مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الثالث (من أول يونيه إلى آخر سبتمبر سنة 1958) - صـ 1659

(171)
جلسة 12 من يوليه سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

القضية رقم 886 لسنة 3 القضائية

( أ ) مجالس بلدية - دستور سنة 1923 - إرساؤه في المادتين 133 و134 قواعد ترتيب المجالس البلدية والقروية ونظام فرض الرسوم المتعلقة بها - التفرقة بين الرسم والضريبة.
(ب) رسوم - كونها مقابل خدمة معينة - ليس معناه أنه لا يجوز تحصيلها قبل إتمام المشروعات التي ترتب عليها تحقيق الخدمة.
1 - إن ترتيب المجالس البلدية والقروية ونظام فرض الرسوم المتعلقة بها قد أرسى قواعدها في مصر الفصل الخامس من الباب الثالث من دستور سنة 1923، وهو الذي نظم مجالس المديريات والمجالس البلدية؛ فنصت المادة 133 منه على أن "ترتيب مجالس المديريات والمجالس البلدية على اختلاف أنواعها واختصاصاتها وعلاقاتها بجهات الحكومة تبينها القوانين"، ونصت المادة 134 من الباب الرابع في المالية على أنه "لا يجوز إنشاء ضريبة ولا تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون ولا يجوز تكليف الأهالي بتأدية شيء من الأموال أو الرسوم إلا في حدود القانون". ففرق هذا الأصل الدستوري بين الرسم والضريبة بقصد تحديد نطاق اختصاص كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية؛ حتى لا تتغول الأخيرة على ما هو داخل في اختصاص الأولى فللسلطة التنفيذية وللمجالس البلدية - باعتبارها تحت الوصاية الإدارية للسلطة التنفيذية - حق فرض الرسوم في حدود القانون، أما فرض الضرائب فأمره مما تستقل به السلطة التشريعية، فلا يجوز إنشاء ضريبة أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون. أما عن التكاليف أو الرسوم التي تجبى مقابل خدمات عامة معينة فيجب أن يضع القانون حدود هذه التكاليف والرسوم، على أن يعهد إلى السلطة التنفيذية أن تقرر داخل هذه الحدود مقدار الرسوم وطرق جبايتها بلوائح وقرارات تنفيذية تصدرها.
2 - إن كون الرسم هو مقابل خدمة تؤدى ليس معناه أنه لا يجوز تحصيل الرسم قبل إتمام المشروعات التي يترتب عليها تحقيق الخدمة، وإلا لكان ذلك تعجيزاً للهيئات الإقليمية عن القيام بالمشروعات التي يتطلبها حسن سير المرافق البلدية والنهوض بها؛ إذ غني عن القول أن تلك الهيئات إنما تعتمد أساساً على مواردها المالية لتحقيق هذه الأغراض، وفرض الرسوم وجبايتها هو من أهم هذه الموارد، كما أن ما يتطلبه موظفوها ومستخدموها وعمالها من رواتب وأجور وما يلزمها لحسن سير المرافق القائمة وتنفيذ المشروعات المستقبلة من نفقات، وهي أمور تسير معاً جنباً إلى جنب، كل ذلك يقتضي، بحكم الضرورة، وضماناً لاستدامة سير المرافق وعدم تعطيلها وحسن سيرها، عدم تعطيل حركة جباية الرسوم إلا إذا قرر المجلس ذلك في الحدود التي يقررها، كما يقتضى في الوقت ذاته أن يترك لتلك الهيئات الوقت اللازم لتنفيذ مشروعاتها بحسب الظروف والأحوال، وإنما تكون مشروعية الجباية رهينة مآلاً بجدية المشروعات التي من أجلها فرضت تلك الرسوم، فإذا تبين أن تلك المجالس لم تكن جادة في ذلك أمكن مساءلتها إن كان لذلك وجه.


إجراءات الطعن

في 17 من يوليه سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 886 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة خامسة "ب") بجلسة 2 من يونيه سنة 1957 في الدعوى رقم 3071 لسنة 9 القضائية المرفوعة من شركة كوستى ز. جوا كيمو جلو وشركاه ضد مجلس قروي منية سمنود ووزارة الشئون البلدية والقروية، والذي يقضي "بإلزام مجلس بلدي منية سمنود بأن يدفع للشركة المدعية تعويضاً يوازي الزيادة التي حصلها منها بناءً على القرار الصادر من وزير الشئون البلدية والقروية بتاريخ 12 من أغسطس سنة 1952 من تاريخ نفاذه في 12 من يوليه سنة 1952 لغاية 30 من يونيه سنة 1953، وألزمت المجلس البلدي بالمصروفات المناسبة وبمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، مع إلزام الشركة المدعية بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 3 و7 من أغسطس سنة 1957، وإلى الخصم في 12 منه، وعين لنظره جلسة 8 من فبراير سنة 1958، وأبلغ الطرفان في 16 من ديسمبر سنة 1957 بميعاد هذه الجلسة، فقدمت الشركة المطعون عليها مذكرة خلصت منها إلى طلب الحكم "بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 2 من يونيه سنة 1957، مع القضاء للشركة المدعية قبل كل من وزارة الشئون البلدية والقروية وبلدية منية سمنود بمبلغ 300 م و11252 ج بصفة تعويض مع فوائدها القانونية بواقع 5% سنوياً من يوم المطالبة الرسمية حتى تمام السداد. واحتياطياً برد القضية إلى محكمة القضاء الإداري لتفصل فيها على ضوء المبادئ الموضحة في طلب مذكرتها، مع إلزام بلدية منية سمنود ووزارة البلديات على الحالين بالمصاريف ومقابل الأتعاب". وبالجلسة المذكورة سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضرها، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن الشركة المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 3071 لسنة 9 القضائية بعريضة أودعتها سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 11 من يونيه سنة 1955 طلبت فيها الحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا لها على وجه التضامن مبلغ 112 م و8824 ج مع الفوائد من يوم المطالبة الرسمية والمصاريف مقابل أتعاب المحاماة. وقالت الشركة شرحاً لدعواها إنها تمتلك محلجاً للقطن بمنطقة منية سمنود، وقد فرضت البلدية على المحالج الموجودة بالمنطقة رسماً بلدياً على أساس القوة المحركة بواقع أربعة جنيهات للحصان، وصدر بذلك قرار من وزير الصحة (المتولي شئون البلديات وقتئذٍ) نشر في الوقائع الرسمية في أول ديسمبر سنة 1947 بالعدد