مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الثاني (من فبراير سنة 1958 إلى آخر مايو سنة 1958) - صـ 1092

(118)
جلسة 12 من إبريل سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 217 لسنة 3 القضائية

معادلات دراسية - قواعد الإنصاف - قانون المعادلات لم يلغ قواعد الإنصاف الصادرة في سنة 1944 - قرار مجلس الوزراء الصادر في 19 من أغسطس سنة 1944 بتقدير قيمة شهادات العالمية المؤقتة والعالمية النظامية والعالمية مع الإجازة والعالمية مع التخصص والعالمية من درجة أستاذ - عدم إلغائه قانون المعادلات.
إن قواعد الإنصاف الصادر بها قرارات مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 و29 من أغسطس سنة 1944 - بما تضمنته من تقدير للمؤهلات الواردة بها - لم تلغ بصدور القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية؛ إذ لم ينص ذلك القانون صراحة إلا على إلغاء قرارات معينة هي الصادرة في 8 من أكتوبر سنة 1950 وأول يوليه و2 و9 من ديسمبر سنة 1951. فإذا استبان من الاطلاع على الجدول الملحق بالقانون رقم 371 لسنة 1953 أنه قد خلا من تقدير لشهادة العالمية المؤقتة والعالمية النظامية والعالمية مع الإجازة والعالمية مع التخصص والعالمية من درجة أستاذ، وهي شهادة قدرت بقرار خاص من مجلس الوزراء صدر في 19 من أغسطس سنة 1944، فليس معنى هذا أن التقدير السابق لتلك المؤهلات قد سقط بعدم وروده بقانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953، وأنه يترتب على ذلك حرمان أصحاب المؤهلات من تقدير شهاداتهم مع توفر الشروط الزمنية للإفادة من قانون المعادلات في حقهم؛ ذلك لأن التقدير السابق لهذه المؤهلات لا زال قائماً، كما لم يقصد قانون المعادلات إلى إهدار قواعد الإنصاف، بل إنه على العكس من ذلك ما صدر إلا لإفادة من لم يفد من قواعد الإنصاف من المعينين في الخدمة بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 إلى أول يوليه سنة 1952، أو من أغفل تقدير مؤهلاتهم أو من قدرت لمؤهلاتهم درجات أو رواتب دون قيمتها، فهو قد أبقى التقدير القديم للمؤهلات الأزهرية سالفة الذكر؛ لأنه وجدها مناسبة، ولذلك لم ير محلاً لإعادة ترديدها.


إجراءات الطعن

في 2 من فبراير سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 18 من ديسمبر سنة 1956 في الدعوى رقم 8885 لسنة 2 ق المرفوعة من إبراهيم محمد عجيمي ضد وزارة التربية والتعليم، القاضي "بأحقية المدعي في تسوية حالته اعتباراً من تاريخ حصوله على شهادة العالمية في الدرجة السادسة بماهية 12 جنيه شهرياً عملاً بأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصروفات". وطلب رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 6 من فبراير سنة 1957 وللمدعي في 11 من فبراير سنة 1957، وعين لنظره جلسة 25 من يناير سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من الإيضاحات ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 8885 سنة 2 ق ضد وزارة التربية والتعليم أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم، طالباً الحكم باستحقاقه للدرجة السادسة الفنية من تاريخ حصوله على مؤهله العالي سنة 1950، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية مع إلزام الوزارة بالمصروفات" وقال - في بيان ذلك - إنه حصل على الشهادة الثانوية قسم ثان للأزهر سنة 1937، وعين في التعليم الأولى بوزارة