مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الثالث (من أول يونيه إلى آخر سبتمبر سنة 1958) - صـ 1594

(166)
جلسة 12 من يوليه سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

القضية رقم 633 لسنة 3 القضائية

مكافأة - المستخدمون المؤقتون والخدمة الخارجون عن هيئة العمال - فصلهم لعدم اللياقة الطبية وحصولهم على المكافأة عن مدة الخدمة - إعادتهم إلى الخدمة بعد ذلك باليومية المؤقتة بدون كشف طبي - عدم استحقاقهم لأية مكافأة عن المدة الأخيرة - المادة 22 من القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات.
إن المادة 32 من القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات الملكية (معدلة بالقانونين رقمي 29 لسنة 1910 و14 لسنة 1913) تنص على ما يلي: "المستخدمون المؤقتون والخدمة الخارجون عن هيئة العمال المندرجون في الجدول حرف "أ" الذين يرفتون بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة 14 أو بسبب العاهة أو المرض أو كبر السن مما يجعلهم غير لائقين للخدمة بموجب شهادة من طبيبين تعينهما الحكومة، تعطى لهم مكافأة معادلة لماهية نصف شهر واحد من ماهيتهم الأخيرة عن كل سنة من سني خدمتهم وبشرط ألا تتجاوز هذه المكافأة ماهية سنة واحدة...."، كما نصت هذه المادة على أنه "ومع ذلك متى بلغ المستخدمون المؤقتون والخدمة الخارجون عن هيئة العمال سن الخامسة والستين سنة وجب اعتبارهم حتماً من فئة الخدمة الذين أصبحوا غير لائقين للخدمة لكبر سنهم ويكون لهم الحق في المكافأة بدون لزوم لإجراء الكشف الطبي عليهم"، ثم نصت فيما نصت عليه على ما يأتي "المستخدمون المؤقتون والخدمة الخارجون عن هيئة العمال الذين يعينون فيما بعد بصفة دائمة لا يجوز لهم في أي حال من الأحوال أن يطلبوا المكافأة المنصوص عليها في الفقرة الأولى عن مدة خدمتهم السابقة...."، ونصت كذلك على ما يلي "ولا تسري أحكام هذه المادة على العمال باليومية، ولا تمنح أية مكافأة على مقتضى نص هذه المادة إلى الأشخاص الآتي بيانهم وهم: (أولاً) .... (ثانياً) المستخدمون المؤقتون والخدمة الخارجون عن هيئة العمال الذين نالوا من إحدى مصالح الحكومة مكافأة أو مساعدة ما بمناسبة رفتهم". ويبين من هذه النصوص بما لا يدع مجالاً لأي شك أنه لا يجوز منح مكافأة عن مدة خدمة لاحقة لرفت المستخدمين المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال الذين نالوا مكافأة عن مدة خدمتهم السابقة على رفتهم.


