أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 23 - صـ 499

جلسة 2 من أبريل سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سامح، ونصر الدين عزام، وحسن الشربينى، ومحمد عبد المجيد سلامة.

(110)
الطعن رقم 1190 لسنة 41 القضائية(1)

(أ، ب، ج) براءة اختراع. اختراع. قانون. جريمة. تقليد. إثبات "خبرة".
( أ ) الشرط الأساسى فى الاختراع أن يكون هناك إبتكار يستحق الحماية. ماهية الابتكار؟
(ب) مراد الشارع من نص المادة 3 من القانون 132 سنة 1949: هو تشجيع طلب براءات فى مصر عن الاختراعات الأجنبية حتى تستفيد منها البلاد فى نهضتها الصناعية. متى يعتبر الاختراع جديدا؟
(ج) تحديد الابتكار. مسألة فنية.
العبرة فى جرائم التقليد هى بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف.
1 - مفاد نص المادة الأولى من القانون 132 سنة 1949 أن الشرط الأساسى فى الاختراع أن يكون هناك إبتكار يستحق الحماية وهذا الابتكار قد يتمثل فى فكرة أصلية جديدة فيخلق صاحبها ناتجا جديدا وقد تتخذ الفكرة الابتكارية شكلا آخر ينحصر فى الوسائل التى يمكن عن طريقها تحقيق نتيجة كانت تعتبر غير ممكنة فى نظر الفن الصناعى القائم قبل الابتكار، وقد يكون موضوع النشاط الابتكارى مجرد التوصل إلى تطبيق جديد لوسيلة مقررة من قبل، وليس من الضرورى أن تكون النتيجة جديدة، بل الجديد هو الرابطة بين الوسيلة والنتيجة واستخدام الوسيلة فى غرض جديد. وتنصب البراءة فى هذه الحالة على حماية التطبيق الجديد.
2 - أفصح القانون 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية فى مذكرته الإيضاحية عن مراده بالمادة الثالثة منه بأن المقصود منها هو تشجيع طلب براءات فى مصر عن الاختراعات، الأجنبية حتى تستفيد البلاد فى نهضتها الصناعية من هذه الاختراعات، فجرى نص تلك المادة بأن الاختراع لا يعتبر جديدا إذا كان فى خلال الخمسين سنة السابقة على تقديم طلب البراءة قد سبق استعماله بصفة علنية فى مصر أو كان قد شهر عن وصفه أو عن رسمه فى نشرات أذيعت فى مصر ومن الوضوح بحيث يكون فى إمكان ذوى الخبرة استغلاله، أو إذا كان خلال الخمسين سنة السابقة على تاريخ تقديم طلب البراءة قد سبق إصدار براءة عنه.
3 - تحديد الابتكار فى ذاته مسألة فنية والقاعدة القانونية فى جرائم التقليد أن العبرة هى بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف.


