مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الثالث (من أول يونيه إلى آخر سبتمبر سنة 1958) - صـ 1551

(163)
جلسة 12 من يوليه سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 1763 لسنة 2 القضائية

( أ ) معادلات دراسية - المادة 6 من قانون المعادلات الدراسية - إيرادها قيداً على ترقية أصحاب المؤهلات المقدر لها عند التعيين أو بعد فترة محددة منه الدرجة السادسة بماهية 10.5 ج - تقريرها أقدمية اعتبارية نسبية لصالح ذوي المؤهلات الجامعية وما يعادلها - المقصود من هذا الحكم كفالة الموازنة بين حملة هذه المؤهلات.
(ب) معادلات دراسية - الحكم الوارد بالمادة 6 من قانون المعادلات الدراسية - حكم دائم يعالج جميع الحالات السابقة على نفاذ قانون نظام موظفي الدولة واللاحقة له.
(ج) شهادة الهندسة التطبيقية العليا - خلو قانون المعادلات الدراسية من تقدير لهذا المؤهل - المرد في تقديره هو إلى قواعد الإنصاف الصادرة في سنة 1944 - مؤدى هذه القواعد تسوية حالة حملته في الفترة السابقة على نفاذ قانون الموظفين، على أساس التفرقة بين حامل المؤهل بين حامل المؤهل المسبوق بالشهادة الثانوية القسم الثاني أو الخاص فيمنح 12 ج شهرياً، وبين حامل المؤهل غير المسبوق بمثل هذه الشهادة فيمنح 10.5 ج شهرياً.
(د) شهادة الهندسة التطبيقية العليا - مرتب حاملها عند التعيين - جعله في قانون موظفي الدولة أول مربوط الدرجة السادسة - لا فرق في ذلك بين المؤهل المسبوق بشهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني أو الخاص وبين غير المسبوق بها - إفادة من كان بالخدمة وقت نفاذ قانون الموظفين - حصوله على أول المربوط إن لم يكن قد بلغه.
(هـ) شهادة الهندسة التطبيقية العليا - أقدمية حملة هذا المؤهل غير المسبوق بشهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني أو الخاص - ترتيبها بالنسبة لأقرانهم من الحاصلين على هذا المؤهل مسبوقاً بشهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني أو الخاص - وجوب التزام حكم المادة 6 من قانون المعادلات الدراسية - تقرير أقدمية نسبية لصالح الأخيرين قدرها ثلاث سنوات.
(و) شهادة الهندسة التطبيقية العليا - ترقية حملة هذا المؤهل غير المسبوق بشهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني أو الخاص - عدم تقيدها بالقيود الواردة بالمادة 41/ 2 من قانون نظام موظفي الدولة.
1 - تنص المادة السادسة من قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 على أن "أصحاب المؤهلات المقدر لها عند التعيين أو بعد فترة محددة منه الدرجة السادسة بماهية قدرها 10.5 ج شهرياً، وفقاً للجدول المرافق لهذا القانون أو وفقاً لقرارات مجلس الوزراء الصادرة قبل أول يوليه سنة 1952، لا يجوز النظر في ترقيتهم للدرجة الخامسة بالكادر الفني العالي والإداري بالأقدمية إلا بعد مضي ثلاث سنوات على الأقل من تاريخ اعتبارهم في الدرجة السادسة بالماهية المذكورة، وعلى العموم تعتبر لحاملي الشهادة العالية أو المؤهل الجامعي من شاغلي الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي والإداري أقدمية نسبية مقدارها ثلاث سنوات على أصحاب المؤهلات المقدر لها عند التعيين أو بعد فترة محددة منه الدرجة السادسة بماهية 10.5 ج شهرياً". وقد أريد بالقيد الوارد بهذه المادة كفالة الموازنة بين حملة هذه المؤهلات وبين أقرانهم من حملة الدرجات الجامعية وما يعادلها؛ لأنه وإن كانت مؤهلات أولئك تصلح للتعيين في الكادر العالي، إلا أنها مع ذلك أدنى في المستوى العلمي من الدرجات الجامعية وما يعادلها التي يحملها هؤلاء. فوضع القانون الضابط لكفالة هذه الموازنة على الوجه الذي عينه، وقد أفصحت عن ذلك المذكرة الإيضاحية بقولها "هذا وتتضمن المادة السادسة من مشروع القانون حكماً يعالج حالة بعض الموظفين الذين اعتبروا عند تعيينهم في درجة مالية واحدة مع اختلاف في مستوى مؤهلاتهم كما هو الحال في شهادات التجارة التكميلية والزراعية التكميلية والشهادات الصناعية عند مقارنتها ببكالوريوس الجامعة في التجارة أو بليسانس الحقوق أو الآداب أو ببكالوريوس الزراعة أو ببكالوريوس الهندسة على التوالي. وقد رؤي بدلاً من اعتبار أصحاب الشهادات الأقل خاضعين للكادر المتوسط (كتابي أو فني) أن تعطى لحملة الشهادات العالية والمؤهلات الجامعية أقدمية اعتبارية نسبية على أصحاب المؤهلات الأقل الذين تقررت لهم الدرجة السادسة المخفضة، ومقدار هذه الأقدمية ثلاث سنوات، ينطلقون بعدها في الترقية في الكادر الفني العالي والإداري، وهذا الحكم يوفق بين مطالب الناحيتين".