إجراءات الطعن

في 30 من مارس سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 633 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال العمومية والحربية بجلسة 28 من يناير سنة 1957 في الدعوى رقم 730 لسنة 2 القضائية المقامة من أحمد سعد صبرة ضد وزارة الأشغال العمومية ومصلحة الميكانيكا والكهرباء، القاضي "بأحقية المدعي في مكافأة عن مدة خدمته طبقاً للمرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي على التفصيل المبين بأسباب الحكم، وألزمت الحكومة بالمصروفات و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة القضية إلى المحكمة الإدارية للفصل فيها على أساس المبدأ المقرر في المسألة القانونية محل الطعن". وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته بعد إعلان الطعن إلى وزارة الأشغال العمومية في 24 من إبريل سنة 1957 وإلى المدعي في 29 منه، عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 31 من مايو سنة 1958، وفي 19 من مارس سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 730 لسنة 2 القضائية ضد وزارة الأشغال العمومية أمام المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال العمومية والحربية بناءً على قرار الإعفاء الصادر لصالحه من لجنة المساعدة القضائية، وذلك بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 25 من سبتمبر سنة 1955 ذكر فيها أنه عين بالورش الأميرية (الترسانة) التابعة لمصلحة الميكانيكا والكهرباء بوزارة الأشغال في سنة 1920 عاملاً باليومية حتى سنة 1925 حيث نقل إلى سلك الماهية الذي ظل فيه حتى سنة 1949 وكان خفيراً بالمصلحة، ولما تقرر أن يكون الخفراء من قوة السلك العسكري وضعته المصلحة في سلك اليومية بوظيفة عتال بعد أن صرفت له مكافأته عن مدة خدمته السابقة حتى سنة 1939، وظل بالخدمة بعد ذلك حتى 5 من يناير سنة 1955 حيث فصل دون أن تصرف له المصلحة مكافأته عن مدة خدمته التالية من سنة 1939 حتى تاريخ فصله بحجة أنه كان عاملاً باليومية ولا يستحق مكافأة، مع أنه يستحق هذه المكافأة سواء طبقاً لقانون المعاشات الصادر في سنة 1909 أو طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من مايو سنة 1922 أو طبقاً لقرار المجلس الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944؛ وذلك بوصفه من العمال الدائمين، بعد إذ أمضى السنتين الأوليين من خدمته تحت الاختبار بنجاح؛ ومن أجل ذلك فإنه يطلب "الحكم بأحقية الطالب في صرف مكافأته عن مدة خدمته وقدرها خمس عشرة سنة، مع إلزام السيد المعلن إليه بالمصاريف والأتعاب والنفاذ". وقد أجابت وزارة الأشغال (مصلحة الميكانيكا والكهرباء) عن هذه الدعوى بأن المدعي فصل من الخدمة لعدم اللياقة الطبية اعتباراً من 18 من سبتمبر سنة 1939، وصرفت له المكافأة المستحقة عن مدة خدمته في ذلك الحين. وقد أعادته الورش للخدمة باليومية المؤقتة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1939 بدون توقيع الكشف الطبي عليه مخالفة بذلك نص المادة 29 من قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من مايو سنة 1922، وفي 5 من نوفمبر سنة 1948 بلغ السن القانونية، وكان الواجب فصله من 6 نوفمبر سنة 1948، ولكن الورش استبقته بالخدمة حتى 5 من يناير سنة 1955 بطريق الخطأ، وهو لا يستحق مكافأة عن المدة من أول أكتوبر سنة 1939 لغاية 5 من نوفمبر سنة 1948 تاريخ بلوغه السن القانونية، وذلك طبقاً للمادة 29 من قرار 8 من مايو سنة 1922، حيث إن تعيينه ثانية بعد تقرير عدم لياقته للبقاء في الخدمة طبياً يعتبر تعييناً استثنائياً القصد منه مساعدته على كسب عيشه، وتعتبر الأجرة التي كان يتقاضاها خلال هذه المدة كمكافأة له عن عمله الذي يؤديه، كما أن قانون عقد العمل الفردي لا يجوز تطبيقه في هذه الحالة. أما المدة من 6 من نوفمبر سنة 1948 حتى تاريخ فصله في 5 من يناير سنة 1955 فتعتبر مدة قضاها بدون وجه حق، كما أنها مدة لاحقة للمدة السابقة، وعليه فلا يستحق عنها مكافأة؛ ومن ثم يتعين رفض دعواه. وقد عقب المدعي على ذلك بمذكرة ردد فيها دفاعه السابق وصمم على طلباته، استناداً إلى المادة 32 من قانون المعاشات الصادر في سنة 1909، وإلى لائحة عمال المياومة المصدق عليها بقرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من مايو سنة 1922، وإلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944، وإلى قرار لجنة الإحسانات رقم 256 الصادر في 15 من مايو سنة 1929 ما دام قد قضى في الخدمة مدة ست سنوات على الأقل، وأخيراً إلى المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي. وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً، ذهب فيه إلى أنه يرى الحكم بأحقية المدعي في الحصول على مكافأة عن مدة خدمته بالتطبيق لأحكام قانون عقد العمل الفردي أو لأحكام القوانين واللوائح السابقة عليه أيها أصلح له. وبجلسة 28 من يناير سنة 1957 قضت المحكمة الإدارية في هذه الدعوى "بأحقية المدعي في مكافأته عن مدة خدمته طبقاً للمرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي على التفصيل المبين بأسباب الحكم، وألزمت الحكومة بالمصروفات و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها على أن المدعي بلغ سن الخامسة والستين في 6 من نوفمبر سنة 1948 وقت أن كان القانون رقم 41 لسنة 1944 الخاص بعقد العمل الفردي سارياً. وأن قرار فصله صدر في 5 من يناير سنة 1955 في ظل سريان المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 الخاص بعقد العمل الفردي الذي حل محل القانون سالف الذكر اعتباراً من 8 من ديسمبر سنة 1952، والذي تسري أحكامه على عمال اليومية بالحكومة بمفهوم المخالفة لنص المادة الأولى منه، وهو القانون الأصلح للمدعي والواجب تسوية مكافأته على أساس ما ورد به من أحكام. