مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الثالث (من أول يونيه إلى آخر سبتمبر سنة 1958) - صـ 1362

(144)
جلسة 7 من يونيه سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

القضية رقم 63 لسنة 4 القضائية

( أ ) معادلات دراسية - القانون رقم 371 لسنة 1953 في شأنها - عدم تسويته بين شهادة الكفاءة وشهادة الثقافة - النص في شأن تسعير دبلوم التلغراف على حملة الثقافة أو ما يعادلها - لا يفيد حامل الكفاءة.
(ب) معادلات دراسية - قرار وزير المالية رقم 124 في 5/ 8/ 1953 - تقريره اعتبار شهادة الكفاءة معادلة لشهادة الثقافة في تقدير دبلوم التلغراف - خروجه على أحكام قانون المعادلات - امتناع الاحتجاج به.
(ج) معادلات دراسية - عدم التسوية بين الكفاءة والثقافة في قانون المعادلات - لا أثر للمرسومين الصادرين في 20/ 11/ 1952 و6/ 8/ 1953 تنفيذاً لقانون التوظف في تعديل أحكام قانون المعادلات - اختلاف مجال التطبيق لكل.
(د) معادلات دراسية - تسعير دبلوم التلغراف الوارد بالبند 51 من الجدول الملحق بقانون المعادلات - شرط الاستفادة فيه كون حامل الدبلوم مشتغلاً في وظائف التلغراف عند تطبيق قانون المعادلات - لا وجه لقصر هذا الحكم على حملة البكالوريا أو ما يعادلها دون حملة الثقافة أو ما يعادلها.
1 - يبين من الاطلاع على الجدول الملحق بالقانون رقم 371 لسنة 1953 أنه عادل التوجيهية بالبكالوريا في البندين 38 و39 من الملحق المذكور، ثم أورد الثقافة في البند 40، وقدر لهذا المؤهل 500 م و7 ج في الثامنة ويرقى حامله للسابعة بعد ست سنوات، ثم أورد شهادة الكفاءة (الثانوية قسم أول) في البند 42، وقدر لحامله 500 م و6 ج في الثامنة تزاد إلى 500 م و7 ج بعد سنتين. ومن هذا يبين أن قانون المعادلات لم يسو بين شهادة الثقافة وشهادة الكفاءة. فإذا جاء البند 51 من ملحق قانون المعادلات ونص في شأن دبلوم التلغراف على حملة الثقافة أو ما يعادلها، فلا تعتبر شهادة الكفاءة معادلة لشهادة الثقافة في مفهوم هذا القانون؛ ومن ثم فلا يفيد حامل الكفاءة من هذا التسعير لدبلوم التلغراف بالتطبيق للبند 51 سالف الذكر.
2 - إن القرار رقم 124 لسنة 1953 الصادر من وزير المالية في 5 من أغسطس سنة 1953 والمنشور بالوقائع المصرية في العدد 74 الصادر في 14 من سبتمبر سنة 1953 والذي ينص على أن "تعتبر شهادة الدراسة الثانوية قسم أول (الكفاءة) معادلة لشهادة الثقافة من حيث تقدير دبلوم التلغراف، ويسري على حملة دبلوم التلغراف مسبوقاً بالكفاءة ما يسري على الحاصلين على الثقافة" - إن هذا القرار فيه خروج على أحكام قانون المعادلات، فلا يصح أن يصدر تنفيذاً لهذا القانون بحكم المادة العاشرة منه، والتي تنص على أن لوزير المالية والاقتصاد أن يصدر ما يقتضيه للعمل به من قرارات ولوائح تنفيذية. فالوزير لا يملك إصدار قرار بالتطبيق لقانون المعادلات ولكن على خلاف أحكامه؛ ومن ثم فلا يجوز الاحتجاج بهذا المرسوم على واقعة الدعوى.
