مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الثالث (من أول يونيه إلى آخر سبتمبر سنة 1958) - صـ 1534

(161)
جلسة 21 من يونيه سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

القضية رقم 62 لسنة 4 القضائية

عمال القنال - مساعدو الكتبة والمخزنجية - خلو الكشوف الملحقة بكادر عمال القنال من تقدير لمهنهم على خلاف ما فعل بالنسبة للكتبة والمخزنجية - خضوعهم للقواعد العامة في كادر العمال.
جاء بتقرير اللجنة المشكلة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من نوفمبر سنة 1951 لإعادة توزيع عمال القنال على المصالح الحكومية بحسب حرفهم وبحسب احتياجات المصالح المختلفة ما يلي "لاحظت اللجنة أن كادر العمال الحكومي خصص للكتبة والمخزنجية درجتين (140/ و360 م و160/ 360 م) بعلاوة قدرها 20 م يومياً كل سنتين. ولو طبق ذلك على عمال الجيش البريطاني لكان الفارق كبيراً بين الأجور التي يتقاضونها الآن فعلاً، وهي في حدود 12 و15 جنيهاً شهرياً، وبين الأجور التي تمنح لهم بموجب كادر العمال؛ ولذلك وضعت اللجنة لهم القواعد الآتية: .... (4) يمنح الحاصل على شهادة الدراسة الابتدائية أو ما يعادلها أجراً يومياً يعادل 7 ج شهرياً، وهذا بخلاف إعانة غلاء المعيشة التي تمنح بمقتضى القواعد المعمول بها وبحسب الحالة الاجتماعية لكل عامل. أما العمال غير الحاصلين على مؤهلات فيمنحون أجراً يومياً يعادل 6 ج شهرياً بخلاف إعانة الغلاء وبحد أدنى قدره 12 ج شهرياً، وهو الأجر الذي حدد لهم بداية". وهذه القاعدة مقصورة الأثر على الكتبة والمخزنجية دون مساعديهم، وهؤلاء تطبق في حقهم القواعد العامة في كادر العمال.


