أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 23 - صـ 530

جلسة 3 من أبريل سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمود العمراوى، ومحمود عطيفة، وابراهيم الديوانى، ومحمد محمد حسنين.

(116)
الطعن رقم 201 لسنة 42 القضائية

(أ، ب، ج، د، هـ، و، ز، ح، ط) تحقيق: "التحقيق بمعرفة النيابة". "إجراءاته". "إستخراج الجثة". إثبات: "شهود". "بوجه عام". "خبرة". "إعتراف". إستدلال. إعتراف. دفوع: "الدفع ببطلان الاعتراف". إكراه. دفاع: "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". شهود. حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب". بطلان. محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير الدليل". "سلطتها فى وزن أقوال الشهود". "سلطتها فى تقدير آراء الخبراء". قتل عمد. سرقة.
( أ ) استخراج الجثة. لم يرسم القانون له إجراءات أو يحدده بمدة.
(ب) وزن أقوال الشهود. موضوعى. مثال لاستدلال سائغ على سرقة بقرة.
(ج) الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع باجابته أو الرد عليه. هو الطلب الجازم.
(د) تقدير آراء الخبراء. موضوعى.
(هـ) الاعتراف فى المسائل الجنائية. من عناصر الاستدلال. تقدير صحته. موضوعى.
(و) العبرة فى المحاكمات الجنائية. باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة. مطالبته بالأخذ بدليل معين. لا تصح. إلا فى الحالات التى يقررها القانون.
(ز) عدم التزام محكمة الموضوع بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها.
(ح) لمحكمة الموضوع الأخذ بقول الشاهد فى أية مرحلة من مراحل الدعوى.
(ط) لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث وأن تطرح ما يخالفها.
1 - من المقرر أن القانون خلا من رسم إجراءات أو تحديد مدة لاستخراج الجثة.
2 - إن وزن أقوال الشهود مرجعه إلى محكمة الموضوع. ومتى كان الحكم قد استدل على سرقة الطاعن للبقرة من ضبط جلدها لدى الجزار الذى باعها له وعقد البيع الموقع عليه من الطاعن بضمانة شيخ الخفراء واستعراف والد المجنى عليه على الجلد، وكانت هذه الأدلة سائغة ومؤدية إلى ما رتبه الحكم عليها من أن الطاعن سرق بقرة المجنى عليه التى ذبحت فإنه لا يضيره من بعد استيفاء دليله السائغ عدم بيانه لأوصاف هذا الجلد.
3 - من المقرر أن الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الصريح الجازم. ومتى كان الثابت أن الدفاع عن الطاعن وإن تمسك بمحضر الجلسة قبل الأخيرة بضم الشكوى التى يثيرها بوجه الطعن إلا أنه لم يصر على ذلك بجلسة المرافعة الأخيرة، ومن ثم فإن ما يرمى به الحكم من قالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.
4 - الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع إذ هو يتعلق بسلطتها فى تقدير الدليل ولا معقب عليها فيه. ومن ثم فإن استناد الحكم إلى تقرير الصفة التشريحية بمعرفة الطبيب الشرعى فى إثبات الوفاة دون تقرير مفتش الصحة لا يقدح فى تدليله فى هذا الصدد.
5 - من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بأن اعتراف الطاعن كان وليد إكراه واطرحه استنادا منه إلى أنه قول مرسل وقد أثبت وكيل النيابة خلوه (الطاعن) من أية إصابات لأن الاعتراف جاء صريحا وقاطعا فى وصف الحادث ومحددا لعدد الضربات والآلة المستعملة فيه وبما يتفق مع ما ثبت من تقرير الصفة التشريحية، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون له محل إذ هو لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا.
6 - العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا فى الأحوال التى يقررها القانون فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أى بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلا لحكمه.
7 - لا تلتزم محكمة الموضوع - فى أصول الاستدلال - بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها.
8 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ بقول الشاهد فى أية مرحلة من مراحل الدعوى.
9 - لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم فى يوم 18 ديسمبر سنة 1968 بدائرة مركز شربين محافظة الدقهلية - المتهم الأول: قتل...... عمدا بأن ضربه بجسم صلب راض (عصا غليظة) قاصدا من ذلك قتله فأحدث به إصابتى الرأس الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياته، وكان القصد من جريمة القتل تسهيل ارتكابه والمتهمين الثانى والثالث جريمة سرقة البقرة الموضحة بالتحقيقات والمملوكة للمجنى عليه وهى الجنحة المعاقب عليها بالمادة 317/ 5 من قانون العقوبات - المتهمان الثانى والثالث: اشتركا مع المتهم الأول فى ارتكاب الجناية سالفة الذكر بأن اتفقا معه على سرقة البقرة آنفة البيان وقد وقعت جناية القتل كنتيجة محتملة لجريمة السرقة المتفق عليها - المتهمون الثلاثة: سرقوا البقرة المبينة بالتحقيقات. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا لمواد الاتهام، فقرر ذلك، وادعى والد المجنى عليه مدنيا قبل المتهمين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات المنصورة قضت فى الدعوى حضوريا عملا بالمادتين 317/ 5 و32 من قانون العقوبات (أولا) ببراءة كل من المتهمين الثانى والثالث مما أسند إليهما ورفض الدعوى المدنية قبلهما (وثانيا) بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة وإلزامه أن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد بقصد تسهيل جنحة سرقة قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والبطلان، ذلك بأنه لم يعرض لأقوال والد المجنى عليه ووالدته وشيخ الناحية بمحضر الشرطة الذى حرره الضابط من أن إصابة المجنى عليه حدثت من اعتداء البقرة عليه وقد أيد هذا التصوير تقرير مفتش الصحة كما أن والد المجنى عليه قد أبان بهذا المحضر أنه عثر على البقرة وأنها لم تسرق، هذا إلى أن مرد اعتراف الطاعن هو عوامل الحزن على المجنى عليه ابن أخيه مما جعله أداه طيعة فى يد رجال المباحث فحملوه على الاعتراف وبما يتفق وتقرير الصفة التشريحية لعلمهم المسبق بهذه الإصابات من تقرير مفتش الصحة، واستدل الحكم على أن الطاعن باع البقرة المسروقة لأحد الشهود من الجلد المضبوط دون أن يورد أوصافه وبما يدل على أنه لها كما أن المحكمة لم تستجب أو ترد على طلب الدفاع عن ضم الشكوى رقم 235 سنة 1968 إدارى كفر الأطرش، هذا إلى بطلان إجراءات استخراج جثة المجنى عليه لحصولها بعد انقضاء المدة المحددة بتعليمات النيابة العامة بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أنه لنزاع بين الطاعن وشقيقه - والد المجنى عليه - لمديونية الأخير له فى باقى ثمن أطيان اشتراها منه رفض سداده فقد عقد الطاعن العزم على سرقة بقرة له وفاء لدينه وتنفيذا لهذا القصد توجه فى غروب يوم الحادث إلى حقل والد المجنى عليه حيث توجد مواشيه وأقدم على سرقة بقرة منها فحاول المجنى عليه منعه فانهال عليه الطاعن ضربا بعصا غليظة كان يحملها قاصدا من ذلك قتله تسهيلا لارتكاب السرقة فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته، وإذ أيقن الطاعن من وفاة المجنى عليه أخذ البقرة وهرب ثم باعها فى صباح اليوم التالى إلى...... بموجب مبايعة موقع عليها منه ثم ذبحها الأخير وضبط لديه جلدها الذى استعرف عليه والد المجنى عليه، وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة فى حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية واعتراف الطاعن المتصل بتحقيقات النيابة واستعراف والد المجنى عليه على جلد بقرته المضبوطة وهى أدلة لا ينازع الطاعن فى أن لها معينها الصحيح من الأوراق وهى من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم فى أصول الاستدلال بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها، وأن لها أن تأخذ بقول الشاهد فى أية مرحلة من مراحل الدعوى، ولها استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى إذ العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته - فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا فى الأحوال التى يقررها القانون فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أى بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلا لحكمه. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن فى خصوص عدم إيراد الحكم لأقوال والد ووالدة المجنى عليه وشيخ البلدة بمحضر الشرطة الأول وإطراحه لها لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بأن اعتراف الطاعن كان وليد اكراه واطرحه استنادا منه إلى أنه قول مرسل وقد أثبت وكيل النيابة خلوه من أية إصابات لأن الاعتراف جاء صريحا وقاطعا فى وصف الحادث ومحددا لعدد الضربات والآلة المستعملة فيه وبما يتفق وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية، فإن ما أورده الحكم من ذلك سائغ وكاف للرد على هذا الدفع لما هو مقرر من أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون له محل إذ هو لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على سرقة الطاعن للبقرة من ضبط جلدها لدى الجزار الذى باعها له وعقد البيع الموقع عليه من الطاعن بضمانة شيخ الخفراء واستعراف والد المجنى عليه على الجلد، وكان وزن أقوال الشهود مرجعه إلى محكمة الموضوع وكانت هذه الأدلة سائغة ومؤدية إلى ما رتبه الحكم عليها من أن الطاعن سرق بقرة المجنى عليه التى ذبحت فإنه لا يضيره من بعد استيفاء دليله السائغ عدم بيانه لأوصاف هذا الجلد. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الدفاع عن الطاعن وإن تمسك بمحضر الجلسة قبل الأخيرة بضم الشكوى التى يثيرها بوجه الطعن إلا أنه لم يصر على ذلك بجلسة المرافعة الأخيرة ومن ثم فإن ما يرمى به الحكم من قالة الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل، لما هو مقرر من أن الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الصريح الجازم. لما كان ذلك، وكان القانون قد خلا من رسم إجراءات أو تحديد مدة لاستخراج الجثة وبما لا يترتب عليه أى بطلان وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع إذ هو يتعلق بسلطتها فى تقدير الدليل ولا معقب عليها فيه. ومن ثم فإن استناد الحكم إلى تقرير الصفة التشريحية بمعرفة الطبيب الشرعى فى إثبات سبب الوفاة دون تقرير مفتش الصحة لا يقدح فى تدليله فى هذا الصدد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.