رقم 110. وقد سارت البلديات المختلفة على قواعد متباينة في صدد تحديد سعر الرسم البلدي على المنشئات الصناعية، مما أدخل البلبلة في النفوس والاضطراب في الإنتاج؛ فمن المجالس من فرض سعراً مرتفعاً، ومنها من فرض سعراً منخفضاً. واختلف الأمر في صدد تحديد وعاء الرسم، مما أدى بغرفة صناعة حلج القطن وغيرها إلى التدخل لدى ولاة الأمور لتوحيد أسس الرسوم البلدية، وقد صدر فعلاً مرسوم في 23 من سبتمبر سنة 1948 بقواعد موحدة تتبع في فرض الرسم البلدي بالنسبة للمنشئات الصناعية. واستقر الرأي على أن يكون الرسم بمعدل قرش واحد عن كل قنطار من القطن، ونصف القرش عن كل إردب من البذرة، وصدر قرار بذلك من وزير الصحة العمومية في 5 من إبريل سنة 1949 استمر معمولاً به حتى شهر يوليه سنة 1952. وقالت الشركة المدعية إنه حدث بعد ذلك أن بعثت وزارة الشئون البلدية والقروية بمنشور هو الكتاب رقم 30 إلى البلديات المختلفة، طلبت فيه منها تعديل الرسم المقدر على المحالج إلى 30 م لقنطار القطن وعشرة مليمات لإردب البذرة. ونظراً لأن بلدية منية سمنود قد أدركت ما في هذا الرسم من إجحاف ولعلمها أنها لا تؤدي أية خدمة بلدية في هذا الشأن، أصدرت في 12 من يوليه سنة 1952 القرار الأتي: "الموافقة على التعديل المطلوب بالزيادة، على أن ينفذ مشروع المياه والنور حالاً، أي قبل تعديل الزيادة"، وأبلغت قرارها إلى وزارة الشئون البلدية والقروية. ومع أن هذا القرار قد علق تنفيذ الزيادة على إدخال المياه والنور إلى البلدة، فإن وزير الشئون البلدية والقروية أصدر في 12 من أغسطس سنة 1952 قراراً بالتصريح للمجلس بأن يحصل الرسم البلدي الذي قرره على المحالج على أساس الإنتاج الفعلي بواقع 30 م لقنطار القطن وعشرة مليمات لإردب البذرة. واستطردت الشركة المدعية قائلة إن قرار المجلس البلدي بزيادة فئات الرسم قد صدر معلقاً على شرط هو إدخال المياه والنور، ولم تكن وزارة الشئون البلدية تملك إجراء أي تحريف في القرار، بل كان كل ما تملكه هو الموافقة على القرار كما هو أو رفضه على علته؛ ومن ثم فقد صدر قرار الوزارة باطلاً، ويكون للشركة المدعية حق استرداد ما اضطرت إلى دفعه من رسم هو في الواقع غير مستحق بسبب بطلان القرار الصادر به. وقالت الشركة المدعية إن الرسم البلدي هو مقابل لخدمة تؤديها البلدية للممول، ولا بد من وجود تناسب بين الرسم والخدمة، بحيث لا يزيد الرسم عن مقابل الخدمة المؤداة. وبلدية منية سمنود لا تؤدي في الواقع أية خدمة للشركة، فهي التي تتكفل بعمليات الإضاءة والمياه الخاصة بالمحلج، وقد اضطرت إلى شق شارع على نفقتها الخاصة لتصل المحلج بالطريق العمومي؛ ولذلك فإنه يحق لها أن تطلب تعويضها عما اضطرت إلى دفعه من رسوم تحت ضغط التهديد بالحجز. واستشهدت صحيفة الدعوى برأي الفقهاء في أساس استحقاق الرسم البلدي في الدستور المصري، والفارق بين الرسم والضريبة، ومؤدى هذا الرأي أن الرسم مبلغ من المال تتقاضاه الدولة مقابل خدمات معينة تؤديها السلطة العامة، فيجئ الرسم لمناسبة خدمة تؤدى للممول ويمكن اعتبارها ثمناً لها؛ فطابع البريد رسم لقاء خدمة النقل، ومصروفات المدرسة لقاء خدمة التعليم. أما الضريبة فإنها لا تجبى لمناسبة خدمة معينة يمكن تقديرها؛ إذ لا يدفع الممول الضريبة العقارية مثلاً مقابل خدمة يتلقاها، بل يؤدي نصيبه في النفقات العامة للدولة، حيث إن الضريبة وسيلة لتوزيع أعباء التكاليف العامة على الأفراد، والفرق بين الرسم والضريبة مقرر على هذا النحو أيضاً في الفقه الفرنسي، كما يقول بذلك عميد كلية الحقوق بجامعة باريس (إدجار اليكس) في مؤلفه علم المالية والتشريع الضرائبي. وانتهت الشركة إلى أن مجلس بلدي منية سمنود عندما فرض على إنتاجها رسوماً باهظة لا تتناسب بحال مع أية خدمة معينة يؤديها لها إنما يكون في الواقع قد فرض ضريبة على خلاف ما نص عليه الدستور المصري في المادة 134 منه؛ لصدور القرار الخاص بفرض هذه الضريبة من هيئة غير مختصة. ثم استشهدت الشركة المدعية ببعض أحكام محكمة القضاء الإداري، وخلصت إلى أنه ما دامت البلدية لا تؤدي أية خدمة للشركة المدعية فليس ثمة سبب قانوني يشفع لها في اقتضاء أي رسوم، ويكون من حقها المطالبة باسترداد ما تكون قد دفعته منها مكرهة على أدائه. وقد أضافت الشركة إلى ما سلف أن وزير الشئون البلدية والقروية جاوز سلطته عندما أصدر قراره المؤرخ 12 من أغسطس سنة 1952 بفرض الرسم البلدي، غير ملتفت إلى ما أحاط قرار المجلس من شروط مؤداها عدم تنفيذ الزيادة في الرسم إلا بعد إدخال المياه والنور إلى البلدة، حتى يكون للرسم المقرر مقابل حقيقي من الخدمة المؤداة. فسلطة الوزير هي سلطة وصاية إدارية تخوله حق التصديق أو عدم التصديق على قرار المجلس البلدي، ولكنها لا تخوله حق إصدار قرار على غير ما وافقت عليه البلدية بالفعل. فإن أصدرت البلدية قراراً معلقاً على شرط، لم يكن للوزير أن يصدق على القرار ويهمل الشرط. وذكرت صحيفة الدعوى رأي أحد فقهاء القانون الإداري المصري في سلطة الحكومة المركزية في التصديق على قرارات الهيئات المحلية ومدى هذه السلطة، وهو يؤيد ما ذهبت إليه الشركة من أن الحكومة المركزية لا تملك سوى رفض القرار الصادر من المجلس البلدي أو تأييده، ولكن ليس لها أن تعدل في القرار أو أن تحل محل المجلس البلدي أو القروي وتتخذ القرار بدلاً منه إلا إذا أعطيت ذلك بنص صريح في القانون. وانتهت الشركة المدعية إلى أن الرسوم المدفوعة تنفيذاً لقرار وزير البلديات المنشور في عدد الوقائع الرسمية رقم 131 الصادر في 8 من سبتمبر سنة 1952 قد دفعت بغير وجه حق، ويجوز لها أن تستردها، وهذه الرسوم هي (عن السنة المالية من أول مايو سنة 1952 حتى آخر إبريل سنة 1953) مبلغ 370 م و3935 ج عن 131178 قنطاراً من القطن المحلوج، بواقع ثلاثين مليماً للقنطار، ومبلغ 50 م و915 ج عن 