3 - إن شهادة الكفاءة قد حدد لها قانون المعادلات الدراسية وضعاً أدنى من الثقافة، فإذا نص في البند 51 الخاص بدبلوم التلغراف على حملة الثقافة أو ما يعادلها خرجت شهادة الكفاءة من هذا التعادل، بما لا يجعل للمرسومين الصادرين في 20 من نوفمبر سنة 1952 و6 من أغسطس سنة 1953 - تنفيذاً لقانون التوظف في خصوص المؤهلات اللازمة للصلاحية في الترشيح للتعيين في الوظائف - أثراً في تعديل أحكام قانون المعادلات، فلكل من قانون المعادلات وقانون التوظف والقرارات المنفذة له مجاله الخاص في التطبيق. فمجال تطبيق المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 إنما هو تحديد المؤهلات للصلاحية للتعيين في وظائف الدرجات المشار إليها فيه، وذلك بالتطبيق لأحكام قانون نظام موظفي الدولة، على خلاف قانون المعادلات الذي صدر لمعالجة حالات حددها استثناءً من قانون التوظف، يؤكد ذلك أن هذا المرسوم قد نص في مادته الخامسة على أن "تعتمد الشهادات والمؤهلات الآتي ذكرها فيما يلي لصلاحية أصحابها في التقدم للترشيح في وظائف الدرجة الثامنة الفنية بالكادر الفني المتوسط والثامنة الكتابية بالكادر الكتابي. ونص في البند (7) على البكالوريا وفي البند (8) على التوجيهية وفي البند (9) على الثقافة وفي البند (11) على الكفاءة، وواضح أن هذه الشهادات لا تعادل بينها، وإنما كلها تجعل حاملها صالحاً للترشيح في وظائف الدرجة الثامنة الفنية والكتابية. وما يقال عن هذا المرسوم يقال في المرسوم الآخر الصادر في 20 من نوفمبر سنة 1952 بتعيين الشهادات المعادلة لشهادة الدراسة الثانوية وشهادة الدراسة الابتدائية للتعيين في الوظائف الكتابية؛ حيث نص في مادته الأولى على أن "تعتبر الشهادات المبينة في البند الأول من الجدول المرافق معادلة لشهادة الدراسة الثانوية والشهادات المبينة في البند الثاني معادلة للشهادة الابتدائية"، ثم أورد في البند الأول شهادة الثانوية قسم خاص وشهادة الثانوية قسم أول (كفاءة قديم) وشهادة الثانوية قسم ثانِ. وظاهر من كل ما تقدم أن مجال تطبيق هذا المرسوم هو غير مجال تطبيق قانون المعادلات على ما سبق بيانه. يؤكد هذا النظر أن المرسوم المشار إليه إنما صدر تنفيذاً للمادة 11 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والتي تنص على المؤهلات العلمية التي يجب أن يكون المرشح حاصلاً عليها للتعيين في وظائف الكادر الفني العالي والإداري والكادر الفني المتوسط والكتابي، وقد ورد في البند الثالث من هذه المادة ما يأتي "شهادة الدراسة الثانوية أو ما يعادلها إذا كان التعيين في وظيفة كتابية أو شهادة الدراسة الابتدائية أو ما يعادلها إذا كان التعيين في وظيفة من الدرجة التاسعة، ثم نص في البند الأخير على أن "تعين هذه المعادلات بقرار من ديوان الموظفين بالاتفاق مع وزارة المعارف العمومية"، وبالرجوع إلى جدول الشهادات المعادلة لها وهي الدراسة الثانوية يتضح أنه أورد شهادة الدراسة الثانوية قسم خاص وقسم أول (كفاءة قديم) وقسم ثانِ وهي غير متعادلة بداهة، وإنما تعتبر معادلة في خصوص الترشيح للتعيين في الوظائف الكتابية بصفة عامة عدا الدرجة التاسعة.
