أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 23 - صـ 399

جلسة 19 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سامح، ونصر الدين عزام، وسعد الدين عطية، ومحمد عبد المجيد سلامة.

(88)
الطعن رقم 96 لسنة 42 القضائية

(أ، ب، جـ، د، هـ، و) تعدى. مواد مخدرة. ضرب. عقوبة. "تطبيقها". "عقوبة الجرائم المرتبطة". إرتباط. استقلال. قصد جنائى. قتل عمد. "نية القتل". محكمة النقض. "سلطة محكمة النقض". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير العقوبة". "سلطتها فى استخلاص توافر نية القتل". "سلطتها فى تقدير قيام الارتباط". سلطتها فى تكوين الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون". "المصلحة فى الطعن". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". "الحكم فى الطعن". غرامة. شروع. وصف التهمة.
( أ ) جناية التعدى مع حمل السلاح. على الموظفين القائمين على تنفيذ قانون المخدرات. عقوبتها الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة من ثلاثة آلاف إلى عشرة آلاف جنيه. م 40/ 2 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل.
(ب) تقدير العقوبة. من اطلاقات محكمة الموضوع. عدم التزامها ببيان الأسباب التى من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذى ارتأته.
(جـ) اعمال المحكمة حكم المادة 17 عقوبات. دون الإشارة إليها. لا يعيب الحكم. ما دامت العقوبة التى أوقعتها تدخل فى الحدود التى رسمها القانون.
إعمال المحكمة حكم المادة 32 عقوبات. فى جريمتى الشروع فى القتل المقترن والتعدى مع حمل السلاح على الموظفين القائمين على تنفيذ قانون المخدرات. وتوقيعها على المتهم عقوبة الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وغرامة ثلاث آلاف جنيه عن التهمة الثانية. مفاده: أن المحكمة أعملت المادة 17 عقوبات. النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون. غير سديد.
(د) تقدير قيام الارتباط فى الأصل موضوعى. كون وقائع الدعوى - حسبما أثبتها الحكم - تستوجب تطبيق المادة 32 عقوبات. أثره: وجوب تدخل محكمة النقض لتصحيح هذا الخطأ القانونى. ولو لم يرد هذا الوجه فى أسباب الطعن. م 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959. مثال.
(هـ) النعى حول الوصف القانونى للتهمة الأولى - الشروع فى القتل - لا يجدى. ما دام أن فعل الاعتداء هو بذاته قوام جناية التعدى مع حمل السلاح على الموظفين القائمين على تنفيذ أحكام قانون المخدرات موضوع التهمة الثانية. وما دام أن المحكمة طبقت المادة 32 عقوبات وعاقبت المتهم بالعقوبة الأشد المقررة للتهمة الثانية.
(و) تقدير توافر نية القتل. موضوعى. حد ذلك؟ مثال لتسبيب سائغ على عدم توافر نية القتل.
حق محكمة الموضوع فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى.
إنتهاؤها. فى أسباب سائغة. إلى أن المتهم لم يكن ينوى من الاعتداء إزهاق روح المجنى عليهم وانما كان بقصد التخلص من جريمة احراز المخدر. ومعاقبته عن جنحة الضرب عملا بالمادة 241/ 1 - عقوبات. مجادلتها فى ذلك لا تقبل.
(ز) احراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية. يستقل بها قاضى الموضوع. شرط ذلك. حق محكمة الموضوع فى تجزئة التحريات.
1 - إن العقوبة المقررة أصلا لجناية التعدى مع حمل السلاح على الموظفين العموميين القائمين على تنفيذ أحكام قانون مكافحة المخدرات طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966، هى الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه.
2 - من المقرر أن تقدير العقوبة هو من اطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التى من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذى رأته.
3 - إنزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب حكمها ما دامت العقوبة التى أوقعتها تدخل فى الحدود التى رسمها القانون. ومتى كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة طبقت المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة لجريمة الضرب طبقا للمادة 241/ 1 من قانون العقوبات وجناية التعدى مع حمل السلاح وعاقبت المطعون ضده بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه مما مفاده أن المحكمة انتهت إلى أخذ المطعون ضده بالرأفة ومعاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة، فإن النعى بخطأ الحكم فى تطبيق القانون يكون غير سديد.