التربية والتعليم في الدرجة الثامنة. وفي سنة 1950 حصل على الشهادة العالمية النظامية فطلب من الوزارة منحه الدرجة السادسة المقررة لمؤهله، فردت عليه بأنه لا يمكن منحه الدرجة السادسة إلا إذا نقل للتعليم العام، فالتمس من الوزارة نقله إلى التعليم العام فنقل إلى مدرسة العوامية الابتدائية في 26 من نوفمبر سنة 1951 لتدريس اللغة العربية. طالب المدعي بعد نقله بمنحة الدرجة السادسة فردت عليه إدارة المستخدمين بالوزارة بأنه ما زال مقيداً على ميزانية التعليم الأولي وسيمنح الدرجة السادسة عند نقله إلى ميزانية التعليم العام، من أجل ذلك أقام الدعوى. وقد ردت الوزارة على الدعوى بأن المدعي حصل على ثانوية الأزهر سنة 1937، والتحق بخدمة مجلس مديرية جرجا بوظيفة مدرس بماهية شهرية قدرها ثلاثة جنيهات، وقد سويت حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف فمنح الدرجة الثامنة، وفي سنة 1950 حصل على شهادة العالمية النظامية، ثم تتبع لوزارة التربية والتعليم بالقانون رقم 108 لسنة 1950 اعتباراً من أول مارس سنة 1951. وقد طالب بمنحه الدرجة السادسة فردت الوزارة بأنه مقيد على التعليم الأولي ولم ينقل إلى التعليم العام حتى يمنح تلك الدرجة، كما أن قانون المعادلات الدراسية لا ينطبق في حقه؛ لأن شهادة العالمية النظامية لم ترد ضمن الشهادات التي شملها ذلك القانون. وقد طبق عليه قانون المعادلات الدراسية على أساس أنه حاصل على شهادة الدراسة الثانوية الأزهرية، ومنح الدرجة الثامنة من بدء التعيين، ثم منح الدرجة السابعة في 30 من مارس سنة 1945، وطلبت الوزارة لهذه الأسباب رفض الدعوى، وبجلسة 18 من ديسمبر سنة 1956 حكمت المحكمة الإدارية "بأحقية المدعي في تسوية حالته اعتباراً من تاريخ حصوله على شهادة العالمية في الدرجة السادسة بماهية 12 ج شهرياً عملاً بأحكام القانون رقم 271 لسنة 1953 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة بالمصروفات". وقد استعرضت المحكمة في حكمها القوانين المنظمة للجامع الأزهر والمعاهد الدينية، ثم القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية. وانتهت من ذلك إلى أن القانون الأخير "قرر لكل مؤهل درجة وراتباً يحصل عليهما كل من بيده هذا المؤهل من موظفي الحكومة، وأنه يفهم من قيام التماثل بين كل من شهادتي العالمية والعالية، بل من أفضلية الشهادة الأولى على الثانية، ومن قيام قانون المعادلات الدراسية على أساس رفع قيمة التعسير وإدراج مؤهلات جديدة في قائمة التسعير، أن هذا القانون لا يستهدف إلغاء تقويم الشهادات العالمية إلغاء باتاً، بل هو يسمح وفق أصوله القائمة بإنزال حكمه عليها؛ إذ ما دام قد اتضح الأساس الذي قام عليه قانون المعادلات الدراسية، فإن تحقق شروط انطباقه لا تعني تحديد المؤهل بذاته في الجدول الملحق بهذا القانون، ما دام التطابق والتماثل قد أمكن الوصول إليه عن طريق قوانين أو قرارات أخرى سابقة على صدوره؛ لأن التطبيق القانوني السليم الذي يتفق مع غرض المشرع الذي وضح من المذكرة الإيضاحية يقتضي تسوية في المعاملة بين أصحاب المؤهلات الواحدة أو المتماثلة". وأنه "قد ورد بالجدول الملحق بقانون المعادلات الدراسية تقديراً للشهادة العالية للكليات الثلاث الأزهرية 12 ج في السادسة لمن عين في وظيفة فنية وفقاً للمادة 117 من القانون رقم 26 لسنة 1936 أو عين في وظائف التدريس بوزارة المعارف، مما يقتضي - وقد ثبت تماثل شهادة العالمية الحاصل