أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثانى - السنة 23 - صـ 559

جلسة 9 من ابريل سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سامح، ونصر الدين عزام، وسعد الدين عطية، وحسن الشربينى.

(123)
الطعن رقم 205 لسنة 42 القضائية

( أ ) دفاع: "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". اجراءات المحاكمة.
سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن ينبنى عليه طعن. ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه فى الدفاع. النعى على الحكم فى خصوص مقارنة أجرتها المحكمة بين الطاعنين وآخر فى حضور المدافع عنهما ودون اعتراض منهما أو منه. لا يجوز.
(ب، ج، د) سبق إصرار. ترصد. ظروف مشددة. محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات: "بوجه عام".
(ب) سبق الاصرار. تعريفه. استخلاص القاضى له من وقائع خارجية.
(ج) الترصد. ما يكفى لتحققه.
(د) البحث فى توافر ظرفى سبق الاصرار والترصد من اطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها.
(هـ) اثبات: "بوجه عام".
الدليل فى المواد الجنائية لا يشترط فيه أن يكون صريحا ودالا مباشرة على الواقعة المراد اثباتها. يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
(و) قصد جنائى. قتل عمد. حكم: "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع". "سلطتها فى تقدير الدليل".
قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر بل بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه. استخلاص نية القتل موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية. مثال لاستخلاص سليم لنية القتل.
ز) عقوبة: "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة فى الطعن". طعن. قتل عمد. قصد جنائى.
لا مصلحة للطاعنين فى النعى على الحكم بالقصور أو الفساد فى استظهار نية القتل ما دامت العقوبة المقضى بها مبررة فى القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد.
(ح) سبق الاصرار. ترصد. مسئولية جنائية. قتل عمد. فاعل أصلى. تضامن.
توافر سبق الاصرار والترصد فى حق الطاعنين يرتب تضامنا بينهما فى المسئولية الجنائية. كل منهما مسئول عن جريمة القتل التى وقعت تنفيذا لقصدهما المشترك باعتبارهما فاعلين أصليين طبقا للمادة 39 عقوبات سواء كان محدث الاصابة التى أدت إلى الوفاة معلوما ومعينا من بينهما أو غير معلوم.
(ط) اثبات: "شهود". محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير الدليل".
محكمة الموضوع. سلطتها فى الأخذ بقول للشاهد فى أى مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون بيان العلة فى ذلك. ودون التزام بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أساس فيها.
(ى) دفوع. دفاع: "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم: "ما لا يعيب الحكم فى نطاق التدليل".
الدفع باستحالة الرؤية بسبب الظلام من أوجه الدفاع الموضوعية. لا تستوجب من المحكمة ردا صريحا ما دام الرد مستفادا ضمنا من القضاء بالادانة استنادا إلى أدلة الثبوت التى يوردها الحكم.
(ك) محكمة الموضوع: "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات. "بوجه عام".
تقدير أدلة الدعوى من اطلاقات محكمة الموضوع. لها أن تكون عقيدتها من كافة عناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث.
(ل) اثبات: "شهود". حكم. "ما لا يعيب الحكم فى نطاق التدليل".
التناقض بين أقوال الشهود لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الادانة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه.
1 - من المقرر أن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن يبنى عليه طعن ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه فى الدفاع. ولما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المقارنة التى أجرتها المحكمة بين الطاعنين وشقيقهما قد جرت بحضور المدافع عنهما وأن ما أثبتته من أنه يقترب منهما طولا وشكلا لم يكن موضعا لاعتراض من جانبهما ولم يثر الدفاع بشأنه أية مناقشة فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص لا يكون له محل.
2 - سبق الاصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصا.
3 - يكفى لتحقق ظرف الترصد مجرد تربص الجانى للمجنى عليه مدة من الزمن طالت أو قصرت من مكان يتوقع قدومه اليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه.
4 - البحث فى توافر ظرفى سبق الاصرار والترصد من اطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلا مع ذلك الإستنتاج.
5 - لا يشترط فى الدليل فى المواد الجنائية أن يكون صريحا ودالا مباشرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
6 - قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية. وإذ كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلا سائغا واضحا فى إثبات توافرها لدى الطاعنين. وكان البين فى مساق الحكم أن ما قاله فى معرض هذا التدليل من أن الطاعنين لم يكفا عن الاعتداء على المجنى عليه إلا بعد أن أيقنا أنهما نالا بغيتهما وأجهزا عليه، قد عنى الحكم به - على ما يبين من مدوناته الكاملة - أن الطاعنين لم يكفا عن الاعتداء على المجنى عليه إلا بعد أن أيقنا أنهما حققا قصدهما من الإجهاز عليه بما أحدثاه من إصابات من شأنها أن تؤدى إلى الوفاة وهو ما يتسق مع ما ذكره فيما أورده بيانا لواقعة الدعوى من أنهما لم يكفا عن ضربه - أى المجنى عليه - إلا بعد أن سقط أرضا مغلوبا على أمره "وقد أحدثا به عديدا من الإصابات أودت بحياته" ومن ثم فان ما ينعاه الطاعنان على الحكم فى شأن استدلاله على توافر نية القتل من أنه قاصر وغير سائغ يكون غير سديد.