4 - إنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم المطعون فيه تستوجب قيام الارتباط بين هذه الجرائم وإعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات، فإن ذلك يكون من الأخطاء القانونية فى تكييف علاقة الارتباط والتى تقتضى تدخل محكمة النقض لتطبيق القانون على وجهه الصحيح عملا بالحق المخول لها بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه فى أسباب الطعن. ولما كان الحكم قد أورد فى مدوناته - وهو فى معرض نفى قصد القتل عن المطعون ضده - أنه لم يعتد على الموظفين العموميين القائمين على تنفيذ أحكام قانون المخدرات حالة كونه يحمل سلاحا ويحدث بهم الإصابات موضوع التهمتين الأولى والثانية إلا بقصد الخلاص من جريمة إحراز المخدر المضبوط - موضوع التهمة الثالثة - فإن مفاد ذلك أن الجرائم الثلاث تجمعها وحدة الغرض على نحو يقتضى إعمال حكم المادة 32/ 2 من قانون العقوبات والإكتفاء بالعقوبة المقررة لأشدها، وهى العقوبة التى قضى بها الحكم المطعون فيه عن جريمة التعدى مع حمل السلاح على الموظفين القائمين على تنفيذ أحكام قانون مكافحة المخدرات مما يؤذن لهذه المحكمة بأن تنقض الحكم لمصلحة المتهم نقضا جزئيا فيما قضى به من عقوبتى السجن والغرامة فقط عن جريمة إحراز المخدر موضوع التهمة الثالثة وتصحيحه بإلغائهما.
5 - لا جدوى من النعى حول حقيقة الوصف القانونى لتهمة الشروع فى القتل ما دام أن فعل الاعتداء فيها أيا ما كان وصفه هو بذاته قوام جناية التعدى مع حمل السلاح على الموظفين القائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات موضوع التهمة الثانية، وطالما أن المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى الجريمتين وعاقبت المطعون ضده بالعقوبة الأشد وهى المقررة للجريمة الثانية.
6 - من المقرر أن البحث فى توافر نية القتل لدى الجانى أو عدم توافرها هو مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع حسبما يستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها ما دام موجب هذه الظروف وتلك الوقائع لا يتنافى عقلا مع ما انتهى إليه. فمتى كان ما أورده الحكم المطعون فيه سائغا فى العقل والمنطق ويكفى لحمل قضائه فيما انتهى إليه من عدم توفر قصد القتل فى حق المطعون ضده وعن تعديل التهمة الأولى المسندة للمطعون ضده من جناية الشروع فى القتل المقترنة إلى جنحة الضرب المنطبقة على المادة 241/ 1 من قانون العقوبات، وكانت المحكمة قد استخلصت فى استدلال سائغ أن المطعون ضده لم يكن ينوى ازهاق روح أحد من المجنى عليهم بل قصد إلى مجرد الاعتداء عليهم التماسا للخلاص من قبضتهم فإنها تكون قد فصلت فى مسائل موضوعية لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيها ولا محل لما تسوقه النيابة الطاعنة من شواهد على توافر قصد القتل ما دامت المحكمة لم تقتنع من ظروف الدعوى بتوافره، ولا لما تقول به أيضا من أن المطعون ضده أفصح عن قصده فى الاعتداء من أنه سيقتلهم جميعا إذ أن المحكمة غير مقيدة بالأخذ بتلك الأقوال أو بمدلولها الظاهر بل لها أن تركن فى سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المعروضة عليها. ومن ثم فإن النعى على الحكم بفساد الاستدلال فى شأن عدم توافر نية القتل إنما يكون من قبيل الجدل الموضوعى فى تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أن احراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها، وأنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها من تجزئة تحريات الشرطة فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقا للحقيقة وتطرح ما عداه. ومن سلطتها التقديرية الا ترى فى هذه التحريات ما يقنعها بأن احراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار أو بقصد التعاطى أو الاستعمال الشخصى متى بنت ذلك على إعتبارات سائغة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة قسم محرم بك محافظة الاسكندرية (أولا) شرع فى قتل الملازم أول...... عمدا بأن طعنه بمطواة فى بطنه وظهره قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المجنى عليه