أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 23 - صـ 262

جلسة 5 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سامح، ونصر الدين عزام، وسعد الدين عطية، وحسن الشربينى.

(63)
الطعن رقم 1299 لسنة 41 القضائية

( أ ) نيابة عامة. أمر بألا وجه. تحقيق. إثبات. "بوجه عام". دعوى جنائية. "تحريكها". دفوع. "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى".
أمر النيابة بحفظ الشكوى إداريا. الذى لم يسبقه تحقيق قضائى. غير ملزم لها. لها حق الرجوع فيه نظرا لطبيعته الإدارية.
الأمر الصادر من النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى بعد إجرائها تحقيق أو انتداب أحد رجال الضبط لذلك. لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة قبل إنتهاء مدة سقوط الدعوى. المواد 213، 209، 197 إجراءات.
قوام الدليل الجديد: أن يلتقى به المحقق لأول مرة بعد التقرير فى الدعوى بألا وجه لإقامتها. مثال.
(ب) دعوى مدنية. دعوى جنائية. تعويض. ضرر. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدعوى المدنية. ترفع فى الأصل إلى المحاكم المدنية. إباحة رفعها استثناء إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئا مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجنائية. يكفى فى بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذى حكم بالتعويض من أجله. مثال.
(ج) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "شهود". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع فى تبين الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من كافة ظروفها وأدلتها. حقها فى وزن أقوال الشهود وتقديرها دون معقب. الجدل الموضوعى حول أدلة الدعوى ومدى كفايتها فى الإثبات. تستقل به محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لدى محكمة النقض.
(د) إثبات. "خبرة". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. مرجعه محكمة الموضوع. حريتها فى تقدير القوة التدليلية لها - عدم التزامها بالرد على الطعون الموجهة إليها. ما دامت قد أخذت بها.
المحكمة لا تلتزم باجابة طلب ندب خبير فى الدعوى. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
(هـ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تزيد الحكم باشارته فى صدد بيانه لواقعة الدعوى إلى سبق بسطها فى مذكرة النيابة وإحالته إليها. لا يعيبه ما دام لم يكتف بذلك وعاد فسرد الواقعة فى بيان يتحقق به أركان الجريمة وأدلتها.
(و) إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". تزوير. مرور. إرتباط. عقوبة. "العقوبة المبررة". نقض. "المصلحة فى الطعن" إخفاء أشياء مسروقة.
عدم إطلاع المحكمة على الأوراق المتضمنة طلب ترخيص السيارة فى جريمة إثبات بيان غير صحيح فى هذا الطلب. لا يعيب الحكم. ما دامت العقوبة المقضى بها تدخل فى حدود العقوبة المقررة لجريمة إخفاء تلك السيارة المسروقة التى دان الحكم الطاعن بها.
(ز) اختصاص. إرتباط. دفوع. "الدفع بعدم الاختصاص". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مرور. تزوير. إخفاء أشياء مسروقة.
الاختصاص المكانى للجرائم المرتبطة. المادة 182 اجراءات.
جريمة إثبات بيان غير صحيح فى طلب ترخيص السيارة ارتباطها بجريمة إخفاء هذه السيارة المسروقة. إحالة الدعوى إلى المحكمة التى سرقت من دائرتها هذه السيارة لا محل للدفع بعدم اختصاص المحكمة مكانا بجريمة إثبات البيان غير الصحيح. إلتفات الحكم عن الرد على هذا الدفع. لا يعيبه لظهور بطلانه.
(ح) إخفاء أشياء مسروقة. جريمة. "أركانها". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
العلم فى جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحى به ملابساتها. لا يشترط أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توفره. النعى بالقصور فى هذه الحالة غير مقبول. لا يعدو الجدل الموضوعى فى تقدير الأدلة. لا تقبل إثارته أمام النقض.
