مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الثاني (من فبراير سنة 1958 إلى آخر مايو سنة 1958) - صـ 1127

(120)
جلسة 12 من إبريل سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 742 لسنة 3 القضائية

ميعاد الستين يوماً - ثبوت أن الدعوى في حقيقتها تدور حول منازعة خاصة بمرتب - عدم خضوعها للميعاد المقرر في صدد دعاوى الإلغاء - لا يغير من طبيعة المنازعة في الراتب أن تتصدى المحكمة للبحث في مدى سلامة ما يكون قد صدر في حق المدعي من قرارات، باعتبارها من العناصر التي تبنى عليها المطالبة بالراتب ويتوقف عليها الفصل في المنازعة.
متى ثبت أن المطعون عليه يطالب بتسوية حالته على أساس استحقاقه الإفادة من أحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 الخاص بربط درجات أعضاء هيئة التدريس بالجامعات بدرجات رجال القضاء والنيابة من تاريخ نقله إلى جامعة عين شمس، فالدعوى من ثم تدور حول منازعة خاصة بمرتب ولا تخضع لميعاد الستين يوماً الخاص بدعاوى الإلغاء؛ إذ يزعم المطعون عليه استحقاقه للمرتب استناداً إلى كونه من أعضاء هيئة التدريس بأحد المعاهد التابعة لجامعة عين شمس، وتنكر عليه الإدارة هذا الاستحقاق اعتماداً على عدم قيام هذا الوصف به باعتبار أن مجرد النقل إلى معهد التربية للبنات التابع للجامعة المذكورة لا يعني تعيين المطعون عليه عضواً بهيئة التدريس به، وأن للتعيين في عضوية هذه الهيئة شروطاً وأوضاعاً لم تتوافر في حقه حتى يصح القول بأنه كسب من النقل مركزاً ذاتياً يستمد منه الحق في الإفادة من أحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 الذي سبقت الإشارة إليه. ولا يغير من طبيعة هذه المنازعة وكونها منازعة في راتب أن تتصدى المحكمة للبحث في مدى سلامة ما يكون قد صدر في حق المطعون عليه من قرارات، باعتبارها من العناصر التي تبنى عليها المطالبة بالراتب ويتوقف عليها الفصل في المنازعة؛ إذ أمثال هذه القرارات لا تعدو أن تكون من قبيل الأعمال الشرطية التي تضفي على صاحب الشأن فيها نظاماً قانونياً موضوعياً يرتب له حقاً في درجة مالية معينة وفي راتب يتفق مع هذه الدرجة بشرط أن يستكمل العمل الشرطي أوضاعه التي يتطلبها القانون.