إجراءات الطعن

أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في 28 من ديسمبر سنة 1957 تقرير طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") في 28 من أكتوبر سنة 1957 في الدعوى رقم 1155 لسنة 2 ق المرفوعة من وزارة الأشغال ضد السيد/ ثابت قلدس منصور، والقاضي "بقبول الاستئناف شكلاً، ورفضه موضوعاً، وتأييد الحكم المستأنف، وإلزام الحكومة بالمصروفات". وقد طلب رئيس المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم المستأنف، والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام المدعي المصروفات". وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 5 من يناير سنة 1958، وإلى الخصم في 15 من يناير سنة 1958، وعين لنظر الطعن جلسة 31 من مايو سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، وأرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة، حسبما هو ثابت في الأوراق، تتحصل في أن الوزارة بصحيفة مودعة في 15 من فبراير سنة 1955 أقامت الدعوى الاستئنافية وطلبت الحكم بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، وبإلزام المستأنف ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقالت الوزارة شرحاً لدعواها إن المستأنف ضده من عمال القنال، وقد عين بعد تركه خدمة الجيش البريطاني في وظيفة مخزنجي بمصلحة الطرق والكباري براتب شهري قدره 12 ج، ثم نقل إلى مصلحة المساحة. وظل يعمل في ذات الوظيفة بذات الراتب. وفي أول فبراير سنة 1955 بأن للمصلحة من واقع شهادة القيد بمكتب العمل ومن بطاقة المستأنف ضده أنه كان يشغل وظيفة مساعد مخزنجي بالجيش البريطاني، فخفضت راتبه إلى 5 ج شهرياً، فتظلم إلى اللجنة القضائية من هذا التخفيض طالباً أن يرد راتبه إلى الحالة التي كان عليها. ثم عرضت الدعوى على المحكمة الإدارية فأصدرت حكمها المستأنف، قاضياً باستحقاق المستأنف ضده أن تسوى حالته اعتباراً من شهر يناير سنة 1953 على أساس راتب شهري قدره ستة جنيهات، بحيث لا يقل ما يصرف له من ماهية وإعانة غلاء معيشة عن اثني عشر جنيهاً، مع صرف ما يترتب على هذه التسوية من فروق طبقاً لأحكام كادر عمال القنال. وخلصت المصلحة إلى القول بأن الحكم المستأنف قد خالف القانون؛ لأن المستأنف ضده كان مساعد مخزنجي بالجيش البريطاني؛ ومن ثم فإنه لا يمنح راتب المخزنجي طبقاً لأحكام كادر عمال القنال، وإنما تسوى حالته على أساس المرتب الذي قرره كادر عمال الحكومة لمساعدي المخزنجية، باعتبار أن هذا الكادر الأخير هو الأصل العام. وقد صدر الحكم المطعون فيه قاضياً "بقبول الاستئناف شكلاً، ورفضه موضوعاً، وتأييد الحكم المستأنف، وإلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أقامت المحكمة قضاءها على أن الكشوف الملحقة بكادر عمال القنال لم تتضمن تقديراً لمهنة مساعد مخزنجي أو مساعد كاتب، مما يؤكد انصراف قصد اللجنة واضعة الكادر إلى شمول القاعدة الخاصة بالكتبة والمخزنجية من كان يقوم بعمل كتابي أو مخزنجي بالجيش البريطاني سواء كان كاتباً أو مخزنجياً أو مساعداً لهذا أو لذاك؛ إذ تتحقق في هذه الحالة الاعتبارات التي دعت اللجنة إلى معاملة الكتبة والمخزنجية من عمال الجيش البريطاني معاملة خاصة بسبب المرتبات العالية التي كانوا يتقاضونها في هذه الأعمال. وإذ كان من الثابت أن المستأنف ضده كان يشغل وظيفة مساعد مخزنجي بالجيش البريطاني، وهو غير حاصل على مؤهل دراسي، وعين بمصلحة المساحة في وظيفة مخزنجي؛ ومن ثم فإن الحكم المستأنف إذ قضى بتسوية حالته على هذا الأساس طبقاً لكادر عمال القنال قد طابق القانون. وقد طعن رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم، وأقام طعنه على أن كادر عمال القنال قدر الأجور لمن كانوا يشغلون وظائف الكتبة والمخزنجية بالجيش البريطاني، وإذ أغفل بيان الأجر الذي يمنح لمن كان يعمل في وظيفة مساعد مخزنجي، فلا يمكن - والحالة هذه - أن يقال إن اللجنة واضعة الكادر قد انصرف قصدها من وراء هذا الإغفال إلى استحقاق مساعدي الكتبة والمخزنجية هذه الأجور، بدعوى أن هؤلاء كانوا يزاولون ذات الأعمال التي كان يزاولها الكتبة والمخزنجية بالجيش البريطاني؛ إذ أن مثل هذا الاستدلال ينقصه صريح النص في كادر عمال القنال، ويتعين الرجوع إلى كادر عمال الحكومة باعتباره القاعدة العامة؛ ومن ثم تكون التسوية التي انتهت إليها المصلحة وفق القانون، والحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذا النظر فإنه يتعين الطعن فيه. وانتهى إلى طلب "الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم المستأنف، والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات".
ومن حيث إنه قد جاء بتقرير اللجنة المشكلة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من نوفمبر سنة 1951 لإعادة توزيع عمال القنال على المصالح الحكومية بحسب حرفهم وبحسب احتياجات المصالح المختلفة ما يلي "لاحظت اللجنة أن كادر العمال الحكومي خصص للكتبة والمخزنجية درجتين (140/ 360 م و160/ 360 م) بعلاوة قدرها 20 م يومياً كل سنتين، ولو طبق ذلك على عمال الجيش البريطاني لكان الفارق كبيراً بين الأجور التي يتقاضونها الآن فعلاً وهي في حدود 12 و15 جنيهاً شهرياً وبين الأجور التي تمنح لهم بموجب كادر العمال؛ ولذلك وضعت اللجنة لهم القواعد الآتية: .... (4) يمنح الحاصل على شهادة الدراسة الابتدائية أو ما يعادلها أجراً يومياً يعادل 7 ج شهرياً، وهذا بخلاف إعانة غلاء المعيشة التي تمنح بمقتضى القواعد المعمول بها وبحسب الحالة الاجتماعية لكل عامل. أما العمال غير الحاصلين على مؤهلات فيمنحون أجراً يومياً يعادل 6 ج شهرياً بخلاف إعانة الغلاء، وبحد أدنى قدره 12 ج شهرياً، وهو الأجر الذي حدد لهم بداية.
ومن حيث إن هذه القاعدة مقصورة الأثر على الكتبة والمخزنجية دون مساعديهم، وهؤلاء تطبق في حقهم القواعد العامة في كادر العمال، وإذ يطلب المدعي وهو مساعد مخزنجي تطبيق القاعدة الخاصة بالمخزنجية عليه يكون طلبه في غير محله، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى التسوية بين المخزنجية والكتبة ومساعديهم قولاً منه بشمول القاعدة وذلك على خلاف القاعدة ذاتها - إذ ذهب الحكم هذا المذهب يكون قد خالف القانون، ويتعين الحكم بإلغائه، وبرفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.