1 - الأصل أن الأمر الصادر من النيابة بحفظ الشكوى إداريا الذى لم يسبقه تحقيق قضائى لا يكون ملزما لها بل لها حق الرجوع فيه بلا قيد ولا شرط بالنظر إلى طبيعته الإدارية، كما أن المادة 213 من قانون الاجراءات الجنائية قد جرى نصها على أن الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى وفقا للمادة 209 - أى بعد التحقيق الذى تجريه بمعرفتها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائى بناء على انتداب منها - لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقا للمادة 197، وذلك قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية. وقوام الدليل الجديد هو أن يلتقى به المحقق لأول مرة بعد التقرير فى الدعوى بألا وجه لإقامتها. فمتى كان الثابت مما أورده الحكم ولا يجادل فيه الطاعن أن النيابة العامة وإن كانت قد أصدرت أمرا بحفظ الشكوى إداريا وهى الشكوى المتضمنة محضر ضابط الشرطة عن بلاغ سرقة السيارة موضوع الاتهام - إلا أنه قد تكشف لها من الاطلاع على محضر الشرطة وعلى التقرير الفنى من نتيجة فحص السيارة المضبوطة المحررين فى تاريخ لاحق ولما أسفر عنه الاطلاع على ملفات سيارات أخرى ما يعد أدلة جديدة لم تكن قد عرضت عليها عند اصدارها قرارها السابق، مما يجيز لها العودة إلى التحقيق ويطلق حقها فى رفع الدعوى الجنائية بناء على ما ظهر من تلك الأدلة التى جدت أمامها فى الدعوى. فان الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ إذ انتهى إلى رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لسابقة صدور أمر بألا وجه لإقامتها.
2 - الأصل فى دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئا مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجنائية، وإذ كان الثابت من الحكم أن الدعوى المدنية قد أقيمت على أساس المطالبة بتعويض الضرر الناتج عن الجريمة - وكان الحكم قد دلل على ملكية المدعيين بالحقوق المدنية للسيارة موضوع الاتهام فى تاريخ الواقعة محل الطعن كما دلل على أن المتهم الأول فى الدعوى قام بسرقة هذه السيارة وأن المتهم الثانى (الطاعن) قام بإخفائها مع علمه بأنها متحصلة من جريمة سرقة، وكان يكفى فى بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذى حكم بالتعويض من أجله، وكان ما أثبته الحكم فى هذا الخصوص تتوافر به للدعوى المدنية كافة أركانها القانونية من خطأ وضرر ورابطة سببية، فإن هذه الدعوى تكون مقبولة ويكون الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع بعدم قبولها وألزم الطاعن بالتعويض لم يخطئ فى شئ.
3 - لمحكمة الموضوع أن تستبين الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أخذا من كافة ظروفها وأدلتها وأن تزن أقوال الشهود وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه دون معقب. وإذ كان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن (المتهم الثانى) فى شأن شراء المتهم الأول لنصيب كل من المدعيين بالحقوق المدنية فى السيارة التى باع أجزاءها إليه. وأثبت أن تعاقد المدعى بالحقوق المدنية الثانى مع المتهم المذكور على أن يبيع إليه نصيبه فى السيارة قد عدل عنه باتفاقهما وأنه استرد منه السيارة فى تاريخ سابق على حصول السرقة كما أثبت ملكية المدعى بالحقوق المدنية الأول لنصيبه فى تلك السيارة فى تاريخ الحادث ودلل على أن الطاعن (المتهم الثانى) قام بإخفاء السيارة بعد أن قام المتهم الأول بسرقتها. فإن ما أورده الحكم فى إثبات ما تقدم يعتبر سائغا فى الرد على دفاع الطاعن ومستنداته ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا حول أدلة الدعوى ومدى كفايتها للإثبات مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته لدى محكمة النقض.
4 - لما كان مرجع الأمر فى تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير لتعلق هذا الأمر بسلطتها فى تقدير الدليل وهى لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فى تلك الطعون ما يستحق إلتفاتها إليها، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير فى الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها، فإن ما يثيره الطاعن فى شأن إلتفات المحكمة عن طلبه ندب لجنة فنية لإعادة فحص السيارة التى سبق أن قام المهندس الفنى بفحصها وقدم تقريره عنها لا يكون له محل.
