أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 23 - صـ 492

جلسة 27 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود عطيفة، ومصطفى الأسيوطى، وعبد الحميد الشربينى، وحسن المغربى.

(109)
الطعن رقم 153 لسنة 42 القضائية

( أ ) إختلاس أموال أميرية. عقوبة. غرامة.
الغرامة المنصوص عليها فى المادة 118 عقوبات غرامة نسبية. تضامن المتهمين فى الجريمة الواحدة بالالتزام بها طبقا للمادة 44 عقوبات فاعلين كانوا أو شركاء دون تقييد بأن يكون من حكم بها عليه موظفا أو من فى حكمه.
(ب) إخفاء أشياء متحصلة من جناية أو جنحة. جريمة. "أركانها" اشتراك.
اختلاف جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جناية أو جنحة عن الجريمة المتحصلة منها فى الطبيعة والمقومات. الإخفاء لا يعتبر اشتراكا فى الجريمة أو مساهمة فيها ولا يتصور وقوعهما من شخص واحد. جواز أن يكون فعل الإخفاء واحدا وموضوعه أشياء متحصلة من جرائم عدة.
(ج) موظف عمومى. اختلاس أموال أميرية. عقوبة. غرامة.
الجزاءات المنصوص عليها فى المادة 118 من قانون العقوبات ذات طبيعة خاصة لا يحكم بها إلا على الموظف العمومى المختلس أو من فى حكمه أو بناء على نص خاص كما هو الحال بالنسبة للشريك إذا توافرت شروط المادة 44 عقوبات.
(د) إخفاء أشياء متحصلة من جناية اختلاس. اختلاس أموال أميرية. عقوبة. غرامة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة. "أركانها". موظف عمومى.
قصر عقاب المخفى لأشياء مختلسة طبقا للفقرة الثانية من المادة 44 مكرر عقوبات بعقوبة جناية الاختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 عقوبات وحدها دون غيرها مما نصت عليه المادة 118 عقوبات. علة ذلك؟ استقلال جريمتى الاختلاس والاخفاء كل عن الأخرى. العقوبات المنصوص عليها فى المادة 118 عقوبات أراد الشارع إنزالها بالموظف العمومى أو من فى حكمه لاعتبارات متعلقة بجناية الاختلاس ذاتها وبصفته فاعلها. التزام الحكم المطعون فيه ذلك وعدم الحكم بالغرامة النسبية المنصوص عليها فى المادة 118 عقوبات على المتهمين غير الموظفين باخفاء أشياء متحصلة من جناية اختلاس صحيح. فى القانون.
1 - من المقرر أن الغرامة التى نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حدا أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه إلا أنها من الغرامات النسبية التى أشارت إليها المادة 44 من القانون سالف الذكر فى قولها: "إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد بجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراد خلافا للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين فى الالتزام بها ما لم ينص فى الحكم على خلاف ذلك" وبالتالى يكون المتهمون أيا كانت صفاتهم متضامنين فى الالتزام بها فلا يستطاع التنفيذ عليهم بأكثر من مقدارها المحدد فى الحكم سواء فى ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كلا منهم بنصيب فيه. لما كان ذلك، وكان المشرع فى المادة 118 من ذلك القانون قد ألزم الجانى بهذه الغرامة بصفة عامة دون تخصيص، وجاءت عبارة المادة 44 مطلقة شاملة للفاعلين أو الشركاء دون تقييد بأن يكون من حكم بها عليه موظفا أو من فى حكمه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أنزل عقوبة الغرامة النسبية على كل من المطعون ضدهما الأول والثانى اللذين اعتبرهما فاعلين دون الثالث الذى اعتبره شريكا فى جناية الاختلاس فإنه يكون معيبا بالخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه نقضا جزئيا بالنسبة إلى المطعون ضدهم الثلاثة الأول وتصحيحه بتغريمهم متضامنين مبلغ خمسمائة جنيه بالإضافة إلى ما قضى به الحكم المطعون فيه.