4 - يبين من مطالعة البند 51 من الجدول الملحق بالقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية أنه قد نص على أن "حامل دبلوم التلغراف يعين في السابعة الفنية بماهية 10 ج ابتداءً للحاصلين على البكالوريا أو ما يعادلها والموظفين في وظائف خريجي هذه المدرسة، أما حملة الثقافة أو ما يعادلها فيمنحون السابعة بعد سنة بماهية 10 ج"، فهذا النص إذ يستلزم للحاصل على البكالوريا أو ما يعادلها أن يكون في وظائف خريجي مدرسة التلغراف قد يتصور أنه قصد إلى أن يعفى من الاشتغال في هذه الوظائف من كان حاصلاً على الثقافة أو ما يعادلها، فيجعل للمؤهل الأدنى ميزة على المؤهل الأعلى، ويفقد النص على دبلوم التلغراف، وهو دبلوم فني معين، حكمته وماهية وجوده، وذلك لمجرد عدم تكرار عبارة الموظفين في وظائف خريجي هذه المدرسة عند ذكر حملة الثقافة، مع أن التعبير بكلمة (وأما) يفيد حصول التعديل في المرتب فحسب دون الشرط الجوهري الآخر والذي من أجله خلق هذا التسعير وهو العمل في وظائف مدرسة التلغراف. فإذا كان الثابت أن المدعي حاصل على شهادة الكفاءة، ولم يكن مشتغلاً في وظائف التلغراف عند تطبيق قانون المعادلات، بل كان يشغل وظيفة كتابية؛ فإنه بهذه المثابة لا يفيد من البند 51 من القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية.<


إجراءات الطعن

في 28 من ديسمبر سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من (الهيئة الرابعة "ب") بمحكمة القضاء الإداري بجلسة 28 من أكتوبر سنة 1957 في القضية رقم 579 لسنة 2 ق المرفوعة من وزارة المواصلات ضد السيد/ رمزي بولس حنا، والقاضي "بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، مع إلزام المستأنف ضده المصروفات". وقد طعن السيد رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم، طالباً - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بتأييد الحكم المستأنف، مع إلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 7 من يناير سنة 1958، وإلى الخصم في 22 منه، وعين لنظر الطعن جلسة أول مارس سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ملاحظات، ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة 19 من إبريل سنة 1958، وأجلت الجلسة إدارياً لجلسة 3 من مايو سنة 1958، ومنها إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المطعون لصالحه أقام دعواه أصلاً أمام المحكمة الإدارية، وقال إنه قد حصل على شهادة الدراسة الثانوية قسم أول "الكفاءة"، كما حصل على دبلوم مدرسة الحركة والتلغراف، والتحق بخدمة المصلحة في وظيفة معاون محطة في مايو سنة 1925، ثم أصيب بمرض خلال عام 1933 انتهى بالتقرير بعدم لياقته صحياً لأداء أعمال وظيفته، فنقل إلى عمل كتابي من ذلك التاريخ، ثم منح الدرجة السابعة في 1/ 7/ 1943، والدرجة السادسة الشخصية في 7/ 3/ 1953، فلما صدر القانون رقم 371 لسنة 1953 لم تسو المصلحة حالته طبقاً لأحكامه؛ ومن ثم أقام دعواه أمام المحكمة الإدارية طالباً تسوية حالته بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات الدراسية بمنحه الدرجة السابعة بعد انقضاء سنة على التحاقه بخدمة المصلحة، وتعديل أقدميته في الدرجة السادسة إلى 1/ 7/ 1943 عملاً بقرار مجلس الوزراء الصادر بإنصاف المنسيين، ومنحه الدرجة الخامسة اعتباراً من 7/ 3/ 1953 عملاً بحكم المادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951، مع تدرج علاواته حسب القواعد المقررة لكل درجة وفي ظل كل كادر، مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد ردت