مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الثاني (من فبراير سنة 1958 إلى آخر مايو سنة 1958) - صـ 1072

(115)
جلسة 5 من إبريل سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 973 لسنة 3 القضائية

حراسة - فرض الحراسة على الأموال طبقاً للأمرين العسكريين رقمي 4 و5 لسنة 1956 - قصرها على أموال المعتقلين والمراقبين حسب الأمر الأول وعلى أموال البريطانيين والفرنسيين كما حددتهم المادة الأولى من الأمر الثاني - ثبوت أن ظاهر المستندات يشير إلى أن المدعي لا ينتمي إلى أي من هاتين الفئتين - وقف القرار الصادر بوضع أمواله تحت الحراسة.
إن الحراسة مقصورة في حكم الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 على أموال البريطانيين والفرنسيين كما حددتهم المادة الأولى منه، ومقصورة في حكم الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956 على أموال المعتقلين والمراقبين، ومن ثم يخرج من نطاق فرض هذه الحراسة من ليس بريطانياً أو فرنسياً، ومن ليس معتقلاً أو مراقباً، فإذا صدر قرار من الحراسة العامة على أموال الرعايا الفرنسيين بوضع أملاك المدعي تحت الحراسة، واستبان للمحكمة من ظاهر المستندات ما يؤيد ادعاءه من أنه لا ينتمي إلى حكومة الجمهورية الفرنسية، كما أنه ليس من ضمن الأشخاص المعتقلين أو المراقبين الذين ينطق عليهم أحكام الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956، فإن طلبه وقف تنفيذ ذلك القرار يكون قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية تبرره، ويتعين القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.