91506 إردباً من البذرة، بواقع عشرة مليمات للإردب. أما عن السنة المالية من أول مايو سنة 1953 حتى آخر إبريل سنة 1954، فقد دفعت الشركة مبلغ 490 م و3224 ج عن القطن المحلوج، ومبلغ 580 م و749 ج عن البذرة، ويكون المجموع الكلي للرسم الذي دفعته الشركة فعلاً هو 112 م و8824 ج تنفيذاً لقراري 5 من إبريل سنة 1949 و12 من أغسطس سنة 1952، ويحق لها المطالبة باستردادها. وقد رد مجلس قروي منية سمنود على الدعوى بمذكرة في 7 من يوليه سنة 1955 بعث بها إلى إدارة البلديات، ذكر فيها أن الشركة المدعية إنما تناقش أموراً أقرتها القوانين وأمرت بها اللوائح وهي من النظام العام، وعريضة الدعوى تناقش القانون نفسه. والشركة المدعية ترمي إلى تعطيل قانون عام ترتب على تنفيذه أن شملها بضريبة لم تدفعها الشركة لمدة أربع سنوات، أي منذ إنشاء المجلس الذي يحصل ضرائبه وعوائده منذ عام 1943 - 1944، بينما لم تقم الشركة بتسديد هذه الضرائب إلا منذ عام 1947 - 1948؛ وبذلك ضاع على المجلس ما يقرب من تسعة ألاف جنيه، والمحلج قائم بالبلدة قبل إنشاء المجلس القروي، ثم قالت المذكرة إنه في 13 من أغسطس سنة 1952 صدر قرار وزاري بتعديل الرسم البلدي على المحالج بجعله ثلاثين مليماً عن كل قنطار محلوج من القطن وعشرة مليمات عن كل إردب بذرة، وذلك بدلاً من عشرة مليمات وخمسة مليمات على التوالي، وتنفيذ هذا التعديل اعتباراً من 12 من يوليه سنة 1952. ولما طالب المجلس الشركة المدعية بتسديد الرسوم على هذا الأساس رفضت الدفع إلا على أساس الفئات القديمة، أما عن الرسوم المعدلة فقالت إنها لا تستطيع دفعها إلا بعد إدخال المياه والنور تنفيذاً لقرار المجلس. وقام المجلس باستطلاع رأي إدارة البلديات في الأمر، فتلقى منها الرد بأن رغبة المجلس الواردة في قراره بشأن إدخال المياه والنور لا تعد شرطاً لتنفيذ هذا القرار ولا تبطل القرار؛ إذ أن من البدهي أن هذه الرغبة لا يمكن تنفيذها إلا بعد الحصول على الإيراد الكافي عن طريق التعديل المطلوب في الرسوم، وأن القرار الوزاري الصادر في 12 من أغسطس سنة 1952 لم يتضمن هذه الرغبة؛ وبذلك لا تعد شرطاً لسريانه. وأشارت المصلحة باتخاذ الإجراءات فوراً للحصول من الشركة على الرسوم المستحقة عليها، فلما أن ماطلت الشركة في الدفع أوقع المجلس حجزاً عليها في 27 من يوليه سنة 1953 وفاءً لمبلغ 150 م و5316 ج قيمة الرسوم المستحقة بما فيها مصاريف الحجز، فقامت الشركة بدفع هذا المبلغ، وقررت أنها تدفعه تحت ضغط الحجز محتفظة لنفسها بكافة الحقوق. وقد تلقى المجلس خطاباً من الشركة تطالب باسترداد هذا المبلغ، بدعوى أن المجلس حصل عليه بغير وجه حق؛ لأن الرسم البلدي لا يدفع إلا مقابل خدمات بلدية والمجلس لا يؤدي للمحلج أية خدمات من هذا القبيل. وقال المجلس إنه فات الشركة المدعية أن المجلس قائم بتمهيد وتعبيد جميع الطرق الموصلة إلى المحلج، ويقوم برش وكنس تلك الطرق، كما قام برصف الشارع الرئيسي المؤدي إلى المحلج، وبمد شبكة مائية بالمدينة، وخصص للمحلج أمام واجهته الشرقية حنفية حريق وأخرى بالقرب منه لتوزيع المياه الصالحة للشرب، كما قام فعلاً بمشروع إضاءة البلدة بواسطة لمبات البنزين لحين إدخال التيار الكهربائي إلى المدينة. واستطرد المجلس يقول إن الرسوم التي يحصلها المجلس من الشركة سواء زادت أم نقصت فإن الشركة تقوم بدورها بتحصيلها من التجار والحلاجين أولاً بأول، مما يمكن معه اعتبار الشركة كوسيط في جباية هذه الرسوم ودفعها للمجلس، وبالتالي فالشركة لا تدفعها من مالها الخاص، ولا يجوز لها الآن المطالبة باستردادها كما أرسل المجلس كتاباً إلى هيئة المفوضين بمجلس الدولة في 9 من فبراير سنة 1956 برقم 54 قرر فيه أنه: (1) قد تم تنفيذ مشروع المياه ومد الشبكة المائية لشوارع البندر في 22 من إبريل سنة 1953. (2) تم تنفيذ الإنارة للبندر في أول يوليه سنة 1953. (3) قام المجلس برصف الطرق الداخلة إلى المحلج، وتم ذلك في 11 من مارس سنة 1954. (4) وأن الرسوم البلدية المقررة على إنتاج المحلج والصادر عنها القرار الوزاري في 12 أغسطس سنة 1952 موحدة على جميع إنتاج المحالج الموجودة ببلاد الجمهورية الواقعة في اختصاص المجالس البلدية والقروية تنفيذاً لمنشور الإدارة العامة لشئون البلديات رقم 8 لسنة 1951. (5) يقوم المجلس بتأدية خدمات للمحلج دون تقصير في ذلك، حيث قام بتنفيذ ورصف الطرق الموصلة إليه، وتخصيص وضع بوش لإطفاء الحريق وحنفية مياه للرش أمام المحلج المذكور، ووضع الإنارة الكافية بواسطة لمبات البنزين من قوة مائة شمعة، علاوة على تأدية خدمات أعمال النظافة والصيانة والرش. والمجلس جاري تنفيذ إضاءة البلدة بالكهرباء. وتحدد لفتح مظاريف هذا المشروع في 14 من فبراير سنة 1956، مما يقطع بأن المجلس يقوم بتأدية خدماته على الوجه الأكمل واستكمال جميع المرافق الهامة. بما لا يترك مجالاً للادعاء بعدم قياس المجلس بتبعاته. (6) وقد أفتى قسم التشريع بالإدارة العامة لشئون البلديات بكتابه رقم 15 ملف 23/ 21/ 29 بأن رغبة المجلس التي تضمنها قراره الصادر في 12 من يوليه سنة 1952 لا تعد شرطاً لتنفيذ القرار الوزاري الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 بفرض الضريبة على إنتاج المحلج ولا تبطل قرار المجلس بتعديل الرسم. ومن البدهي فإن رغبة المجلس لا يمكن تنفيذها إلا بحصوله على الإيراد الكافي من التعديل المطلوب. وقد طلبت الحكومة في ختام مذكرتها الحكم برفض دعوى الشركة لأنها تقوم على غير سند من القانون. وقد عين لنظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري جلسة 18 من أغسطس سنة 1956، وفيها قدمت الشركة المدعية مذكرة عدلت فيها طلباتها بالزيادة، قائلة إن البلدية اقتضت منها أيضاً بغير وجه حق رسوماً عن سنة 1954 - 1955 وقدرها 760 م و4608 ج، فأصبح مجموع ما تطالب