2 - من المقرر أن جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جناية أو جنحة إنما هى جريمة قائمة بذاتها منفصلة عن الجريمة المتحصلة منها وتختلف طبيعة كل منهما ومقوماتها عن الجريمة الأخرى، فلا يعتبر الإخفاء اشتراكا فى الجريمة أو مساهمة فيها ولا يتصور وقوعهما من شخص واحد ويجوز أن يكون فعل الإخفاء واحدا موضوعه أشياء متحصلة من جرائم عدة.
3 - عاقب المشرع الموظف العمومى ومن فى حكمه بالأشغال الشاقة إذا اختلس مالا سلم إليه بسبب وظيفته طبقا للمادة 112 من قانون العقوبات ثم أضاف جزاءات أخرى - هى العزل والرد والغرامة النسبية - نص عليها فى المادة 118 من هذا القانون - ذات طبيعة خاصة لا يحكم بها إلا على الموظف العمومى أو من فى حكمه أو بناء على نص خاص كما هو الحال بالنسبة للشريك فى جناية إذا توافرت شروط المادة 44 من ذلك القانون.
4 - تعاقب الفقرة الثانية من المادة 44 مكررا من قانون العقوبات المخفى لأشياء مختلسة مع علمه بذلك بعقوبة جناية الاختلاس. وإذ كانت كل من جريمتى الاختلاس والإخفاء مستقلة عن الأخرى فإن إحالة هذه المادة على المادة 112 من القانون ذاته فى شأن العقاب لا تنصرف إلا إلى العقوبة الواردة فى هذه المادة الأخيرة دون غيرها مما نصت عليها المادة 118 من هذا القانون والتى أراد الشارع إنزالها بالموظف العمومى أو من فى حكمه لاعتبارات متعلقة بطبيعة جناية الاختلاس ذاتها وبصفته فاعلها. فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضدهما - وهما غير موظفين - بجريمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية اختلاس وعاقبهما بعقوبة الجناية الواردة بالمادة 112 مع تطبيق المادة 17 من القانون المذكور ولم يحكم عليهما بالغرامة بالنسبة التى نصت عليها المادة 118 فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم فى ليلة 13/ 4/ 1967 بدائرة قسم ثان أسيوط محافظة أسيوط: المتهمين الأول والثانى مع ثالث توفى: بصفتهم مستخدمين عموميين - خفراء بشركة الوادى الجديد للمقاولات التابعة للمؤسسة العامة للتشييد والبناء - اختلسوا أموالا مسلمة إليهم بسبب وظيفتهم وهى كمية الحديد المبينة وصفا وقيمة بالتحقيقات للشركة المذكورة حالة كونهم من الأمناء عليها والمتولين حراستها. المتهم الثالث: اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الثلاثة الأول فى ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفق معهم على بيع كمية من الحديد المختلس للمتهمين الرابع والخامس وساعدهم على ذلك بأن أحضر لهم هذين المتهمين وسهل عملية البيع على النحو الوارد بالتحقيق. المتهمين الرابع والخامس: أخفيا الحديد المتحصل من جناية الاختلاس سالفة الذكر مع علمهما باختلاسه حالة كون الأخير عائدا إذ سبق الحكم عليه بعقوبة جناية سنة 1957. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 40/ 2 و41 و44/ 2 مكرر و111/ 6 و112 و118 و119 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات أسيوط قضت عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات غيابيا للمتهمين الأول والثالث وحضوريا للباقين (أولا) بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثانى بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وعزلهما من وظيفتهما لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهما مبلغ خمسمائة جنيه (ثانيا) بمعاقبة كل من المتهمين الثالث والرابع والخامس بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه إذ دان المطعون ضدهما الأولين بجريمة الاختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 من قانون العقوبات والمطعون ضده الثالث بالاشتراك معهما فيها، وإذ دان المطعون ضدهما الرابع والخامس باخفاء أشياء متحصلة من جناية الإختلاس، قضى بتغريم كل من ذينك المطعون ضدهما مبلغ خمسمائة جنيه على استقلال، ولم يقض بتغريم المطعون ضدهم من الثالث إلى الأخير، فى حين أن تلك الغرامة من الغرامات النسبية التى أشارت إليها المادة 44 من ذلك القانون، وهو ما من شأنه أن يكون الجناة متضامنين فى الإلتزام بها ما لم يخص الحكم كلا منهم بنصيب منها، يستوى فى ذلك أن يكون الجناة فاعلين أم شركاء أو مخفين الأشياء المتحصلة من الإختلاس.