2 - إن المادة السادسة من قانون المعادلات الدراسية التي تعطى لحملة المؤهلات الجامعية والشهادات العالية أقدمية اعتبارية نسبية على أصحاب المؤهلات الأقل الذين تقررت لهم الدرجة السادسة المخفضة هو في الواقع من الأمر حكم دائم يعالج جميع الحالات سواء السابقة على نفاذ قانون موظفي الدولة أو اللاحقة لنفاذه؛ لأن هذه الموازنة قد قصد بها استقرار الأوضاع والمراكز القانونية في هذا الخصوص بين هاتين الفئتين استقراراً دائماً، ولم يغب ذلك عن واضع المرسوم الخاص بتعيين المؤهلات العلمية التي يعتمد عليها للتعيين في وظائف الكادرات المختلفة المنشور في 10 من أغسطس سنة 1953 عقب نفاذ قانون المعادلات بأيام معدودات؛ إذ نص في مادته الثامنة على أنه "لا يخل هذا المرسوم بتطبيق حكم المادتين السادسة والسابعة من القانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية". وهما المادتين اللتان كفلتا الموازنة بين فئات من حملة المؤهلات الذين تجمعهم درجة واحدة في الكادر ذاته، ولكن مؤهلاتهم تختلف في مستواها. وجملة القول في خصوص ترتيب أقدمية هؤلاء وترقيتهم أنهم يتقيدون بالقيد المذكور في ترتيب الأقدمية، وكذلك عند الترقية من الدرجة السادسة إلى الخامسة، وذلك حتى تكفل الموازنة بينهم وبين أقرانهم من حملة الدرجات الجامعية وما يعادلها، ولكنهم ينطلقون بعد ذلك في الترقية إلى ما يعلو ذلك من درجات بدون قيد ولا شرط.
3 - إن المرد في تقدير شهادة الهندسة التطبيقية العالية هو إلى قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944، وليس إلى قانون المعادلات الدراسية الذي لم يتضمن تقديراً خاصاً لهذا المؤهل، ولم يمس التقديرات المقررة بقواعد الإنصاف المشار إليها؛ فتكون تسوية حالة حملة هذا المؤهل على مقتضى تلك القواعد، وهي تفرق بين المؤهل المسبوق بالشهادة الثانوية القسم الثاني أو الخاص فيمنح حامله 12 ج. وبين غير المسبوق بمثل هذه الشهادة فيمنح 500 م و10 ج، على أن يكون كلاهما في الدرجة السادسة. وغني عن القول أن التسوية على الأساس المذكور - وبهذا الفارق في المرتب - إنما تكون في الفترة الزمنية السابقة على نفاذ قانون موظفي الدولة.
4 - إن قانون نظام موظفي الدولة قد تضمن مزية جديدة لحملة شهادة الهندسة التطبيقية العليا غير المسبوقة بالشهادة الثانوية القسم الثاني أو الخاص؛ إذ تجعل مرتبه عند التعيين بأول مربوط الدرجة السادسة دون تخفيض. ومن البداهة أن من كان في الخدمة قبل نفاذ القانون المذكور وكان حاملاً مثل هذا المؤهل، فإنه يفيد من هذه المزية الجديدة، فيستحق أول مربوط الدرجة السادسة من تاريخ نفاذه إن لم يكن قد بلغه قبل ذلك، شأنه في ذلك شأن المعينين لأول مرة في ظل هذا القانون؛ إذ لا موجب للتفرقة في المعاملة ما دام وضعهما القانوني متساوياً تماماً، بل الأقدمون أولى بالرعاية.
5 - يتعين التزام نص المادة 6 من قانون المعادلات الدراسية في ترتيب أقدمية حملة شهادة الهندسة التطبيقية العليا غير المسبوقة بشهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني أو الخاص مع أقرانهم في الدرجة السادسة في الكادر العالي الحاصلين على درجات جامعية مصرية ودبلومات عالية مصرية أو ما يعادلها، كشهادة الهندسة التطبيقية العالية المسبوقة بشهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني أو الخاص، ومفاد هذا النص أن حملة هذا المؤهل غير المسبوق بشهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني أو الخاص - وقد قدر لمؤهلهم 500 م و10 ج بقرار من مجلس الوزراء سابق على أول يوليه سنة 1952 وهو تاريخ نفاذ قانون موظفي الدولة - يتأخرون في ترتيب أقدميتهم في الدرجة السادسة ثلاث سنوات عن أقرانهم حاملي الدرجات الجامعية المصرية أو الدبلومات العالية المصرية أو ما يعادلها، كشهادة الهندسة التطبيقية العليا المسبوقة بشهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني أو الخاص، وأنه لا يجوز النظر في ترقيتهم إلى الدرجة الخامسة إلا بعد مضي المدة المذكورة، وهذا قيد على أقدميتهم وعلى ترقيتهم بقصد الموازنة بينهم وبين أقرانهم سالفي الذكر.
6 - إن ترقية حملة شهادة الهندسة التطبيقية العليا غير المسبوقة بشهادة الدراسة الثانوية قسم ثانِ أو خاص لا تتقيد بما نصت عليه المادة 41 فقرة ثانية من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة بالشروط وفي الحدود المنصوص عليها فيها؛ إذ أن حامل هذا المؤهل إنما يعين ابتداءً في الكادر العالي، ولا يعتبر تعييناً في الكادر المتوسط، كما أن مؤهله لا يعتبر مؤهلاً متوسطاً بل مؤهلاً يجيز له التعيين ابتداءً في وظائف الكادر العالي. وتطبيق الفقرة الثانية من المادة 41 بالقيود المنصوص عليها فيها والتي تضيق الترقية في حدود النسبة المقررة بتلك المادة وفي كل ترقية تالية، إنما يستلزم أن يكون الموظف المرقى من أعلى درجة في الكادر المتوسط، وأن يكون غير حاصل على المؤهل العالي. وحكمة هذا التقييد واضحة حتى لا يتقلد أصحاب المؤهلات المتوسطة من الوظائف الرئيسية بالكادر العالي إلا بالقدر وفي الحدود التي عينها القانون، وهذه الحكمة تنتفي إذا كان الموظف معيناً ابتداءً في الكادر العالي وحاصلاً على المؤهل الذي يجيز تعيينه في هذا الكادر، أو كان في الكادر المتوسط ولكنه كان حاملاً المؤهل العالي ونقل إلى الكادر العالي نقلاً هو بمثابة التعيين فيه استناداً إلى مؤهله الذي يجيز ذلك.