إجراءات الطعن

في 15 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 742 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 18 من مارس سنة 1957 في الدعوى رقم 2649 لسنة 9 القضائية المقامة من السيد/ محمد الطيب حسن ضد جامعة عين شمس ووزارتي التربية والتعليم والمالية، والقاضي "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها، وفي الموضوع باستحقاق المدعي لربط درجته بكادر رجال القضاء والنيابة بالتطبيق للقانون رقم 131 لسنة 1950 باعتباره من أعضاء هيئة التدريس بمعهد التربية للبنات بجامعة (إبراهيم) وذلك اعتباراً من 19 من مارس سنة 1951، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جامعة عين شمس بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام المدعي المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة التربية والتعليم في 5 من يونيه سنة 1957، وإلى وزارة المالية والاقتصاد في 6 من يونيه سنة 1957، وإلى جامعة عين شمس في 16 من يونيه سنة 1957 وإلى المطعون عليه في 9 من يونيه سنة 1957، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 25 من يناير سنة 1958، وقد انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته، وأخيراً قدم المطعون عليه مذكرة بملاحظاته في 26 من يناير سنة 1958، وفي 27 من نوفمبر سنة 1957 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أجلت النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
( أ ) عن قبول الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري:
من حيث إن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 38 لسنة 1 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة المعارف العمومية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة المذكورة في 2 من مايو سنة 1954 طلب فيها الحكم "بأحقيته في تطبيق القانون رقم 131 لسنة 1950 الخاص بربط درجات أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية بدرجات رجال القضاء والنيابة اعتباراً من تاريخ نقله إلى الجامعة في 19 من مارس سنة 1951. وتسوية حالته على هذا الأساس مع ما يترتب على ذلك من آثار وعلى الأخص صرف الفروق المالية. مع إلزام جامعة عين شمس ووزارتي المعارف العمومية والمالية المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال إن الجامعة لم تشأ أن تطبق عليه القانون رقم 131 لسنة 1950 المشار إليه رغم توافر جميع الشروط القانونية في حقه وعلى، الرغم من نقله النهائي من وزارة المعارف العمومية إلى معهد التربية للبنات منذ 19 من مارس سنة 1951 وقيامه بأعباء التدريس في الجامعة المذكورة، مع أنه لا يوجد ما يحول دون انتفاعه بمزايا القانون سالف الذكر بوصفه من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية. وقد دفعت جامعة عين شمس المدعى عليها بعدم قبول هذه الدعوى لفوات ميعاد الطعن بالإلغاء؛ تأسيساً على أن المدعي إنما يطعن من طريق غير مباشر في القرار السلبي بالامتناع عن تعيينه من بين أعضاء هيئة التدريس بمعهد التربية للبنات التابع لجامعة عين شمس. ورد المطعون عليه على الدفع بأن القرار الصادر بتعيينه في معهد التربية للبنات يستتبع حتماً اعتباره داخلاً في ضمن هيئة التدريس بالجامعة المذكورة؛ لأنه ليس ثمة تفرقة بين مدرس داخل الهيئة ومدرس خارجها؛ ولأن ما ينعيه على الجامعة ينحصر في إغفالها تسوية حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 بشأن ربط درجات أعضاء هيئة التدريس بالجامعات بدرجات رجال القضاء والنيابة، وهذا حق يستمده المطعون عليه مباشرة من القانون المشار إليه، ولا تملك الجامعة حياله سلطة تقديرية من حيث المنح أو المنع. وعلى إثر صدور القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") لاختصاصها بنظرها طبقاً لأحكام هذا القانون. وبجلسة 18 من مارس سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة) بالنسبة إلى الدفع الذي أثارته الجامعة "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها"، وأقامت قضاءها في خصوص ذلك على "أن ما تدفع به الجامعة من أن الدعوى قد رفعت بعد الميعاد مردود بأن هذا الطلب من طلبات التسوية فلا يتقيد بميعاد الإلغاء".
ومن حيث إنه لا حجة في الدفع بأن الدعوى الحالية غير مقبولة لفوات ميعاد رفعها؛ إذ حقيقة موضوعها - حسبما يستظهر من الطلبات الختامية المسوقة لبيانه في صحيفة افتتاحها - مطالبة المطعون عليه بتسوية حالته على أساس استحقاقه الإفادة من أحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 الخاص بربط درجات أعضاء هيئة التدريس بالجامعات بدرجات رجال القضاء والنيابة من تاريخ نقله إلى الجامعة آنفة الذكر في 19 من مارس سنة 1951، فالدعوى من ثم تدور حول منازعة خاصة بمرتب يزعم المطعون عليه استحقاقه له استناداً إلى كونه من أعضاء هيئة التدريس بأحد المعاهد التابعة لجامعة عين شمس، وتنكر عليه الإدارة هذا الاستحقاق اعتماداً على عدم قيام هذا الوصف به باعتبار أن مجرد النقل إلى معهد التربية للبنات التابع للجامعة المذكورة لا يعني تعيين المطعون عليه عضواً بهيئة التدريس به وأن للتعيين في عضوية هذه الهيئة شروطاً وأوضاعاً لم تتوافر في حقه حتى يصح القول بأنة كسب من النقل مركزاً ذاتياً يستمد منه الحق في الإفادة من أحكام القانون رقم 131 لسنة 1950 الذي سبقت الإشارة إليه.
ومن حيث إنه لا يغير من طبيعة المنازعة في الراتب أن تتصدي المحكمة للبحث في مدى سلامة ما يكون قد صدر في حق المطعون عليه من قرارات باعتبارها من العناصر التي تبنى عليها المطالبة بالراتب ويتوقف عليها الفصل في المنازعة؛ إذ أمثال هذه القرارات لا تعدو أن تكون من قبيل الأعمال الشرطية التي تضفي على صاحب الشأن فيها نظاماً قانونياً موضوعياً يرتب له حقاً في درجة مالية معينة وفي راتب يتفق مع هذه الدرجة، بشرط أن يستكمل العمل الشرطي أوضاعه التي يتطلبها القانون.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن لا وجه لقبول الدفع بفوات ميعاد رفع الدعوى الحالية الذي أثارته جامعة عين شمس، ويكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من رفض هذا الدفع صحيحاً فيما انتهى إليه.
(ب) عن الموضوع(1):


(1) المبادئ الواردة في هذا الصدد سبق نشر مثيلها في السنة الثانية من هذه المجموعة، ص 420 و429.