عليها المدعي سنة 1950 مع الشهادة العالية المقدرة بالجدول المرافق لقانون المعادلات الدراسية، فضلاً عن أن المدعي يقوم بوظائف التدريس - أن تسوى حالة المدعي طبقاً لقانون المعادلات الدراسية لتحقق شروط انطباقه بالنسبة للمدعي". وإنه "مما يدعم هذا النظر أن قانون المعادلات الدراسية في جدول التسعير الملحق به لم يغفل ذكر العالمية على وجه الإطلاق، بل أشار إليها في جدول الشهادات الأزهرية على سبيل القياس مع شهادة أخرى، فنص على أن تعامل شهادة التخصص في الوعظ والإرشاد القديمة معاملة العالمية مع إجازة الوعظ والإرشاد، ولم يبين القانون أو جدول التسعير الملحق به القيمة التي قدرها لشهادة العالمية مع إجازة الوعظ والإرشاد، ويفهم من ذلك أنه قد استصحب التسعير الذي جرت به قرارات سابقة في شأن هذه الشهادة، وهو بذلك قد أحل هذه الشهادة محل الاعتبار دون أن يتعرض لها بالنسخ أو الإلغاء". وأنه "عن طلب المدعي تسوية حالته بمنحه 15 ج شهرياً اعتباراً من أول مايو سنة 1952 طبقاً لقانون موظفي الدولة، فإن الثابت أن المدعي يستمد حقه في التسوية من أحكام قانون المعادلات الدراسية، وقد صدر هذا القانون استثناء من قانون نظام موظفي الدولة؛ ومن ثم وجب إعمال حكمه فيما تضمنه خاصاً بالدرجة والمرتب، دون الرجوع إلى أحكام قانون آخر في هذا الخصوص، بالإضافة إلى أن الحكم الذي يستهدف المدعي إعماله وهو الوارد بالمادة 135 من القانون رقم 210 لسنة 1951 إنما ورد تحت الباب الثالث الخاص بالأحكام العامة والانتقالية والتي تستنفد أغراضها بانتهاء مفعولها بالوقت الذي صدر فيه القانون".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن التسويات التي تجرى بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 لا تشمل إلا الموظفين الحائزين على المؤهلات المحددة في الجدول المرافق للقانون دون غيرهم، فإذا لم يرد المؤهل في الجدول فلا يجوز تطبيق ما تضمنه القانون من أحكام على الموظف. ولو كان المؤهل الحاصل عليه قريب الشبه من أحد المؤهلات الواردة ذكرها بالجدول؛ ذلك أن تسعير الشهادات أو معادلتها بعضها ببعض أمر يدخل في وظيفة السلطة الإدارية التي تستقل وحدها بتقديره بما تراه ملائماً للمصلحة العامة دون معقب عليها في ذلك، وليس من وظيفة المحكمة تكليف الإدارة أمراً معيناً أو الحلول محلها في إبرامه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على المذكرات المقدمة من الجامع الأزهر في شأن الشهادات الأزهرية المختلفة ونظم الدراسة بالأزهر، أن النظام في الأزهر كان يسير على قانون صدر في سنة 1908، قسم الشهادات في الأزهر إلى ثلاثة أقسام، أعلاها الشهادة العالمية وجعل مدة التعليم اثنتي عشرة سنة، فمن أتمها وأدى الامتحان المقرر لشهادة العالمية بنجاح منح شهادة تسمى العالمية، والحاصل عليها يكون أهلاً للتدريس وللتعيين في وظائف الإمامة، ومن حصل عليها من الدرجة الأولى أو الثانية وكان حنفي المذهب كان أهلاً لتولي وظائف القضاء والإفتاء وسار الأزهر على هذا القانون حتى صدر القانون رقم 10 لسنة 1911، فجعل من أمضى أربع سنوات وحصل على الشهادة الأولية بالقانون السابق له الحق في أن يدرج ضمن طلبة القسم الثانوي، كما جعل لمن يحصل على الشهادة الثانوية الحق في أن يدرج ضمن طلبه القسم العالي. والذي يمضي أربع سنوات في القسم العالي ثم ينجح في امتحان السنة الأخيرة يعطي شهادة تسمى الشهادة العالمية النظامية، والحاصل عليها