5 - متى كان الحكم المطعون فيه وإن أشار فى صدر بيانه لواقعة الدعوى إلى سبق بسطها فى مذكرة النيابة وأحال إليها إلا أنه لم يكتف بذلك أو يقف عند هذا الحد بل عاد فسرد تفصيل الواقعة فى بيان واف تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة الإدانة، كما عرض لما قدم فى الدعوى من دفاع ودفوع وأورد أسبابا مكملة لحكم محكمة أول درجة الذى اعتنقه بما يكشف عن إلمامه بواقعة الدعوى ومختلف ظروفها وعناصرها، فليس يعيبه تزيده بالإشارة إلى ما أوردته مذكرة النيابة سالفة الذكر أو الإحالة إليها بما لا يؤثر فى صحته أو ينال من كفاية بيانه لتلك الواقعة.
6 - إذا كان الحكم قد أثبت بناء على الأدلة السائغة التى أوردها - أن الطاعن هو الذى قدم طلب ترخيص السيارة المضبوطة وأن البيانات التى أثبتها فى هذا الطلب تخالف الحقيقة مما تتحقق به أركان جريمة إثباته عمدا على خلاف الحقيقة أحد بيانات ترخيص السيارة التى دين بها فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعن بقالة بطلان الحكم وإخلاله بحقه فى الدفاع لعدم اطلاع المحكمة على الأوراق المتضمنة طلب الترخيص ما دامت العقوبة المقضى بها تدخل فى حدود العقوبة المقررة لجريمة إخفاء تلك السيارة المسروقة التى دانه الحكم بها مما تنتفى به مصلحته فى النعى على الحكم فى هذا الخصوص.
7 - جرى نص المادة 182 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة تحال جميعها بأمر إحالة واحد إلى المحكمة المختصة مكانا بإحداها" وكانت جريمة إثبات بيان غير صحيح فى طلب ترخيص السيارة مرتبطة بجريمة إخفاء هذه السيارة التى سرقت من دائرة اختصاص المحكمة التى أحيلت إليها الدعوى وطبقت فى شأن الجريمتين حكم المادة 32 من قانون العقوبات، فإن الدفع بعدم اختصاص تلك المحكمة بنظر الدعوى مكانا بالجريمة الثانية - جريمة إثبات البيان غير الصحيح - التى دين بها الطاعن لا يكون له محل ولا يعيب الحكم إلتفاته عن الرد عليه لظهور بطلانه.
8 - العلم فى جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحى به ملابساتها، ولا يشترط أن يتحدث عنه الحكم صراحة وعلى استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد بذاتها توفره فإن النعى على الحكم بقصوره فى التدليل على توفر هذا العلم يكون فى غير محله، ولا يعدو ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الأدلة التى اطمأنت إليها محكمة الموضوع مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما فى يوم أول نوفمبر سنة 1967 بدائرة بندر دمنهور محافظة البحيرة: المتهم الأول: سرق السيارة رقم 259 نقل بحيرة المملوكة........ المتهم الثانى (أولا) أخفى السيارة المذكورة مع علمه بذلك. (ثانيا) أثبت عمدا على خلاف الحقيقة أحد بيانات طلب ترخيص هذه السيارة. وطلبت عقابهما بالمواد 44 مكرر أ و318 من قانون العقوبات والمادتين 4 و87 من القانون رقم 449 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1964، وادعى كل من.... و..... مدنيا وطلبا القضاء لهما قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنح بندر دمنهور الجزئية قضت حضوريا للأول وحضوريا اعتباريا للثانى عملا بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الثانى بحبس كل من المتهمين سنة واحدة مع الشغل والنفاذ بالنسبة للأول وكفالة 100 جنيه بالنسبة للثانى لما أسند إليه وبالزام المتهمين متضامنين بأن يدفعا للمدعيين بالحق المدنى مبلغ 51 جنيها والمصاريف المدنية و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، فعارض المتهم فى هذا الحكم وقضى فى معارضته بعدم قبولها شكلا. فاستأنف المتهمان هذا الحكم، ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا (أولا) بقبول الاستئناف شكلا. (ثانيا) بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم الأول لوفاته وتأييده فيما قضى بالنسبة للمتهم الثانى فيما قضى به فى الدعويين الجنائية والمدنية مع إلزامه بالمصروفات المدنية والاستئنافية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب محاماة (ثالثا) باثبات تنازل المدعيين بالحق المدنى عن الدعوى المدنية بالنسبة للمتهم الأول مع إلزامهما بمصروفات الترك ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فطعن وكيل المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