الحكومة على الدعوى بقولها إن الحاصلين على دبلوم التلغراف يشترط لإفادتهم من قانون المعادلات أن يكونوا من الموظفين في وظائف خريجي مدرسة الحركة والتلغراف عند نفاذ القانون، وهو الشرط الذي لم يتوفر في المدعي؛ ومن ثم فقد سويت حالته على أساس المؤهل السابق على الدبلوم باعتباره موظفاً كتابياً. ثم قضت المحكمة الإدارية بأحقية المدعي في تسوية حالته بمنحه الدرجة السابعة الشخصية بعد سنة من تاريخ تعيينه بالمصلحة، أي اعتباراً من 5/ 5/ 1926، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع عدم صرف الفروق المالية المترتبة على هذه التسوية إلا اعتباراً من 22/ 7/ 1952، وذلك بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 سنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية، ورفض ما عدا ذلك من طلبات. وقد أقامت المحكمة الإدارية قضاءها هذا على أساس أن المستفاد من نص البند 51 من الجدول الملحق بقانون المعادلات أن المشرع لم يشترط العمل بإحدى وظائف خريجي مدرسة الحركة والتلغراف إلا بالنسبة إلى الحاصلين على شهادة البكالوريا قبل حصولهم على الدبلوم؛ إذ تسوى حالة هؤلاء بمنحهم الدرجة السابعة من تاريخ التحاقهم بالخدمة. أما بالنسبة لحاملي شهادة الثقافة أو ما يعادلها قبل حصولهم على دبلوم التلغراف، فهؤلاء لا يشترط لإفادتهم من أحكام المعادلات أن يكونوا شاغلين لوظائف خريجي المدرسة، وإنما يمنحون الدرجة السابعة بعد سنة من التحاقهم بالخدمة. هذا فضلاً عن أن العبرة بالحالة التي كان عليها الموظف عند تعيينه عند تطبيق قانون المعادلات الدراسية. وإذ كان المدعي يشغل وظيفة معاون محطة عند التحاقه بالخدمة وقبل تاريخ العمل بالقانون، فإنه يفيد من أحكامه. وقد انتهت المحكمة الإدارية فيما عدا ذلك إلى عدم أحقية المدعي في الإفادة من قواعد إنصاف المنسيين للأسباب المبينة في الحكم وبصحيفة مودعة يوم 4 من يناير سنة 1955 أقامت الوزارة دعواها أمام محكمة القضاء الإداري طالبة الحكم بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وإلزام المستأنف ضده المصروفات. وشرحت الوزارة دفاعها بقولها إن الحكم المستأنف قد خالف القانون حين ذهب في تفسير البند 51 من الجدول الملحق بالقانون رقم 371 سنة 1953 هذا المذهب الذي أقام عليه قضاءه؛ إذ من شأن هذا التفسير التفريق بين حملة دبلوم التلغراف لمجرد اختلاف المؤهل السابق للدبلوم، على حين أن المفهوم الصحيح لنص هذا البند هو أن يكون الحاصلون على شهادة الثقافة أو ما يعادلها يشغلون وظائف خريجي مدرسة التلغراف شأنهم في ذلك شأن الحاصلين على البكالوريا، وأن تكون هذه الحالة قائمة عند العمل بالقانون رقم 371 لسنة 1953 حتى يمكن الإفادة من أحكامه. وقد حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، ورفض الدعوى، مع إلزام المستأنف ضده المصروفات. وقد أقامت المحكمة قضاءها هذا على أساس أن الحكم المستأنف قد أخطأ في تطبيق القانون حين اعتبر شهادة الكفاءة معادلة لشهادة الثقافة استناداً إلى المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953؛ ذلك لأن هذا المرسوم إنما صدر لتعيين المؤهلات العلمية التي يعتمد عليها للتعيين في الدرجات التاسعة والثامنة والسابعة؛ ومن ثم فلا ينبغي الخروج بمفهوم هذا المرسوم عن هذا النطاق. هذا إلى أن القرار الصادر من وزير المالية رقم 124 لسنة 1953 - باعتبار شهادة الكفاءة معادلة لشهادة الثقافة من حيث تقدير دبلوم التلغراف - قرار مخالف لقانون المعادلات الذي لم يسو في التقدير بين شهادة الثقافة وشهادة الكفاءة؛ إذ سعر الثانية براتب أدنى من راتب