مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الثاني (من فبراير سنة 1958 إلى آخر مايو سنة 1958) - صـ 1144

(123)
جلسة 3 من مايو سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

القضية رقم 777 لسنة 3 القضائية

موظف - نقله من وظيفة لأخرى في مثل درجته ومرتبه - استهداف النقل مصلحة عامة اقتضتها ظروف العمل - لا وجه للطعن في هذا القرار.
متى ثبت أن المدعي عين في الدرجة الثامنة على اعتماد مقاومة الأمراض الوبائية المدرج بالميزانية بند أعمال جديدة، وندب للعمل كاتباً في إدارة المخازن والمشتريات، ولما اقتضت ظروف العمل في مصلحة الطب البيطري شغل الوظائف في الاعتماد المخصص لمقاومة الأمراض الوبائية شغلاً فعلياً بمن يقومون بأعباء هذه الوظائف، نقل المدعي وأمثاله إلى اعتماد المساحة القطنية في مثل درجاتهم ومرتباتهم، وهذا النقل ليس من شأنه أن يمس مراكزهم التي كانوا قد اكتسبوها بقرار تعيينهم، سواء من حيث الدرجة أو الراتب، إذ أنهم نقلوا في وضع مماثل وعلى اعتماد مماثل، وقد استهدف النقل تحقيق مصلحة عامة اقتضتها ظروف العمل في المصلحة التي يعمل بها المدعي - متى ثبت ذلك، فإن الدعوى بطلب إلغاء القرار الصادر بنقل المدعي إلى اعتماد المساحة القطنية تكون على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضها.