إجراءات الطعن

في 15 من أغسطس سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1763 لسنة 2 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة) بجلسة 25 من يونيه سنة 1956 في الدعوى رقم 3064 لسنة 9 القضائية المقامة من محمود محمد علي النحاس ضد وزارة التربية والتعليم، القاضي "برفض الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة الطعن - "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم بأحقية المدعي في تسوية حالته على أساس منحه راتباً قدره اثنا عشر جنيهاً مصرياً في الدرجة السادسة من تاريخ تعيينه، وما يترتب على ذلك من آثار، مع عدم صرف فروق مالية إلا من 22 من يوليه سنة 1953، تاريخ العمل بالقانون رقم 371 لسنة 1953، مع إلزام الحكومة المصروفات". وأعلن السيد وزير التربية والتعليم بالطعن في 28 من أغسطس سنة 1956، وأعلن به المطعون لصالحه في 29 من الشهر ذاته. وعين لنظر الطعن جلسة 15 من أكتوبر سنة 1957، ومنها أجل لجلسة 29 مارس سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ملاحظات الطرفين على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجأت النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المطعون لصالحه قدم في 10 من فبراير سنة 1954 تظلماً إلى اللجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم قيد برقم 3091 لسنة 2 القضائية، طالباً "الحكم باعتباره بمرتب اثني عشر جنيهاً في الدرجة السادسة من بدء التعيين وتسوية حالته على هذا الأساس". وقال بياناً لذلك إنه حصل على دبلوم الهندسة التطبيقية العليا في سنة 1947، ثم التحق بخدمة وزارة المعارف في وظيفة من الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي في أول نوفمبر سنة 1947، وظل على هذا الوضع حتى صدر القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية، وعلى الرغم من أن أحكام هذا القانون تفرض على وزارة المعارف اعتباره معيناً من بادئ الأمر في الدرجة السادسة براتب شهري قدره اثنا عشر جنيهاً وتسوية حالته على هذا الأساس، إلا أن الوزارة غفلت عن ذلك الواجب، ثم دلل على استحقاقه لهذه التسوية بالقول بأنه قبل العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة كان مقدراً لدبلوم الهندسة التطبيقية العليا المقرون بالشهادة التوجيهية مرتب اثني عشر جنيهاً في الدرجة السادسة كما كان مقرراً للشهادة ذاتها مرتب قدره عشرة جنيهات ونصف في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي إذا لم تكن مقرونة بالشهادة التوجيهية. وعلى إثر الشكوى من هذه التفرقة صدر قانون التوظف رقم 210 لسنة 1951 والمراسيم المكملة له بالتسوية بين حملة دبلوم الهندسة التطبيقية العليا، وباعتبار هذه الشهادة مؤهلة للتعيين في الدرجة السادسة بمرتب اثني عشر جنيهاً، سواء أكان حاملها حاصلاً على التوجيهية أم غير حاصل عليها. ثم قال إن المادة 11 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تنص على أن "المؤهلات العلمية التي يجب أن يكون المرشح حاصلاً عليها هي: 1 - دبلوم عالِ أو درجة جامعية تتفق دراستها وطبيعة الوظيفة إذا كان التعيين في وظيفة إدارية أو في وظيفة من وظائف الكادر الفني العالي... وتعين هذه المعادلات بمرسوم بناءً على اقتراح وزير المالية والاقتصاد وبعد أخذ رأي ديوان الموظفين". وتنفيذاً للمادة الحادية عشرة سالفة الذكر صدر المرسوم الخاص بتعيين المؤهلات العلمية التي يعتمد عليها للتعيين في بعض وظائف الدولة، ونصت المادة الثالثة من هذا المرسوم على اعتماد بعض الشهادات والمؤهلات لصلاحية أصحابها في التقدم للترشيح لوظائف الكادر الإداري والفني العالي، ثم ذكرت من بين هذه الشهادات والمؤهلات تحت رقم 21 شهادة الهندسة التطبيقية العالية، سواء في ذلك أكانت مقرونة بالتوجيهية أم غير مقرونة بها، ونظراً لأن هذا المرسوم مكمل لقانون التوظف فإن أثره ينسحب قانوناً إلى تاريخ العمل به؛ ومن ثم وجب أن يتقرر لهذه الشهادة مرتب اثني عشر جنيهاً في الدرجة السادسة اعتباراً من أول يوليه سنة 1952. ثم صدر القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية في 22 من يوليه سنة 1953، ونص الجدول المرافق له تحت رقم 64 على الدبلومات العالية والدرجات الجامعية المصرية مقدراً لها راتب اثني عشر جنيهاً في الدرجة السادسة من بدء التعيين. وقال إن المادة الأولى من قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 قضت بأن يعتبر حملة المؤهلات المحددة في الجدول المرافق له في الدرجة وبالماهية المحددة لمؤهل كل منهم من تاريخ تعيينه بالحكومة، ثم حددت الشهادات العليا والدرجات الجامعية التي تؤهل للتعيين في وظائف الكادر الفني العالي في القانون رقم 210 لسنة 1951 والمرسوم المكمل له الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953، وجاء البند 64 من الكشف المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 فحدد مرتب الدبلومات العالية والدرجات الجامعية المصرية باثني عشر جنيهاً في الدرجة السادسة، فاقتضى كل هذا أن يقيد