مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الثاني (من فبراير سنة 1958 إلى آخر مايو سنة 1958) - صـ 1138

(122)
جلسة 3 من مايو سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

القضية رقم 731 لسنة 3 القضائية

( أ ) رسوم قضائية - التظلمات التي تقدم للجان القضائية كانت معفاة من الرسوم - الدعاوى التي تقدم إلى المحاكم الإدارية - وجوب أداء رسوم عنها - ثبوت أن التظلم الذي قدم إلى اللجنة القضائية وأحيل إلى المحكمة الإدارية كان خارجاً عن اختصاص اللجنة القضائية - وجوب أداء رسوم عنه.
(ب) رسوم قضائية - القواعد التي تنظم الرسوم القضائية أمام جهة القضاء الإداري - عدم سداد الرسم الواجب قانوناً - استبعاد القضية من جدول الجلسة - الحكم بعدم قبول الدعوى لعدم سداد الرسوم - في غير محله.
1 - لئن كان المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 بإنشاء وتنظيم لجان قضائية في الوزارات للنظر في المنازعات الخاصة بموظفي الدولة الصادر في 18 من أغسطس سنة 1952، والذي تقدم في ظله المطعون لصالحه بتظلمه في 9 من ديسمبر سنة 1953 إلى اللجنة القضائية، يعفي المتظلم من دفع رسوم، إلا أن اللجنة لم تكن مختصة بمثل الطلب الذي تقدم إليها (وهو إلغاء قرار نهائي لسلطة تأديبية)، كما أن القانون رقم 147 لسنة 1954 بإنشاء وتنظيم محاكم إدارية في الوزارات للنظر في المنازعات الخاصة بالموظفين والمستخدمين، الصادر في 20 من مارس سنة 1954، وإن قضى بإحالة التظلمات السابقة إلى المحاكم الإدارية لاستمرار النظر فيها، لم يجعل من اختصاص تلك المحاكم النظر في طلب إلغاء أي قرار إداري، وإنما استحدث لها هذا الاختصاص بمقتضى المادة 13 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة الصادر في 29 من مارس سنة 1955؛ ومن ثم أصبحت تلك المحاكم الإدارية مختصة بالفصل في موضوع الدعوى المحالة إليها من اللجنة القضائية، وإن كانت في الأصل غير مختصة بنظر الطلب وقت تقديمه، وبالتالي يجب أن تراعى في شأنها ما اشترطه القانون رقم 165 لسنة 1955 من وجوب أداء الرسوم طبقاً للمادة 34 منه.
2 - إن المادة 15 من المرسوم الصادر في 14/ 8/ 1946 الخاص بتعريفة الرسوم والإجراءات المتعلقة بها أمام محكمة القضاء الإداري - الذي ما زال ينظم الرسوم القضائية أمام محكمة القضاء الإداري - تنص على أنه "فيما عدا ما نص عليه هذا المرسوم تطبق الأحكام المتعلقة بالرسوم القضائية في المواد المدنية". وبالرجوع إلى المادة 13 من القانون رقم 90 الصادر في 19 من يوليه سنة 1944 بتنظيم الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية يبين أنها تنص على أن "تستبعد المحكمة القضية من جدول الجلسة إذا لم تستوف الرسوم المستحقة عليها بعد قيدها". وهذا هو الإجراء الذي يجب اتباعه عند دفع الرسوم القضائية المقررة. وغني عن البيان أن استبعاد القضية من جدول الجلسة غير الحكم بعدم قبولها؛ إذ كل ما يترتب على الإجراء الأول هو عدم تقديمها للجلسة بالمحكمة ما دامت لم تدفع الرسوم، ويجوز تقديمها بعد أدائها، فيكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين إلغاؤه والأمر باستبعاد القضية من جدول الجلسة حتى يتم أداء الرسوم.