يكون أهلاً للتدريس وتولي وظائف القضاء والإفتاء إذا كان حنفي المذهب. والامتحان في شهادة العالمية النظامية يكون تحريرياً في جميع مواد السنة الرابعة بالقسم العالي وشفوياً في علوم الفقه والأصول وعلوم البلاغة، كما أجاز القانون رقم 10 لسنة 1911 المشار إليه لمن أمضى اثنتي عشرة سنة في الأزهر منتسباً أو مستمعاً أن يتقدم لامتحان العالمية المؤقتة ولو لم يحصل على الشهادة الثانوية ويكون الامتحان فيها شفوياً في جميع العلوم، ثم صدر القانون رقم 33 لسنة 1923 بإنشاء قسم بالأزهر يدخله الطالب بعد نيل شهادة العالمية؛ للتخصص في فرع من الفروع الدينية أو اللغوية وجعلت مدة الدراسة فيه أربع سنين، عدلت في 11 من مارس سنة 1925 إلى ثلاث، والحاصل على الشهادة من هذا القسم يكون أهلاً لما تؤهل له شهادة العالمية السابقة ويقدمون على غيرهم في وظائف التدريس وفي الانتخاب لجماعة كبار العلماء وتصدر شهادته ببراءة ملكية. وهذه القوانين ألغيت بصدور القانون رقم 49 لسنة 1930 الذي نظم الدراسة في الأزهر بعد الحصول على الشهادة الثانوية إلى كليات، ثم عدل هذا القانون بالقانون رقم 26 لسنة 1936 الذي يسير عليه الأزهر الآن. وقد جعل المشرع في هذا القانون والقانون الذي قبله للطلبة الذين كانوا مقيدين في القسم العالي وقت صدور هذه القوانين الحق في التقدم لشهادتي العالمية النظامية والمؤقتة بقوانين استثنائية متتالية آخرها قانون رقم 3 لسنة 1952 الذي انتهى سنة 1954، فلم يكن في الأزهر الآن الحق لطالب في التقدم لشهادتي العالمية النظامية أو المؤقتة، وأصبح امتحان شهادة العالمية لا وجود له من الناحية القانونية. والقانون رقم 26 لسنة 1936 الذي يسير عليه الأزهر الآن نظم الدراسة بعد الشهادة الثانوية إلى كليات هي: كلية الشريعة، كلية أصول الدين، كلية اللغة العربية. والذي ينجح في جميع سنوات الكلية التي يلتحق بها يمنح شهادة تسمى الشهادة العالية، ويلتحق الطالب بعد حصوله على الشهادة العالية بقسم الإجازة على أن يلتحق الحاصل على الشهادة العالية من كلية الشريعة بقسم إجازة القضاء الشرعي أو قسم إجازة التدريس، ويلتحق الحاصل على الشهادة العالية من كلية أصول الدين بقسم إجازة الدعوة والإرشاد أو بقسم إجازة التدريس. ومدة الدراسة في كل من هذه الأقسام سنتان، ويلتحق الحاصل على الشهادة العالية من كلية اللغة العربية بقسم إجازة التدريس فقط، ومدة الدراسة سنة واحدة، ويحصل الطالب بعد ذلك على شهادة العالمية مع إجازة القضاء أو الوعظ أو التدريس. والمواد التي تدرس والتي يمتحن فيها الطالب في العالمية النظامية أو المؤقتة والتي تدرس ويمتحن فيها الطالب للحصول على الشهادة العالمية جميعها متقاربة لا تفاوت فيها إلا في الكتب، فمثلاً الموضوع الواحد يدرس في شهادة العالمية بكتاب والشهادة العالية في كتاب آخر والمدة واحدة. كما أن للحاصل على الشهادة العالية من أية كلية أن يتقدم لامتحان شهادة العالمية من درجة أستاذ، ومدة الدراسة لهذه الشهادة لا تقل عن أربع سنوات وسنة للرسالة ويؤدي الطالب في نهاية المدة الامتحان فيما تخصص فيه، وعلى الناجح في هذا الامتحان أن يتقدم برسالة ذات صلة بالمواد التي تخصص فيها بطريق المناقشة العلنية، فإذا نجح فيها أعطى شهادة تسمى العالمية من درجة أستاذ. وقد قدرت قواعد الإنصاف لشهادة العالمية المؤقتة 10.5 ج في الدرجة السادسة وللشهادة العالية 10.5 ج في الدرجة السادسة ولشهادة العالمية النظامية 12 