الأولى؛ وعلى هذا المقتضى يكون قرار وزير المالية إذ سوى بين المؤهلين قد عدل قاعدة في القانون لا يمكن تعديلها إلا بقانون مثله. وقد طعن السيد رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم مؤسساً طعنه على أن "المادة العاشرة من القانون رقم 371 سنة 1953 نصت على أن لوزير المالية والاقتصاد أن يصدر ما يقتضيه العمل بهذا القانون من قرارات ولوائح تنفيذية. وعلى مقتضى هذا التفويض أصدر الوزير القرار رقم 124 سنة 1953 باعتبار شهادة الكفاءة معادلة لشهادة الثقافة من حيث تقدير دبلوم مدرسة الحركة والتلغراف؛ ذلك أن البند 51 من الجدول المرافق للقانون قد نص على تقدير دبلوم التلغراف بالدرجة السابعة الفنية ابتداءً للحاصلين على البكالوريا أو ما يعادلها والموظفين في وظائف هذه المدرسة، أما حملة الثقافة أو ما يعادلها فيمنحون السابعة بعد سنة بماهية 10 ج؛ وإذن فإن تقرير المعادلة بين إحدى هاتين الشهادتين وأي مؤهل علمي يدخل في نطاق ما يقتضيه العمل بالقانون من قرارات، وبالتالي فإن قرار وزير المالية السالف الذكر قد صدر ممن يملكه قانوناً في حدود التفويض التشريعي الذي رتبه له المشرع. وبالبناء على ما تقدم، يكون القول بأن هذا القرار قد أهدر التفرقة بين الثقافة والكفاءة من حيث التقدير قولاً غير صائب؛ ذلك أن هذا القرار لم يعدل تسعير أي المؤهلين ولم يسو بينهما، وإنما قرر التعادل بينهما عند تقويم دبلوم التلغراف، وهذه صورة أخرى لم يعرض لها قانون المعادلات، حتى يعد قرار الوزير مخالفاً له. فإذا كان الأمر كذلك، وصح ما ذهب إليه الحكم المستأنف من أن نص البند 51 من الجدول لا يشترط لتسوية حالة من يحمل دبلوم التلغراف مسبوقاً بالثقافة أو ما يعادلها أن يكون شاغلاً وظيفة من وظائف مدرسة الحركة والتلغراف بصفة عامة، أو أن يكون شاغلاً لهذه الوظيفة عند نفاذ قانون المعادلات بصفة خاصة، كان ذلك الحكم على وفق القانون؛ وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وتعين الطعن فيه". وانتهى إلى طلب الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بتأييد الحكم المستأنف، مع إلزام الحكومة المصروفات".
ومن حيث إنه يبين من المساق المتقدم أن مثار النزاع في هذا الطعن هو أولاً ما إذا كان القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية قد اعتبر شهادة الكفاءة معادلة لشهادة الثقافة، ومدى تأثير المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 وقرار وزير المالية رقم 124 لسنة 1953 في هذا الاعتبار. وثانياً ما إذا كان النص الوارد في البند 51 من الجدول الملحق بالقانون المذكور يحتم اشتغال حملة البكالوريا أو ما يعادلها في وظائف خريجي هذه المدرسة حتى يفيدوا منه أم أنه لا يحتم ذلك.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الجدول الملحق بالقانون رقم 371 لسنة 1953 أنه عادل التوجيهية بالبكالوريا في البندين 38 و39 من الملحق المذكور، ثم أورد الثقافة في البند 40، وقدر لهذا المؤهل 500 م و7 ج في الثامنة، ويرقى حامله للسابعة بعد ست سنوات، ثم أورد شهادة الكفاءة (الثانوية قسم أول) في البند 42، وقدر لحامله 500 م و6 ج في الثامنة تزاد إلى 500 م و7 ج بعد سنتين. ومن هذا يبين أن قانون المعادلات لم يسو بين شهادة الثقافة وشهادة الكفاءة. فإذا جاء البند 51 من ملحق قانون المعادلات ونص في شأن دبلوم التلغراف على حملة الثقافة أو ما يعادلها، فلا تعتبر شهادة الكفاءة معادلة لشهادة الثقافة في مفهوم هذا القانون؛ ومن ثم فلا يفيد حامل الكفاءة من هذا التسعير لدبلوم التلغراف بالتطبيق للبند 51 سالف الذكر.