الحاصلون على دبلوم الهندسة التطبيقية العليا من الموظفين في الدرجة السادسة براتب شهري قدره اثنا عشر جنيهاً مصرياً من بدء التعيين. وخلص من هذا إلى طلب الحكم بتسوية حالته على الأساس المتقدم. وقد دفعت الحكومة الدعوى بأن قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 قدرت لشهادة الهندسة التطبيقية العليا مرتباً شهرياً قدره عشرة جنيهات ونصف في الدرجة السادسة لغير الحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية القسم الخاص، وهي حالة المدعي، وأما ما يتمسك به المدعي من أن الدبلومات العالية والدرجات الجامعية المصرية مقدر لها ماهية قدرها اثنا عشر جنيهاً في الدرجة السادسة من بدء التعيين فمردود بأن الفقرة الثانية من المادة الثالثة من المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 عرفت الدبلومات العالية المصرية بأنها هي التي تمنحها الدولة المصرية إثر النجاح في معهد دراسي عالِ تكون مدة الدراسة فيه أربع سنوات على الأقل للحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية (القسم الخاص) أو ما يعادلها من الوجهة العلمية، ولما كان المدعي غير حاصل على شهادة الدراسة الثانوية قسم خاص كما تقدم قبل حصوله على شهادة الهندسة التطبيقية العليا فلا يجوز تعديل ماهيته إلى اثني عشر جنيهاً من بدء التعيين. وختمت الحكومة دفاعها بالقول بأن المشرع إذا كان قد عدل تقييم المؤهلات المقدر لها راتب عشرة جنيهات ونصف - كمثل الشهادة التي حصل عليها المدعي - لما دعت الحال إلى إيراد حكم كحكم المادة السادسة من القانون رقم 371 لسنة 1953 التي نصت على أن أصحاب المؤهلات المقدر لها عند التعيين الدرجة السادسة بماهية شهرية قدرها عشرة جنيهات ونصف وفقاً للجدول المرافق لهذا القانون أو وفقاً لقرارات مجلس الوزراء الصادرة قبل أول يوليه سنة 1952 لا يجوز النظر في ترقيتهم إلى الدرجة الخامسة بالكادر الفني العالي والإداري بالأقدمية إلا بعد مضي ثلاث سنوات على الأقل من تاريخ اعتبارهم في الدرجة السادسة بالماهية المذكورة. واستخلصت من هذا النص أن الشهادات التي كان مقدراً لها راتب عشرة جنيهات ونصف في الدرجة السادسة قبل أول يوليه سنة 1952 لم يعدل تقديرها. وقد أحالت المحكمة الإدارية المشار إليها الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص إعمالاً للمادة 73 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة. وبجلسة 25 من يونيه سنة 1956 حكمت محكمة القضاء الإداري (الدائرة الرابعة "أ") "برفض الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات". وأسست قضاءها على أن المادة الثالثة من المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953 بتعيين المؤهلات العلمية التي يعتمد عليها للتعيين في بعض وظائف الدولة قد بينت "الشهادات والمؤهلات التي تعتمد لصلاحية أصحابها في التقدم للترشيح لوظائف الكادر الإداري والفني العالي، ومن بين هذه الشهادات ما نص عليها في البند 2 من تلك المادة، وهي الدبلومات العالية المصرية التي تمنحها الدولة المصرية إثر النجاح في معهد دراسي عالِ تكون مدة الدراسة فيه أربع سنوات على الأقل للحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية (القسم الخاص) أو ما يعادلها من الوجهة العلمية.... ومن بين هذه الشهادات والمؤهلات أيضاً ما نص عليها في البند 21 من ذات المادة وهي شهادة الهندسة التطبيقية العالية"، وعلى "أن القول بأن صلاحية الحاصلين على الدبلوم المذكور غير الحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية (القسم الخاص) للترشيح لوظائف الكادر الإداري والفني العالي من جهة، وعدم ورود تقدير خاص للدبلوم الحاصلين عليه في الجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية من جهة أخرى، مما يستفاد منه حتماً أن هذه الدبلوم تدخل في عداد الدبلومات العالية المصرية والدرجات الجامعية المصرية الوارد تحت بند 64 في الجدول المذكور والمقدر لها ماهية قدرها اثنا عشر جنيهاً شهرياً في الدرجة السادسة من بدء التعيين - هذا القول مردود بأن بين الشهادات والمؤهلات التي تعتمد لصلاحية أصحابها للترشيح في وظائف الكادر المذكور ما نص عليها في البند 6 من المادة الثالثة من المرسوم سالف الذكر (الشهادات العالية للكليات الأزهرية الثلاث)، ومع ذلك فإن هذه الشهادة ذاتها وردت في الجدول المرافق لقانون المعادلات الدراسية المذكور تحت بند 4 وقرر لها مبلغ 500 م و10 ج في الدرجة السادسة و12 ج في الدرجة السادسة لمن عين في وظائف فنية وفقاً للمادة 117 من القانون رقم 26 لسنة 1936، أو عين في وظائف التدريس بوزارة المعارف العمومية". كما أقامت قضاءها على أن "دبلوم الهندسة التطبيقية غير المصحوبة بشهادة الدراسة الثانوية القسم الخاص لا يمكن اعتبارها في عداد الدبلومات العالية المصرية والدرجات الجامعية المصرية التي وردت تحت بند 64 في الجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 سالف الذكر، كما أنها - وهي لم ترد في هذا الجدول - ليس لها تقدير سوى ذلك الذي ورد في قواعد الإنصاف التي انتهى العمل بها في 9 من ديسمبر سنة 1944، ومن ثم فإن تقدير الدرجة التي يعين فيها حامل هذا الدبلوم والماهية التي تعطى له إنما يرتبط بالوظيفة التي يعين فيها، متى كان تعيينه بعد هذا التاريخ المذكور، أي بعد 9 من ديسمبر سنة 1944".