(أولا) تقرير الأسباب المقدم بتاريخ 27/ 7/ 1971:
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتى إخفاء سيارة مسروقة مع علمه بسرقتها، وإثبات بيانات طلب ترخيص هذه السيارة على خلاف الحقيقة، وإلزامه بالتعويض، قد أخطأ فى تطبيق القانون وأخل بحق الدفاع وشابه القصور والبطلان والفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة صدور أمر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامتها، وهو الدفع الذى استند فيه الطاعن إلى ما ثبت من أن النيابة العامة كانت قد ندبت ضابط شرطة شبرا الخيمة لمعاينة السيارة المضبوطة لدى الطاعن ومضاهاة بياناتها على الأرقام الخاصة بالسيارة المبلغ بسرقتها وقد قام الضابط بتنفيذ ما ندب له، وبعد أن اطلعت النيابة على المحضر الذى حرره فى هذا الخصوص أمرت بحفظ الأوراق إداريا غير أن الحكم المطعون فيه ذهب فى رفضه هذا الدفع إلى القول بأن الأمر الذى أصدرته النيابة هو حفظ إدارى وليس أمرا بألا وجه لإقامة الدعوى تأسيسا على أن المحضر الذى حرره الضابط المنتدب من النيابة لا يعتبر محضر تحقيق. وهذا الذى أسس عليه الحكم قضاءه برفض الدفع لا يتفق والتطبيق الصحيح للقانون. كما رفض الحكم المطعون فيه الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية استنادا إلى أن المدعيين بالحقوق المدنية ما زالا مالكين للسيارة موضوع الإتهام، فى حين أن الثابت من الأوراق أن ثانيهما كان قد باع نصيبه فى السيارة وقدره ثلاثة أرباعها إلى المتهم الأول فى الدعوى الذى ذكر فى التحقيق أنه اشترى أيضا الربع الباقى من مالكه وهو المدعى بالحقوق المدنية الأول، وبذا تكون ملكية السيارة قد خلصت كاملة للمتهم الأول فان كان قد باعها للطاعن فانه يكون قد باعه ما يملك ويكون فعله غير مؤثم ولا يكون للبائعين إلا أن يطالباه بباقى الثمن المتفق عليه. وقد خلا الحكم من الرد على ما دفع به الطاعن من أن السيارة مملوكة للمتهم الأول وليست مسروقة والتفت عن المستندات التى قدمها تدليلا على ذلك، مستندا إلى شهادة....... فى إثبات أن المتهم المذكور ألغى شراءه تلك السيارة من المدعى بالحقوق المدنية الثانى وأنه أعارها إليه مما يتعارض مع ما ثبت من قيام هذا الأخير باستصدار أمر حجز ضد المتهم الأول وفاء لقسطى الثمن المستحقين له فى 30/ 10/ 1967 و30/ 11/ 1967 وهو ما يقطع بكذب الشاهد الذى اعتمد الحكم على أقواله. وقد نازع الطاعن فى مرحلتى التقاضى فى صحة ما أورده المهندس الفنى فى تقريره من وجود رقم محرك السيارة المسروقة فى مكان سرى من محرك السيارة المضبوطة وطلب ندب لجنة فنية لإعادة فحص السيارة، غير أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه أحال فى بيان الواقعة إلى مذكرة النيابة العامة وهى لا تعدو أن تكون ورقة من أوراق الدعوى دون أن يذكر ماهيتها أو يورد فحواها. ولم يعن بالرد على ما دفع به الطاعن من أنه لم يقم بتدوين بيانات طلب ترخيص السيارة وأن هذه البيانات لا تخالف الحقيقة فى شئ كما أغفل الإطلاع على طلب الترخيص الذى نسب إليه ذكر بيان غير صحيح فيه على الرغم من ان الطاعن طلب من المحكمة الاستئنافية الاطلاع على الأوراق الخاصة بهذا الترخيص كما التفت الحكم أيضا عما دفع به الطاعن من عدم اختصاص المحكمة مكانا بالتهمة الثانية المسندة إليه، ولم يعن بالرد على ما دفع به كذلك من انتفاء علمه بأن السيارة التى اشترى أجزاءها من المتهم الأول مسروقة وجاء تدليله على توافر هذا العلم قاصرا، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الإبتدائى المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دين الطاعن بهما وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الأمر الصادر من النيابة بحفظ الشكوى إداريا الذى لم يسبقه تحقيق قضائى لا يكون ملزما لها بل لها حق الرجوع فيه بلا قيد ولا شرط بالنظر إلى طبيعته الإدارية، كما أن المادة 213 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أن الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى وفقا للمادة 209 - أى بعد التحقيق الذى تجريه بمعرفتها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائى بناء على انتداب منها - لا يمنع من العودة إلى التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة طبقا للمادة 197، وذلك قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية، وكان قوام الدليل الجديد هو أن يلتقى به المحقق لأول مرة بعد التقرير فى الدعوى بألا وجه لإقامتها، وكان الثابت مما أورده الحكم ولا يجادل فيه الطاعن أن النيابة العامة - وإن كانت قد أصدرت بتاريخ 30/ 11/ 1967 أمرا بحفظ الشكوى رقم 2445 سنة 1967 شبرا الخيمة إداريا - وهى الشكوى المتضمنة محضر ضابط شبرا الخيمة عن بلاغ سرقة السيارة موضوع الإتهام - إلا أنه قد تكشف لها من الاطلاع على المحضر الذى حرر بمعرفة شرطة بندر دمنهور فى تاريخ لاحق، وعلى التقرير الفنى الذى حرره مهندس السيارات فى 12/ 12/ 1967 عن نتيجة فحص السيارة المضبوطة ومما أسفر عنه الاطلاع على ملف كل من السيارة رقم 4184 نقل القاهرة والسيارة رقم 259 نقل بحيرة والسيارة رقم 309 نقل شرقية، ما يعد أدلة جديدة لم تكن قد عرضت عليها عند إصدارها قرارها السابق، مما يجيز لها العودة إلى التحقيق ويطلق حقها فى رفع الدعوى الجنائية بناء على ما ظهر من تلك الأدلة التى جدت أمامها فى الدعوى، لما كان ذلك، فان الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطاء إذ انتهى إلى رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لسابقة صدور أمر بألا وجه لإقامتها ومن ثم فليس يجدى الطاعن ما يثيره فى شأن ما أورده الحكم من تقريرات قانونية فى قضائه برفض ذلك الدفع ما دامت النتيجة التى خلص إليها الحكم صحيحة وتتفق والتطبيق القانونى السليم. ولما كان الأصل فى دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئا عن ضرر للمدعى من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية بمعنى أن يكون طلب التعويض ناشئا مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجنائية، وكان الثابت من الحكم أن الدعوى المدنية قد أقيمت على أساس المطالبة بتعويض الضرر الناتج عن الجريمة - وكان الحكم قد دلل على ملكية المدعيين بالحقوق المدنية للسيارة موضوع الاتهام فى تاريخ الواقعة محل الطعن كما دلل على أن المتهم الأول فى الدعوى قام بسرقة هذه السيارة وأن المتهم الثانى (الطاعن) قام باخفائها مع علمه بأنها متحصلة من جريمة سرقة، وكان يكفى فى بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذى حكم بالتعويض من أجله، وكان ما أثبته الحكم فى هذا الخصوص تتوافر به للدعوى المدنية كافة أركانها القانونية من خطأ وضرر ورابطة سببية، فان هذه الدعوى تكون مقبولة ويكون الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع بعدم قبولها وألزم الطاعن بالتعويض لم يخطئ فى شئ. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن فى شأن شراء المتهم الأول لنصيب كل من المدعيين بالحقوق المدنية فى السيارة التى باع أجزاءها إليه. وأثبت أن تعاقد المدعى بالحقوق المدنية الثانى مع المتهم المذكور على أن يبيع إليه نصيبه فى السيارة قد عدل عنه باتفاقهما وأنه استرد منه السيارة فى تاريخ سابق على حصول السرقة كما أثبت ملكية المدعى بالحقوق المدنية الأول لنصيبه فى تلك السيارة فى تاريخ الحادث، ودلل على أن الطاعن قام باخفاء السيارة بعد أن قام المتهم الأول بسرقتها، وإذ كان لمحكمة الموضوع أن تستبين الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أخذا من كافة ظروفها وأدلتها، وأن تزن أقوال الشهود وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه دون معقب، وكان ما أورده الحكم فى إثبات