إجراءات الطعن

في 8 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 13 من مارس سنة 1957 في الدعوى رقم 2966 لسنة 2 ق المرفوعة من عبده غازي شحاته ضد وزارة التربية والتعليم، والذي قضى "بعدم قبول الدعوى". وطلب رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى المحكمة الإدارية المختصة للفصل فيها"، وقد أعلن الطعن للحكومة في 18 من مايو سنة 1957، وللخصم في 11 من يونيه سنة 1957، وعين لنظره جلسة 4 من يناير سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت التأجيل لجلسة 25 من يناير سنة 1958 لتهيئة الفرصة للمطعون عليه ليقوم بسداد الرسوم القضائية المقررة، ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة 8 من مارس سنة 1958، وفيها مدت أجله لجلسة 29 منه، ثم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن المطعون لصالحه رفع إلى اللجنة القضائية لوزارة المعارف العمومية التظلم رقم 2966 لسنة 2 ق بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 9 من ديسمبر سنة 1953، ذكر فيها أن فراشاًً بمدرسة شمشيره التي يقوم بالتدريس فيها أخذ إصيصاً به بعض المزروعات كان قد أحضره المدرس لعرضه على التلاميذ وألقاه بعيداً عن المدرسة دون استئذان المدرس، وترتب على ذلك مشادة بين المطعون لصالحه والفراش أدت إلى الاشتباك بالأيدي، وأجرت منطقة كفر الشيخ التعليمية تحقيقاً في الواقعة، وقررت توقيع جزاء إداري على المدعي يتمثل في خصم يومين من مرتبه؛ لأنه ضرب الفراش بالكف على وجهه، كما قررت المنطقة عقاب الفراش بخصم ثلاثة أيام من مرتبه لاتهامه بمحاولة الاعتداء على المدعي بالسكين. ويقول المدعي إنه كان يدافع عن نفسه وما كان يستحق جزاء الخصم يومين من مرتبه، وهو يطلب إلغاء هذا القرار لأنه مشوب بمخالفة القانون. وقالت الوزارة إنها استخلصت من أقوال المتظلم في التحقيق الإداري الذي أجرته ما يدل على سابقة خلافه مع فراش المدرسة الابتدائية، وأنه تعدى على الفراش بالضرب على وجهه، وذلك بشهادة زملائه. وقد أحيل هذا التظلم إلى المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم عملاً بأحكام القانون رقم 147 لسنة 1954 والقانون رقم 165 لسنة 1955، وأصدرت المحكمة حكمها بجلسة 20 من فبراير سنة 1957 وهو يقضي "بعدم قبول الدعوى". وأسست قضاءها على أن الدعوى نشأت تظلماً أمام اللجنة القضائية، وطلب المتظلم إلغاء القرار الصادر بخصم يومين من راتبه، فتكون الدعوى في صورتها القانونية هي مطالبة بإلغاء قرار صادر من السلطة التأديبية، وجاء في أسباب الحكم المطعون فيه أنه يبين من استعراض تشريعات مجلس الدولة المتعاقبة أن القانون رقم 9 لسنة 1949 جعل ولاية الفصل في طلبات إلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية لمحكمة القضاء الإداري (فقرة رابعة مادة 3)، وقد تضمن هذا القانون وجوب اتباع إجراءات معينة لرفع الدعوى (المادة 11 وما بعدها). ولما أنشئت اللجان القضائية بالمرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 أورد الشارع اختصاص هذه اللجان مورد الحصر في المادة الثانية منه، ولم يرد ضمن هذا الاختصاص الفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية التأديبية. وقد تبسط الشارع في الإجراءات فنص على أن يقدم ذو الشأن دون وساطة محام تظلمه إلى رئيس اللجنة من أصل وصورة، ولا يشترط في التظلم شكل خاص، ولا تستحق عليه رسوم (مادة 4). ثم أنشئت المحاكم الإدارية بالقانون رقم 147 لسنة 1954 ولم يكمل لها اختصاص الفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية (مادة 4 من هذا القانون الأخير) الذي نص على إجراءات معينة لرفع الدعوى أمام المحاكم الإدارية (المادتان 6 و7). ثم صدر أخيراً القانون رقم 165 لسنة 1955 بتنظيم مجلس الدولة فعهد إلى المحاكم الإدارية ولاية الفصل في طلبات طائفة معينة من الموظفين تسوية وإلغاء وتعويضاً (المادة 13 منه)، ومن بين هذا الاختصاص الفصل في طلبات إلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية (فقرة رابعة مادة 8). وقد تضمن القانون رقم 165 لسنة 1955 إجراءات خاصة لرفع الدعوى، من بينها أداء الرسوم أو استصدار قرار من مفوض الدولة للإعفاء منها (المادة 34). ولما كانت ولاية اللجان القضائية - كما رسمها المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 - ينحسر عنها الفصل في طلبات إلغاء القرارات التأديبية، واستحدث القانون رقم 165 لسنة 1955 هذه الولاية للمحاكم الإدارية للفصل في هذه الطلبات، ونص على إجراءات معينة لا بد من التزامها لرفع الدعوى. ولم يترسم المدعي هذه الإجراءات، مما تكون معه دعواه - في أسباب الحكم المطعون فيه - غير مقبولة شكلاً.
