مجلس الدولة المكتب الفني مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الثاني (من فبراير سنة 1958 إلى آخر مايو 1958) - صـ 1198

(129)
جلسة 10 من مايو سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

القضية رقم 970 لسنة 3 القضائية

حكم - بياناته - النقص أو الخطأ في بيانات الخصوم المبطل للحكم - وجوب أن يكون جسيماً، أي من شأنه التجهيل بهم - ذكر اسم أحد المدعين في الحكم والإشارة إلى الباقين بعبارة "وآخرين" - الإشارة إلى رقم الدعوى في الحكم - إمكان معرفة هؤلاء الآخرين بالرجوع إلى عريضة الدعوى - لا بطلان في الحكم.
لئن كان قرار اللجنة القضائية بمثابة حكم قضائي، فيجب اشتماله على البيانات الواجب اشتمال الأحكام عليها بما في ذلك أسماء الخصوم وصفاتهم، إلا أن النقص أو الخطأ في ذلك يجب - لكي يبطل الحكم طبقاً للمادة 349 مرافعات - أن يكون جسيماً، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان من شأنه تجهيل الخصوم وعدم إمكان تعيينهم، حرصاً من المشرع على الإبقاء على العمل القضائي وعدم إبطاله إلا للضرورة الملجئة، وهي لا تقوم إلا إذا كان النقص جسيماً لا يمكن تداركه. فإذا ثبت أن قرار اللجنة القضائية وإن لم ينص في ديباجته بالذات على اسم المتظلم، إلا أنه يحمل في الوقت ذاته البيان بأنه صدر في تظلم معين قيد برقم معين باسم شخص معين وآخرين، ومن الممكن بهذا البيان تعيين هؤلاء الآخرين الذين يعنيهم الحكم ويشملهم. وذلك بالرجوع إلى عريضة التظلم ذاتها، وهي تتضمن اسم المتظلم من بين الذين قدموه، فليس ثمة - والحالة هذه - نقص جسيم من شأنه أن يبطل قرار اللجنة.