وحيث إنه من المقرر أن الغرامة التى نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حدا أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه إلا أنها من الغرامات النسبية التى أشارت إليها المادة 44 من القانون سالف الذكر فى قولها: "إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد بجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراد خلافا للغرامات النسبية فانهم يكونون متضامنين فى الإلتزام بها ما لم ينص فى الحكم على خلاف ذلك" وبالتالى يكون المتهمون أيا كانت صفاتهم متضامنين فى الإلتزام بها فلا يستطاع التنفيذ عليهم بأكثر من مقدارها المحدد فى الحكم سواء فى ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كلا منهم بنصيب فيه. لما كان ذلك، وكان المشرع فى المادة 118 من ذلك القانون قد ألزم الجانى بهذه الغرامة بصفة عامة دون تخصيص، وجاءت عبارة المادة 44 مطلقة شاملة للفاعلين أو الشركاء دون تقييد بأن يكون من حكم بها عليه موظفا أو من فى حكمه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أنزل عقوبة الغرامة النسبية على كل من المطعون ضدهما الأول والثانى اللذين اعتبرهما فاعلين دون الثالث الذى اعتبره شريكا فى جناية الاختلاس، فانه يكون معيبا بالخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه نقضا جزئيا بالنسبة إلى المطعون ضدهم الثلاثة الأول وتصحيحه بتغريمهم متضامنين مبلغ خمسمائة جنيه بالإضافة إلى ما قضى الحكم المطعون فيه.
وحيث إنه فى شأن المطعون ضدهما الرابع والخامس فلما كان من المقرر أن جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جناية أو جنحة إنما هى جريمة قائمة بذاتها منفصلة عن الجريمة المتحصلة منها وتختلف طبيعة كل منهما ومقوماتها عن الجريمة الأخرى، فلا يعتبر الاخفاء اشتراكا فى الجريمة أو مساهمة فيها ولا يتصور وقوعها من شخص واحد ويجوز أن يكون فعل الإخفاء واحدا وموضوعه أشياء متحصلة من جرائم عدة. لما كان ذلك، وكان المشرع قد عاقب الموظف العمومى ومن فى حكمه - فى تطبيق أحكام باب اختلاس الأموال الأميرية والغدر عملا بالمادتين 119 و111 من قانون العقوبات - بالأشغال الشاقة إذا اختلس مالا سلم إليه بسبب وظيفته طبقا للمادة 112 من القانون ذاته، ثم أضاف جزاءات أخرى - هى العزل والرد والغرامة النسبية - نص عليها فى المادة 118 من هذا القانون - ذات طبيعة خاصة لا يحكم بها إلا على الموظف العمومى أو من فى حكمه أو بناء على نص خاص كما هو الحال بالنسبة للشريك فى جناية الاختلاس إذا توافرت شروط المادة 44 من ذلك القانون. لما كان ذلك، وكانت المادة 44/ 2 مكررا منه تعاقب المخفى لأشياء مختلسة مع علمه بذلك بعقوبة جناية الاختلاس وكانت كل من جريمتى الاختلاس والاخفاء مستقلة عن الأخرى، فان إحالة هذه المادة على المادة 112 فى شأن العقاب لا تنصرف إلا إلى العقوبة الواردة فى هذه المادة الأخيرة دون غيرها مما نصت عليها المادة 118 والتى أراد الشارع إنزالها بالموظف العمومى أو من فى حكمه لاعتبارات متعلقة بطبيعة جناية الاختلاس ذاتها وبصفة فاعلها. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضدهما الرابع والخامس بجريمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية اختلاس، وعاقبهما بعقوبة الجناية الواردة بالمادة 112 مع تطبيق المادة 17 من القانون المذكور ولم يحكم عليهما بالغرامة النسبية التى نصت عليها المادة 118، فانه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا وبالتالى يكون ما تثيره الطاعنة فى هذا الخصوص غير سديد ويتعين رفض الطعن موضوعا بالنسبة إلى هذين المطعون ضدهما.