ومن حيث إن مبنى الطعن المقدم من السيد رئيس هيئة المفوضين يتلخص في أن القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة استحدث للمحاكم الإدارية ولاية الفصل في طلبات إلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية، ولم يتضمن القانون المذكور في هذا الشأن إجراءات يتعين التزامها سوى أداء الرسوم، والجزاء على مخالفة هذا الإلزام لا يكون الحكم بعدم قبول الدعوى، كما ذهبت إليه المحكمة الإدارية، وإنما يكون الجزاء بتقرير المحكمة استبعاد الدعوى من رول الجلسة حتى يقوم المدعي بسداد الرسوم المقررة.
ومن حيث إنه ولئن كان المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 بإنشاء وتنظيم لجان قضائية في الوزارات للنظر في المنازعات الخاصة بموظفي الدولة الصادر في 18 من أغسطس سنة 1952، والذي تقدم في ظله المطعون لصالحه بتظلمه في 9 من ديسمبر سنة 1953 إلى اللجنة القضائية بوزارة المعارف، كان يعفي المتظلم من دفع رسوم؛ إذ نص صراحة في المادة الرابعة "يقدم ذو الشأن دون وساطة محام تظلمه إلى رئيس اللجنة من أصل وصورة ولا يشترط في التظلم شكل خاص، ولا تستحق عليه رسوم". إن اللجنة لم تكن مختصة بمثل هذا الطلب، كما أن القانون رقم 147 لسنة 1954 بإنشاء وتنظيم محاكم إدارية في الوزارات للنظر في المنازعات الخاصة بالموظفين والمستخدمين الصادر في 20 من مارس سنة 1954 وإن قضى بإحالة التظلمات السابقة إلى المحاكم الإدارية لاستمرار النظر فيها، لم يجعل من اختصاص تلك المحاكم النظر في طلب إلغاء أي قرار إداري، وإنما استحدث لها هذا الاختصاص بمقتضى المادة 13 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة الصادر في 23 من مارس سنة 1955، التي تنص على أن "تختص المحاكم الإدارية بصفة نهائية: (1) بالفصل في طلبات إلغاء القرارات المنصوص عليها في البنود (ثالثاً) و(رابعاً) و(خامساً) من المادة الثامنة عدا ما يتعلق منها بالموظفين الداخلين في الهيئة من الفئة العالية أو بالضباط وفي طلبات التعويض المترتبة عليها (2) بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لمن ذكروا في البند السابق أو لورثنهم"، ونص البند (رابعاً) من المادة الثامنة من هذا القانون على "الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية"؛ ومن ثم أصبحت تلك المحاكم الإدارية مختصة بالفصل في موضوع الدعوى المحالة إليها من اللجنة القضائية، وإن كانت في الأصل غير مختصة بنظر الطلب وقت تقديمه؛ ومن ثم يجب أن يراعى في شأن هذه الدعوى ما اشترطه القانون رقم 165 لسنة 1955 من وجوب أداء الرسوم طبقاً للمادة 34 منه التي تنص على أن "تعين بقانون تعريفة الرسوم والإجراءات المتعلقة بها وأوجه الإعفاء منها، ويفصل المفوض في طلبات الإعفاء". ولا يزال ينظم الرسوم القضائية أمام مجلس الدولة المرسوم الخاص بتعريفة الرسوم والإجراءات المتعلقة بها أمام محكمة القضاء الإداري، وهو المرسوم الصادر في 14 من أغسطس سنة 1946، وجاء في المادة 15 منه "فيما عدا ما نص عليه هذا المرسوم تطبق الأحكام المتعلقة بالرسوم القضائية في المواد المدنية"، ونصت المادة 13 من القانون رقم 90 الصادر في 19 من يوليه سنة 1944 بتنظيم الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية على أن "تستبعد المحكمة القضية من جدول الجلسة إذا لم تستوف الرسوم المستحقة عليها بعد قيدها"؛ وهذا هو الإجراء الذي يجب اتباعه عند عدم دفع الرسوم القضائية المقررة. وغني عن البيان أن استبعاد القضية من جدول الجلسة غير الحكم بعدم قبولها؛ إذ كل ما يترتب على الإجراء الأول هو عدم تقديمها للجلسة بالمحكمة ما دامت لم تدفع الرسوم ويجوز تقديمها بعد أدائها، فيكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين إلغاؤه، والأمر باستبعاد القضية من جدول الجلسة حتى يتم أداء الرسوم.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وأمرت باستبعاد القضية من جدول الجلسة لحين أداء الرسم المستحق.