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن "الجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 اشتمل على جميع المؤهلات الدراسية وتقدير قيمتها المالية، ولم يرد ذكر لدبلوم الهندسة التطبيقية، ولكن جاء بالبند 64 منه أن الدبلومات العالية المصرية والدرجات الجامعية المصرية مقرر لها مرتب شهري قدره اثنا عشر جنيهاً في الدرجة السادسة من بدء التعيين، ويستدل من ذلك أن هذا الدبلوم تشمله عبارة الدبلومات العالية المصرية، والقول بغير ذلك يؤدي إلى نتيجة غير مستساغة هي أن وظائف حملة هذا الدبلوم لا يشملهم تطبيق هذا القانون إطلاقاً؛ إذ أن أحكام القانون سالف الذكر طبقاً للمادة الأولى منه يقصد تطبيقها على حملة المؤهلات المحددة في الجدول المرافق له فقط، فإغفال ذكر هذا الدبلوم على وجه التحديد ليدل على أن المشرع قد تعمد اعتباره ضمن الدبلومات العالية حتى يشمله التغيير الذي صدر من أجله هذا القانون"، كما يقوم "على أن المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953، أي في الشهر التالي لصدور قانون المعادلات الدراسية، بتحديد المؤهلات العلمية التي يعتمد عليها للتعيين في وظائف الدرجات التاسعة والثامنة والسابعة والسادسة قد جاء بالمادة الثالثة منه بالبند 21 أن شهادة الهندسة التطبيقية العليا من بين المؤهلات التي يعتمد عليها للتعيين في وظائف الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي والإداري. وهذا المرسوم وإن كان قد صدر تنفيذاً للمادة 11 من القانون رقم 210 لسنة 1951، إلا أنه يكشف عن مدى قيمة هذا المؤهل في نظر الحكومة بتقرير صلاحية حامله للتعيين في الدرجة السادسة، وهذا لا يتحقق إلا على أساس اعتبار هذا المؤهل من الدبلومات العالية؛ إذ لا يتسنى للشخص التعيين في هذه الدرجة وبالكادر العالي إلا إذا كان حاصلاً إما على درجة جامعية وإما على دبلوم عالِ... والقول بغير هذا الرأي يترتب عليه أن من يعين في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 من حملة دبلوم الهندسة التطبيقية غير المسبوق بشهادة الدراسة الثانوية (القسم الخاص) أو ما يعادلها سيكون تعيينه في الدرجة السادسة بمرتب قدره اثنا عشر جنيهاً استناداً إلى ما جاء في المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953، فيكون بذلك أحسن حالاً ومركزاً من الموظف القديم قبل نفاذ القانون سالف الذكر. وهذه النتيجة لا يمكن أن يكون المشرع قد قصدها بحال. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ تطبيق القانون.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مثار النزاع في الخصومة هو ما إذا كان دبلوم الهندسة التطبيقية العالية يعتبر من الدبلومات العالية المصرية والدرجات الجامعية المصرية بالمعنى الوارد في البند (64) من الجدول المرافق للقانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية؛ وبهذه المثابة تسوى حالة حامله بالتطبيق لأحكام هذا القانون في الدرجة السادسة وبمرتب 12 ج من بدء التعيين وتحدد أقدميته في تلك الدرجة من تاريخ تعيينه بالحكومة أو من تاريخ حصوله على هذا المؤهل أيهما أقرب تاريخاً، أم أن المؤهل المذكور لا يعتبر من الدبلومات العالية المصرية أو الدرجات الجامعية المصرية في حكم البند (64) المشار إليه؛ وبهذه المثابة لا تسوى حالته بالتطبيق لأحكام هذا القانون.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت(1) بأن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية له مجاله الخاص في التطبيق، سواء من حيث الموظفين الذين تنطبق عليهم أحكامه، أو المؤهلات التي اتخذت أساساً لتقدير الدرجة أو المرتب وفقاً للأحكام التي قررها، ومن التاريخ الذي عينه لنفاذها، سواء في الحال أو بأثر رجعي. وغني عن البيان أن نطاق القانون المذكور في التطبيق على مقتضى ما تقدم ذكره لا يعني المساس بقرارات تنظيمية عامة لم يقصد إلى إلغائها أو تعديلها أو إهدار المراكز القانونية التي ترتبت عليها، بل تظل هذه قائمة منتجة آثارها في مجال تطبيقها؛ يؤكد ذلك أن القانون المذكور لم ينص صراحة إلا على إلغاء قرارات معينة هي الصادرة في 8 من أكتوبر سنة 1950 وأول يوليه و2 و9 من ديسمبر سنة 1951، وهي بذاتها التي استعرضها في مذكرته الإيضاحية وأفصح عن قصده في إلغائها. ومع ذلك فإذا كان قانون المعادلات الدراسية قد تضمن رفعاً في تقدير المؤهلات أو زيادة في المرتب أو في أية مزايا أخرى عما تضمنته القرارات التنظيمية السابقة، فإن حملة هذه المؤهلات يفيدون منها ولو كانوا ممن تسري عليهم هذه القرارات، ولكن لا تسري هذه الإفادة إلا من التاريخ المعين في قانون المعادلات وبالشروط التي نص عليها، كما أن المناط في هذا الخصوص أن يكون المؤهل يدخل حقاً ضمن المؤهلات التي عينها قانون المعادلات المشار إليه.