ومن حيث إنه لا يغير من الأمر شيئاً ما نص عليه المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 بتعيين المؤهلات العلمية التي يعتمد عليها للتعيين في وظائف الدرجات التاسعة والثامنة والسابعة في الكادرين الفني المتوسط والكتابي، والمؤهلات التي يعتمد عليها للتعيين في وظائف الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي والإداري، وبتحديد معادلات شهادتي الدراسة الثانوية قسم ثانِ والتجارة المتوسطة، ومعادلات الشهادة الابتدائية بالتطبيق لحكم المادة 135 فقرة رابعة وخامسة من قانون نظام موظفي الدولة؛ ذلك أن مجال تطبيق هذا القانون إنما هو لتحديد المؤهلات للصلاحية في التعيين في وظائف الدرجات المشار إليها فيه، وذلك بالتطبيق لأحكام قانون نظام موظفي الدولة، على خلاف قانون المعادلات الذي صدر لمعالجة حالات حددها استثناءً من قانون التوظف. يؤكد ذلك أن هذا المرسوم قد نص في مادته الخامسة على أن "تعتمد الشهادات والمؤهلات الآتي بذكرها فيما يلي لصلاحية أصحابها في التقدم للترشيح في وظائف الدرجة الثامنة الفنية بالكادر الفني المتوسط والثامنة الكتابية بالكادر الكتابي" ونص في البند 7 على البكالوريا وفي البند 8 على التوجيهية وفي البند 9 على الثقافة وفي البند 11 على الكفاءة. وواضح أن هذه الشهادات لا تعادل بينها، وإنما كلها تجعل حاملها صالحاً للترشيح في وظائف الدرجة الثامنة الفنية والكتابية. وما يقال عن هذا المرسوم يقال في المرسوم الآخر الصادر في 20 من نوفمبر سنة 1952 بتعيين الشهادات المعادلة لشهادة الدراسة الثانوية وشهادة الدراسة الابتدائية للتعيين في الوظائف الكتابية؛ حيث نص في مادته الأولى على أن "تعتبر الشهادات المبينة في البند الأول من الجدول المرافق معادلة لشهادة الدراسة الثانوية، والشهادات المبينة في البند الثاني معادلة للشهادة الابتدائية"، ثم أورد في البند الأول شهادة الثانوية قسم خاص، وشهادة الدراسة الثانوية قسم أول (كفاءة قديم)، وشهادة الدراسة الثانوية قسم ثانِ. وظاهر من كل ما تقدم أن مجال تطبيق هذا المرسوم هو غير مجال تطبيق قانون المعالات على ما سبق بيانه؛ يؤكد هذا النظر أن المرسوم المشار إليه إنما صدر تنفيذاً للمادة 11 من القانون رقم 210 لسنة 1951، والتي تنص على المؤهلات العلمية التي يجب أن يكون المرشح حاصلاً عليها للتعيين في وظائف الكادر الفني العالي والإداري والكادر الفني المتوسط والكتابي. وقد ورد في البند الثالث من هذه المادة ما يأتي: شهادة الدراسة الثانوية أو ما يعادلها إذا كان التعيين في وظيفة كتابية أو شهادة الدراسة الابتدائية أو ما يعادلها إذا كان التعيين في وظيفة من الدرجة التاسعة، ثم نص في البند الأخير على أن "تعين هذه المعادلات بقرار من ديوان الموظفين بالاتفاق مع وزارة المعارف العمومية". وبالرجوع إلى جدول الشهادات المعادلة لها وهي الدراسة الثانوية يتضح أنه أورد شهادة الدراسة الثانوية قسم خاص وقسم أول (كفاية قديم) وقسم ثانِ، وهي غير متعادلة بداهة، وإنما تعتبر معادلة في خصوص الترشيح للتعيين في الوظائف الكتابية بصفة عامة عدا الدرجة التاسعة.