بالعلاج وقد اقترنت هذه الجناية بثلاث جنايات أخرى هى أنه فى الزمان والمكان سالفى الذكر شرع فى قتل كل من العريف السرى...... والشرطيين السريين...... و...... عمدا بأن طعن الأول بالمطواة فى صدره والثانى والثالث فى بطنهما قاصدا من ذلك قتلهم فأحدث بكل منهم الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجرائم لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المجنى عليهم بالعلاج (ثانيا) تعدى على المجنى عليهم سالفى الذكر وهم من الموظفين العموميين القائمين على تنفيذ أحكام قانون مكافحة المخدرات أثناء تأديتهم لوظيفتهم وبسببها وأحدث بهم الجروح المبينة بالتقارير الطبية الشرعية حالة كونه يحمل سلاحا "مطواة" (ثالثا) أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا "حشيشا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 45 و46 و234/ 1 و2 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و7/ 1 و34/ 1 - 2 و42 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 سنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرفق. فقرر بذلك، ومحكمة جنايات الاسكندرية قضت حضوريا عملا بالمواد 242/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و37 و38 و40/ 1 - 2 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول المرفق مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات (أولا) باعتبار موضوع التهمة الأولى جنحة إحداث جروح بالمادة 241 من قانون العقوبات (ثانيا) بمعاقبة المتهم عن التهمتين الأولى والثانية بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وبمعاقبته عن التهمة الثالثة بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائه جنيه ومصادرة المخدرات المضبوطة. فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض إلا أن المحكوم عليه لم يقدم أسبابا لطعنه.


المحكمة

(أولا) عن الطعن المقدم من المحكوم عليه:
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضوريا بتاريخ 16/ 2/ 1971 فقرر المحكوم عليه الطعن فيه بطريق النقض وهو بالسجن فى اليوم التالى لصدوره ولم يقدم أسبابا لطعنه. ولما كان التقرير بالنقض فى الحكم هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه. ولما كان المحكوم عليه لم يقدم أسبابا لطعنه فإن طعنه يكون غير مقبول شكلا.
(ثانيا) عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة التعدى على موظفين عموميين قائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات حالة كونه يحمل سلاحا - موضوع التهمة الثانية - وعاقبه عنها بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه قد أخطأ فى تطبيق القانون ذلك أن العقوبة المقررة قانونا لهذه الجريمة - طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 - هى الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة من ثلاثة آلاف إلى عشرة آلاف جنيه كما أن المحكمة إذ عدلت وصف التهمة الأولى من جناية الشروع فى القتل المقترنة إلى جنحة الضرب بالمادة 241/ 1 من قانون العقوبات قد شاب حكمها فساد فى الاستدلال إذ قام هذا التعديل على أساس استبعاد نية القتل فى حين أن هذه النية ثابتة فى حق المطعون ضده من استعماله مطواة فى الاعتداء وهى آلة قاتله بطبيعتها - وهو يهدد المجنى عليهم بقوله "سأقتلكم جميعا". فضلا عن جسامة الإصابات مما لا يصح معه نفى نية القتل عن المطعون ضده هذا إلى أن الحكم إذ نفى عن المطعون ضده قصد الاتجار فى الجواهر المخدرة المضبوطة - موضوع التهمة الثالثة - قد عاره أيضا فساد فى الاستدلال ذلك أن التحريات تضمنت أنه يتجر فى المواد المخدرة وقد ضبط محرزا لسبع طرب من الحشيش تزن 1598 جراما كما ثبت أنه مسجل لدى قسم مكافحة المخدرات ضمن المتجرين وسبق ضبطه فى قضية مماثلة مما لا يسوغ معه نفى قصد الاتجار عنه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد المطعون ضده بأنه 1 - شرع فى قتل الملازم أول...... عمدا بأن طعنه بمطواة - وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات الشروع فى قتل كل من