ومن حيث إن الجدول المرافق للقانون المذكور لم يتضمن ذكراً لدبلوم الهندسة التطبيقية العالية كما فعل بالنسبة إلى مؤهلات أخرى عينها في ثلاثة وستين بنداً في الجدول المرافق له بخلاف جدول الشهادات الأزهرية، وإنما يستند المطعون لصالحه في دعواه إلى أن المؤهل المذكور يعتبر من الدبلومات العالية المصرية، فيندرج تحت البند الرابع والستين من الجدول المذكور؛ لأن المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 قد اعتبره في البند (21) من المادة الثالثة منه من الشهادات والمؤهلات التي تعتمد لصلاحية أصحابها في التقدم للترشيح لوظائف الكادر الإداري والفني العالي في تطبيق المواد 9 فقرة أولى و11 و15 و19 من قانون نظام موظفي الدولة. وإنه لما كانت وظائف الكادر الإداري والفني العالي بحسب الجدول المرافق لهذا القانون تبدأ من الدرجة السادسة بمرتب خمسة عشر جنيهاً شهرياً، فمفاد ذلك أنه يعتبر دبلوماً عالياً في حكم البند (64) من الجدول المرافق لقانون المعادلات الدراسية؛ وبهذه المثابة تسوى حالته بالتطبيق لأحكامه.
ومن حيث إن هذه المحكمة(2) سبق أن قضت كذلك بأن الدرجات الجامعية المصرية والدبلومات العالية المصرية، وهي التي وردت على التخصيص في البند (64) السالف الذكر، لها تقديرها الخاص من الناحية العلمية والفنية، تقديراً لا يمكن معه التجوز بحيث يدخل فيها شهادات أخرى حتى ولو أجاز المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 اعتماد صلاحية حامليها في التقدم للترشيح لوظائف الكادر الإداري والفني العالي؛ ذلك أن مجال تطبيق هذا المرسوم هو غير مجال تطبيق قانون المعادلات الدراسية. وقد أفصح المرسوم المذكور عن ذلك حينما حدد هذا الغرض في المادة الثالثة بأن المقصود هو اعتماد صلاحية أصحابها في التقدم للترشيح لوظائف الكادر الإداري والفني العالي، دون أن يكون قد قصد إلى اعتبار جميع الشهادات الواردة في المادة الثالثة منه هي درجات جامعية أو دبلومات عالية، وأكد ذلك في المادة السابعة منه حينما نص على أن "الدرجات المشار إليها في المواد الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة من هذا المرسوم هي أكبر درجة يمكن لأصحاب الشهادات المبينة في كل مادة منها التقدم للترشيح في وظائفها. ويجوز لحملة الشهادات التقدم للترشيح لوظائف درجتها أقل من الدرجة المبينة قرين كل منها"، كما نص في المادة الثامنة منه على أنه "لا يخل هذا المرسوم بتطبيق حكم المادتين السادسة والسابعة من القانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية"، بينما مفاد أحكام القانون الأخير أن تتم تسوية المراكز القانونية لحملة المؤهلات التي ذكرها على سبيل الوجوب وبصفة حتمية وإلزامية، كما أنه مما يقطع في أن الدرجات الجامعية والدبلومات العالية المصرية تلك التي ذكرها القانون المذكور في البند (64) هي غير الشهادات التي ذكرتها المادة الثالثة من المرسوم المشار إليه، أن هذا المرسوم ذكر الدرجات الجامعية تحت بند (1) من المادة المذكورة، وذكر الدبلومات العالية المصرية تحت بند (2)، وحدد هذه بأنها هي التي تمنحها الدولة المصرية إثر النجاح في معهد دراسي عالِ تكون مدة الدراسة فيه أربع سنوات على الأقل للحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية (القسم الخاص) أو ما يعادلها من الوجهة العلمية حسب ما يقرره وزير المعارف العمومية بالاتفاق مع رئيس ديوان الموظفين بشأن هذا التعادل، ثم استطرد بعد ذلك فذكر شهادات أخرى في اثنين وعشرين بنداً من بينها شهادة الهندسة التطبيقية العالية، وجميعها تجيز التعيين في الكادر الإداري والفني العالي، فلو أن هذه الشهادات جميعاً تعتبر في التقدير الفني أو العلمي مندرجة في الدرجات الجامعية أو الدبلومات العالية لما كان ثمة محل للنص عليها على سبيل الحصر، مما لا يترك مجالاً للشك في أن قصده من هذا المرسوم بالتطبيق للمواد 9 فقرة أولى و11 و15 و19 من قانون نظام موظفي الدولة لا يعدو أن يكون اعتمادها في غرض معين هو صلاحية حامليها للتقدم للترشيح في وظائف الكادر الإداري والفني العالي، لا على سبيل الإلزام بتعيينهم فيها، وإنما على سبيل الجواز، بل ويجوز التعيين في درجات أقل وبمرتبات أدنى، ولم يذهب في قصده هذا إلى أبعد من ذلك، كأن تعتبر تلك الشهادات جميعاً من الدرجات الجامعية أو الدبلومات العالية المصرية في مقام تطبيق قانون المعادلات الدراسية على مقتضى البند (64) من الجدول المرافق له. يؤكد ما تقدم جميعه أن الجدول المرافق لقانون المعادلات