أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 23 - صـ 274

جلسة 5 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سامح، ونصر الدين عزام، وسعد الدين عطيه، وحسن الشربينى.

(64)
الطعن رقم 42 لسنة 42 القضائية

( أ ) دعوى مدنية. "تركها". شيك بدون رصيد. دعوى مباشرة. دعوى جنائية. "تحريكها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية جنائية.
ترك المدعى المدنى دعواه. لا يؤثر فى الدعوى الجنائية. ما دامت المحكمة قد إتصلت بها بتحريكها بالطريق المباشر تحريكا صحيحا. مثال فى شيك بدون رصيد.
(ب) جريمة "أركانها". شيك بدون رصيد. قصد جنائى. دعوى مباشرة. مسئولية جنائية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سوء النية فى جريمة إصدار شيك بدون رصيد. تحققه. بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء له فى تاريخ إصداره. وهو أمر مفروض فى حق الساحب.
الوفاء بقيمه الشيك. قبل تقديمه إلى البنك. لا يؤثر فى قيام الجريمة. ما دام لم يكن له رصيد. ولم يسترده الساحب من المستفيد.
(جـ) نقض. "الطعن بالنقض". "أسباب الطعن".
بالطعن بالنقض. يجب أن يكون واضحا محددا. مثال.
1 - من المقرر أنه متى اتصلت المحكمة بالدعوى الجنائية بتحريكها بالطريق المباشر تحريكا صحيحا، ظلت قائمة ولو طرأ على الدعوى المدنية ما يؤثر فيها، وأن ترك الدعوى المدنية لا يكون له أثر على الدعوى الجنائية وذلك بصريح نص المادة 260 من قانون الإجراءات الجنائية. ومن ثم فإن ترك المدعى بالحقوق المدنية لدعواه وإثبات الحكم لهذا الترك لم يكن يستتبع القضاء بتبرئة الطاعن من الجريمة بعد أن توافرت أركانها.
2 - من المقرر أن سوء النية فى جريمة إصدار شيك بدون رصيد يتوفر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له فى تاريخ إصداره وهو أمر مفروض فى حق الساحب ومن ثم فإن نعى الطاعن بعدم توافر سوء القصد لديه يكون فى غير محله، ولا يجديه - إثباتا لحسن نيته - وفاءه لقيمة الشيك قبل تقديمه إلى البنك المسحوب عليه ما دام أن الثابت أن الشيك لم يكن له رصيد قائم ولم يسترده من المدعى بالحقوق المدنية.
3 - متى كان ما ينعاه الطاعن أنه أبدى دفاعا شفويا أمام المحكمة الاستئنافية وأثبت هذا الدفاع على وجه حافظة مستنداته فأغفل الحكم مناقشته وكان الطاعن لم يبين ماهية هذا الدفاع المبين على وجه الحافظة، وتبين من مطالعة محاضر جلسات محكمة الدرجة الثانية أن محامى الطاعن لم يثر فى مرافعته لديها غير طلب إثبات ترك المدعى بالحقوق المدنية لدعواه - الذى استجابت
له المحكمة - فإن هذا الوجه من الطعن يكون مرسلا مجهلا ويتعين رفضه.


الوقائع

أقام المدعى بالحق المدنى دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة الظاهر الجزئية ضد (الطاعن) متهما إياه بأنه فى يوم 15 سبتمبر سنة 1969 بدائرة قسم الظاهر محافظة القاهرة: أصدر له شيكا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه أن يدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. والمحكمة المذكورة قضت غيابيا عملا بمادتى الإتهام بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل وكفالة مائتى قرش لوقف التنفيذ وبإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف و50 قرشا أتعابا للمحاماة. فعارض، وقضى فى معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف، ومحكمة القاهرة الإبتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض، وقضى فى معارضته بقبولها شكلا وفى موضوع الدعوى الجنائية برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم بلا مصروفات جنائية وفى موضوع الدعوى المدنية بإثبات ترك المدعى بالحق المدنى لها والزمته المصروفات المدنية. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد جاء مشوبا بالخطأ فى تطبيق القانون وبالقصور فى التسبيب ذلك أن الطاعن تمسك أمام المحكمة الاستئنافية بعدم توافر القصد الجنائى لديه ودلل على حسن نيته بوفائه بقيمة الشيك قبل تقديمه للبنك المسحوب عليه وأقر المدعى بالحقوق المدنية بذلك كتابة، بل إنه ترك دعواه المدنية مما كان يتعين معه على المحكمة الاستئنافية أن تقضى ببراءته، كما أن الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على دفاع الطاعن القانونى الذى أثبته على وجه حافظة مستنداته وأبداه فى مرافعته الشفوية مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم الإبتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى فى أن الطاعن أعطى المدعى بالحقوق المدنية شيكا فى 15/ 9/ 1969 قيمته مائة جنيه مسحوبا على بنك مصر فرع العباسية. ولما قدمه للبنك استبان أنه لا يقابله رصيد بدليل ما أفاد به البنك من الرجوع على الساحب، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة فى حق الطاعن أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ومجملها أن الشيك قد توافرت فيه عناصره كما يتطلبها القانون وإنه ليس للطاعن رصيد قائم وقابل للسحب وأن سوء النية متوافر فى حق الطاعن لعلمه بعدم وجود مقابل وفاء للشيك فى تاريخ اصداره. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سوء النية فى جريمة إصدار شيك بدون رصيد يتوفر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له فى تاريخ إصداره وهو أمر مفروض فى حق الساحب فإن منعى الطاعن بعدم توافر سوء القصد لديه يكون فى غير محله ولا يجديه - إثباتا لحسن نيته - وفاءه بقيمة الشيك قبل تقديمه إلى البنك المسحوب عليه ما دام أن الثابت أن الشيك لم يكن له رصيد قائم ولم يسترده من المدعى بالحقوق المدنية، أما ما يثيره الطاعن من أن ترك المدعى بالحقوق المدنية لدعواه كان يستلزم أن يقضى ببراءته فمردود بأنه متى اتصلت المحكمة بالدعوى الجنائية بتحريكها بالطريق المباشر تحريكا صحيحا، ظلت قائمة ولو طرأ على الدعوى المدنية ما يؤثر فيها وأن ترك الدعوى المدنية لا يكون له أثر على الدعوى الجنائية وذلك بصريح نص المادة 260 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فان ترك المدعى بالحقوق المدنية لدعواه وإثبات الحكم لهذا الترك لم يكن يستتبع القضاء بتبرئة الطاعن من الجريمة بعد أن توافرت أركانها. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن فى الوجه الأخير من طعنه من أنه أبدى دفاعا شفويا أمام المحكمة الاستئنافية وأثبت هذا الدفاع على وجه حافظة مستنداته، فأغفل الحكم مناقشته مردودا بأنه فضلا عن أن الطاعن لم يبين ماهية هذا الدفاع المدون على وجه الحافظة، فإنه يبين من مطالعة محاضر جلسات محكمة الدرجة الثانية أن محامى الطاعن لم يثر فى مرافعته لديها غير طلب إثبات ترك المدعى بالحقوق المدنية لدعواه والذى استجابت له المحكمة - ومن ثم يكون هذا الوجه من الطعن مرسلا مجهلا ويتعين رفضه، ويكون ما رمى به الحكم المطعون فيه من قصور غير سديد، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.