العريف السرى....... والشرطيين السريين...... و...... عمدا بأن طعنهم بمطواة محدثا بكل منهم الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية. 2 - تعدى على المجنى عليهم المذكورين وهم من الموظفين العموميين القائمين على تنفيذ أحكام قانون مكافحة المخدرات أثناء تأدية وظيفتهم وبسببها فأحدث بهم الجروح المبينة بالتقارير الطبية حالة كونه يحمل سلاحا "مطواة" 3 - أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا "حشيشا" وتبين من الحكم المطعون فيه أنه دان المطعون ضده بجنحة الضرب طبقا للمادة 241/ 1 من قانون العقوبات بعد أن عدل إليها جناية الشروع فى القتل المقترنة - موضوع التهمة الأولى وبجناية التعدى على الموظفين العموميين القائمين على تنفيذ أحكام قانون مكافحة المخدرات حالة كونه يحمل سلاحا - موضوع التهمة الثانية - ثم بجناية إحراز الجوهر المخدر بقصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى - موضوع التهمة الثالثة - وطبق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى الجريمتين الأولى والثانية وقضى بمعاقبة المطعون ضده عنهما بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه كما عاقبه عن جريمة إحراز المخدر - موضوع التهمة الثالثة - بالسجن ثلاث سنوات وتغريمه 500 جنيه والمصادرة - لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة أصلا لجناية التعدى مع حمل السلاح على الموظفين العموميين القائمين على تنفيذ أحكام قانون مكافحة المخدرات طبقا لنص الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 هى الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه، وكان البين من الحكم المطعون فيه - مما تقدم ذكره - أن المحكمة طبقت المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة للجريمتين الأولى والثانية وعاقبت المطعون ضده بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه عن جريمة التعدى مع حمل السلاح - موضوع التهمة الثانية - مما مفاده أن المحكمة انتهت إلى أخذ المطعون ضده بالرأفة ومعاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة - ولما كان انزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب حكمها ما دامت العقوبة التى أوقعتها تدخل فى الحدود التى رسمها القانون وما دام تقدير العقوبة هو من اطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التى من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذى رأته، ومن ثم فان ما تثيره النيابة من خطأ الحكم فى تطبيق القانون يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنفى نية القتل فى الجريمة موضوع التهمة الأولى بقوله: "وحيث ان الأوراق خلو من الدليل على قيام نية القتل لدى المتهم - إذ الثابت من ظروف الدعوى ومن أقوال الملازم أول...... أن سبب اعتداء المتهم عليه وعلى باقى أفراد القوة بالطعن بالمطواة إنما يرجع إلى أنه كان يبغى الهرب للتخلص من جريمة احرازه المخدر - وأنه متى انتفت نية القتل لدى المتهم فان الواقعة موضوع التهمة الأولى تعتبر جنحة احداث جروح بالمادة 241/ 1" ولما كان من المقرر أن البحث فى توافر نية القتل لدى الجانى أو عدم توافرها هو مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع حسبما يستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها ما دام موجب هذه الظروف وتلك الوقائع لا يتنافى عقلا مع ما انتهى اليه، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه سائغ فى العقل والمنطق ويكفى لحمل قضائه فيما انتهى اليه من عدم توفر قصد القتل فى حق المطعون ضده ومن تعديل التهمة الأولى المسندة للمطعون ضده من جناية الشروع فى القتل المقترنة إلى جنحة الضرب المنطبقة على المادة 241/ 1 من قانون العقوبات، وإذ كانت المحكمة قد استخلصت فى استدلال سائغ أن المطعون ضده لم يكن ينوى ازهاق روح أحد من المجنى عليهم بل قصد إلى مجرد الاعتداء عليهم التماسا للخلاص من قبضتهم فانها تكون قد فصلت فى مسائل موضوعية لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيها ولا محل لما تسوقه النيابة الطاعنة