أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 23 - صـ 440

جلسة 20 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود العمراوى، ومحمود عطيفة، وابراهيم الديوانى، وعبد الحميد الشربينى.

(96)
الطعن رقم 112 لسنة 42 القضائية

(أ، ب، ج) تزوير الأوراق الرسمية. قانون. "تفسيره". "دعوى جنائية. "انقضاؤها بالتقادم". تقادم. خدمة عسكرية. نقض. "الحكم فى الطعن".
( أ ) جرائم التزوير المعاقب عليها بعقوبات مخففة المشار إليها فى المادة 224 عقوبات. استثناء لا يصح التوسع فيه ولا يمتد حكمها إلى أنواع التزوير الغير منصوص عليها فيها.
(ب) كشف العائلة الذى يحرر للاعفاء من الخدمة العسكرية - ويرفع عليه من المختص ويعتمد من مأمور القسم ويختم بخاتم الجمهورية يكتسب صفة الأوراق الرسمية ويخرج عن نطاق ما جرمته المادة 66 من قانون الخدمة العسكرية وينحسر عنه تطبيق المادة 224 عقوبات. التزوير فيه تزوير فى ورقة رسمية يطبق عليه أحكام التزوير العامة.
انتهاء الحكم المطعون فيه إلى اعتبار تزوير هذا الكشف جنحة وترتيبه على ذلك انقضاء الدعوى الجنائية فيها بمضى المدة. خطأ فى تطبيق القانون حجب المحكمة عن فحص موضوع الدعوى. وجوب أن يكون مع النقض الاحالة.
(ج) حجب الخطأ القانونى المحكمة عن فحص موضوع الدعوى. وجوب أن يكون النقض مقرونا بالإحالة.
1 - من المقرر أن جرائم التزوير المعاقب عليها بعقوبات مخففة والمشار إليها فى المادة 224 من قانون العقوبات - التى تمنع
سريان أحكام التزوير العامة على جرائم التزوير المنصوص عليها فى المواد المذكورة فيها أو على جرائم التزوير المنصوص عليها فى قوانين عقوبات خاصة قد جاءت على سبيل الاستثناء فلا يصح التوسع فى تطبيق تلك المواد أو القوانين بادخال وقائع لا تتناولها نصوصها أو بما يمتد به حكمها إلى نوع آخر من أنواع التزوير الغير منصوص عليها فيها.
2 - مفاد نصوص المواد 7، 16، 17، 19، 34، 35 من القانون رقم 9 سنة 1958 المعدل للقانون رقم 505 سنة 1955 فى شأن الخدمة العسكرية والوطنية - والذى وقع فى ظله الفعل موضوع الدعوى - أن كشف العائلة الذى يحرر للاعفاء من الخدمة العسكرية ويوقع عليه من المختص ويعتمد من مأمور المركز أو البندر أو القسم ويختم بخاتم الجمهورية يكتسب صفة الأوراق الرسمية، وإذ كانت المادة 66 من القانون المذكور قد نصت على أنه "يعاقب بالحبس وبغرامة لا تزيد على مائتى جنيه أو باحدى هاتين العقوبتين كل من جنب أو حاول عمدا تجنيب فرد الخدمة الإلزامية أو تأجيل تجنيده بغير حق سواء باغفال ادراج
اسمه فى الكشوف أو حذفه منها أو اضافته إليها بغير حق أو باحداث اصابة به أو المساعدة على ذلك أو بالادلاء ببيانات كاذبة أو بالتسمى أمام أحد المكلفين بتنفيذ أحكام هذا القانون باسم شخص آخر أو بغير ذلك من الطرق"، وكان ما نسب إلى المطعون ضدهما من تزوير أولهما كشف العائلة الخاص بالثانى واشتراك هذا الأخير معه فى هذا التزوير واستعمال المحرر المزور - يخرج عن نطاق هذه المادة ومن ثم ينحسر عنه تطبيق المادة 224 من قانون العقوبات فان الحكم إذ انتهى - تطبيقا لهذه المادة - إلى اعتبار واقعة التزوير مكونة لجريمة جنحة ورتب على ذلك انقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة يكون قد خالف صحيح القانون، إذ أن ما وقع من تغيير للحقيقة فى كشف العائلة بمحو بياناته واثبات بيانات أخرى مخالفة للحقيقة إنما كان من بعد صدوره واكتساب الصفة الرسمية، ومن ثم يعد تزويرا فى ورقة رسمية يطبق عليه احكام التزوير العامة المنصوص عليها فى قانون العقوبات بما يجعل من الواقعة جناية تنقضى الدعوى الجنائية فيها بالمدة المقررة لانقضائها فى مواد الجنايات وهى عشر سنوات، أما وقد خالف الحكم هذا النظر واعتبر الواقعة جنحة وقضى بانقضاء الدعوى الجنائية فيها بمضى المدة، فانه يكون قد انطوى على خطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
3 - متى كان الخطأ فى تطبيق القانون قد حجب المحكمة عن فحص موضوع الدعوى والادلاء برأيها فيه فانه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما فى يوم 22 أغسطس سنة 1959 بدائرة مركز أبو حماد محافظة الشرقية: المتهم الأول - ارتكب تزويرا فى محرر رسمى هو كشف العائلة الخاص بالمتهم الثانى، وكان ذلك بتغيير البيانات الجوهرية وجعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن محا البيانات الأصلية وحرر بدلا منها بيانات أخرى مزورة تفيد أن المتهم الثانى من مواليد 10 فبراير سنة 1949 وأن والده من مواليد سنة 1897. المتهم الثانى (أولا) اشترك مع المتهم الأول فى ارتكاب تزوير فى محرر رسمى هو كشف العائلة السالف الذكر فى التهمة الأولى وكان ذلك بطريق بالاتفاق والمساعدة بأن اتفق معه على ذلك وأملى عليه البيانات المزورة. وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة (ثانيا) استعمل المحرر المزور سالف الذكر بأن قدمه