ما تقدم يعتبر سائغا فى الرد على دفاع الطاعن ومستنداته، وكان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا حول أدلة الدعوى ومدى كفايتها للاثبات مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته لدى محكمة النقض، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص لا يكون سديدا لما كان ما تقدم وكان مرجع الأمر فى تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من إعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير لتعلق هذا الأمر بسلطتها فى تقدير الدليل وهى لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فى تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم باجابة طلب ندب خبير فى الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها، فإن ما يثيره الطاعن فى شأن التفات المحكمة عن طلبه ندب لجنة فنية لإعادة فحص السيارة التى سبق أن قام المهندس الفنى بفحصها وقدم تقريره عنها لا يكون له محل. ولما كان الحكم المطعون فيه - وإن أشار فى صدد بيانه لواقعة الدعوى إلى سبق بسطها فى مذكرة النيابة المؤرخة 28/ 2/ 1968 وأحال إليها - إلا أنه لم يكتف بذلك أو يقف عند هذا الحد بل عاد فسرد تفصيل الواقعة فى بيان واف تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة الإدانة، كما عرض لما قدم فى الدعوى من دفاع ودفوع وأورد أسبابا مكملة لحكم محكمة أول درجة الذى اعتنقه بما يكشف عن المامه بواقعة الدعوى ومختلف ظروفها وعناصرها، ومن ثم فليس يعيبه تزيده بالإشارة إلى ما أوردته مذكرة النيابة سالفة الذكر أو الإحالة إليها بما لا يؤثر فى صحته أو ينال من كفاية بيانه لتلك الواقعة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت بناء على الأدلة السائغة التى أوردها - أن الطاعن هو الذى قدم طلب ترخيص السيارة المضبوطة وأن البيانات التى أثبتها فى هذا الطلب تخالف الحقيقة مما تتحقق به أركان الجريمة الثانية التى دين بها، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن بقالة بطلان الحكم وإخلاله بحقه فى الدفاع لعدم اطلاع المحكمة على الأوراق المتضمنة طلب الترخيص ما دامت العقوبة المقضى بها تدخل فى حدود العقوبة المقررة لجريمة إخفاء السيارة المسروقة التى دانه الحكم بها مما تنتفى به مصلحته فى النعى على الحكم فى هذا الخصوص وإذ كانت المادة 182 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه "إذا شمل التحقيق أكثر من جريمة واحدة من اختصاص محاكم من درجة واحدة وكانت مرتبطة تحال جميعها بأمر إحالة واحد إلى المحكمة المختصة مكانا بإحداها" وكانت جريمة إثبات بيان غير صحيح فى طلب ترخيص السيارة مرتبطة بجريمة إخفاء هذه السيارة التى سرقت من دائرة اختصاص المحكمة التى أحيلت إليها الدعوى وطبقت فى شأن الجريمتين حكم المادة 32 من قانون العقوبات، فإن الدفع بعدم اختصاص تلك المحكمة بنظر الدعوى مكانا بالجريمة الثانية التى دين بها الطاعن لا يكون له محل ولا يعيب الحكم التفاته عن الرد عليه لظهور بطلانه. لما كان ذلك، وكان العلم فى جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحى به ملابساتها، ولا يشترط أن يتحدث عنها الحكم صراحة وعلى استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها - على ما هو حاصل فى الدعوى المطروحة - تفيد بذاتها توفره فإن النعى على الحكم بقصوره فى التدليل على توفر هذا العلم يكون فى غير محله، ولا يعدو ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الأدلة التى اطمأنت إليها محكمة الموضوع مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
ثانيا: تقرير الأسباب المقدم بتاريخ 7/ 8/ 1971:
حيث إن مبنى الطعن فى هذا التقرير هو القصور فى التسبيب ذلك بأن الحكم لم يدلل تدليلا كافيا على توافر ركن العلم بالسرقة فى جريمة إخفاء السيارة المسروقة التى دانه بها.
وحيث إنه قد سبق الرد على ما جاء فى هذا التقرير بما تضمنه الرد على التقرير الأول.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.