الشركة باسترداده هو مبلغ 872 م و13432 ج. وقالت إن دعواها هي في حقيقتها دعوى تعويض يوازي قيمة المبالغ التي اضطرت إلى دفعها للبلدية بغير وجه حق. وفي 15 من أكتوبر سنة 1956 قدمت الشركة المدعية مذكرة ثانية عدلت فيها طلباتها من جديد بإضافة مبلغ 670 م و4287 ج قيمة الرسوم التي دفعتها عن السنة المالية من أول مايو سنة 1955 حتى آخر إبريل سنة 1956، فأصبح مجموع المبالغ المطالب بها هو 542 م و17720 ج. وقالت الشركة إنه فيما يتعلق بالشرطين اللذين علق المجلس البلدي قراره بزيادة الرسم على تنفيذهما، فإن أحدهما وهو مشروع مياه الشرب لم يتحقق بعد، والثاني وهو مشروع مد التيار الكهربائي فإنه هو أيضاً لم يتحقق منه شيء باعتراف البلدية نفسها؛ إذ جاء في مذكرتها أن المجلس قام فعلاً بمشروع إضاءة البلدة بواسطة لمبات البنزين لحين إدخال التيار الكهربائي إلى المدينة، وأضافت الشركة أن الشرط الذي وضعه المجلس هو إدخال النور وتوصيل التيار الكهربائي للمدينة، وأن هذا واضح تماماً من كتاب المجلس البلدي في 13 من يوليه سنة 1952، وهو الكتاب الذي أبلغ به رئيس المجلس قرار المجلس الصادر في 12 من يوليه سنة 1952 إلى وزير الشئون البلدية والقروية. وقالت الشركة المدعية إن قرار المجلس يتضمن في الحقيقة: (1) أن يبدأ بمد شبكة مياه وشبكة تيار كهربائي في المدينة. (2) الموافقة من حيث المبدأ على زيادة الرسم بعد تحقيق هذه المشروعات. (3) إرجاء اتخاذ إجراءات بشأن الأوضاع التفصيلية الخاصة بالرسم من حيث تاريخ جبايته إلى الوقت المناسب الذي تحدده البلدية فيما بعد. وذكرت الشركة أن وجه مسئولية الوزارة هي أنها أصدرت قراراً وزارياً باعتماد زيادة الرسوم على خلاف القرار الذي أصدره فعلاً المجلس البلدي، وقد استند المجلس إلى هذا القرار الباطل في اتخاذ إجراءات تنفيذية قبل الشركة المدعية. وفي 28 من مارس سنة 1957 قدمت الشركة المدعية مذكرة ختامية وافقت فيها على الرأي الذي أبداه السيد مفوض الدولة من أن الشركة لها الحق في استرداد مبلغ 300 م و11252 ج فقط، وهو مقدار زيادة الرسوم على القطن والبذرة التي حصلها المجلس من الشركة دون انتظار إنشاء المرافق المشترطة، أما ما تطالب الشركة باسترداده زيادة على ذلك فليس لها فيه حق؛ لأنه قد دفع بناءً على قرار وزاري سابق ومقابل خدمات مؤداة تنتفع بها الشركة فعلاً، وهي رسوم واجبة الأداء ولا تجوز المطالبة بتعويض عنها. وقصرت الشركة طلباتها الختامية على مبلغ 300 م و11252 ج على سبيل التعويض مع الفوائد بواقع 5% من يوم المطالبة الرسمية. وبجلسة 2 من يونيه سنة 1957 حكمت محكمة القضاء الإداري "بإلزام مجلس بلدي منية سمنود بأن يدفع للشركة المدعية تعويضاً يوازي الزيادة التي حصلها منها بناءً على القرار الصادر من وزير الشئون البلدية والقروية بتاريخ 12 من أغسطس سنة 1952، من تاريخ نفاذه في 12 من يوليه سنة 1952 لغاية 30 من يونيه سنة 1953، وألزمت المجلس بالمصروفات المناسبة وبمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها على أن محل البحث في هذه الدعوى هو ما إذا كان قرار مجلس بلدي منية سمنود الصادر في 12 من يوليه سنة 1957 بزيادة الرسوم على محالج الأقطان قد صدر معلقاً على شرط، هو تنفيذ مشروعي المياه والنور بالبلدة، بحيث لا ينفذ القرار إلا إذا تحقق هذا الشرط، أم أن ما ورد في ذلك القرار خاصاً بهاتين العمليتين لا يعدو أن يكون رغبة أبدتها هيئة المجلس، دون أن تقصد إلى تعليق تنفيذ قرارها بزيادة الرسوم على تنفيذ هاتين العمليتين، وفي الحالة الأولى ما إذا كان وزير الشئون البلدية والقروية يملك سلطة التصديق على قرار المجلس فيما يتعلق بزيادة الرسوم فتصبح هذه الزيادة مقررة فوراً، وأن يغفل الشرط الذي صدر القرار معلقاً عليه. أما فيما يتعلق بالمسألة الأولى فقد قال الحكم المطعون فيه إن الفصل فيها يتوقف على نص القرار ذاته وهو "الموافقة على التعديل المطلوب بالزيادة على أن ينفذ مشروع المياه والنور حالاً، أي قبل تعديل الزيادة". وأن الكلمات الأربع الأخيرة في القرار لا تدع مجالاً للشك في أن ما قصد إليه المجلس هو تنفيذ المشروعين أولاً ثم تنفيذ الزيادة في الرسوم بعد ذلك؛ ومن ثم فيكون نفاذ هذا القرار معلقاً على شرط، بحيث لا يمكن تنفيذه إلا إذا تحقق هذا الشرط. وأما عبارة (رغبة أعضاء المجلس) التي وردت في كتاب رئيس المجلس في 13 من يوليه سنة 1952 الذي أبلغ به القرار إلى وزارة الشئون البلدية والقروية، فحقيقة الأمر فيها أن رئيس المجلس أورد في صدور كتابه النص الحرفي لقرار المجلس ثم اختتم كتابه بما يأتي: "والتكرم بالتنبيه بالعمل على سرعة توصيل التيار الكهربائي للمدينة من محطة كهرباء سمنود ومد مواسير المياه لشوارع المدينة من مشروع الشئون القروية الموجود بالناحية أو من البلدية سمنود، حتى يمكن التوفيق بين رغبة حضرات أعضاء المجلس في تنفيذ المشروعات الحيوية الجليلة التي ستعود على الناحية بالنفع العظيم". ومهما يكن من تفسير هذه العبارة فلا تعتد المحكمة بها؛ ذلك لأن العبرة بنص القرار ذاته، وهو صريح في أن ما قرره المجلس في شأن مشروعي المياه والإنارة لم يكن مجرد رغبة، وإنما هو شرط لا بد من تحقيقه قبل تنفيذ زيادة الرسوم. أما عن المسألة الثانية وهي الخاصة بسلطة الوزير بالنسبة لقرارات المجالس البلدية والقروية، ففي ذلك قالت المحكمة في أسباب حكمها المطعون فيه بأن من المسلم فقهاً وقضاءً أن علاقة الحكومة المركزية بهذه المجالس إن هي إلا وصاية إدارية، وليست سلطة رياسية. وبناءً عليه فإن الأصل أن وزير الشئون البلدية والقروية لا يملك بالنسبة لقرارات هذه المجالس سوى التصديق عليها كما هي أو عدم التصديق عليها كما هي، دون أن يكون له الحق في تعديل هذه القرارات. والشركة المدعية تستند إلى هذا الأصل القانوني، فتقول إن قرار وزير الشئون