الوقائع

أقام المدعى بالحقوق المدنية هذه الدعوى بالطريق المباشر ضد المطعون ضده أمام محكمة جنح باب الشعرية الجزئية متهما إياه بأنه فى خلال شهر أكتوبر سنة 1963 قلد موضوع اختراع منحت عنه براءة وعرض للبيع منتجات مقلدة. وطلب عقابه بالمادة 48 من القانون رقم 132 لسنة 1949 وإلزامه أن يدفع له مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة للفصل فيها. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض. وقضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة القاهرة الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. والمحكمة المذكورة سمعت الدعوى من جديد وقضت حضوريا عملا بالمادة 304/ 1 من قانون العقوبات بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية" وقضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الدعوى الجنائية رفعت ضد المتهم بالطريق المباشر بأنه قلد موضوع اختراع منحت عنه براءة وعرض للبيع منتجات مقلدة وذلك بالتطبيق للمادة 48 من القانون رقم 132 لسنة 1949 وطلب المدعى بالحق المدنى...... إلزام المتهم بأن يدفع له مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. فقضت محكمة جنح باب الشعرية حضوريا بتغريم المتهم مائة جنيه وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة للفصل فيها. واستأنف المحكوم عليه هذا الحكم حيث قضى إستئنافيا بالبراءة. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض، وبتاريخ 12/ 4/ 1970 حكمت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة القاهرة الإبتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة إستئنافية أخرى. ثم قضت هذه الهيئة فى 10/ 1/ 1971 بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه فطعنت النيابة فى الحكم بطريق النقض للمرة الثانية وحكمت محكمة النقض فى 2/ 1/ 1972 بقبول الطعن ونظر الموضوع.
وحيث إن واقعة الدعوى تتحصل فيما قال به المجنى عليه..... من أنه بتاريخ 15/ 4/ 1959 طلب إلى مصلحة التسجيل والرقابة التجارية التابعة لوزارة التموين تسجيل اختراع سماه "جهاز لتدميس الفول أو ما يشابهه بواسطة التسخين الكهربى" وقدم تكملة لطلبه فى 16/ 4/ 1959 وتقرر قبول الطلب فى 4/ 3/ 1961 وقيدت براءة الاختراع برقم 2429 ثم عهد بمهمة إنتاج الجهاز إلى شركة "الكتريكا" التى عهدت بدورها إلى المتهم بمهمة توريد غطاء وقدر يتم فيه تركيب جهاز التسخين الكهربى الداخلى مما أتاح للمتهم الاطلاع على سر الاختراع واستخدام فكرته فى دماسة تحمل إسمه طرحها للبيع فى الأسواق مما ألحق به أضرارا، وقد حدد المجنى عليه اختراعه فى طلبه بأنه عبارة عن جهاز للتدميس بواسطة التسخين الكهربى وأوضح فى الطلب وصفه الكامل مرفقا به رسما، كما أضاف بطلبه التكميلى فى 16/ 4/ 1959 بعض الإيضاحات وحدد فيه العناصر الجديدة المطلوب حمايتها بأنها عبارة عن (1) جهاز للتدميس بواسطة الكهرباء كالمبين بالشكل والموصوف بعاليه يركب جسم التسخين الكهربى فى غطائه (2) أن جسم التسخين الكهربى فيه يكون منغمسا فى مخلوط التدميس حتى يقترب الجزء الأسفل منه من قاع إناء التدميس أو يلمسه (3) أن يكون تصميم جسم التسخين بحيث تكون الحرارة المولدة مركزة بقدر الإمكان فى الجزء الأسفل منه.
وحيث إن دفاع المتهم يقوم على أنه صنع جهاز تدميس بواسطة التسخين بالكهرباء سجله كنموذج صناعى برقم 1284 سنة 1963 وقد عرضه للبيع فى السوق، وأن جهاز المجنى عليه لا يعتبر اختراعا وإنما يرجع إلى فكرة التسخين الكهربائى المعروفة من قديم فضلا عن أنه جهاز تنقصه التجارب للاستغلال الصناعى وغير متكامل كما أن استعماله حسبما جاء برسم الاختراع ينتج عنه انفجار، ويبدو أنه اهتدى فى صنعه بجهاز للطهى قائم فى ألمانيا منذ سنة 1923. أما جهازه هو (أى المتهم) فهو جهاز كامل الصنع وبه جميع أجزائه وقابل للاستغلال الصناعى. وليس بين الجهازين أوجه شبه إلا بتسخين مخلوط الفول والماء بواسطة الكهرباء بجسم كهربى مغمور وتسخين الماء بهذه الوسيلة معروف منذ عهد طويل، ولو فرض جدلا أن جهاز المجنى عليه ينطوى على ابتكار جديد فإن جهاز المتهم لا يقل عنه شيئا فى هذا الصدد ويعد ابتكارا لتطبيق جديد للوسيلة المعروفة بالتسخين بالكهرباء ولا يشترك فى خاصية مبتكرة لجهاز المجنى عليه، بل إنه يختلف عنه اختلافا كليا فى التطبيق فضلا عن أنه أوفى بالفحص وأسهل فى العمل وكفيل بالسلامة والأمن فى الاستعمال مما جعل المجنى عليه يعدل فى جهازه نقلا عن جهاز المتهم ليصبح جهازه قابلا للاستغلال الصناعى، وأضاف المتهم أنه استعان فى جهازه بفكرة الجهاز الألمانى "شوت".
وحيث إنه لما كان مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 132 سنة 1949 أن الشرط الأساسى فى الاختراع أن يكون هناك ابتكار يستحق الحماية وهذا الابتكار قد يتمثل فى فكرة أصلية جديدة فيخلق صاحبها ناتجا جديدا وقد تتخذ الفكرة الابتكارية شكلا آخر ينحصر فى الوسائل التى يمكن عن طريقها تحقيق نتيجة كانت تعتبر غير ممكنة فى نظر الفن الصناعى القائم قبل الابتكار، وقد يكون موضوع النشاط الابتكارى مجرد التوصل إلى تطبيق جديد لوسيلة مقررة من قبل، وليس من الضرورى أن تكون النتيجة جديدة بل الجديد هو الرابطة بين الوسيلة والنتيجة واستخدام الوسيلة فى غرض جديد وتنصب البراءة فى هذه الحالة على حماية التطبيق الجديد، ولما كان القانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية قد أفصح فى مذكرته الإيضاحية عن مراده بالمادة الثالثة منه بأن المقصود منها هو تشجيع طلب براءات فى مصر عن الاختراعات الأجنبية حتى تستفيد البلاد فى نهضتها الصناعية من هذه الاختراعات فجرى نص تلك المادة بأن الاختراع لا يعتبر جديدا إذا كان فى خلال الخمسين سنة السابقة على تقديم طلب البراءة قد سبق استعماله بصفة علنية فى مصر أو كان قد شهر عن وصفه أو عن رسمه فى نشرات أذيعت فى مصر ومن الوضوح بحيث يكون فى إمكان ذوى الخبرة استغلاله، أو إذا كان فى خلال الخمسين سنة السابقة على تاريخ تقديم طلب البراءة قد سبق إصدار براءة عنه. لما كان ذلك، وكان تحديد الابتكار فى ذاته مسألة فنية، وكانت القاعدة القانونية فى جرائم التقليد بأن العبرة هى بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف. فإنه يتعين ندب خبير تكون مأموريته الاطلاع على طلب براءة الاختراع المقدم من المجنى عليه فى 15/ 4/ 1959 وتعديله الوارد بالطلب التكميلى فى 16/ 4/ 1959 وفحص جهازى التدميس للمجنى عليه والمتهم لبيان ما إذا كان جهاز المجنى عليه يعتبر جديدا فى التطبيق وما إذا كان يوجد أوجه شبة بين الجهازين بالنسبة إلى العناصر الثلاثة السابق بيانها والتى طلب المجنى عليه حمايتها بالبراءة الممنوحة له برقم 2429 وكذلك لبيان ما إذا كان فى خلال الخمسين سنة السابقة على تقديم طلب البراءة قد سبق استعمال الاختراع فى مصر أو كان قد شهر عن وصفه أو عن رسمه فى نشرات أذيعت فى مصر ومن الوضوح بحيث يكون فى إمكان ذوى الخبرة استغلاله، أو ما إذا كان فى خلال تلك الفترة قد سبق إصدار براءة عنه وذلك على النحو المبين بمنطوق هذا القرار.