ذكر شهادات يعتبرها المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 تجيز التعيين في وظائف الكادر الإداري والفني العالي، ومع ذلك قدر لها قانون المعادلات الدراسية مرتباً أدنى من مرتب الدرجة السادسة في حكم قانون موظفي الدولة، ومن ذلك دبلوم المعهد العالي للخدمة الاجتماعية للبنات الوارد تحت البند (45) من الجدول المرافق لقانون المعادلات الدراسية وقد قدر له 500 م و10 ج في السادسة، بينما ورد تحت البند (5) من المادة الثالثة من المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 باعتباره مؤهلاً يجيز التعيين في وظائف الكادر الإداري والفني العالي التي تجيز التعيين في الدرجة السادسة بمرتب خمسة عشر جنيهاً بحسب الجدول المرافق لهذا القانون. وكذلك الشهادات العالية للكليات الأزهرية الثلاث، وقد قدر لها 500 م و10 ج في الدرجة السادسة في قانون المعادلات الدراسية، بينما وردت تحت البند (6) من المادة الثالثة من المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 باعتبارها من المؤهلات التي تجيز التعيين في وظائف الكادر الإداري والفني العالي في الدرجة السادسة بمرتب خمسة عشر جنيهاً شهرياً، وكدبلوم معهد التربية للمعلمين ودبلوم المعهد العالي للفنون الطرزية. وكل ذلك يقطع في أن مجال تطبيق قانون المعادلات الدراسية هو غير مجال تطبيق المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن المرد في تقدير شهادة الهندسة التطبيقية العالية هو إلى قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944، وليس إلى قانون المعادلات الدراسية الذي لم يتضمن تقديراً خاصاً لهذا المؤهل، ولم يمس التقديرات المقررة بقواعد الإنصاف المشار إليها؛ فتكون تسوية حالة حملة هذا المؤهل على مقتضى تلك القواعد، وهي تفرق بين المؤهل المسبوق بالشهادة الثانوية القسم الثاني أو الخاص فيمنح حامله 12 ج وبين غير المسبوق بمثل هذه الشهادة فيمنح 5 و10 ج، على أن يكون كلاهما في الدرجة السادسة. وغني عن القول أن التسوية على الأساس المذكور وبهذا الفارق في المرتب إنما تكون في الفترة الزمنية السابقة على نفاذ قانون موظفي الدولة؛ ذلك أن هذا القانون قد تضمن مزية جديدة لحملة هذا المؤهل غير المسبوق بالشهادة الثانوية القسم الثاني أو الخاص؛ إذ جعل مرتبه عند التعيين بأول مربوط الدرجة السادسة دون تخفيض. ومن البداهة أن من كان في الخدمة قبل نفاذ القانون المذكور وكان حاملاً لمثل هذا المؤهل فإنه يفيد من هذه المزية الجديدة، فيستحق أول مربوط الدرجة السادسة من تاريخ نفاذه إن لم يكن قد بلغه قبل ذلك، شأنه في ذلك شأن المعينين لأول مرة في ظل هذا القانون؛ إذ لا موجب للتفرقة في المعاملة ما دام وضعهما القانوني متساوياً تماماً، بل الأقدمون أولى بالرعاية، هذا من جهة المرتب، أما من حيث ترتيب أقدميتهم مع أقرانهم في الدرجة السادسة في الكادر العالي الحاصلين على درجات جامعية مصرية ودبلومات عالية مصرية أو ما يعادلها، كشهادة الهندسة التطبيقية العالية المسبوقة بشهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني أو الخاص، فيجب في هذا الشأن التزام حكم المادة 6 من قانون المعادلات الدراسية، وهي تنص على أن "أصحاب المؤهلات المقدر لها عند التعيين أو بعد فترة محددة منه الدرجة السادسة بماهية قدرها 500 م و10 ج شهرياً، وفقاً للجدول المرافق لهذا القانون أو وفقاً لقرارات مجلس الوزراء الصادرة قبل أول يوليه سنة 1952، لا يجوز النظر في ترقيتهم للدرجة الخامسة بالكادر الفني العالي والإداري بالأقدمية إلا بعد مضي ثلاث سنوات على الأقل من تاريخ اعتبارهم في الدرجة السادسة بالماهية المذكورة. وعلى العموم تعتبر لحاملي الشهادة العالية أو المؤهل الجامعي من شاغلي الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي والإداري أقدمية نسبية مقدارها ثلاث سنوات على أصحاب المؤهلات المقرر لها عند التعيين أو بعد فترة محددة منه الدرجة السادسة بماهية 10 ج و500 م شهرياً". ومفاد ذلك أن حملة هذا المؤهل غير المسبوق بشهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني أو الخاص، وقد قدر لمؤهلهم 500 م و10 ج بقرار من مجلس الوزراء سابق على أول يوليه سنة 1952 وهو تاريخ نفاذ قانون موظفي الدولة، يتأخرون في ترتيب أقدميتهم في الدرجة السادسة ثلاث سنوات عن أقرانهم حاملي الدرجات الجامعية المصرية أو الدبلومات العالية المصرية وما يعادلهما، كشهادة الهندسة التطبيقية العليا المسبوقة بشهادة الدراسة الثانوية