ج في الدرجة السادسة وشهادة العالمية مع الإجازة (للقضاء أو التدريس أو الوعظ) للمتخرجين في كليات الشريعة واللغة العربية وأصول الدين 15 ج في الدرجة السادسة، ولشهادة العالمية من درجة أستاذ 18 ج في الدرجة السادسة أيضاً، كل ذلك للمعينين في وظائف التدريس في الأزهر وفي وزارة المعارف، وقدر قانون المعادلات الدراسية الشهادة العالية للكليات الثلاث: لغة عربية - شريعة - أصول الدين - 10.5 ج في الدرجة السادسة و12 ج في الدرجة السادسة لمن عين في وظائف فنية وفقاً للمادة 117 من القانون رقم 26 لسنة 1936، أو عين في وظائف التدريس في وزارة المعارف، كما نص في الجدول المرافق لقانون المعادلات على أن الحاصل على شهادة التخصص في الوعظ والإرشاد القديمة (وقف المنشاوي) يعامل معاملة العالمية مع إجازة الوعظ والإرشاد - دون أن يبين الدرجة والمرتب المقررين للحاصل على العالمية مع إجازة الوعظ والإرشاد.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على محضر الاجتماع الثامن عشر للجنة المعادلات المنعقدة في 17 من فبراير سنة 1953 بحضور وكيل إدارة الامتحانات بالأزهر أن سيادته شرح نظم وأنواع الدراسة في الأزهر وكلياته المختلفة بما لا يخرج عما سبق إيضاحه، وزاد عليها أن الشهادة العالمية للكليات الثلاث "لا تعتبر إجازة تخصص مهني، فلا تجيز شهادة كلية الشريعة لحاملها أن يعين قاضياً أو موظفاً قضائياً، ولا تجيز شهادة كلية أصول الدين لحاملها أن يتعين واعظاً، ولا تجيز شهادة كلية اللغة العربية لحاملها أن يعين مدرساً، بل يعين الجميع موظفين كتابين وإن كانت وزارة المعارف - نظراً لأزمة المعلمين في العهد الأخير - قد عينت بعضهم مدرسين بها". أما العالمية مع الإجازة فهي "تؤهل للأعمال المهنية، فبمقتضاها يجوز لحامل العالمية مع إجازة القضاء أن يشتغل محامياً أمام المحاكم الشرعية وأن يعين موظفاً قضائياً أو قاضياً شرعياً... وكذلك يجوز لحامل العالمية مع إجازة الدعوة أن يعين في وظائف الوعاظ، ولحامل العالمية مع إجازة التدريس أن يعين مدرساً". ثم ورد بمحضر الاجتماع سالف الذكر بعد ذلك ما يأتي: "وقد أخذ رأي الأستاذ الحريري - وكيل إدارة الامتحانات بالأزهر - في تقدير شهادة التخصص في الوعظ والإرشاد القديمة (وهي الموقوف عليها من وقف أحمد المنشاوي باشا) فأيد حضرته تقدير الأزهر لها بأنها موازية للعالمية مع إجازة الوعظ والإرشاد. إزاء هذه البيانات رأت اللجنة أن التقدير الذي تم فيما سبق من إنصافات للشهادات الأزهرية معقول ومناسب، ورأت أنه لا محل لشكوى خريجي الكليات العالية الثلاث من تقدير مؤهلهم في الإنصاف على أساس الدرجة السادسة بماهية 10.5 ج، لأن هذه الشهادات لم يعترف بها كمؤهل مهني خاص، كما أيد تقدير العالمية المؤقتة على أساس 10.5 ج شهرياً في الدرجة السادسة، أما العالمية من قسم البعوث الإسلامية فلم تر اللجنة محلاً لتقديرها؛ لأنها تعطى لغرباء (أجانب) وهؤلاء لهم نظام خاص في توظيفهم. أما شهادة العالمية النظامية فقد اعتمدت اللجنة تقديرها أيضاً على أساس الدرجة السادسة بماهية 12 ج شهرياً، وفيما يختص بتقدير العالمية مع الإجازة بأنواعها وافقت اللجنة على الاكتفاء بما تم لها من تقدير وهو 15 ج شهرياً في الدرجة السادسة، وبالمثل اعتمدت اللجنة تقدير العالمية مع التخصص القديم وهو 17 ج شهرياً في الدرجة السادسة، وكذلك الحال بالنسبة للعالمية من درجة أستاذ حيث قدر لها 18 ج شهرياً في الدرجة السادسة".