إجراءات الطعن

في 28 من سبتمبر سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 30 من يوليه سنة 1957 في القضية رقم 718 لسنة 11 القضائية المرفوعة من السيد/ ليتو باروخ فيروز، ضد وزارة المالية والاقتصاد وآخر القاضي: "برفض طلب وقف تنفيذ القرار الصادر بوضع الحراسة على الأموال التي آلت ملكيتها إلى المدعي عن طريق الميراث من والده"، وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف القرار موضوع الطلب". وقد أعلن الطعن للحكومة في 17 من أكتوبر 1957، وللمدعي في 21 منه، وعين لنظره جلسة 15 من فبراير سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 31 من مارس سنة 1957، طلب فيها الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر بوضع الحراسة على الأموال التي آلت ملكيتها إليه عن طريق الميراث عن والده، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه إنه يملك منزلين بمصر الجديدة أحدهما رقم 22 بشارع صلاح الدين والآخر رقم 10 بشارع صبري أبو علم، وقد آلا إليه عن طريق الميراث من والده المتوفى في يوم 23 من يوليه سنة 1956. وفي يوم 7 من فبراير سنة 1957 علم بأن سكان هذين المنزلين تلقوا إخطارات من الحراسة العامة على الرعايا الفرنسيين تنبه عليهم بعدم دفع الإيجار إليه، لأن قراراً قد صدر بوضع هذين العقارين تحت الحراسة على أساس أن مالكهما فرنسي الجنسية، ولما كان المنزلان المذكوران مملوكين له منذ وفاة والده في عام 1956، فإن إخضاعهما للحراسة المفروضة على أموال الرعايا الفرنسيين أو غيرهم من الأعداء لا أساس له، لأن والده قد توفى وانقضت شخصيته وآلت هذه الأموال إليه، أي إلى المدعي، ولم تعد ملكاً لوالده المتوفى الذي كان مصرياً بحكم القانون، ولم تكن له في يوم من الأيام صلة بفرنسا أو بغيرها من دول الأعداء، وقد تظلم المدعي إلى الحارس العام على أموال الرعايا الفرنسيين في يوم 10 من فبراير سنة 1957 بتظلم قيد تحت رقم 5007 بسجل الشكاوى بالحراسة المذكورة، وأرفق به المستندات المبينة لجنسيته المصرية. وبجلسة 30 من يوليه سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري برفض طلب وقف التنفيذ وأسست قضاءها على أن الثابت من الأوراق ومن الاطلاع على أوراق الدعوى رقم 1370 السنة 7 القضائية أن والد المدعي ليس مصرياً، وبالتالي تكون الجنسية المصرية غير ثابتة للمدعي، وبذلك ينهار أساس دعواه، ويكون طعنه على القرار الصادر بوضع أمواله تحت الحراسة غير قائم على أسباب جدية تبرر إجابته إلى طلب وقف تنفيذه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة الأولى من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 الخاص بالاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم، قد أوضحت المقصود بالرعايا البريطانيين والفرنسيين بحيث يخرج من نطاقها كل من لا ينطبق عليه الوصف الوارد بها، ولذلك كان ينبغي على المحكمة، وهي بسبيل التحقق من توفر ركني وقف التنفيذ في الطلب المعروض عليها، وهما الاستعجال والجدية، أن لا تقف عند حد الفصل بحسب الظاهر فيما إذا كان الطالب مصرياً أم غير مصري حسبما انتهى إلى ذلك الحكم المطعون فيه، وإنما كان يتعين أن تمتد رقابتها أيضاً إلى البت بحسب الظاهر كذلك فيما إذا كان المدعي غير مصري ممن ينسحب عليهم حكم المادة الأولى المشار إليها، إذ أن إخفاقه في إثبات جنسيته المصرية لا يعني بحكم اللازم انتماءه إلى إحدى الجنسيتين البريطانية أو الفرنسية، بل إن الظاهر من المستندات المقدمة منه في هذه الدعوى وفي الدعوى رقم 1370 لسنة 7 ق أنها ولئن كانت لا تسعفه بل ولم تسعفه بالفعل في إثبات جنسيته المصرية، إلا أنها في الوقت ذاته تنفي انتسابه إلى حكومة الجمهورية الفرنسية التي صدر القرار المطلوب وقف تنفيذه باعتباره أحد رعاياها. ولما كان طلب المدعي قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية تبرر طلب وقف التنفيذ طالما قد استبان على الوجه السابق إيضاحه قيام ركنيه، فإن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير ذلك يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إن المادة الأولى من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 تنص على أنه "في تطبيق هذا الأمر تشمل عبارة الرعايا البريطانيين أو الفرنسيين رعايا حكومة المملكة المتحدة البريطانية وحكومة الجمهورية الفرنسية، والأشخاص المعنوية البريطانية أو الفرنسية ذات الشأن العام، وكذلك كل شخص طبيعي أو معنوي من رعايا المملكة المتحدة البريطانية أو الجمهورية الفرنسية. ويعتبر الأشخاص الآتي بيانهم في حكم الرعايا البريطانيين أو الفرنسيين وتشملهم بذلك عبارة الرعايا البريطانيين أو الفرنسيين المذكورة في الفقرة السابقة، (1) كل شخص طبيعي أو معنوي يكون مقيماً بأراضي إحدى هاتين الدولتين ما لم يكن قد صدر قرار من وزير المالية والاقتصاد بإعفائه....." - كما نصت المادة الأولى من الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956 على أنه "يتولى مدير عام إدارة أموال المعتقلين والمراقبين القيام على تنفيذ أحكام القانون رقم 176 لسنة 1956 بإدارة أموال الأشخاص والهيئات الآتي بيانها: (1) كل شخص طبيعي أو معنوي يعتقل أو يوضع تحت المراقبة تنفيذاً لتدابير الأحكام العرفية (2)....".
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن الحراسة مقصورة في حكم الأمر الأول على أموال البريطانيين والفرنسيين كما حددتهم المادة الأولى منه. ومقصورة في حكم الأمر الثاني على أموال المعتقلين والمراقبين؛ ومن ثم يخرج من نطاق فرض هذه الحراسة من ليس بريطانياً أو فرنسياً، ومن ليس معتقلاً أو مراقباً.
ومن حيث إن المدعي قدم شهادة مؤرخة في 19 من فبراير سنة 1957، صادرة من المفوضية السويسرية القائمة على مصالح الفرنسيين في مصر، تفيد أن البحث في سجلات القنصلية الفرنسية لم تسفر عن وجود اسمه مقيداً فيها، كما قدم شهادة أخرى من القنصلية المذكورة مؤرخة في 11 من أغسطس سنة 1957، بعد صدور الحكم المطعون فيه، بالمعنى ذاته بالنسبة لوالده المتوفى في 23 من يوليه سنة 1956، كما يبين من كتاب مدير عام إدارة أموال المراقبين والمعتقلين الخاضعين لأحكام الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956 - رقم 6204 المؤرخ 28 من فبراير سنة 1957 إلى الحارس العام على أموال الرعايا الفرنسيين أن المدعي غير خاضع لتدابير الإدارة العامة تطبيقاً للأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن الظاهر يؤيد ادعاء المدعي من أنه هو ووالده لا ينتميان إلى حكومة الجمهورية الفرنسية، كما أنه ليس من ضمن الأشخاص المعتقلين أو المراقبين الذين ينطبق عليهم أحكام الأمر العسكري رقم 4 لسنة 1956، ويكون طلب المدعي في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية تبرره؛ ومن ثم يكون الطعن، على حسب الظاهر، قد قام على أساس سليم من القانون، فيتعين إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وذلك مع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.