"فلهذه الأسباب"

قررت المحكمة ندب مصلحة الخبراء بوزارة العدل ليقوم أحد خبرائها بالاطلاع على طلب براءة الاختراع المقدم من المجنى عليه وتعديل هذا الطلب الحاصل فى 16/ 4/ 1959 وفحص جهازى التدميس، وذلك لبيان ما إذا كان جهاز المجنى عليه يعتبر تطبيقا جديدا فى وسيلة تدميس الفول فى وقت تقديم طلب البراءة وما إذا كان هناك أوجه شبه بين الجهازين بالنسبة إلى العناصر الثلاثة التى طلب المجنى عليه حمايتها بالبراءة الممنوحة له برقم 2429 وكذلك لبيان ما إذا كان فى خلال الخمسين سنة السابقة على تقديم طلب البراءة قد سبق استعمال مثل هذا الاختراع فى مصر أو كان قد شهر عن وصفه أو عن رسمه فى نشرات أذيعت فى مصر نشرا واضحا بحيث يكون فى الإمكان استغلاله أو ما إذا كان فى خلال تلك الفترة قد سبق إصدار براءة عنه. وصرحت للخبير فى سبيل أداء مأموريته بالاطلاع على أوراق الدعوى وما قدم فيها أو يقدم إليه من مستندات أو أجهزة وبالاستماع إلى ملاحظات الطرفين وشهادة شهودهما بغير يمين عند الاقتضاء وبالانتقال إلى الجهات التى يرى الانتقال إليها والاستعانة بمن يرى الاستعانة به من المتخصصين وحددت جلسة 14/ 5/ 1972 ليقدم الخبير تقريره وعلى النيابة إخطار مصلحة الخبراء والمتهم والمجنى عليه بمنطوق هذا القرار.


(1) صدر الحكم فى موضوع هذا الطعن بجلسة 18/ 2/ 1973.