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن قواعد الإنصاف الصادر بها قرارات مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 و29 من أغسطس سنة 1944 بما تضمنته من تقدير للمؤهلات الواردة بها - لم تلغ بصدور القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية، إذ لم ينص ذلك القانون صراحة إلا على إلغاء قرارات معينة هي صادرة في 8 من أكتوبر سنة 1950 وأول يوليه و2 و9 من ديسمبر سنة 1951، كما سبق لها أن قضت أيضاً بأن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية إنما يستهدف إنصاف طوائف مختلفة من الموظفين لم تدركهم القواعد السابقة بإنصافها، سواء في ذلك من عينوا بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 في درجات تقل عن الدرجات المقررة لمؤهلاتهم، أو من حصلوا على مؤهلاتهم أثناء الخدمة فلم يمنحوا الدرجات المقررة لها، أو من أغفل تقدير مؤهلاتهم إغفالاً تاماً، أو من قدرت لمؤهلاتهم درجات أو رواتب دون قيمتها، وكذلك من قعدوا عن اتخاذ إجراءات التقاضي لتسوية حالاتهم، على أن يكون ذلك الإنصاف منوطاً بتوافر الشروط التي نصت عليها المادة الثانية من هذا القانون. كل ذلك ابتغاء إجراء المساواة بين جميع الموظفين المؤهلين؛ بحيث يفيد من أحكام القانون المشار إليه كل من لم تسعفه القرارات السابقة بإنصافها على التفصيل السابق إيراده.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الجدول الملحق بالقانون رقم 371 لسنة 1953 أنه قد خلا من تقدير لشهادة العالمية المؤقتة والعالمية النظامية والعالمية مع الإجازة والعالمية مع التخصص والعالمية من درجة أستاذ، وهي شهادات قدرت بقرار خاص من مجلس الوزراء صدر في 29 من أغسطس سنة 1944، وليس معنى هذا أن التقدير السابق لتلك المؤهلات قد سقط بعدم وروده بقانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953 وأنه يترتب على ذلك حرمان أصحاب هذه المؤهلات من تقويم شهاداتهم مع توفر الشروط الزمنية للإفادة من قانون المعادلات في حقهم؛ ذلك لأن التقدير السابق لهذه المؤهلات لا زال قائماً، كما لا يقصد قانون المعادلات إلى إهدار قواعد الإنصاف، بل أنه على العكس من ذلك ما صدر إلا لإفادة من لم يفد من قواعد الإنصاف من المعينين في الخدمة بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 إلى أول يوليو سنة 1952، أو من أغفل تقدير مؤهلاتهم أو من قدرت لمؤهلاتهم درجات أو رواتب دون قيمتها حسبما سبق الإيضاح، فهو قد أبقي التقدير القديم للمؤهلات الأزهرية سالفة الذكر؛ لأنه وجدها بمناسبة ولذلك لم ير محلاً لإعادة ترديدها؛ وآية ذلك ما ورد بمحضر الاجتماع الثامن عشر للجنة المعادلات المؤرخ في 17 من فبراير سنة 1953 من أنه "إزاء هذه البيانات رأت اللجنة التقدير الذي تم فيما سبق من إنصافات للشهادات الأزهرية معقول ومناسب، ورأت أنه لا محل لشكوى خريجي الكليات العالية الثلاث من تقدير مؤهلهم في الإنصاف على أساس الدرجة السادسة بماهية 10.500 مجـ؛ لأن هذه الشهادات لم يعترف بها كمؤهل مهني خاص، كما أيد تقدير العالمية المؤقتة على أساس 10.500ج شهرياً في الدرجة السادسة.... أما شهادة العالمية النظامية فقد اعتمدت اللجنة تقديرها أيضاً على أساس الدرجة السادسة بماهية 12 ج شهرياً، وفيما يختص بتقدير العالمية مع الإجازة بأنواعها وافقت اللجنة على الاكتفاء بما تم لها من تقدير وهو 15 ج شهرياً في الدرجة السادسة، وبالمثل اعتمدت اللجنة تقدير العالمية مع التخصص القديم وهو 17 ج شهرياً في الدرجة السادسة، وكذلك الحال في العالمية من درجة أستاذ، حيث قدر لها 18 ج شهرياً في الدرجة السادسة".
ومن حيث إنه لما كان المدعي قد توفر في حقه الشروط الواردة بالمادة الثانية من القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية؛ إذ عين في الخدمة قبل أول يوليه سنة 1952، كما حصل على مؤهله قبل ذلك التاريخ أيضاً، فإن من حقه أن يفيد من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 سالف الذكر، على أن يكون تقدير مؤهله وفقاً لما ورد بقواعد الإنصاف. ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من استحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لأحكام المعادلات الدراسية، ويكون الطعن والحالة هذه قد قام على غير أساس سليم من القانون، ويتعين من أجل ذلك رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.