليه سنة 1930، وظلت تشغل هذه الوظيفة الدائمة إلى أن عمدت الوزارة دون علم منها إلى نقل وظيفتها إلى ربط الوظائف المؤقتة، بحجة أن هذا النقل تم لأسباب مصلحية، وبعد ذلك ببضعة شهور صدر قرار من مجلس الوزراء في 16 من يناير سنة 1935 يقضي بعدم تثبيت الموظفين المؤقتين إلا بقرار منه. وذلك كتدبير عاجل مؤقت للتخفيف من عبء المعاشات ريثما توضع أحكام ثابتة تعالج هذه الحالة. وفي سنة 1938 أصدر مجلس الوزراء قرارات خاصة بتثبيت الموظفين والمستخدمين المؤقتين نص فيها على أنه إذا كان قد تخلل مدة وجود الموظف على وظيفة دائمة فترة قيد في أثنائها على وظيفة مؤقتة لمقتضيات مصلحية دون أن تتغير طبيعة عمله تحتسب مدة خدمته في وظيفة دائمة (قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 21 من يونيه و30 من أكتوبر سنة 1938 و18 من ديسمبر سنة 1938) وأن هذه القواعد قد طبقت على زميلاتها المولدات اللاتي نقلن من سلك الدائمين إلى سلك المؤقتين، وثم تثبيتهن على الأساس الذي أقره مجلس الوزراء، وتراخت وزارة الصحة في تطبيق هذه القواعد عليها بالرغم من أن وظيفتها أعيدت إلى ربط الوظائف الدائمة. وفي أول ديسمبر سنة 1952 وافق مجلس الوزراء على تثبيت الموظفين الذين عينوا بصفة مؤقتة قبل 16 من يناير سنة 1935 وكانوا مستوفين لشروط التثبيت، ومع أنها كانت مستوفية لهذه الشروط إلا أن وزارة الشئون البلدية والقروية التي نقلت المدعية إليها من أول مارس سنة 1951 لم تطبق هذه القواعد عليها. ولما اعتزلت الخدمة من أول يناير سنة 1954 بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 4 من نوفمبر سنة 1953 مع الإفادة بضم سنتين لمدة خدمتها فوجئت بصرف مكافآت لها عن مدة خدمتها في حين أنها تستحق معاشاً على اعتبار أنها معينة على وظيفة دائمة من تاريخ تعيينها الأول؛ ومن ثم فهي تستحق التثبيت طبقاً لقرارات مجلس الوزراء المشار إليها؛ إذ أن عملها الذي باشرته منذ تعيينها ظلت تباشره حتى تاريخ اعتزالها الخدمة، ثم استطردت المدعية فقالت إن وزارة الصحة رفعت إلى مجلس الوزراء في 15 من فبراير سنة 1944 مذكرة بخصوص تثبيت المولدات المؤقتات فوافق المجلس عليها في 18 من يوليه سنة 1944، وأصدرت وزارة الصحة الأمر الإداري رقم 117 في 2 من سبتمبر سنة 1944 بتنفيذ القرار المذكور، ولكنها لم تطبقه على حالتها التي هي حالة نموذجية للطلبات التي تقدم لطلب التثبيت. وقد رد مجلس بلدى القاهرة على الدعوى بأن المدعية التحقت بخدمة وزارة الصحة في 12 من يوليه سنة 1930، واعتبرت ضمن موظفي المجلس اعتباراً من أول مارس سنة 1951 بمناسبة ضم صحة مدينة القاهرة إليه، واعتزلت الخدمة بناء على طلبها في أول يناير سنة 1954 مع صرف ماهيتها شهرياً من هذا التاريخ لغاية 31 من ديسمبر سنة 1955، ومعاملتها على أساس لائحة المكافآت؛ وذلك طبقاً لقرارات مجلس الوزراء الصادرة في 4 من نوفمبر و9 و16 من ديسمبر سنة 1953 بشأن تيسير اعتزال الخدمة، وصرفت لها مكافأتها بناء على طلبها. وأضافت البلدية أن قرارات مجلس الوزراء الخاصة بالتثبيت جعلت التثبيت جوازياً للموظف المؤقت وليس حقاً له، ولم يرد في قراري مجلس الوزراء الصادرين في 16 من يونيه سنة 1930 الخاصين بالتثبيت واللذين أوقف العمل بهما بموجب قرار يناير سنة 1935 ما يتعارض مع ذلك، كما نصت الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من القانون رقم 331 لسنة 1953 بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 316 لسنة 1952 الخاص بإنشاء صندوق للتأمين وآخر للادخار على عدم جواز تثبيت أي موظف من الموظفين الحاليين غير المثبتين، وما دام