إجراءات الطعن

في 23 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الزراعة بجلسة 31 من مارس سنة 1957 في الدعوى رقم 504 لسنة 2 ق المرفوعة من إسرائيل فلتاءوس فام ضد وزارة الزراعة، والذي قضى "بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول طلب الإلغاء، والقضاء بقبوله، وإعادة القضية إلى المحكمة الإدارية في هذا الطلب"، وقد أعلن الطعن لوزارة الزراعة في 4 من يونيه سنة 1957، وللخصم في 10 من يونيه سنة 1957، وعين لنظره جلسة 25 من يناير سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة 8 من مارس سنة 1958، ثم مدت أجله لجلسة 29 منه، ثم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
( أ ) عن قبول الدعوى(1):
(ب) عن الموضوع:
ومن حيث إن الدعوى صالحة للفصل فيها.
ومن حيث إن المدعي أقام هذه المنازعة قائلاً إنه عين في 9 من أغسطس سنة 1948 بوظيفة أمين مخازن محطة تربية الحيوان والدواجن بالفيوم بالدرجة الثامنة الكتابية، وذلك بمقتضى الأمر الوزاري رقم 998 الصادر في 5 من أكتوبر سنة 1948 وقررت الوزارة أن يقوم أولاً بالتمرين على أعمال المخازن بالدقي في الفترة من 9 من أغسطس سنة 1948 إلى 15 من ديسمبر 1948، حيث تسلم عمله بالفيوم وظل يقوم به إلى أن انتزعت منه الوزارة وظيفته بإصدارها القرار الوزاري رقم 9789 في 27 من إبريل سنة 1955، الذي تضمن تعيين موظف جديد (عبد الحليم الشهدي) في وظيفته. وتبين له حينئذ أنه في 31 من يوليه سنة 1949 كانت الوزارة قد أصدرت القرار الوزاري رقم 603 بنقله من الوظيفة المعين عليها أصلاً بالدرجة الثامنة الكتابية إلى اعتماد تحديد المساحة القطنية بدون درجة، وقد أدى تصرف الوزارة هذا إلى حرمانه من العلاوات التي كانت مستحقة له في أول مايو سنة 1953 وفي أول مايو سنة 1955؛ ويطلب المدعي (1) منحه الدرجة الثامنة المستحقة لمؤهله الدراسي منذ بدء تعيينه بالوزارة.
(2) منحه العلاوات الدورية التي يستحقها في أول مايو من عامي 1953 و1955.
(3) إلغاء القرار الإداري رقم 603 الصادر بنقله في 31 من يوليه سنة 1949 إلى اعتماد المساحة القطنية. (4) إلغاء القرار الإداري رقم 9789 في 27 من إبريل سنة 1955 بتعيين عبد الحليم الشهدي في وظيفة أمين مخازن محطة الدواجن التي كان يشغلها. (5) أحقيته هو - المدعي - بالتعيين في تلك الوظيفة. وقد ردت وزارة الزراعة على دعوى المدعي بأنه يعمل كاتباً بمصلحة الثقافة الزراعية، ويحمل شهادة الدراسة الثانوية القسم العام سنة 1942، وأنه عين في 9 من أغسطس سنة 1948 بوظيفة كاتب منتدب بإدارة المخازن والمشتريات بماهية قدرها ستة جنيهات ونصف خصماً على اعتماد مقاومة الأمراض الوبائية المدرجة بالميزانية بالباب الثالث (بند 21) من الأعمال الجديدة، مع نقله إلى قسم الطب البيطري في 17 من أكتوبر سنة 1948، وإعفائه من شروط اللياقة الطبية، وخصم بماهيته على اعتماد تحديد المساحة القطنية اعتباراً من أول مارس سنة 1949؛ ومنح علاوة قدرها 50 قرشاً شهرياً من أول مايو سنة 1951 لإبلاغ ماهيته سبعة جنيهات شهرياً، ثم خصم بماهيته على اعتماد الفقر والجهل والمرض (بند 16) ثقافة زراعية من أول يوليه سنة 1953 ونقل إلى مصلحة الثقافة الزراعية واعتبرت المدة التي قضاها من أول يوليه سنة 1953 إلى 22 من مايو سنة 1954 بمثابة مدة ندب بالمخازن بقسم تربية الحيوان والدواجن، فلما أن حل موعد علاوة المدعي في أول مايو سنة 1953 ولم يتيسر منحها له لعدم سماح اعتماد تحديد المساحة القطنية؛ ونظراً لأن هذا الاعتماد قد ألغي من الميزانية اعتباراً من أول يوليه سنة 1953 لنفاذه، فقد طلبت وزارة الزراعة من ديوان الموظفين نقل الكتبة المعينين على اعتماد تحديد المساحة القطنية إلى الدرجات الثامنة المؤقتة المأخوذة ربطها من اعتماد مكافحة الفقر والجهل والمرض. وفي 5 من مايو سنة 1954 وافق الديوان على صرف ماهيات الكتبة المعينين على اعتماد تحديد المساحة القطنية على اعتماد الفقر والجهل والمرض (بند 16) من ميزانية مصلحة الثقافة الزراعية اعتباراً من أول يوليه سنة 1953، واشترط الديوان في كتابه أن يكون نقلهم بحالتهم وماهيتهم الحالية وبمرتب ثابت. وبناء على ذلك صدر قرار الوزارة في 23 من مايو سنة 1954 بنقل أولئك الكتبة إلى اعتماد الفقر والجهل والمرض ومن بينهم المدعي.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق ومن استظهار حالة المدعي من واقع ملف خدمته أن وزير الزراعة أصدر في 5 من أكتوبر سنة 1948 "إذناً بتعيين موظف مؤقت"، جاء فيه أن المدعي يعين كاتباً منتدباً بإدارة المخازن والمشتريات بعقد يبدأ من 18 من سبتمبر سنة 1948 إلى 28 من فبراير سنة 1949 في الدرجة الثامنة (72 – 120 ج) بماهية شهرية قدرها ستة جنيهات ونصف، ونص في إذن التعيين على احتساب ماهية هذا الموظف المؤقت خصماً على اعتماد مقاومة الأمراض الوبائية المدرج بالميزانية بالباب الثالث (بند 21) أعمال جديدة. وجاء في بند الملاحظات بالإذن المذكور أن المدعي ينقل إلى قسم الطب البيطري اعتباراً من 17 من أكتوبر سنة 1948. وظاهر من عبارات قرار التعيين المؤقت لهذا الموظف أن ماهيته تحسب خصماً على اعتماد مقاومة الأمراض الوبائية المدرج بالميزانية، كما تضمن القرار نقله إلى قسم الطب البيطري. فلما أن اقترحت المصلحة البيطرية إخلاء الدرجات الثامنة الكتابية (المدرجة على اعتماد مقاومة الأمراض الوقائية) من المستخدمين الكتابيين المعينين على هذا الاعتماد والملحقين بغير المصلحة البيطرية، أمر وكيل وزارة الثروة الحيوانية في 13 من يونيه سنة 1949 بتعديل تعيين الكتبة المعينين على اعتماد الأمراض الوبائية ويشتغلون بالأقسام الأخرى على اعتماد تحديد المساحة القطنية، حتى يتسنى للقسم البيطري ملء الوظائف اللازمة له. وتحقيقاً لهذا الاتجاه الذي أملته المصلحة العامة وحدها صدر قرار الوزارة رقم 603 في 31 من يوليه سنة 1949 بتعديل الخصم بماهية سبعة كتبة معينين على اعتماد مقاومة الأمراض الوبائية على اعتماد تحديد المساحة القطنية، ومن بينهم المدعي. وقد أخطرت الوزارة القسم الذي كان يتبعه، فقام بالتأشير بذلك في السجلات دون إخطار المدعي بهذا الإجراء.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن المدعي عين في الدرجة الثامنة على اعتماد مقاومة الأمراض الوبائية المدرج بالميزانية بند أعمال جديدة، وندب للعمل كاتباً في إدارة المخازن والمشتريات، فلما اقتضت ظروف العمل في مصلحة الطب البيطري شغل الوظائف في الاعتماد المخصص لمقاومة الأمراض الوبائية شغلاً فعلياً بمن يقومون بأعباء هذه الوظائف، نقل المدعي وأمثاله إلى اعتماد المساحة القطنية في مثل درجاتهم ومرتباتهم، وليس من شأن هذا النقل أن يمس مراكزهم التي كانوا قد اكتسبوها بقرار تعيينهم، سواء من حيث الدرجة أو الراتب. بل نقلوا في وضع مماثل وعلى اعتماد مماثل، وقد استهدف النقل تحقيق مصلحة عامة اقتضتها ظروف العمل في مصلحة الطب البيطري؛ ومن ثم تكون الدعوى على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى، ورفضها موضوعاً، وألزمت المدعي بالمصروفات.


(1) سبق نشر مبادئ مماثلة. راجع على سبيل المثال بندي 87 و89 من هذه المجموعة.