7 - لا مصلحة للطاعنين فى النعى على الحكم بالقصور أو الفساد فى استظهار نية القتل ما دامت العقوبة المقضى بها مبررة فى القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد.
8 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر ظرفى سبق الاصرار والترصد فى حق الطاعنين مما يرتب فى صحيح القانون تضامنا بينهما فى المسئولية الجنائية فإن كلا منهما يكون مسئولا عن جريمة القتل التى وقعت تنفيذا لقصدهما المشترك الذى بيتا النية عليه باعتبارهما فاعلين أصليين طبقا لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوى فى هذا أن يكون محدث الإصابة التى أدت إلى الوفاة معلوما ومعينا من بينهما أو غير معلوم.
9 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بقول للشاهد فى أى مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة وأن تلتفت عما عداه دون أن تبين العلة فى ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أساس فيها.
10 - الدفع باستحالة الرؤية بسبب الظلام يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب فى الأصل من المحكمة ردا صريحا ما دام الرد مستفادا ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التى يوردها الحكم.
11 - تقدير أدلة الدعوى من اطلاقات محكمة الموضوع التى لها أن تكون عقيدتها من كافة عناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث.
12 - التناقض بين أقوال الشهود لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الادانة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما فى يوم 11/ 2/ 1970 بدائرة مركز ملوى محافظة المنيا: قتلا عمدا...... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وأعدا لذلك آلات راضة "عصى غليظة" وترصداه فى المكان الذى ايقنا بمروره فيه وما أن ظفرا به حتى انهالا عليه ضربا بها فأحدثا به إصاباته المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر بذلك. وادعت زوجة القتيل مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف والأتعاب. ومحكمة جنايات المنيا قضت عملا بالمواد 230 و231 و232 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وألزمتهما متضامنين أن يؤديا للمدعية بالحق المدنى قرش صاع واحد على سبيل التعويض المؤقت وألزمتهما المصروفات المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة قتل عمد مع سبق الاصرار والترصد قد بنى على إجراءات باطلة وأخل بحق الدفاع وشابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال كما انطوى على خطأ فى تطبيق القانون وفى الاسناد، ذلك بأن الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحكمة استدعت...... شقيق الطاعنين - دون أن تتحقق من شخصيته وأوقفته إلى جوارهما فبان لها أنه يقترب منهما طولا وشكلا وهو ما يخالف ما شهد به الشاهد...... الذى قرر أن شقيق الطاعنين يختلف عنهما فى ملامحه مما يستفاد منه أن شخصا آخر غيره هو الذى تقدم للمحكمة متسميا بإسمه وقد قامت المحكمة بهذا الاجراء بعد إنتهاء الدفاع من مرافعته ودون أن تلفت نظره إلى هذه المقارنة التى قصد منها تقصى ما جاء فى التحقيقات من إتهام وجه إلى شقيق الطاعنين سالف الذكر، هذا إلى أن الحكم فى تدليله على توافر ظرف سبق الاصرار استند إلى ما قاله من أن الطاعنين كمنا للمجنى عليه بداخل زراعة فول وفاجآه بالاعتداء عند قدومه، فى حين أن أقوال الشهود بجلسة المحاكمة خلت مما يعين على هذا الاستخلاص، كما استند الحكم إلى أن الطاعنين قد ارتكبا الحادث بعد ترو وتفكير دون أن يبين سنده فيما ذهب إليه واستدل على توافر ظرف الترصد من سبق علم الطاعنين بمرور الجنى عليه فى الطريق الذى وقع به الحادث فى حين أن الثابت من أقوال شهود الواقعة أن هذا الطريق غير مطروق من المجنى عليه وكان تدليل الحكم على توافر نية القتل قاصرا وغير سائغ إذ أن ما قاله من أن الطاعنين لم يكفا عن الاعتداء على المجنى عليه إلا بعد أن أيقنا من موته يخالف ما ثبت من أقوال الشهود الذين شهدوا بأن المجنى عليه قد تحدث إليهم عقب الحادث. وإزاء عدم توافر ظرف سبق الاصرار والترصد فى واقعة الدعوى فإنه لا يصح أن يؤاخذ كل من الطاعنين إلا عن الفعل الذى ارتكبه دون غيره ومن ثم فإنه لا يجوز مساءلة أى منهما عن جريمة القتل التى وقعت طالما أنه لم يتحدد على وجه التعيين محدث الإصابة التى أدت إلى وفاة المجنى عليه. وفضلا عما تقدم فقد استند الحكم إلى أقوال الشاهدين...... و...... اللذين حصل شهادتهما بما مؤداه أنهما شاهدا الطاعنين يعتديان بالضرب على المجنى عليه فى حين أن الثابت بمحضر الجلسة أن هذين الشاهدين قد شهدا بعدم رؤيتهما لواقعة الضرب ذاتها وأغفل الحكم الرد على ما أثاره الدفاع عن الطاعنين من أن الرؤية كانت متعذرة وقت الحادث بسبب وقوعه فى الظلام وأن المجنى عليه قد اتهم الطاعن الأول وشقيقه....... دون أن يوجه اتهاما إلى الطاعن الثانى كما اعتمد الحكم على شهادة شهود تناقضوا فى أقوالهم، وبذا جاء معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد التى دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها. ولما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المقارنة التى أجرتها المحكمة بين الطاعنين وشقيقهما...... قد جرت بحضور المدافع عنهما وأن ما أثبته من أنه يقترب منهما طولا وشكلا لم يكن موضعا لاعتراض من جانبهما ولم يثر الدفاع بشأنه أية مناقشة، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص لا يكون له محل، لما هو مقرر من أن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن يبنى عليه طعن ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه فى الدفاع. لما كان ذلك، وكان سبق الاصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى فلا يستطيع أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصا وكان يكفى لتحقق ظرف الترصد مجرد تربص الجانى للمجنى عليه مدة من الزمن طالت أو قصرت من مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه، وكان البحث فى توافر ظرفى سبق الاصرار والترصد من إطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلا مع ذلك الاستنتاج وكان لا يشترط فى الدليل فى المواد الجنائية أن يكون صريحا ودالا مباشرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات. ولما كان ما قاله الحكم فى تدليله على توفر ظرفى سبق الإصرار والترصد فى حق الطاعنين من أنهما كمنا للمجنى عليه بزراعة الفول القائمة فى طريق عودته إلى بلدته، وما استطرد إليه من أنهما إنما كانا ينتظران قدومه من هذا الطريق له مأخذه من أوراق الدعوى ومستمدا مما شهد به الشاهد.......، الذى لا يجادل الطاعنان فى صحة ما حصله الحكم من أقواله، وكان ما استظهره الحكم للاستدلال على ثبوت هذين الظرفين من وقائع وأمارات كشفت عنهما هو مما يسوغ به هذا الاستخلاص، فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، وإذ كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلا سائغا واضحا فى إثبات توافرها لدى الطاعنين وكان البين من مساق الحكم أن ما قاله فى معرض هذا التدليل من أن الطاعنين لم يكفا عن الإعتداء على المجنى عليه إلا بعد أن أيقنا أنهما نالا بغيتهما وأجهزا عليه، قد عنى الحكم به - على ما يبين من مدوناته الكاملة - أن الطاعنين لم يكفا عن الإعتداء على المجنى عليه إلا بعد أن أيقنا أنهما حققا قصدهما من الإجهاز عليه بما أحدثاه من إصابات من شأنها أن تؤدى إلى الوفاة وهو ما يتسق مع ما ذكره فيما أورده بيانا لواقعة الدعوى من أنهما لم يكفا عن ضربه - أى المجنى عليه - إلا بعد أن سقط أرضا مغلوبا على أمره "وقد أحدثا به عديدا من الإصابات أودت بحياته" ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم فى شأن استدلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد. هذا فضلا عن أنه لا مصلحة لهما فى النعى على الحكم بالقصور أو الفساد فى الاستدلال فى استظهار نية القتل ما دامت العقوبة المقضى بها مبررة فى القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد، ولما كان هذا الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر ظرفى سبق الإصرار والترصد فى حق الطاعنين، مما يرتب فى صحيح القانون تضامنا بينهما فى المسئولية الجنائية فإن كلا منهما يكون مسئولا عن جريمة القتل التى وقعت تنفيذا لقصدهما المشترك الذى بيتا النية عليه باعتبارهما فاعلين أصليين طبقا لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوى فى هذا أن يكون محدث الإصابة التى أدت إلى الوفاة معلوما ومعينا من بينهما أو غير معلوم. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة المفردات المضمومة تحقيقا لوجه الطعن أن ما حصله الحكم من شهادة الشاهدين..... و..... له أصل ثابت مما أدليا به فى تحقيقات النيابة العامة وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بقول للشاهد فى أى مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة وأن تلتفت عما عداه دون أن تبين العلة فى ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أساس فيها، مما تنتفى معه عن الحكم قالة الخطأ فى الإسناد، وكان الدفع باستحالة الرؤية بسبب الظلام يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب فى الأصل من المحكمة ردا صريحا ما دام الرد مستفادا ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التى يوردها الحكم، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع فى محاولته التشكيك فى أقوال شهود الإثبات - من أن المجنى عليه لم يوجه إلى الطاعن الثانى اتهاما ما بل اتهم الطاعن الأول وشقيقه الآخر...... بالاعتداء عليه، وخلص الحكم - بعد أن فند ما أثاره الدفاع فى هذا الخصوص إلى اطمئنانه إلى الأدلة القائمة فى الدعوى قبل الطاعنين - التى أسس عليها قضاءه بإدانتهما، وكان تقدير أدلة الدعوى من اطلاقات محكمة الموضوع التى لها أن تكون عقيدتها من كافة عناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وكان التناقض بين أقوال الشهود بفرض قيامه لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الادانة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.