لمنطقة تجنيد التل الكبير بقصد اعفائه من الخدمة العسكرية مع علمه بتزويره. (ثالثا) تخلف عن الخدمة العسكرية بطريق الغش بأن أدلى ببيانات كاذبة على النحو السالف بيانه. وطلبت إلى مستشار الإحالة احالتهما لمحكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 40/ 2 و41 و211 و212 و214 من قانون العقوبات والمواد 1 و53 و72/ 1 و74/ 1 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المعدل فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضوريا للأول وغيابيا للثانى عملا بالمادتين 15 و17 من قانون الإجراءات الجنائية بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه ذهب إلى أن التزوير الذى يقع فى كشف العائلة الذى يحرر بمقتضى القانون رقم 505 لسنة 1955 فى شأن الخدمة العسكرية والوطنية يعتبر جنحة تطبيقا لأحكام هذا القانون والمادة 224 من قانون العقوبات، ورتب الحكم على ذلك قضاءه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى ثلاث سنين من تاريخ آخر إجراء قاطع للمدة مع أن كشف العائلة يعد ورقة رسمية يكون تغيير الحقيقة فيها جناية تزوير فى ورقة رسمية تنقضى الدعوى الجنائية فيها بمضى المدة المقررة لمواد الجنايات، وأما وقد خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فانه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة على اعتبار أن الواقعة تعد جنحة لأن ما وقع من المطعون ضدهما معاقب عليه بعقوبة الجنحة وفقا للقانون رقم 505 لسنة 1955 فى شأن الخدمة العسكرية والوطنية فلا يطبق عليه أحكام التزوير العامة طبقا لما تقضى به المادة 224 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان ما أسند إلى المطعون ضدهما من تزوير - أخذا بما ورد بوصف التهمة - أنه فى 22 من أغسطس سنة 1959 قام أولهما بتزوير كشف العائلة الخاص بالثانى بمحو بياناته الأصلية واثبات بيانات أخرى تخالف الحقيقة بدلا منها وذلك بأن أثبت به على خلاف الحقيقة تاريخا غير صحيح لميلاده وميلاد والده وأن ثانيهما اشترك مع الأول فى هذا التزوير واستعمل المحرر المزور بتقديمه إلى منطقة التجنيد، وطلبت النيابة العامة عقابهما فى هذا الخصوص بالمواد 40/ 2، 3، 41، 211، 212، 214 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جرائم التزوير المعاقب عليها بعقوبات مخففة والمشار إليها فى المادة 224 من قانون العقوبات - التى تمنع سريان أحكام التزوير العامة على جرائم التزوير المنصوص عليها فى المواد المذكورة فيها أو على جرائم التزوير المنصوص عليها فى قوانين عقوبات خاصة قد جاءت على سبيل الاستثناء فلا يصح التوسع فى تطبيق تلك المواد أو القوانين بإدخال وقائع لا تتناولها نصوصها أو بما يمتد به حكمها إلى نوع آخر من أنواع التزوير الغير منصوص عليه فيها، وكان مفاد نصوص المواد 7، 16، 17، 19، 34، 35 من القانون رقم 9 لسنة 1958 المعدل للقانون رقم 505 لسنة 1955 فى شأن الخدمة العسكرية والوطنية - الذى وقع فى ظله الفعل موضوع الدعوى أن كشف العائلة الذى يحرر للإعفاء من الخدمة العسكرية ويوقع عليه من المختص ويعتمد من مأمور المركز أو البندر أو القسم ويختم بخاتم الجمهورية يكتسب صفة الأوراق الرسمية وكانت المادة 66 من القانون المذكور قد نصت على أنه "يعاقب بالحبس وبغرامة لا تزيد على مائتى جنيه أو باحدى هاتين العقوبتين كل من جنب أو حاول عمدا تجنيب فرد الخدمة الإلزامية أو تأجيل تجنيده بغير حق سواء بإغفال إدراج إسمه فى الكشوف أو حذفه منها أو إضافته إليها بغير حق أو باحداث إصابة به أو المساعدة على ذلك أو بالإدلاء ببيانات كاذبة أو بالتسمى أمام أحد المكلفين بتنفيذ أحكام هذا القانون باسم شخص آخر أو بغير ذلك من الطرق" ولما كان ما نسب إلى المطعون ضدهما يخرج عن نطاق هذه المادة ومن ثم ينحسر عنه تطبيق المادة 224 من قانون العقوبات، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى - تطبيقا لهذه المادة - إلى اعتبار واقعة التزوير مكونة لجريمة جنحة، ورتب عل ذلك انقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة يكون قد خالف صحيح القانون، إذ أن ما وقع من تغيير للحقيقة فى كشف العائلة بمحو بياناته وإثبات بيانات أخرى مخالفة للحقيقة إنما كان من بعد صدوره واكتسابه الصفة الرسمية، ومن ثم يعد تزويرا فى ورقة رسمية يطبق عليه أحكام التزوير العامة المنصوص عليها فى قانون العقوبات بما يجعل من الواقعة جناية تنقضى الدعوى الجنائية فيها بالمدة المقررة لانقضائها فى مواد الجنايات وهى عشر سنوات، أما وقد خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر الواقعة جنحة وقضى بانقضاء الدعوى الجنائية فيها بمضى المدة، فإنه يكون قد انطوى على خطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن فحص موضوع الدعوى والادلاء برأيها فيه، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الاحالة.