إجراءات الطعن

في 31 من أغسطس سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "أ") بجلسة أول يوليه في الدعوى رقم 14350 سنة 8 ق، والقاضي "بعدم قبول الطعن، وألزمت الحكومة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وقرار اللجنة القضائية، والقضاء بقبول الدعوى شكلاً، وبتسوية حالة المدعى عليه طبقاً لأحكام قانون المعادلات الدراسية، مع إلزام الحكومة بالمصروفات". وأعلنت الحكومة بالطعن في 7 من سبتمبر سنة 1957، والمدعي في 8 من سبتمبر سنة 1957، وعين لنظر الطعن جلسة 15 من مارس سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه وقد صدر في أول يوليه سنة 1957، فإن ميعاد الستين يوماً المقرر للطعن فيه أمام هذه المحكمة ينتهي في 30 من أغسطس سنة 1957، إلا أنه يوافق يوم جمعة، فيمتد الميعاد إلى اليوم التالي، وهو اليوم الذي حصل فيه التقرير بالطعن.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يستفاد من الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد قدم تظلماً إلى اللجنة القضائية هو وآخرون، جاء فيه أنهم حاصلون على شهادة المدارس الصناعية، وقد عينوا بماهية شهرية قدرها 6 ج على اعتماد التعداد من تاريخ التحاق كل منهم بالخدمة في الدرجة الثامنة، وطلبوا تقرير استحقاقهم في تقاضي الفروق بين المرتب الذي كانوا يتقاضونه وبين الماهية المقررة لمؤهلهم طبقاً لقواعد الإنصاف ومقدارها 500 م و 8 ج، وكان التظلم مقيداً باسم السيد عدلي عياد وآخرين. وقد عقبت الوزارة على التظلم بقولها إن المتظلمين جميعهم عينوا بعد 9/ 12/ 1944 على اعتماد، ولا يمكن تجاوزه، وكان تعيين كل منهم في وظيفة عامل فني بماهية قدرها 6 ج، ثم منحوا الدرجة الثامنة الفنية على أساس الخبرة بماهية قدرها 500 م و 8 ج، وهو التقدير المالي المقرر لمؤهل كل منهم، ولكنهم وقد عينوا بعد 9/ 12/ 1944 فإنهم لا يفيدون من قواعد الإنصاف.
وفي 16/ 7/ 1952 قررت اللجنة القضائية استحقاق كل من المتظلمين في تسوية حالته طبقاً لقواعد الإنصاف، على أساس أن هذه القواعد جاءت عامة مطلقة وليست مقيدة بحد زمني. وبصحيفة مودعة في 20 من سبتمبر سنة 1953 طعنت الوزارة في قرار اللجنة القضائية، وطلبت الحكم بإلغائه وبتسوية حالة المدعى عليهم بالتطبيق لقانون المعادلات الدراسية. وقد دفع المدعى عليه بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد؛ وذلك لأن القرار المطعون فيه قد أبلغ لمصلحة الإحصاء والتعداد في 16 من ديسمبر سنة 1953، ولم تودع صحيفة الطعن إلا في 20 من سبتمبر سنة 1954. ولما كان القرار يستند في قضائه إلى قواعد الإنصاف فإن الطعن يكون قد رفع بعد الميعاد. وفي أول يوليه سنة 1957 حكمت المحكمة "بعدم قبول الطعن، وألزمت الحكومة المصروفات" وقد أقامت قضاءها على أساس أن عدلي عياد وآخرين - من بينهم المدعي - قدموا تظلمهم إلى اللجنة القضائية طالبين تقرير تسوية حالتهم طبقاً لقواعد الإنصاف، إلا أن التظلم قيد باسم "عدلي عياد وآخرين" دون بيان أسماء باقي المتظلمين، وعلى هذا الوضع صدر القرار المطعون فيه، فلم يرد بوقائعه أو بأسبابه أي بيان عن هؤلاء المتظلمين، وأبلغ القرار إلى المصلحة على هذه الصورة أيضاً. واستطردت المحكمة فاستعرضت أحكام القانون رقم 160 لسنة 1952 على التفصيل الوارد بأسباب حكمها، كما أشارت إلى قواعد قانون المرافعات بشأن الأحكام، وخلصت إلى أن قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، إذ أغفل ذكر اسم المتظلم سواء ديباجته أو وقائعه أو أسبابه، فإنه يكون قراراً معدوماً بالنسبة له بسبب هذا التجهيل فلا ينتج أثراً، ولا يؤدي طعن الوزارة فيه إلى تصحيح هذا العيب وزوال بطلانه؛ ومن ثم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن. وقد طعن السيد رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم، وبنى طعنه على أن الحكم المطعون فيه، إذ قضى بأن قرار اللجنة القضائية يعتبر معدوماً لأن اسم المدعى عليه لم يرد في ديباجته أو وقائعه أو أسبابه، لم يصب فيما ذهب إليه؛ ذلك لأن القرار وقد تضمن رقم التظلم فهو على هذه الصورة يحيل في معرفة أسماء المتظلمين إلى عريضة التظلم، ولا يكون ثمة قصور قد شاب قرار اللجنة القضائية من شأنه أن يؤدي إلى بطلانه؛ وأنه لما كان ميعاد الستين يوماً المقرر للطعن في قرارات اللجان القضائية لا يبدأ سريانه إلا من تاريخ إعلان وكيل الوزارة المختص بالقرار، فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد يكون غير صائب؛ إذ لم يثبت من الأوراق أن وكيل الوزارة المختص قد أعلن بالقرار المطعون فيه؛ وأنه وإذ كان المدعي لم يلتحق بالخدمة إلا بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 فإنه لا يفيد من قواعد الإنصاف، ولكنه يفيد من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 مفسراً بالقانون رقم 151 لسنة 1955 والقانون رقم 78 لسنة 1956، حيث قامت به شروطه. وانتهى الطعن إلى طلب الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بقبول الدعوى شكلاً، وبتسوية حالة المدعي بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات الدراسية، مع إلزام الحكومة المصروفات.
( أ ) عن قبول الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري:
ومن حيث إن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من بطلان قرار اللجنة القضائية بالنسبة لمن لم يذكر اسمه بالذات على وجه التنصيص فيه - إن هذا الذي ذهب إليه الحكم غير صائب؛ لأنه ولئن كان قرار اللجنة القضائية بمثابة حكم قضائي فيجب اشتماله على البيانات الواجب اشتمال الأحكام عليها بما في ذلك أسماء الخصوم وصفاتهم، إلا أن النقص أو الخطأ في ذلك يجب - لكي يبطل الحكم طبقاً للمادة 349 مرافعات - أن يكون جسيماً، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان من شأنه تجهيل الخصوم وعدم إمكان تعيينهم، حرصاً من المشرع على الإبقاء على العمل القضائي وعدم إبطاله إلا للضرورة الملجئة، وهي لا تقوم إلا إذا كان النقص جسيماً لا يمكن تداركه، ولكن قرار اللجنة القضائية في خصوصية النزاع، وإن لم ينص في ديباجته بالذات على اسم المتظلم، إلا أنه يحمل في الوقت ذاته البيان بأنه صدر في تظلم معين قيد برقم معين باسم عدلي عياد وآخرين، ومن الممكن بهذا البيان تعيين هؤلاء "الآخرين" الذين يعنيهم الحكم ويشملهم، وذلك بالرجوع إلى عريضة التظلم ذاتها، وهي تتضمن اسم المتظلم من بين الذين قدموه، فليس ثمة - والحالة هذه - نقص جسيم من شأنه أن يبطل قرار اللجنة.
ومن حيث إن ميعاد الستين يوماً المقرر للطعن في قرارات اللجان القضائية لا يبدأ بالسريان - حسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - إلا من تاريخ إعلانه إلى وكيل الوزارة المختص، كما يؤخذ من التنظيم الخاص الذي قرره قانون اللجان القضائية، ولم يثبت حصول هذا الإعلان إليه، فيظل الميعاد - والحالة هذه - مفتوحاً، ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى في غير محله متعيناً رفضه.
(ب) عن الموضوع:
ومن حيث إن اللجنة القضائية قضت بتطبيق قواعد الإنصاف في حق المدعي رغم تعيينه بعد 9 من ديسمبر سنة 1944، بمقولة إن هذه القواعد لا يحدها قيد زمني، وهذا الذي ذهبت إليه اللجنة يخالف القانون، حسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من عدم سريان هذه القواعد على من عين من الموظفين بعد التاريخ المذكور؛ إذ أن حالة هؤلاء قد عولجت بإصدار القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية والقوانين المفسرة والمعدلة له، وهو ما طبق في حق المدعي فعلاً؛ ومن ثم فإنه يتعين الحكم برفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى، وبرفضها موضوعاً، وألزمت المدعي بالمصروفات.