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 30 من مارس سنة 1957 طلب فيها "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة القضية إلى المحكمة الإدارية للفصل فيها على أساس المبدأ المقرر في المسألة القانونية محل الطعن". واستند في أسباب طعنه إلى أن هذا الحكم قد صدر على خلاف المبدأ الذي وضعته المحكمة العليا في شأن تحديد دائرة التطبيق الشخصي لأحكام القانون رقم 317 لسنة 1952، فخرج به عن تلك الدائرة حيث طبقه على المدعي وهو من عمال الحكومة الذين تنظم علاقتهم بها اللوائح المعمول بها في هذا الشأن دون قانون عقد العمل الفردي.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مثار المنازعة هو ما إذا كان المدعي يستحق مكافأة عن مدة خدمته التي قضاها بعد رفته بسبب عدم لياقته الطبية أم لا.
ومن حيث إنه بقطع النظر عما أثارته الحكومة من عيوب تشوب إعادته إلى الخدمة بدون كشف طبي، ثم استمراره فيها حتى بعد سن السبعين - بقطع النظر عن هذا كله، فإن المدعي لا يستحق أية مكافأة عن تلك المدة جميعها بالتطبيق للقوانين واللوائح الصادرة في هذا الشأن.
ومن حيث إنه يجب التنبيه بادئ ذي بدء إلى أن المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي لا ينطبق على خصوصية النزاع؛ لأن العلاقة بين المدعي والحكومة ليست علاقة عقدية من روابط القانون الخاص، بل هي علاقة قانونية تحكمها القوانين واللوائح، وذلك بناءً على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة.
ومن حيث إن المادة 32 من القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات الملكية (معدلة بالقانونين رقمي 29 لسنة 1910 و14 لسنة 1913) تنص على ما يلي: "المستخدمون المؤقتون والخدمة الخارجون عن هيئة العمال المندرجون في الجدول حرف "أ" الذين يرفتون بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة 14 أو بسبب العاهة أو المرض أو كبر السن مما يجعلهم غير لائقين للخدمة بموجب شهادة من طبيبين تعينهما الحكومة، تعطي لهم مكافأة معادلة لماهية نصف شهر واحد من ماهيتهم الأخيرة عن كل سنة من سني خدمتهم وبشرط ألا تتجاوز هذه المكافأة ماهية سنة واحدة...."، كما نصت هذه المادة على أنه "ومع ذلك متى بلغ المستخدمون المؤقتون والخدمة الخارجون عن هيئة العمال سن الخامسة والستين سنة وجب اعتبارهم حتماً من فئة الخدمة الذين أصبحوا غير لائقين للخدمة لكبر سنهم، ويكون لهم الحق في المكافأة بدون لزوم لإجراء الكشف الطبي عليهم"، ثم نصت فيما نصت عليه على ما يأتي "المستخدمون المؤقتون والخدمة الخارجون عن هيئة العمال الذين يعينون فيما بعد بصفة دائمة لا يجوز لهم في أي حال من الأحوال أن يطلبوا المكافأة المنصوص عليها في الفقرة الأولى عن مدة خدمتهم السابقة...."، ونصت كذلك بالآتي: "ولا تسري أحكام هذه المادة على العمال باليومية، ولا تمنح أية مكافأة على مقتضى نص هذه المادة إلى الأشخاص الآتي بيانهم وهم: (أولاً) ..... (ثانياً) المستخدمون المؤقتون والخدمة الخارجون عن هيئة العمال الذين نالوا من إحدى مصالح الحكومة مكافأة أو مساعدة ما بمناسبة رفتهم". ويبين من هذه النصوص بما لا يدع مجالاً لأي شك أنه لا يجوز منح مكافأة عن مدة خدمة لاحقة لرفت المستخدمين المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال الذين نالوا مكافأة عن مدة خدمتهم السابقة على رفتهم، وهو ما ينطبق على حالة المدعي؛ ذلك أنه كان معيناً خفيراً بالماهية بمصلحة الميكانيكا والكهرباء، أي في سلك الخدمة الخارجين عن الهيئة، وقد فصل من الخدمة اعتباراً من 18 من سبتمبر سنة 1939 بسبب عدم لياقته للخدمة طبياً، وقبض مكافأته القانونية المستحقة له عن مدة خدمته المذكورة بالتطبيق لأحكام قانون المعاشات الملكية رقم 5 لسنة 1909، فإذا كان قد أعيد إلى الخدمة باليومية المؤقتة (عتالاً) اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1939 عطفاً من المصلحة عليه وبدون كشف طبي لمساعدته في كسب عيشه، واستمر في الخدمة إلى ما بعد سن السبعين على ما في ذلك من مخالفة للقانون كما سلف البيان، فإنه لا يستحق عن هذه الخدمة اللاحقة أية مكافأة بناءً على الحظر المشار إليه، وقرار المجلس الصادر في 8 من مايو سنة 1922 بشأن عمال اليومية والمنظم لإجازاتهم ومكافآتهم لا يفيده في هذا الشأن؛ لكونه في الفترة الأخيرة من عمال اليومية المؤقتين لا الدائمين؛ وبهذه المثابة لا ينطبق عليه؛ ومن ثم فإن دعواه - والحالة هذه - تكون على غير أساس سليم من القانون من جميع وجوهها، ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وبتطبيقه، ويتعين القضاء بإلغائه، وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.