ومن حيث إن الاستناد كذلك إلى القرار رقم 124 لسنة 1953 الصادر من وزير المالية في 5 من أغسطس سنة 1953 (والمنشور بالوقائع المصرية في العدد 74 الصادر في 14 من سبتمبر سنة 1953) - إن الاستناد إلى هذا القرار لا يجدي؛ ذلك أنه نص على أن "تعتبر شهادة الدراسة الثانوية قسم أول (الكفاءة) معادلة لشهادة الثقافية من حيث تقدير دبلوم التلغراف، ويسري على حملة دبلوم التلغراف مسبوقاً بالكفاءة ما يسري على الحاصلين على الثقافة". وظاهر أن هذا النص فيه خروج على أحكام قانون المعادلات، فلا يصح أن يصدر تنفيذاً لهذا القانون بحكم المادة العاشرة منه والتي تنص على أن لوزير المالية والاقتصاد أن يصدر ما يقتضيه العمل به من قرارات ولوائح تنفيذية؛ فالوزير لا يملك إصدار قرار بالتطبيق لقانون المعادلات ولكن على خلاف أحكامه؛ ومن ثم فلا يجوز الاحتجاج بهذا المرسوم على واقعة الدعوى.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن شهادة الكفاءة وقد حدد لها قانون المعادلات الدراسية وضعاً أدنى من الثقافة، فإذا نص في البند 51 الخاص بدبلوم التلغراف على حملة الثقافة أو ما يعادلها خرجت شهادة الكفاءة من هذا التعادل، بما لا يجعل للمرسومين الصادرين في 20 من نوفمبر سنة 1952 و6 من أغسطس سنة 1953 تنفيذاً لقانون التوظف في خصوص المؤهلات اللازمة للصلاحية في الترشيح للتعيين في الوظائف، بما لا يجعل لهذين المرسومين أثراً في تعديل أحكام قانون المعادلات؛ فلكل من قانون المعادلات وقانون التوظف والقرارات المنفذة له مجاله الخاص في التطبيق على ما سبق إيضاحه؛ ومن ثم يكون القرار الوزاري رقم 124 لسنة 1953 الصادر من وزير المالية في 5 من أغسطس سنة 1953 مخالفاً لأحكام قانون المعادلات، فلا يجوز الاحتجاج به فيما يتنافر مع نصوص القانون المذكور.
ومن حيث إنه وقد بان أن مؤهل المدعي (شهادة الكفاءة) لا يفيده للحصول على الدرجة السابعة بعد سنة بماهية 10 ج على ما سبق ذكره، فإنه من ناحية أخرى يبين من مطالعة البند 51 من الجدول الملحق بالقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية أنه قد نص على أن "حامل دبلوم التلغراف يعين في السابعة الفنية بماهية 10 ج ابتداءً للحاصلين على البكالوريا أو ما يعادلها والموظفين في وظائف خريجي هذه المدرسة، أما حملة الثقافة أو ما يعادلها فيمنحون السابعة بعد سنة بماهية 10 ج. فهذا النص - إذ يستلزم للحاصل على البكالوريا أو ما يعادلها أن يكون في وظائف خريجي مدرسة التلغراف - قد يتصور أنه قصد إلى أن يعفى من الاشتغال في هذه الوظائف من كان حاصلاً على الثقافة أو ما يعادلها، فيجعل للمؤهل الأدنى ميزة على المؤهل الأعلى، ويفقد النص على دبلوم التلغراف، وهو دبلوم فني معين، حكمته وماهية وجوده، وذلك لمجرد عدم تكرار عبارة "والموظفين في وظائف خريجي هذه المدرسة" عند ذكر حملة الثقافة، مع أن التعبير بكلمة (وأما) يفيد حصول التعديل في المرتب فحسب دون الشرط الجوهري الآخر، والذي من أجله خلق هذا التسعير وهو العمل في وظائف مدرسة التلغراف.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإن المدعي، وهو حاصل على شهادة الكفاءة، ولم يكن مشتغلاً في وظائف التلغراف عند تطبيق قانون المعادلات، بل كان يشغل وظيفة كتابية - إن المدعي بهذه المثابة لا يفيد من البند 51 من القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية، وإذ صدر الحكم المطعون فيه قاضياً بذلك يكون على أساس سليم من القانون؛ ومن ثم يتعين القضاء برفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.