البلدية والقروية قد صدر باطلاً لأنه أدخل تعديلاً على قرار مجلس بلدي منية سمنود بأن أغفل الشرط الذي علق عليه المجلس تنفيذ قراره، وتبعاً لذلك يكون قرار المجلس البلدي بتعديل الرسوم على محالج الأقطان باطلاً أيضاً لأنه لم يصادف تصديقاً من وزير الشئون البلدية والقروية، وبناءً على ذلك تكون الرسوم المعدلة التي فرضها المجلس البلدي غير مستحقة أصلاً لبطلان القرار الصادر بها. ولكن المحكمة ترى أن إطلاق هذا الأصل القانوني على الوجه الذي ذهبت إليه الشركة المدعية لا يتفق مع روحه؛ ذلك لأنه يؤدي إلى نتائج غير مستساغة؛ إذ قد يترتب عليه أحياناً تعطيل المجالس البلدية والقروية عن القيام بتأدية رسالتها الهامة. والصواب في الأمر والتطبيق الصحيح الذي يتفق وروح ذلك المبدأ القانوني هو وجوب النظر في التعديل الذي يدخله الوزير على قرار المجلس البلدي أو القروي، فإذا كان جوهرياً بحيث يباعد بين ما قرره المجلس وما قرره الوزير فإن قرار الوزير في هذه الحالة يكون باطلاً لتجاوز سلطته بإجراء هذا التعديل، ويكون قرار المجلس تبعاً لذلك غير قابل للتنفيذ لعدم تصديق الوزير عليه. والأمر على خلاف ذلك إذا كان التعديل لا يتناول إلا مسألة لا تمس جوهر الغرض الأصلي من قرار المجلس، ففي هذه الحالة يكون قرار الوزير صحيحاً فيما اتفق فيه مع قرار المجلس، وباطلاً فيما تضمنه من تعديل؛ لأن الوزير في إجرائه يكون في الواقع قد جاوز سلطته ويتعين تبعاً لذلك إهمال هذا التعديل، ويصبح قرار المجلس بعد ذلك صحيحاً بأكمله، أي كما أصدره المجلس أصلاً، وقابلاً للتنفيذ، لأنه في جوهره قد صادف تصديقاً من الوزير. واستطرد المحكمة تقول إن مجلس بلدي منية سمنود أصدر قراراً في 12 من يوليه سنة 1952 بزيادة الرسوم المفروضة على محالج الأقطان، وعلق تنفيذ قراره على شرط معين هو تنفيذ مشروع المياه والنور بالمدينة. ومؤدى ذلك تأجيل بدء سريان مفعول القرار حتى يتحقق الشرط بتنفيذ هذا المشروع؛ ومؤدى ذلك أيضاً أنه بمجرد تحقق الشرط تصبح الرسوم المعدلة مستحقة بدون حاجة إلى أي قرار جديد يفرضها، وإلا لكان القرار الأول لغواً ولا محل له. وقد بعث المجلس بقراره إلى وزير الشئون البلدية والقروية، فأصدر الوزير قراره في 12 من أغسطس سنة 1952 بالتصديق على قرار المجلس فيما يتعلق بفرض الرسوم المعدلة، وإنما أدخل عليه تعديلاً من حيث تاريخ بدء سريانه، فجعل هذا التاريخ هو يوم صدور القرار، أي 12 من يوليه سنة 1952، بدلاً من التاريخ الذي حدده المجلس وهو يوم إتمام مشروع المياه والنور. ولما كان هذا التعديل الذي أدخله الوزير على القرار غير جوهري لأنه يتعلق فقط ببدء سريانه، أما الجوهر في القرار فهو فرض الرسوم المعدلة، وهذا قد صدق عليه الوزير، فلا يكون قرار الوزير باطلاً إلا فيما تضمنه من إدخال تعديل على القرار من حيث تاريخ بدء سريانه، ويتعين إهمال هذا التعديل، ويكون قرار المجلس البلدي صحيحاً بأكمله، أي كما أصدره المجلس أصلاً؛ لأنه صادف في جوهره تصديق الوزير. وما دام مجلس بلدي منية سمنود قد قرر في كتابه رقم 54 في 9 من فبراير سنة 1956 إلى هيئة مفوضي الدولة أنه قد تم تنفيذ مشروع المياه ومد الشبكة المائية لشوارع البندر في 22 من إبريل سنة 1953، وأنه قد تم تنفيذ الإنارة بالبندر من أول يوليه سنة 1953. ويتضح من ذلك الكتاب أن المجلس قد حقق الإنارة الكافية بواسطة لمبات البنزين من قوة مائة شمعة، وأنه جاري تنفيذ إضاءة البلدة بالكهرباء وكان محدداً لفتح مظاريف هذا المشروع يوم 14 من فبراير سنة 1956. وتقول المحكمة إنه بذلك يكون الشرط الذي علق عليه المجلس بدء تنفيذ قراره بزيادة الرسوم على محالج الأقطان قد تحقق فعلاً وكاملاً من أول يوليه سنة 1953؛ ومن ثم تكون الرسوم المعدلة مستحقة الأداء من هذا التاريخ؛ ومن ثم يكون للشركة المدعية الحق في أن تطلب التعويض عن الضرر الذي أصابها نتيجة تنفيذ القرار الصادر بزيادة الرسوم المستحقة على المحلج الذي تملكه اعتباراً من 12 من يوليه سنة 1952، وفقاً للتعديل الذي أدخله وزير الشئون البلدية والقروية بقراره الصادر في 12 من أغسطس سنة 1952، والمشوب بالبطلان، في حين أن هذه الزيادة في الرسوم لم تستحق شرعاً إلا من أول يوليه سنة 1953، وهو التاريخ الذي تحقق فيه الشرط الذي علق عليه المجلس بدء تنفيذ قراره. وهذا التعويض هو ما تحملته الشركة من زيادة في رسوم القطن المحلوج والبذرة خلال المدة من 12 من يوليه سنة 1952 - تاريخ تنفيذ قرار زيادة الرسم - إلى 30 من يونيه سنة 1953 وهو التاريخ السابق مباشرة للتاريخ الذي تحقق فيه الشرط الوارد في قرار المجلس. ولما كانت وزارة الشئون البلدية والقروية في تصرفاتها المترتبة على إشرافها على المجالس البلدية والقروية تعمل لحساب تلك المجالس، فلا يجوز إلزامها بالتعويض، وإنما مجلس بلدي منية سمنود هو وحده المسئول عن هذا التعويض، وقد دخلت الرسوم التي دفعتها الشركة المدعية بغير حق في خزانته.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن تنفيذ مشروع المياه والنور ما كان - ولا يصح أن يكون - شرطاً لتنفيذ زيادة الرسوم المفروضة على محالج الأقطان، وما هو إلا رغبة من أعضاء المجلس في تنفيذ المشروعات الحيوية الجليلة التي ستعود على الناحية بالنفع العظيم، وهو ما ورد بصريح العبارة في كتاب رئيس مجلس قروي منية سمنود الذي أبلغ به قرار المجلس إلى وزارة الشئون البلدية والقروية. وما دام مجلس قروي منية سمنود قد وافق على زيادة الرسم بجلسته المنعقدة في 12 من يوليه سنة 1952، فإن قرار وزير الشئون البلدية والقروية بتنفيذ هذه الزيادة اعتباراً من هذا التاريخ قرار صحيح ولا مطعن عليه، وتكون الدعوى على غير أساس من القانون، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد وقع مخالفاً للقانون متعيناً الطعن فيه بالإلغاء ورفض الدعوى.
ومن حيث إن ترتيب المجالس البلدية والقروية ونظام فرض الرسوم المتعلقة بها قد أرسى قواعده في مصر الفصل الخامس من الباب الثالث من دستور سنة 1923، وهو الذي نظم مجالس المديريات والمجالس البلدية، فنصت المادة 133 منه على ما يأتي: "ترتيب مجالس المديريات والمجالس البلدية على اختلاف أنواعها واختصاصاتها وعلاقاتها بجهات الحكومة تبينها القوانين"، ونصت المادة 134 من الباب الرابع في المالية على أنه "لا يجوز إنشاء ضريبة ولا تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون. ولا يجوز تكليف الأهالي بتأدية شيء من الأموال أو الرسوم إلا في حدود القانون". ففرق هذا الأصل الدستوري بين الرسم والضريبة بقصد تحديد نطاق اختصاص كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية حتى لا تتغول الأخيرة على ما هو داخل في اختصاص الأولى. فللسلطة التنفيذية وللمجالس البلدية - باعتبارها تحت الوصاية الإدارية للسلطة التنفيذية - حق فرض الرسوم في حدود القانون. أما فرض الضرائب فأمره مما تستقل به السلطة التشريعية، فلا يجوز إنشاء ضريبة أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون. أما عن التكاليف أو الرسوم التي تجبى مقابل خدمات عامة معينة فيجب أن يضع القانون حدود هذه التكاليف والرسوم، على أن يعهد إلى السلطة التنفيذية أن تقرر داخل هذه الحدود مقدار الرسوم وطرق جبايتها بلوائح وقرارات تنفيذية تصدرها. وتنفيذاً لحكم الدستور الذي تولدت في ظله وقائع هذه المنازعة صدر ونشر في 31 من أغسطس سنة 1944 القانون رقم 145 لسنة 1944 بنظام المجالس البلدية والقروية، ونصت المادة الرابعة منه على اختصاصات المجالس البلدية "يختص المجلس البلدي بوجه عام بمرافق الصحة والتنظيم في دائرته، ويقوم بوجه خاص بالأعمال الآتي بيانها: (1) تخطيط المدينة وشق الشوارع وتعديلها وتعبيدها وصيانتها وإنارتها وكذلك إنشاء المنتزهات وتعهدها. (2) النظافة العامة. (3) توفير الماء الصالح للشرب. (4) تصريف المياه والفضلات. (5) إطفاء الحرائق..."، ونصت المادة العاشرة من القانون المذكور على أنه "يجوز للمجلس البلدي في دائرة اختصاصاته أن ينشئ ويدير الأعمال الآتي بيانها: (1) عمليات توليد الكهرباء والغاز، لاستخدامها واستغلالها في الإنارة وغيرها. ويجوز للمجلس في دائرة اختصاصه بموافقة وزير الصحة العمومية (قبل أن تنشأ وزارة الشئون البلدية والقروية) أن يقوم بأي عمل آخر من الأعمال ذات المنفعة العامة مما يعود بالنفع على المدينة". ونصت المادة الحادية عشرة على أن "المشروعات ذات المنفعة العامة الخاصة بتوريد المياه وتوليد الكهرباء والغاز يجب أن تكون ملكاً للبلدية في الحال أو الاستقبال، ولا يجوز أن يعهد باستغلالها إلى أفراد أو شركات إلا بقانون". ونصت المادة الرابعة عشرة من القانون على أنه "يجب الحصول على موافقة وزير الصحة العمومية (الشئون البلدية الآن) مقدماً على ما يقوم به المجلس من الأعمال الآتية: (1) الأعمال الخاصة بالتعديل الجوهري في شبكات الماء والكهرباء....". وأفرد القانون باباً خاصاً لتنظيم الموارد المالية والميزانية، فنصت المادة 21 منه على أن "للمجلس أن يقرر رسوماً مقابل الانتفاع بالمرافق العامة التي يديرها أو المعهود إليه بإدارتها، وأخرى مقابل استعمال الأملاك العامة التي آلت إليه مباشرة شئونها، كذلك له أن يقرر رسوماً إضافية على ضرائب المباني". كما أجاز القانون في المادة 22 أن تفرض بقانون ضريبة إضافية على ضريبة الأرباح التجارية والصناعية وذلك لحساب المجالس البلدية والقروية. ونظمت المادة 23 من القانون وعاء الرسوم البلدية والقروية فقالت: "للمجلس أن يفرض في دائرة اختصاصاته: (1) رسوماً على المحال العمومية والأندية والمحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة والمحال الصناعية والتجارية...."، ونص في ختام هذه المادة على أنه "وتعين بمرسوم القواعد الخاصة بتحديد أساس هذه الرسوم وطريقة التظلم منها وكيفية تحصيلها وكذلك أحوال الإعفاء منها وتخفيضها. ويجوز أن يتضمن المرسوم النص على قواعد مختلفة لحساب أساس الرسوم وكيفية تحصيلها، على أن يترك لكل مجلس الطريقة التي يرى ملاءمتها". وفي 5 من نوفمبر سنة 1945 صدر المرسوم بتعيين القواعد الخاصة بتحديد أساس الرسوم البلدية وطريقة التظلم منها وتحصيلها وأحوال الإعفاء منها، ونشر بالوقائع الرسمية في العدد 158. وجاء في الفقرة الثانية من المادة الأولى منه "وبالنسبة للمحال الصناعية فيكون تحديد الرسوم على أساس القوة المحركة فيها أو عدد الدواليب أو الآلات أو الأموال التي تدار فيها أو بنسبة مئوية من القيمة الإيجارية للمكان الذي تشغله". ونصت المادة 25 من القانون رقم 145 لسنة 1944 على أنه "لا يكون قرار المجلس البلدي فيما يفرضه من الرسوم بالتطبيق لأحكام المادتين 21 و23 نافذ المفعول إلا بعد مصادقة وزير الصحة (الشئون البلدية الآن) عليه، وتجب موافقة الوزير على كل تخفيض أو إلغاء للرسوم أو تقصير أجل سريانها".