من شواهد على توافر قصد القتل ما دامت المحكمة لم تقتنع من ظروف الدعوى بتوافره، ولا لما تقول به أيضا من أن المطعون ضده أفصح عن قصده فى الاعتداء من أنه "سيقتلهم جميعا" إذ أن المحكمة غير مقيدة بالأخذ بتلك الأقوال أو بمدلولها الظاهر بل لها أن تركن فى سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع العناصر المعروضة عليها. ومن ثم فان النعى على الحكم بفساد الاستدلال فى شأن عدم توافر نية القتل إنما يكون من قبيل الجدل الموضوعى فى تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز اثارته أمام محكمة النقض. هذا فضلا عن أنه لا جدوى فى صورة الدعوى الحالية - من النعى حول حقيقة الوصف القانونى للتهمة الأولى ما دام أن فعل الاعتداء فيها أيا ما كان وصفه هو بذاته قوام جناية التعدى مع حمل السلاح على الموظفين القائمين على تنفيذ أحكام قانون مكافحة المخدرات موضوع التهمة الثانية، وطالما أن المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى الجريمتين وعاقبت المطعون ضده بالعقوبة الأشد وهى المقررة للجريمة الثانية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة ضبط المطعون ضده محرزا لسبع طرب من الحشيش وأورد من أقوال الشهود ما يساند هذا التصوير الذى أخذت به المحكمة عرض للقصد من الإحراز بقوله "وحيث إن الأوراق خلو من الدليل على أن إحراز المخدر كان بقصد الاتجار، ذلك أنه لم يضبط لدى المتهم أى أدوات ترجح ثبوت هذا القصد كما لم يثبت أن الإحراز لمخدر الحشيش كان بقصد التعاطى أو الاستعمال الشخصى - الأمر الذى ترى معه المحكمة أن إحراز المتهم لمخدر الحشيش كان بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى". ولما كان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها، وأنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها من تجزئة تحريات الشرطة فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقا للحقيقة وتطرح ما عداه ومن سلطتها التقديرية ألا ترى فى هذه التحريات ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر بقصد الاتجار أو بقصد التعاطى أو الاستعمال الشخصى متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه يكفى لتبرير ما انتهى إليه من أن إحراز المطعون ضده لم يكن بقصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى، فإن ما تثيره النيابة الطاعنة فى هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا فى تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يصح إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم تكون أوجه الطعن المقدمة من النيابة برمتها على غير أساس - غير أنه لما كان الأصل أن تقدير قيام الإرتباط بين الجرائم هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم المطعون فيه تستوجب قيام الارتباط بين هذه الجرائم وإعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات، فإن ذلك يكون من الأخطاء القانونية فى تكييف علاقة الارتباط والتى تقتضى تدخل محكمة النقض لتطبيق القانون على وجهه الصحيح - عملا بالحق المخول لها بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه فى أسباب الطعن. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد فى مدوناته - وهو فى معرض نفى قصد القتل عن المطعون ضده أنه لم يعتد على الموظفين العموميين القائمين على تنفيذ أحكام قانون المخدرات حالة كونه يحمل سلاحا ويحدث بهم الإصابات موضوع التهمتين الأولى والثانية إلا بقصد الخلاص من جريمة إحراز المخدر المضبوط - موضوع التهمة الثالثة - فإن مفاد ذلك أن الجرائم الثلاث تجمعها وحدة الغرض على نحو يقتضى إعمال حكم المادة 32/ 2 من قانون العقوبات والإكتفاء بالعقوبة المقررة لأشدها وهى العقوبة التى قضى بها الحكم المطعون فيه عن جريمة التعدى مع حمل السلاح على الموظفين القائمين على تنفيذ أحكام قانون مكافحة المخدرات مما يؤذن لهذه المحكمة بأن تنقض الحكم لمصلحة المتهم نقضا جزئيا فيما قضى به من عقوبتى السجن والغرامة فقط عن جريمة إحراز المخدر موضوع التهمة الثالثة وتصحيحه بإلغائهما.