لم يصدر قرار بتثبيت المدعية لغاية تاريخ اعتزالها الخدمة، فإن دعواها تكون على غير أساس سليم من القانون، وطلبت الحكم برفضها مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبجلسة 24 من ديسمبر سنة 1956 حكمت المحكمة باستحقاق المدعية للتثبيت طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1944 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت وزارتي الصحة والشئون البلدية والقروية بالمصروفات وبمبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأسست قضاءها على أن التثبيت أصبح حقاً مكتسباً للمدعية طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1944 الذي وافق فيه على مذكرة اللجنة المالية المؤرخة في 12 من يوليه سنة 1944 التي تطلب فيها الموافقة على اعتبار وظائف المولدات وظائف دائمة لتطبيق قواعد التثبيت التي نص عليها منشورا المالية رقما 2 و29 لسنة 1939، بمعنى أن تثبيت منهن من تستوفي شروط التثبيت من حيث قضاء مدد معينة على هذه الوظائف باعتبارها وظائف دائمة؛ ومن ثم فلا تحاج المدعية بنص المادة الرابعة من القانون رقم 331 لسنة 1953 الخاص بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 316 لسنة 1952 بشأن إنشاء صندوق للتأمين وآخر للادخار، والتي نصت على عدم جواز تثبيت أي موظف من الموظفين الحاليين غير المثبتين وذلك على فرض معاملتها به بالرغم من كونها من موظفي بلدية القاهرة منذ أول مارس سنة 1951، كما لا تحاج أيضاً بالقانون رقم 381 لسنة 1955 بإنشاء صندوق للتأمين وآخر للادخار لموظفي المجالس البلدية؛ إذ صدر بعد تركها الخدمة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه يبين من استقراء نصوص قرارات مجلس الوزراء الصادرة في شأن تثبيت الموظفين أنها جعلت التثبيت جوازياً للإدارة لاحقاً للموظف المؤقت، فعلى ذلك تترخص الإدارة في تقدير ملاءمة التثبيت بحسب إمكانيات الميزانية على هدي المصلحة العامة بلا معقب عليها ما دام تصرفها قد خلا من إساءة استعمال السلطة؛ وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير ذلك فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1944 أنه وافق "على اعتبار وظائف المولدات وظائف دائمة لتطبيق قواعد التثبيت التي نص عليها منشورا المالية رقما 2 و29 لسنة 1939، بمعنى أن تثبت منهن من تستوفي شروط التثبيت من حيث قضاء مدد معينة على هذه الوظائف باعتبارها وظائف دائمة". وقد نص هذان المنشوران على وجوب قضاء الموظف ست سنوات في الخدمة في وظيفة دائمة قبل 29 من يناير سنة 1935.
ومن حيث إنه يبين من ملف المدعية أنها عينت بصفة مؤقتة بوظيفة من الدرجة السابعة في 12 من يوليه سنة 1930، فما كانت - والحالة هذه - قد قضت في الخدمة لغاية 29 من يناير سنة 1935 مدة الست السنوات التي نص منشورا المالية رقما 2 و29 لسنة 1939 على وجوب قضائها في وظيفة دائمة قبل التاريخ المذكور للنظر في تثبيت الموظف الذي تتوافر فيه الشروط التي يتطلبها هذا المنشوران؛ ومن ثم فلا حق لها أن تطالب بتثبيتها اعتباراً من تاريخ التحاقها بالخدمة في 12 من يوليه سنة 1930 بالاستناد إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1944 السالف الذكر لعدم توافر شروطه في حقها.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى باعتبار المدعية مثبتة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من يوليه سنة 1944 يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، فيتعين إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض دعوى المدعية، وبإلزامها بالمصروفات.