ومن حيث إنه بالتطبيق لهذه الأصول الدستورية والنصوص التشريعية المنفذة لها وأحكام اللوائح المنفذة للقوانين صدر في 5 من إبريل سنة 1949 قرار السيد وزير الصحة (القائم وقتذاك على شئون البلديات) مقرراً اعتماد فرض رسم بلدي على المحالج في دائرة منية سمنود بواقع عشرة مليمات عن كل قنطار من القطن المحلوج وخمسة مليمات عن كل قنطار من بذرة القطن. ولم يكن هذا القرار، باعتراف الشركة المدعية، محل أي اعتراض أو طعن من جانبها، بل قامت فعلاً بأداء الرسم على وجه متصل، فقد كانت هذه الفئة من الرسوم تتناسب مع الخدمات المستحدثة المستجدة البسيطة التي كانت تؤديها بلدية ناشئة محدودة النشاط في منية سمنود وقتذاك. فلما ازداد نشاطها تبعاً لانتشار التقدم والأخذ بأسباب العمران في المدينة واتساع دائرة المرافق البلدية في الشئون الصحية، وفي مقدمتها تدبير مياه صالحة للشرب وإقامة الحمامات والمغاسل العامة والمراحيض والكنس والرش والمدافن العامة والإسعاف، وثانياً التخطيط والهندسة القروية وفي مقدمتها تخطيط القرية وتنظيمها وشق الشوارع وتعبيدها وصيانتها، وثالثاً الشئون الاجتماعية، ورابعاً الشئون الزراعية الكفيلة بتشجيع الإنتاج الزراعي وتحسين وسائله ونشر التعاون الزراعي، وخامساً شئون الأمن العام وفي مقدمتها أن يتولى المجلس إنارة القرية وإجراءات إطفاء الحريق، وسادساً شئون المواصلات التي تفرض على مجلس القرية أن يعنى بصيانة وتعبيد الطرق الموصلة منها إلى الطرق الرئيسية بالمساهمة مع مجالس القرى المجاورة المشتركة في الانتفاع بتلك الطرق ومع مجلس المديرية. إزاء هذا كله، ولتدبير الموارد المالية لمواجهة نفقات هذه الخدمات، وأخذاً بمنشور وزارة الشئون البلدية والقروية رقم 8 الذي وجهت فيه المجالس البلدية في سبيل زيادة مواردها لمواجهة الأعباء المترتبة على هذا النشاط إلى تعديل الرسم المقرر على المحالج بزيادته إلى ثلاثين مليماً لقنطار القطن المحلوج وعشرة مليمات لإردب البذرة بادر مجلس قروي منية سمنود في 12 من يوليه سنة 1952 "بالموافقة على التعديل المطلوب بالزيادة، على أن ينفذ مشروع المياه والنور حالاً، أي قبل تعديل الزيادة". وكتبت البلدية إلى وزارة الشئون البلدية والقروية في 13 من يوليه سنة 1952 كتاباً جاء به "بعرض كتاب مصلحة البلديات رقم 30 الخاص بطلب تعديل ضريبة الأقطان والبذرة بجعلها 30 مليماً للقنطار القطن وعشرة مليمات للإردب البذرة بدلاً من عشرة مليمات وخمسة مليمات طبقاً للمنشور رقم 8 على هيئة المجلس المنعقدة في 12 من يوليه سنة 1952 تقرر الموافقة على التعديل المطلوب بالزيادة على أن ينفذ مشروع المياه والنور حالاً، أي قبل تعديل الزيادة. وجاء التفضل بعد الاطلاع استصدار القرار الوزاري اللازم بفرض تلك الرسوم حسب التعديل الجديد الذي قرره المجلس بجلسته سالفة الذكر، والتكرم بالتنبيه بالعمل على سرعة توصيل التيار الكهربائي للمدينة من محطة كهرباء سمنود، ومد مواسير المياه بشوارع المدينة من مشروع الشئون القروية الموجود بالناحية أو من بلدية سمنود حتى يمكن التوفيق بين رغبة حضرات أعضاء المجلس في تنفيذ المشروعات الحيوية الجليلة التي ستعود على الناحية بالنفع العظيم". وفي 12 من أغسطس سنة 1952 صدر القرار الوزاري بتعديل فئتي الرسم البلدي على المحالج في منية سمنود، ونشر هذا القرار بالجريدة الرسمية في العدد 131 في 8 من سبتمبر سنة 1952، وجاء فيه أنه بعد الاطلاع على قرار مجلس منية سمنود القروي بتاريخ 12 من يوليه سنة 1952: المادة الأولى "نصرح لمجلس منية سمنود القروي بأن يحصل الرسم البلدي الذي قرره على المحالج على أساس الإنتاج الفعلي بواقع 30 مليماً لقنطار القطن المحلوج وعشرة مليمات لإردب البذرة"، ونصت المادة الثالثة من هذا القرار الوزاري على أنه "يسري مفعول هذا القرار اعتباراً من 12 من يوليه سنة 1952".
ومن حيث إن نص قرار المجلس القروي لمنية سمنود الصادر في 12 من يوليه سنة 1952 قاطع الدلالة على أنه قرار بات منجز غير معلق على شرط أو مقترن بأجل، وغاية الأمر أن المجلس أبدى رغبته للوزارة للإسراع في تنفيذ بعض المرافق العمرانية العامة الهامة لسكان البلدة. ويؤكد هذا المعنى ما جاء في أصل كتاب رئيس هذا المجلس إلى مدير عام مصلحة البلديات في اليوم التالي مباشرة لصدور قرار المجلس القروي بالموافقة على تعديل الرسم بالزيادة. فقد جاء في صلب الكتاب: "رجاء التفضل بعد الاطلاع استصدار القرار الوزاري اللازم بفرض تلك الرسوم حسب التعديل الجديد الذي قرره المجلس بجلسته سالفة الذكر". وغني عن البيان أن رئيس المجلس القروي إذ أبلغ قرار المجلس إلى مدير عام مصلحة البلديات إنما طلب استصدار القرار الوزاري اللازم بفرض تلك الرسوم حسب التعديل الجديد، فليس في صلب القرار ولا في كتاب التبليغ ما ينم عن أنه قرار مشروط أو مؤجل نفاذه، بل إن رئيس المجلس القروي تعجل استصدار القرار الوزاري بفرض تلك الرسوم الذي صدر باتاً منجزاً؛ وذلك لمقابلة نفقات الخدمات العامة المتعددة التي يؤديها المجلس للمدينة وينتفع بها سكانها قاطبة، وفي مقدمتهم الشركة المدعية ذات النشاط الصناعي والتجاري الملحوظ في تلك المنطقة. على أن المجلس القروي لمنية سمنود لم يفته أن يُعمل نص المادة 16 من القانون رقم 145 لسنة 1944 بشأن المجالس البلدية والقروية التي تنص على أن "للمجلس البلدي أن يبدي رغبات فيما يتعلق بالحاجات العامة للبلدة التي يمثلها وعلى الأخص الشئون الصحية العامة وطرق المواصلات والأمن العام والتعليم والصناعة والتجارة وكل ما يؤدي إلى تقدم العمران وترقية وسائل الحضارة في المدينة، ويتولى رئيس المجلس إبلاغ هذه الرغبات إلى الجهات المختصة، وترسل صورة منها في الوقت نفسه إلى وزير الصحة". فاستعمل المجلس هذه الرخصة التي نص عليها القانون، وقال في قراره بالموافقة على التعديل المطلوب بالزيادة، على أن ينفذ مشروع المياه والنور حالاً أي قبل تعديل الزيادة. وتولى رئيس المجلس في اليوم التالي إبلاغ هذه الرغبة إلى الجهات المختصة، وزاد هذا البيان إيضاحاً بقوله في كتابه: "حتى يمكن التوفيق بين رغبة حضرات أعضاء المجلس في تنفيذ المشروعات الحيوية الجليلة التي ستعود على الناحية بالنفع العظيم"، فليس بعد ذلك محل للقول باقتران قرار المجلس بشرط موقف بعد إذ تبين على وجه اليقين أن نية المجلس، التي زادها كتاب رئيسه توكيداً، اتجهت نحو استعمال حقه في إبداء الرغبات إلى الجهات المركزية المختصة، لاستنهاض همتها في توفير كل ما من شأنه الإسراع في تنفيذ المشروعات الحيوية الجليلة، وفي مقدمتها بطبيعة الحال التيار الكهربائي للمدينة ومد مواسير المياه بشوارعها؛ لأن هذه المرافق العامة تدخل في صميم اختصاصات المجالس البلدية والقروية بنص المواد 9 و10 و69 من القانون رقم 145 لسنة 1944 بنظام المجالس البلدية والقروية على النحو السالف ذكره تفصيلاً.