القسم الثاني أو الخاص، وأنه لا يجوز النظر في ترقيتهم إلى الدرجة الخامسة إلا بعد مضي المدة المذكورة، وهذا قيد على أقدميتهم وعلى ترقيتهم بقصد الموازنة بينهم وبين أقرانهم سالفي الذكر، ولكن يجب التنبيه إلى أن ترقيتهم لا تتقيد بما نصت عليه المادة 41 فقرة ثانية من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة بالشروط وفي الحدود الضيقة المنصوص عليها فيها؛ إذ أن حامل هذا المؤهل إنما يعين ابتداءً في الكادر العالي ولا يعتبر تعيينه تعييناً في الكادر المتوسط، كما أن مؤهله لا يعتبر مؤهلاً متوسطاً بل مؤهلاً يجيز له التعيين ابتداءً في وظائف الكادر العالي، وتطبيق الفقرة الثانية من المادة 41 بالقيود المنصوص عليها فيها والتي تضيق الترقية في حدود النسبة المقررة بتلك المادة وفي كل ترقية تالية، إنما يستلزم أن يكون الموظف المرقى من أعلى درجة في الكادر المتوسط، وأن يكون غير حاصل على المؤهل العالي. وحكمة هذا التقييد واضحة، حتى لا يتقلد أصحاب المؤهلات المتوسطة من الوظائف الرئيسية بالكادر العالي إلا بالقدر وفي الحدود التي عينها القانون، وهذه الحكمة تنتفي إذا كان الموظف معيناً ابتداءً في الكادر العالي وحاصلاً على المؤهل الذي يجيز تعيينه في هذا الكادر، أو كان في الكادر المتوسط ولكنه كان حاملاً للمؤهل العالي ونقل إلى الكادر العالي نقلاً هو بمثابة التعيين فيه، استناداً إلى مؤهله الذي يجيز ذلك، ولكن يجب التنبيه كذلك إلى أن القيد الوارد في المادة السادسة من قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 قد أراد به هذا القانون أن يكفل الموازنة بين حملة هذه المؤهلات وبين أقرانهم من حملة الدرجات الجامعية وما يعادلها، لأنه وإن كانت مؤهلات أولئك تصلح للتعيين في الكادر العالي، إلا أنها مع ذلك أدنى في المستوى العلمي من الدرجات الجامعية وما يعادلها التي يحملها هؤلاء، فوضع القانون الضابط لكفالة هذه الموازنة على الوجه الذي عينه، وقد أفصحت عن ذلك المذكرة الإيضاحية بقولها: "هذا وتتضمن المادة السادسة من مشروع القانون حكماً خاصاً يعالج حالة بعض الموظفين الذين اعتبروا - عند تعيينهم - في درجة مالية واحدة مع اختلاف في مستوى مؤهلاتهم كما هو الحال في شهادات التجارة التكميلية والزراعة التكميلية والشهادات الصناعية عند مقارنتها ببكالوريوس الجامعة في التجارة أو بليسانس الحقوق أو الآداب أو ببكالوريوس الزراعة أو ببكالوريوس الهندسة على التوالي. وقد رؤي بدلاً من اعتبار أصحاب الشهادات الأقل خاضعين للكادر المتوسط (كتابي أو فني) أن تعطى لحملة الشهادات العالية والمؤهلات الجامعية أقدمية اعتبارية نسبية على أصحاب المؤهلات الأقل الذين تقررت لهم الدرجة السادسة المخفضة. ومقدار هذه الأقدمية ثلاث سنوات ينطلقون بعدها في الترقية في الكادر الفني العالي والإداري، وهذا الحكم يوفق بين مطالب الناحيتين". وحكم المادة السادسة سالفة الذكر هو في الواقع من الأمر حكم دائم يعالج جميع الحالات سواء السابقة على نفاذ قانون موظفي الدولة أو اللاحقة لنفاذه؛ لأن هذه الموازنة قد قصد بها استقرار الأوضاع والمراكز القانونية في هذا الخصوص بين هاتين الفئتين استقراراً دائماً، ولم يغب ذلك عن المرسوم الخاص بتعيين المؤهلات العلمية التي يعتمد عليها للتعيين في وظائف الكادرات المختلفة المنشور في 10 من أغسطس سنة 1953 عقب نفاذ قانون المعادلات بأيام معدودات؛ إذ نص في مادته الثامنة على أنه "لا يخل هذا المرسوم بتطبيق حكم المادتين السادسة والسابعة من القانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية". وهما المادتان اللتان كفلتا الموازنة بين فئات من حملة المؤهلات الذين تجمعهم درجة واحدة في الكادر ذاته، ولكن مؤهلاتهم تختلف في مستواها ومن بينها مثل هذه الحالة. وجملة القول في خصوص ترتيب أقدمية هؤلاء وترقيتهم أنهم يتقيدون بالقيد المذكور في ترتيب الأقدمية، وكذلك عيد الترقية من الدرجة السادسة إلى الخامسة؛ وذلك حتى تكفل الموازنة بينهم وبين أقرانهم من حملة الدرجات الجامعية وما يعادلها، ولكنهم ينطلقون بعد ذلك في الترقية إلى ما يعلو ذلك من درجات بدون قيد ولا شرط.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه، ويكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون، ويتعين القضاء برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.


(1) راجع الحكم المنشور بمجموعة السنة الأولى، س 540، بند 66.
(2) راجع الحكم المنشور بمجموعة السنة الثانية، س 476، بند 54.