أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 23 - صـ 379

جلسة 13 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوى، وعضوية السادة المستشارين: محمود عطيفة، وابراهيم الديوانى، والدكتور محمد محمد حسنين، وعبد الحميد الشربينى.

(84)
الطعن رقم 91 لسنة 42 القضائية

( أ ) قتل عمد. "نية القتل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى جنائية. قصد جنائى.
إغفال الحكم إيراد إصابة المجنى عليه التى لم يكن لها دخل فى إحداث الوفاة ولم تكن محل إتهام. لا يعيبه. متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها أثبت التقرير الطبى وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها.
(ب) قتل عمد. "نية القتل". ضرب. مسئولية جنائية. قدر متيقن. قصد جنائى.
مساءلة المتهم عن جريمة القتل العمد سواء أكانت الوفاة حصلت من جرح وقع فى مقتل أم من جرح وقع فى غير مقتل. المادة 234 / 1 عقوبات لا تتطلب سوى إرتكاب فعل على المجنى عليه يؤدى بطبيعته إلى وفاته بنية قتله. انفراد الطاعن بالمجنى عليه وإحداث إصابته النافذة وغير النافذة اللتين توفى على أثرهما عن عمد وإرادة وبنية إزهاق الروح يوفر فى حقه جناية القتل العمد. لا محل لإعتصام الطاعن بالقدر المتيقن من مسؤليته باعتبار ما ارتكبه جنحة ضرب.
(جـ) إثبات. "إثبات بوجه عام". قتل عمد. "نية القتل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائى.
عدم بيان الحكم فى جريمة القتل للجروح الواقعة فى مقتل والجروح الواقعة فى غير مقتل. لا يعيب ما دام أنه بين الجروح جميعا ونسب حدوثها إلى المتهم وحده دون غيره.
1 - لا يعيب الحكم إغفاله - فى بيانه لواقعة الدعوى - إيراد إصابة صدر المجنى عليه غير النافذة التى أثبتها التقرير الطبى الشرعى والتى لم يكن لها دخل فى إحداث الوفاة لأن الأصل أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبى الشرعى وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها فليس فى حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل إتهام ولم ترفع بشأنها دعوى بما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن لها.
2 - متى ثبت لمحكمة الموضوع أن المتهم ضرب المجنى عليه بسكين قاصدا قتله وأن الوفاة حصلت من آثار بعض الضربات وتسببت عنها فهذا المتهم يكون قاتلا وعقابه ينطبق على المادة 234/ 1 من قانون العقوبات التى لا تتطلب سوى إرتكاب فعل على المجنى عليه يؤدى بطبيعته إلى وفاته بنية قتله سواء أكانت الوفاة حصلت من جرح وقع فى مقتل أم من جرح وقع فى غير مقتل ما دامت الوفاة نتيجة مباشرة للجريمة. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص - فى حدود سلطته الموضوعية - للصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أن الطاعن هو الذى انفرد بالمجنى عليه وأحدث إصابته النافذة وغير النافذة واللتين توفى على أثرهما ووفر فى حقه تعمد الإصابتين معا وتوفر القصد الجنائى العام والخاص على السواء بإرتكابه لهما عن عمد وإرادة وعلم وبنية ازهاق الروح وبما يوفر فى حقه جناية القتل العمد فلا محل لما يعتصم به الطاعن بوجه النعى من وقوف مسئوليته عنده أخذه بالقدر المتيقن باعتبار أن ما ارتكبه هو جنحة ضرب منطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات.
3 - متى بين الحكم جريمة القتل من ثبوت نية القتل والطعن بآلة قاتلة وحدوث الوفاة من الطعنات فلا يعيبه عدم بيان الجروح الواقعة فى مقتل والجروح الواقعة فى غير مقتل ما دام أنه بينها جميعا ونسب حدوثها إلى المتهم وحده دون غيره وبغير مشاركة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 12 مارس سنة 1969 بدائرة قسم الدرب الأحمر محافظة القاهرة: قتل....... عمدا ومع سبق الاصرار والترصد بأن بيت النية على قتله وأعد لها الغرض آلة حادة (مطواة) وتربص له فى الطريق الذى أيقن مروره فيه ولما ظفر به إنهال عليه طعنا بالمطواة قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات. فقرر بذلك....... وادعت (شقيقة المجنى عليه) بصفتها قيمة على والدها مدنيا بمبلغ ألفين من الجنيهات. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة مدة عشر سنوات وإلزامه أن يدفع للمدعية بالحق المدنى بصفتها مبلغ خمسمائة جنيه والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد قد شابه الفساد فى الاستدلال والقصور والتناقض فى التسبيب والخطأ فى القانون، ذلك بأنه ركن إلى أقوال الشهود بأنه طعن المجنى عليه بالمطواة طعنة واحدة نفذت إلى التجويف الصدرى فأحدثت الوفاة وأغفل فى بيانه لواقعة الدعوى الإصابة الأخرى غير النافذة التى وجدت بالمجنى عليه ونقلها الحكم عن التقرير الطبى مما كان يتعين معه الوقوف عند حد أخذ الطاعن بالقدر المتيقن فى حقه وهو جريمة الضرب المنطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات، هذا إلى أن الحكم وقد أطرح تصويره للحادث من أن المجنى عليه أراد الإعتداء عليه بالمطواة فعمل على إنتزاعها منه. عاد واعتنق ذلك التصوير فى معرض تبريره لإصابة المجنى عليه بالطعنة الثانية بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن الطاعن لنزاع بينه وبين المجنى عليه بسبب طلاقه لأخته واستصدارها ضده حكم نفقة طعنه بمطواة أخرجها من ملابسه طعنة واحدة أحدثت به الإصابة المبينة بالتقرير الطبى الشرعى والتى أودت بحياته وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبى الشرعى والمعاينة وهى أدلة لا يجادل الطاعن فى أن لها معينها الصحيح من الأوراق وهى من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ثم تناول الحكم نية القتل واستظهرها من ظروف الحادث والدافع له والآلة المستعملة فيه وموضع الإصابة بما يوفرها كما هى معرفة به فى القانون وعرض لتصوير الطاعن للحادث وأطرحه للأسباب السائغة التى أوردها وعلل إصابة المجنى عليه الثانية غير النافذة بأن المجنى عليه حاول بعد الطعنة الأولى إنتزاع المطواة من الطاعن فأصيب للمرة الثانية أثناء ذلك وتمكن من أخذ المطواة منه وطوى نصلها ثم سقطا أرضا حسبما قرره شهود الحادث وبما لا ينازع الطاعن فى صحة نقله عن الشهود. لما كان ذلك، فإنه لا يعيب الحكم إغفاله - فى بيانه لواقعة الدعوى - إيراد إصابة صدر المجنى عليه غير النافذة التى أثبتها التقرير الطبى الشرعى والتى لم يكن لها دخل فى إحداث الوفاة لأن الأصل أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم أحداثها وأثبت التقرير الطبى الشرعى وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها - كما هو الحال فى هذه الدعوى - فليس فى حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل إتهام ولم ترفع بشأنها دعوى بما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن لها ومع هذا فإن مدونات الحكم تفصح عن انه كان على بينة من هذه الإصابة ومتفطنا إليها ومحيطا بظروف إحداث المتهم لها عن عمد بالمجنى عليه عندما تنازعا المطواة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد خلص - فى حدود سلطته الموضوعية - للصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أن الطاعن هو الذى انفرد بالمجنى عليه وأحدث إصابتيه النافذه وغير النافذة واللتين توفى على أثرهما ووفر فى حقه تعمد الإصابتين معا وتوفر القصد الجنائى العام والخاص على السواء بإرتكابه لهما عن عمد وإرادة وعلم وبنية ازهاق الروح وبما يوفر فى حقه جناية القتل العمد فلا محل لما يعتصم به الطاعن بوجه النعى من وقوف مسئوليته عند حد أخذه بالقدر المتيقن باعتبار أن ما ارتكبه هو جنحة ضرب منطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات ذلك بأنه متى ثبت لمحكمة الموضوع أن المتهم ضرب المجنى عليه بسكين قاصدا متعمدا قتله وأن الوفاة حصلت من آثار بعض الضربات وتسببت عنها فهذا المتهم يكون قاتلا وعقابه ينطبق على المادة 234/ 1 من قانون العقوبات التى لا تتطلب سوى ارتكاب فعل على المجنى عليه يؤدى بطبيعته إلى وفاته بنية قتله سواء أكانت الوفاة حصلت من جرح وقع فى مقتل أم من جرح وقع فى غير مقتل ما دامت الوفاة نتيجة مباشرة للجريمة ومتى بين الحكم جريمة القتل من ثبوت نية القتل والطعن بآلة قاتلة وحدوث الوفاة من الطعنات، فلا يعيبه عدم بيان الجروح الواقعة فى مقتل والجروح الواقعة فى غير مقتل ما دام أنه بينها جميعا ونسب حدوثها إلى المتهم وحده دون غيره وبغير مشاركة. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فانه يكون قد صادف صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم أنه أطرح دفاع الطاعن فى شأن كيفية وقوع الحادث بما لا تناقض على ما اعتنقه لصورة الدعوى ولم يكن فيما أورده فى أى جزء منه - ما يتفق مع ما قاله الطاعن بأن المطواة كانت منذ البداية فى يد المجنى عليه، فإن دعوى التناقض التى يثيرها الطاعن لا يكون لها وجود. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وكان جميع ما يثيره فى طعنه إنما ينحل إلى جدل موضوعى مما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.