ومن حيث إن كون الرسم هو مقابل خدمة تؤدى، ليس معناه أنه لا يجوز تحصيل الرسم قبل إتمام المشروعات التي يترتب عليها تحقيق الخدمة، وإلا لكان ذلك تعجيزاً للهيئات الإقليمية عن القيام بالمشروعات التي يتطلبها حسن سير المرافق البلدية والنهوض بها؛ إذ غني عن القول أن تلك الهيئات إنما تعتمد أساساً على مواردها المالية لتحقيق هذه الأغراض، وفرض الرسوم وجبايتها هو من أهم هذه الموارد، كما أن ما يتطلبه موظفوها ومستخدموها وعمالها من رواتب وأجور وما يلزمها لحسن سير المرافق القائمة وتنفيذ المشروعات المستقبلة من نفقات، وهي أمور تسير معاً جنباً إلى جنب، كل ذلك يقتضي - بحكم الضرورة ضماناً لاستدامة سير المرافق وعدم تعطيلها وحسن سيرها - عدم تعطيل حركة جباية الرسوم، إلا إذا قرر المجلس ذلك في الحدود التي يقدرها، كما تقتضي في الوقت ذاته أن يترك لتلك الهيئات الوقت اللازم لتنفيذ مشروعاتها بحسب الظروف والأحوال، وإنما تكون مشروعية الجباية رهينة مآلاً بجدية المشروعات التي من أجلها فرضت الرسوم. فإذا تبين أن تلك المجالس لم تكن جادة في ذلك أمكن مساءلتها إن كان لذلك وجه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن مجلس قروي منية سمنود قد قام فعلاً بتنفيذ الكثير من مشروعات المرافق العامة للمدينة، وأنه ماض منذ إنشائه في تنفيذ المشروعات الحيوية الكبرى التي تتطلب جهداً ومالاً ووقتاً؛ آية ذلك ما جاء بكتاب رئيس هذا المجلس في 22 من إبريل سنة 1953 إلى مدير عام مصلحة البلديات، أي بعد فرض الرسم بشهور معدودات، بشأن منازعة الشركة المدعية في أحقية المجلس المذكور في اقتضاء الرسوم البلدية بعد زيادة فئاتها المقررة، ونصه: "مع الإحاطة بأن المجلس قد أشهر مناقصة لتوريد 120 فانوس لمبة بنزين بمشتملاتها في حدود مبلغ 500 جنيه المدرجة بباب الأعمال الجديدة بميزانية هذا العام، وتحدد لفتح مظاريفها يوم 30 من إبريل الحالي (سنة 1953)، كما وأن المصلحة أشهرت أيضاً في المناقصة العامة عن توريد مواسير لمد شبكة مائية بالمدينة من مشروع مياه الشئون القروية الموجود بالناحية، وذلك في حدود مبلغ خمسة آلاف جنيه المدرجة بباب الأعمال الجديدة بميزانية هذا العام أيضاً"، كما جاء بعد ذلك في كتاب مجلس بلدي منية سمنود إلى السيد رئيس هيئة المفوضين في 9 من فبراير سنة 1956 بصدد الاستفسار عما تم في مشروعات عمرانية بالمدينة "نرجو أن نوضح لسيادتكم أنه: (1) تم تنفيذ مشروع المياه ومد الشبكة المائية لشوارع البندر في 22 من إبريل سنة 1953. (2) تم تنفيذ الإنارة للبندر في أول يوليه سنة 1953. (3) قام المجلس برصف الطرق الموصلة إلى المحلج وتم ذلك في 11 من مارس سنة 1954. (4) قام المجلس بتنفيذ رصف الطرق الموصلة إلى المحلج وتخصيص وضع بوش لإطفاء الحريق وحنفية مياه للرش أمام المحلج ووضع الإنارة الكافية بواسطة لمبات البنزين من قوة مائة شمعة علاوة على تأدية خدمات أعمال النظافة والصيانة والرش. (5) والمجلس جاري تنفيذ إضاءة البلدة بالكهرباء وتحدد لفتح مظاريف هذا المشروع 14 من فبراير سنة 1956". ولم تجادل الشركة المدعية في صحة هذه البيانات الواردة بكتاب وزارة الشئون البلدية والقروية من مجلس بلدي منية سمنود إلى هيئة مفوضي الدولة قبل الفصل في الدعوى بالحكم المطعون فيه. وفي 3 من مايو سنة 1955 صدر ونشر القرار الوزاري من وزارة الشئون البلدية والقروية بتوحيد فئات الرسوم البلدية في بعض المجالس البلدية وذلك بعد الاطلاع عل القرارات الوزارية الصادرة لبعض المجالس بتحصيل الرسوم التي تناولها التوحيد في هذا القرار، ونصت المادة السادسة من هذا القرار على أنه يصير تحصيل الرسم على المحالج والشون ومخازن السماد بواقع الفئات التالية سنوياً في المجالس الآتية: 30 مليماً عن كل قنطار قطن يحلج بالمحالج وعشرة مليمات عن كل إردب بذرة ناتجة بالمحالج. ومن بين المجالس التي يسري عليها هذا القرار منية سمنود.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن القرار الوزاري الصادر في 12 من أغسطس سنة 1952 بتعديل فئتي الرسم البلدي على المحالج في منية سمنود بعد الاطلاع على قرار مجالسها القروي الصادر في 12 من يوليه سنة 1952 هو قرار صحيح صدر بالتطبيق السليم لأحكام القانون؛ ومن ثم يكون صحيحاً ما ترتب عليه من آثار قبل الشركة المدعية. ولا محل للمطالبة بالتعويض عما تزعمه الشركة من أضرار أصابتها من جراء تنفيذ أحكامه. وحيث ينتفي الخطأ من جانب الإدارة وحيث يكون قرارها مشروعاً مبرءاً من العيوب التي نص عليها القانون تكون دعوى التعويض على غير أساس سليم من القانون، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه بالإلغاء غير هذا المذهب فيما قضى به من "إلزام مجلس بلدي منية سمنود بأن يدفع للشركة المدعية تعويضاً يوازي الزيادة التي حصلها منها بناءً على القرار الصادر من وزير الشئون البلدية والقروية في 12 من أغسطس سنة 1952 من تاريخ نفاذه في 12 من يوليه سنة 1952 لغاية 30 يونيه سنة 1953"، فإنه يكون قد خالف القانون، ويكون الطعن فيه بالإلغاء قد قام على أساس سليم، وتكون دعوى الشركة المدعية خليقة بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.